نص المحاضرة الرمضانية الثامنة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ

نص المحاضرة الرمضانية الثامنة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.

أيها الإخوة والأخوات..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

حديثنا مستمر أيضا بالحديث عن بعض الآيات القرآنية المباركة بشأن يوم القيامة، يوم الحساب، ذلك اليوم العظيم الذي يقوم الناس فيه لرب العالمين، الذي يحضر فيه البشرية بكلهم للحساب والجزاء، ويوم القيامة هو يوم طويل ويوم عظيم، ويوم كبير والكثير من الناس يغفل عن هذا اليوم، ولا يدرك تبعات هذه الغفلة وما يترتب عليها من نتائج خطيرة وسيئة جدا، وحديثنا هو على ضوء بعض من الآيات القرآنية يقدم بعضا من أحوال ومشاهد ذلك اليوم، فحديثنا لا يشمل كل أحوال ذلك اليوم ولا كل الآيات المباركة التي تحدثت عن يوم القيامة، إنما للتذكير، عسى أن نتذكر أن نستفيد أن نعتبر، أن يساعدنا ذلك على تقوى الله سبحانه وتعالى، بعضا من الآيات التي تحدثت عن بعض من أحوال ذلك اليوم ومشاهد ذلك اليوم، وكنا في المحاضرة السابقة نتحدث عن مراحل الحساب، وعملية الحساب التي هي عملية تهدف إلى محاسبة هذا الإنسان على أعماله، إثبات ما عمله هذا الإنسان، وتقديم ما عمل، وهو موثق بشكل تام من خلال الصحف، ويشمل ذلك أيضا عملية محاسبة ومحاكمة لهذا الإنسان على أعماله وتصرفاته وما يترتب على ذلك بالنسبة للجزاء، عملية الحساب هي عملية مهمة جدا، الإنسان مطلوب منه في هذه الدنيا أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب، قبل أن يأتي ذلك اليوم، لأن أمامك هنا الفرصة عندما تكتشف شيئا من أخطائك أو شيئا من معاصيك أو شيئا مما أنت مفرط فيه مقصر فيه، غافل عنه مهمل فيه، أن تتلافى أن تتلافى اليوم، أما هناك فليس بالإمكان التلافي لشيء من التفريط والتقصير ولا التوبة من أعمال معينة وإساءات معينة وذنوب معينة، ما هناك مجال في يوم القيامة، لا للعتبى ولا للرجوع ولا للتوبة، ولا هناك مجال لتعويض ما حصل عن طريق فرصة إضافية يستغلها الإنسان من جديد، لا يجاب إلى هذا ولا يجاب إلى ذاك، ولهذا الله سبحانه وتعالى عندما يقول لنا في كتابه الكريم: (وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّاقَدَّمَتْ لِغَدٍ) هو لنتعلم هذا، كيف نحاسب أنفسنا في هذه الحياة الدنيا، وحتى عندما يذكر لنا الحساب يوم القيامة فينبهنا لذلك لنحذر اليوم، لنتنبه اليوم، في هذه الحياة في وجودنا في هذه الدنيا، عملية الحساب يدخل فيها تقديم الصحف التي وثقت عمل هذا الإنسان، كتاب هذا الإنسان المتضمن لكل أعماله، والذي سيطلع عليه الإنسان ويشاهد فيه ما عمل، وكذلك تتضمن أيضا الإشهاد على ما قد ينكره هذا الإنسان أو يجادل فيه، من خلال الملائكة عليهم السلام، ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ)، الأشهاد من البشر أيضا، أنبياء الله ورسله وأولياؤه ومن لهم صلة بالشهادة على أمر ما، الشهداء أيضا، الإشهاد أيضا في النهاية من خلال أعضاء الإنسان وجوارحه، يختم الله على فمه بعد أن يكثر من الجدال والنقاش والمكابرة حتى أمام الأعمال الموثقة المشاهدة، حتى أمام أولئك الشهود، فيستمر في عناده وإنكاره، بالذات عندما يدرك خطورة ما فعل ويرى أن الجزاء هو جهنم، أمر رهيب جدا يزعجه للغاية، فيحاول أن ينكر وأن يجحد وأن يكابر أمام كل تلك الإثباتات الواضحة والشهود، حينها يختم الله على فمه، (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، تأتي شهادة الجوارح، تشهد جوارح هذا الإنسان، كذلك عندما يصل إلى حافة جهنم، يحاول أن ينكر من جديد أشد الإنكار، حينها يشهد عليه حتى الجلد، حتى جلده حتى سمعه، حتى بصره، الكل يشهد عليه، في كلها وثائق وفي كلها أدلة وكلها يُنطقها الله سبحانه وتعالى بما يدين هذا الإنسان العاصي والمفرط والمهمل.

من أهم ما يتعلق بموضوع الحساب أن على الإنسان هنا في الدنيا أن يخاف من سوء الحساب يوم القيامة، والله جل شأنه أثنى على عباده المؤمنين المتقين أنهم حسبوا في الدنيا حساب هذه المسألة، ووصفهم بالخوف من سوء الحساب، (وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)، خائفين من الله سبحانه وتعالى يحسبون حساب هذه المسألة هنا في الدنيا، يوم القيامة أثناء المحاسبة، الإنسان إذا كان خاسرا إذا كان مفرطا مهملا وعاصيا ومستهترا وكتب من الخاسرين يحاسب حسابا عسيرا، يحاسب بشدة، بتوبيخ، بفضح على رؤوس الخلائق والأشهاد، بتوبيخ كبير على ما فعل، تبرز أعماله جرائمه، فضائحه، على رؤوس الخلائق، أمام الناس، حالة فظيعة جدا، وحالة مخزية جدا للإنسان، ولهذا الإنسان المؤمن هو يحسب حساب هذه المسألة، الله جل شأنه قال في كتابه الكريم: (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ)، لو ملكوا كل ما في الدنيا، كل ما كان في الأرض من ممتلكات من تجارة من أموال من مساكن من متاجر، يعني لا يتخيل الإنسان هذا القدر الهائل والكبير من الإمكانات التي هي متوفرة في الأرض، الأرض بكلها، ومثله معه، يضاف إليه مثله معه، الإنسان حينما كان سيقدم ذلك كله فدية يفتدي به نفسه يوم القيامة، لاحظوا ما أعظم خسارة من يبيع نفسه ويخسر نفسه ويبيع دينه ويبيع موقفه بشيء تافه جدا، هناك لو أن لك ما في الارض، هل تستوعب، كل ما في الأرض من ثروات من خيرات من إمكانات، وكل ما عليها من أموال، كل ما فيها من إمكانات، ما تستطيع تتخيل كل هذا في ذهنيتك، يعني البعض مثلا لو يقال له اليوم أنت يمكن أن تضحي بكل ما في دول الخليج بكلها من بترول ومن فلوس ومن مدن، من متاجر من ممتلكات، بكل ما فيها، الأرض بكلها، ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به، لقدمه فدية، أمر عظيم، عذاب رهيب يرى الإنسان مهول ذلك العذاب وفظاعة ذلك العذاب، وحينها يكون مستعدا نفسيا أن يقدم كل هذا لو امتلكه ليفتدي به، أولئك لهم سوء الحساب، سوء الحساب يتمثل في المناقشة الشديدة على ما عمل هذا الإنسان في الفضح، في التوبيخ، في التهزئة بشكل يجعل هذا الإنسان يحرج جدا، يشعر بالخزي الشديد، يشعر بالفضيحة حتى أمام الآخرين، أمر رهيب لا يتخيل الإنسان هذه المسألة، ومأواهم جهنم وبئس المهاد، فضيحة الإنسان أمام الخلائق، خلائق البشرية بكلها مجتمعة، أمام الأنبياء أمام الصالحين من عباد الله، أمام الناس، أمام الكثير من الناس، ربما البعض من الناس كان جريئا على بعض من الأعمال والتصرفات لأنها يتخفى فيها ويحرص على سريتها في هذه الدنيا، يوم القيامة تنكشف، تبلى السرائر، حتى ما داخل الإنسان، ما في سريرته يظهر إلى العلن، ما بالك بما فعله وتصرف فيه، أشياء نفسية كان يخبئها في داخله، يوم تبلى السرائر، تظهر تتجلى للعلن، تطلع أمام الناس وأمام الله قبل ،الله المطلع على خفية الإنسان في الدنيا والآخرة، فعملية الحساب هذه في كل مراحلها منذ أن يسلم الإنسان صحيفة أعماله، كتاب أعماله، ومنذ مراحل الإشهاد عليه، من الملائكة من البشر إلى آخره، ومنذ شهادة جوارحه وأعضائه، بعد أن تصل به المكابرة إلى درجة الإنكار بما هو موجود ضمن تلك الصحف والكتب، بما شهدت به عليه الأشهاد، ولكن بعد أن تشهد عليه حتى جوارحه لا يبقى مجال للمكابرة أبدا، تثبت عليه تصرفاته وأعماله ويحكم عليه بها، يحكم عليه بها، الله وضح كيف ستكون أحكامه في القرآن الكريم، ماذا سيحكم لصالح المحسن المطيع المتقي وماذا سيحكم على المسيء العاصي الذي لم يتق الله سبحانه وتعالى، نحن في هذا الشهر الذي قال عنه الله (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، لندرك قيمة التقوى، التقوى هي التي سيبنى عليها نجاتك في ذلك اليوم، يوم القيامة هو يوم يتجلى فيه العدل الإلهي لا أحد سيظلم أبدا، (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، لا أحد سيظلم، لا أحد يمكنه أن يخادع أبدا، أن يخادع وأن يتهرب وأن يقدم التبريرات والأعذار، (بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ)، لا يمكن أبدا إخفاء شيء من الملفات أو تهريبها، لا يمكن رشوة ولا فدية، وهذا لو أن لهم ما في الأرض ومثله معه لافتدوا به، ليس هناك من مجال بأن ترشي أحدا من الملائكة أو أن تخادع الله سبحانه وتعالى، لا حالة الجحود والإنكار تفيدك، لأن هناك إثباتات كبيرة عليك، علم الله قبل كل شيء ثم ما أثبته الله عليك، بدءا من صحفية أعمالك وختاما بشهادة جوارحك وأعضائك، وإلا فالبعض آنذاك يحلفون، مثلا حكى الله عن المنافقين يوم يبعثهم الله جميعا، (فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ)، يحاولون أن يبرروا بالأيمان الغليظة وأن ينكروا بعضا من الأمور بالأيام الغليظة، لكن لا شيء أبدا خفي من الأعمال ولا ضاع منها، ولا إمكانية للمغالطة ولا للمخادعة ولا للتبريرات الزائفة ولا للأكاذيب، كل شيء من هذه الأمور التي اعتاد عليها الكثير من الناس في هذه الدنيا أن يكذبوا أن يخادعوا أن يبرروا التبريرات الزائفة، أن يقدموا العناوين الكاذبة، كل تلك الأساليب التي استخدمت في الدنيا وانطلت على الكثير من الناس في هذه الدنيا، هناك لا يمكن أن تنفع بشيء أبدا، ذلك اليوم الحق، ذلك اليوم الذي قال الله عنهم: (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)، يوم الصدق، يوم الحق يوم الحقيقة، اليوم الذي لا تضيع فيه مثقال ذرة من الخير، اطمئن، (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا)، ما يضيع عليه ولا مثقال ذرة من عمله والشر كله في سجلاتك كل شرك يحضر، ويوم القيامة من الحقائق المهمة جدا أن مسيرة حياة الإنسان في الدنيا إن كانت ختمت بخير فيوم القيامة تثبت أعماله من الخير وإن كان الإنسان لم يوفق في هذه الدنيا وكانت سيئاته هي الطابع الذي خرج به من هذه الحياة وأعماله حابطة يوم القيامة، بمعنى أن الإنسان لا يأتي يوم القيامة جامعا بين خير وشر وطاعة ومعصية إما أن تكون طاعته هي التي تحكم له بها في هذه الدنيا وكفرت سيئاته بالتوبة والطاعة والعمل الصالح لأنه فعلا الإنسان له سيئات وحسنات لكن لا يقدم يوم القيامة جامعا بين الحسنات والسيئات كما هي تصورات قائمة لدى البعض لا ، الإنسان في هذه الدنيا بالتوبة بالإنابة إلى الله بالعمل الصالح حضي بتكفير سيئاته بالتوبة له بالمغفرة، وحتى لو أتى الموت والإنسان بعد لم يتب فأراد أن يتوب حين حضره الموت لا تنفعه التوبة وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن هذه آية قرآنية حينما يأتي الموت الحالة التي أتاك الموت وأنت عليها واقع طاعة توبة إنابة رجوع إلى الله، الله يكفر عنك سيئاتك يغفر لك ذنوبك بالتوبة بالأعمال الصالحة بالحسنات التي تذهب السيئات، أما إذا كنت عاصيا مستهترا مصرا على المعاصي ومصرا على الذنوب مهملا مفرطا بعيدا عن التقوى، لأن المتقين هم توابون عند المعصية عند الزلل من أوصافهم قال الله عنهم [وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ] المتقي لله لا يصر على معصيته إذا عصى وأدرك أنه عصى أو فرط في عمل صالح يتلافى يتدارك نفسه والله يتداركه يتداركه بتوفيقه وألطافه يوم القيامة بناء على هذا الأساس الإنسان سجله سجل الخير كتابه يؤتى يؤتاه بيمينه إن كان خرج من هذه الدنيا على هذا الأساس من عباد الله المتقين فيأخذه بيمينه وإلا فيؤتى بشماله ضمن الحساب الجماعي هو في صف المتقين والصادقين والصالحين وحشر معهم وحوسب معهم وميز معهم عندما تأتي عملية الفرز بين الخلائق في ساحة الحشر والحساب وعندما تدعى كل أمة إلى كتابها وينادى كل أناس بإمامهم أئمته من الأبرار من أولياء الله هداته من يتبعهم قادته من يتمسك بهم فحشر معهم أو اتجاهه في هذه الحياة اتجاه الطغاة والأشرار والمستكبرين والفاسدين والتائهين والضائعين غير المتقين وحشر معهم كذلك في يوم القيامة وميز معهم، ونأتي إلى هذه المسألة في الآيات القادمة.

هذه الحالة التي تفيدها النصوص القرآنية في كثيرا منها يوم القيامة اكتمال عملية الحساب وتصبح مسألة مصير الإنسان مسألة محسومة بعد اكتمال عملية الحساب ربما المؤشرات المؤشرات هي تأتي منذ لحظة الحشر والنشر والبعث، مؤشرات ومبشرات للمؤمن للمتقي للفائز وتتزايد في كل مرحلة في كل مقام من مقامات يوم القيامة ذلك اليوم الطويل جدا البعض يقول عن قول الله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة أنه بنفس يوم القيامة يوم طويل والبعض يروون عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله نصوصا أن في القيامة خمسين موقفا من مواقف الحساب والمسائلة، على كلٌ ذلك اليوم منذ بدايته هناك مؤشرات للإنسان المؤمن المتقي المحسن تزيده اطمئنانا بشارات تلو بشارات وبعد اكتمال عملية الحساب تصبح مسألة اتجاهه مسألة إلى الجنة مسألة اتجاهه إلى الجنة مسألة محسومة مسألة متيقنة مسألة خلاص حكم إلهي يصدر بها حكم من الله سبحانه وتعالى ويصبح مصيره مصيرا محتوما إلى الجنة، العاصي المسيء المذنب غير المتقي تصبح كذلك مسألة مصيره مع أنه مثلا حاول في مراحل رأى لا ما به مبشرات يعني الأعمال السيئة علامات سيئة عندما يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره علامة سيئة حالة الرعب الشديد وعدم الطمأنه من الملائكة لهُ حالة سيئة هو يزداد شعورا بالخوف بالقلق بالاضطراب يرى دلائل سلبية على أن اتجاهه إلى جهنم والعياذ بالله يزداد حزنه يزداد خوفه يزداد قلقه يزداد في حالة اليأس تزداد عنده حال اليأس مع إن الإنسان يستمر كما قلنا في حالة المكابرة حتى حينما يصل إلى حافة جهنم، ولكن بعد صدور الحكم خلاص المسألة خطيرة جدا ولذلك يصل بالإنسان خوفه قلقه اضطرابه حزنه الشديد ندمه تحسره إلى أن تظهر على صفحات وجه في لونه فيتلون يتلون الناس في ساحة الحشر يوم تبيض وجوه وتسود وجوه يقول الله سبحانه وتعالى [وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ(40) ترهقها قترة] وجوه لشدة الفضيحة ولشدة الندم والخوف والرعب تتحسر جدا تكسف كأنها كما في آية أخرى كأن عليها قطع من الليل مسودة في غاية الاسوداد حالة رهيبة جدا حالة رهيبة جدا الإنسان كما تأمل متى تأمل يشعر بخطورة تلك المواقف وأهمية الاستعداد لها، بعد أن تتجلى حالة الاتجاهات كما نقول في هذه الدنيا اتجاهات كل فريق لأن يوم القيامة خلاص تبدأ بعد علمية الحساب عملية التهيئة لانتقال الناس إلى مرحلة الجزاء وهي حالة رهيبة جدا تلك الحالة التي حسمت فيها مصائر العباد مصير كل فئة على المستوى الجماعي مصير كل فئة كل أمة كل اتجاه كل كيان من البشر أين مصيرهم، ومصير الفرد داخل ذلك الاتجاه البشر سيلحظون هذا في واقعهم في حشرهم ونشرهم اتجاهاتهم ما كان يجمعهم في هذه الدنيا ما كان يجمعهم من عقائد من أعمال من مواقف يتحدد بها مصير مشترك مصير مشترك لكل فئة لكل أمة جمعتها مواقف أعمال عقائد اتجاهات في هذه الحياة حينما تتحدد يتحدد المصير حينها تبدأ لدى من هم خاسرين لدى الخاسرين لدى الذين كان مصيرهم إلى جهنم أو تحدد مصيرهم إلى جهنم تبدأ حالة اللوم العتاب الشديد البغضاء الانتقاد لبعضهم البعض تحميل لبعضهم البعض المسؤولية حين وصلوا إليه وفيما سيصيرون إليه فتنتهي تلك الروابط التي كانت بينهم في الدنيا والعصبيات في الدنيا أهل الباطل في باطلهم أهل الظلم في ظلمهم كثير من الكيانات والأمم التي لها اتجاهات معينة تتعصب في الدنيا لبعضها البعض وتقف مع بعضها البعض وتتوحد مع بعضها البعض أما هناك لا، ينتهي كل ذلك حالة الفرز هذه في الآخرة وما ترتب عنها وبعد أن تحدد المصير تحدث عنها القرآن الكريم فنأتي فنتحدث عن بعض منها:

أولا من المقامات البارزة في عملية الفرز في ساحة المحشر مقام مؤثر ومقام مهم ويجب أن يحسب له الإنسان ألف حساب من اليوم وهو حالة الفرز بين المؤمنين والمنافقين، المنافقون هم فئة تنتسب للإسلام المنافق يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ينتسب للإسلام المنافق هو ينتسب للإسلام، والمنافقون مستويات متفاوتة في نفاقهم وفي دوافع نفاقهم، البعض دافعه الشك يعني عنده شبهات عقائدية مثلما نقول شكوك مما في مسائل إسلامية مما في العقائد الإسلامية مما في فرائض من الدين إما في وعد الله ووعيده شكوك معينة وشبهات معينة هذه درجة من درجات النفاق ومستوى من مستويات النفاق وخطير هذا المستوى وخطير هذا الدافع للنفاق البعض منهم لا، ليس عندهم شك وشبهة عقائدية ولكن عندهم دوافع دفعتهم للنفاق البعض مثلا مثل الخوف البعض الطمع، البعض خوف شديد وعدم ثقة بالله دفعتهم للنفاق وموالاة الكافرين وموالاة المستكبرين وموالاة أعداء الأمة البعض الطمع طمعهم وآمالهم في تحقيق مكاسب سياسية ومكاسب مادية دفعتهم إلى الولاء لأعداء الأمة لأعداء الإسلام والمسلمين وبناءً على ذلك نافقوا وهذا هو النفاق الموالاة لأعداء الله، تنتسب للإسلام وولائك لأعدائه ولأعداء أمتك هذا هو النفاق، دوافع متعددة ومتنوعة تحدثت عنها سورة التوبة لا يتسع المقام للتحدث عنها وتحدثنا عن البعض منها في محاضرات أخرى ولكن المنافق هو يعيش في هذه الدنيا ضمن أمته كمسلم ينتسب للإسلام من المسلمين ولربما البعض يتجه في هذه الحياة تحت عناوين إسلامية ويتحرك تحت عناوين إسلامية مثلما حكى الله عن الذين اتخذوا مسجدا ضرارا منافقين المساجد الذين يوظفون المساجد البعض من المنافقين لهم مساجدهم البعض أئمة مساجد البعض خطباء في المساجد يستخدمون الخطاب الديني هذا وضحته سورة التوبة بالشكل الكافي والبعض منهم لا، منافق علماني والبعض منهم منافق أشكال وأنواع منهم ومن غيرهم كل فئات هذه الدنيا فئات متنوعة ودوافعها تتفاوت ولكن القرآن الكريم يحكي لنا عن هذا الفرز في قصة عجيبة ومثيرة يقو الله سبحانه وتعالى [يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ] هذا مشهد من مشاهد القيامة في ساحة المحشر [يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم] ومن المؤمل أن هذه المرحلة من آخر مراحل الحساب وإلا ربما تكون علمية المحاسبة قد اكتملت وبدأت ترتيبات معينة في فرز الناس وهيئاتهم للانتقال لمساحة المحشر إلى الجنة وإلى النار كلٌ بحسب مصيره المحتوم والمكتوب فالمؤمنون والمؤمنات تجسد ذلك النور الذي اهتدوا به في الدنيا كان النور في الدنيا توجيهات من الله تعليمات من الله كلمات من الله تجسد ذلك النور في ساحة الحشر ليرى نورا مرئيا يستضيئون به [بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ] تأتيهم البشارة من ملائكة الله سبحانه وتعالى [جنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ] هم في حالة من الشعور بالسعادة والاطمئنان ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ) يهتفون بهم وينادونهم يطلبون منهم أن ينتظروا لهم، لأنهم أُبعدوا عنهم فيحاولون اللحاق بهم، ( انْظُرُونَا ) يعني انتظرونا على مهلكم ( نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ) حتى نستضيء معكم بنوركم، لأنه كما يبدو في آخر المراحل في ساحة الحساب في ساحة الحشر تأتي ظلمات مطبقة على من مصيرهم إلى النار ويأتي النور لمن مصيرهم إلى الجنة، كأن هذه هي آخر مرحلة من مراحل يوم القيامة، ما قبل الانتقال من ساحة المحشر إلى الجنة والنار.

 

( قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ) طُردوا هذه عملية طرد، طرد من الملائكة ارجعوا وراءكم مثلما يقال في الدنيا برا خلاص رح لك، (ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ) دوّر لك لنور ابحث لك عن نور، ماهناك شيء، لأنك أتيت بدون نور، كان النور في الدنيا هو الهدى هو آيات الله هو كتابه الذي أعرضت عنه، ( فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ ) وهذا كأنه في ساحة المحشر حاجز، حتى لا يذهبوا إليهم أبداً ( بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) , ( يُنَادُونَهُمْ ) يُنادون، المنافقين منافقون ينادون المؤمنين ( أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ) ألم نكن بكلنا مسلمين نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولربما البعض يتعارفون كانوا أبناء حارة واحدة أو أبناء قرية واحدة البعض قد ينتسبون إلى أسرة واحدة، ويتذكرون أنهم لربما صلّوا كثيراً في مسجدٍ واحد وعاشوا حياتهم في الدنيا في منطقة واحدة مثلاً، ( أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى ) كنا كلنا أمة لا إله إلا الله مسلمين ( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ) يعني لم تتجهوا في الدنيا بصدق مع الله بطاعة باتباع لهديه بالتوجه الصادق، عشتم حالة الأماني الرغبات النفسية، المخادعة للنفس، الغرور، وكنتم تمنون أنفسكم أنه ممكن ندخل الجنة سابر خل إحنا نعمل أي شيء، عشتم هذه الحالة من التربص ما استطعتم قطعاً في إيمانكم بصدق وعد الله ووعيده والالتزام بهديه والاتجاه في الموقف الحق، فكانت اتجاهاتكم اتجاهات مختلفة، (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) طبعاً سيُلحقون بأولئك يعني بعد أن فصلوا عن المؤمنين، سيُضمون إلى أولئك، الذي وقف في هذه الدنيا مع الأمريكيين والإسرائيليين يُضم يوم القيامة إليهم، سوف تطردهم الملائكة تخرجهم من صف المؤمنين والمؤمنات ويذهب به هناك يسير له عند شارون يسير له عند ترامب يسير له عند جماعته الذين طبّل لهم في الدنيا وصفق لهم، وهلّل لهم ووقف معهم ليطعن أمة الإسلام في ظهرها، بخنجر غدره وكيده ومكره.

خلاص ما تنفعك فلوسك يوم القيامة الفلوس ماتنفع أبداً التي كان الإنسان يستخدمها في الباطل، قصة عجيبة هذه حالة الفرز وحالة الغربلة، لا يعلم تحسّر أولئك المنافقين والمنافقات – نسوان أيضاَ معهم منافقات – إلا الله وهم في تلك الحالة من التحسر.

من المقامات أيضاً بعد هذا الفصل بعد اتجاه المصير وتحدد المصير، كلٌ يعود إلى الآخر من أولئك الذين مصيرهم إلى جهنم، وأكثر الناس حسرةً يوم القيامة هم الذين كانوا مُتَبعيٍن كانوا في هذه الدنيا جماهير تتبع أهل الباطل تتبع المستكبرين تتبع الضالين، تصفق لهم تقف معهم تناصرهم، هم أكثر الناس حسرةً يوم القيامة والكثير هم الضعفاء ممكن كان يصنّف في هذه الدنيا أنه مواطن عادي إنسان عادي قال إيش نسوي لك يا أخي مامعنا حل إلا بعدهم، لا يا أخي معك حل آخر، معك حل تتجه اتجاه الحق اتجاه الإيمان، الحل لك أن تحسب حساب الله فوق كل أحد وأن تتجه اتجاه الحق.

يقول الله سبحانه وتعالى ( وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا ) كل البشرية، كلهم أمام محضر الله سبحانه وتعالى، في موقف الحساب والسؤال والجزاء، ما عاد به أين تختبئ وإلا أين تحتمي، وإلا يحميك ذاك أو يدفع عنك ذاك، أبداً، ( فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) الضعفاء كثير من الناس يعتبر نفسه أنه مسكين مامعه حل إلا يتبع أولئك المستكبرين والظالمين والطغاة ويصفق لهم ويقف في صفهم ويناصرهم، ( إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ) في الدنيا وقفنا إلى جانبكم أيدناكم في باطلكم، نصرناكم في طغيانكم، واليوم نتحمّل نتيجة ذلك، عذاب جهنم ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ) وفعلاً يعني لو لا الكثير من الناس ممن يصنّف نفسه ضعيفاً وممن يُبرّر لنفسه أن الدافع له إلى صف الباطل هو ضعفه إما ضعف مادي قال يا أخي ما كان معي فلوس ظروف صعبة ظروف المعيشة خلتني أسير معهم لأجل يجي لي فلوس!! يا أخي هناك كثير من الناس بيعتاش بالحق ما أحتاج يكفر ما أحتاج يظلم ما أحتاج يطغى ما أحتاج يقف في صف الباطل ما لزمه انه يخون أمته ويخون شعبه حتى أنه يحصل على فلوس.

أتي اليوم تأمل في واقع الشعب اليمني، هناك آلاف مؤلفة ذهبت في صف العدوان، مع من وقفوا في صف أمريكا مع السعودي الذي هو اليوم جندي مجنّد مع أمريكا مع الإمارات الذي هو خادم واضح لإسرائيل وأمريكا، ذهب البعض يقاتل معهم تقل له ليش؟! قال ظروف صعبة أسرتي أشتي فلوس..! لكن لماذا لا تفهم هناك الكثير من الناس ملايين من أبناء وطنك لم يقفوا في صف الباطل وعايشين، عايشين، الله خير الرازقين، ماهو صح أنك ما با تجد لك أبداً لقمة العيش إلا في صف الباطل، ظروفك الاقتصادية ضعفك الاقتصادي مثلاً دفعك إلى إن مامعك حل آخر في الدنيا، كيف جاء لغيرك حل؟! هناك الكثير من أبناء وطنك جاء لهم حل آخر، عيشة حلال عيشة حلال هذا موجود، والله هذا موجود، الله أرحم وأكرم من أن يترك عباده فلا يجدوا لأنفسهم حلاً إلا بعيشه حرام، ثمنها دماء المستضعفين، ثمنها نصرة للطاغوت للظلم للاستكبار، ثمنها أن تقف إلى جانب قتلة الأطفال والنساء، خدّام أمريكا وإسرائيل، يعني تقول أنا ضعيف ماكان معي فلوس، أوجعني الفقر، دفعني أذهب أشتي قرشين أشتي فلوس أشتي مدري ماهو ذاك، هذا كلام أيضاً تتذرع به بعض النساء من ذوات الدعارة، تسير لها وراء الفساد الأخلاقي تمارس الدعارة، ليش؟! قالت تشتي فلوس..! هذا كلام ساذج هذا كلام سخيف، لا، هناك الكثير من الناس يُعانون في هذه الدنيا وفي نفس الوقت يصبرون ويعتاشون عيشة الحلال، يحرص على طيب الكسب، أن يكون كسبه طيباً، وعايشين، عايشين ليش مثلاً في القرية الواحدةً أحياناً به ناس ماهو في صف العدوان وعايش، والبعض فقير ويعاني ولكن عايش، عايش ما مات، ما ماتت أسرته وحفظ نفسه ما يدخل في ذنب عظيم، جريمة كبيرة جريمة العصر هذه جريمة هذه المرحلة أكبر جريمة تُرتكب في الدنيا في هذا الوقت في هذا الظرف، فقال الضعفاء ممن كان يتذرع بضعفه اقتصادياً ضعف يقل لك فقر ظروف صعبة، معيشة ضعيفة دفعتني إلى صف الباطل.

البعض لا خوفه النفسي مثلاً أو شعوره بالضعف عسكرياً يقلك هؤلاء أصحاب قوة

قدرة عسكرية أنا شفت نفسي ضعيف أنا حسبت حساب أنهم أقوى عسكريا وهذا دفعني أن أكون في صفهم أن أنصرهم في باطلهم أن أقف معهم وهم ظالمون طغاة مستكبرون كل الذين برروا لأنفسهم بالضعف بتبرير الضعف، الضعف المادي الضعف العسكري بأي تصنيف من تصنيفات الضعف فوقفوا في صف المستكبرين والطغاة الظالمين يشعرون يوم القيامة بالندم بالحسرة الشديدة ولا حظوا يعني هم أكبر مشكلة يعني على كاهلهم على أكتافهم تمكن المستكبرون لو نأتي مثلا لفرز دقيق في هذه الدنيا كم سيطلع لك مثلا قادة الاستكبار وزعماؤه وأصحاب القرار فيه نسبة محدودة يجي معك شوية قادة من المستكبرين البقية هم أتباع الأتباع هؤلاء هم ممن صنفوا أنفسهم بحالة الضعف فكانوا هم قوة للمستكبرين كيف لم تفهموا يقلهم كيف لم تفهموا انتم أصبحتم قوتهم تجتمع له واحد ضعيف من هناك ضعيف يعني مثلا كان ضعفه عنده فقره وواحد من هناك انبهر بقوة المستكبرين وواحد ضعيف من هناك حتى اجتمعوا بالآلاف وشكلوا قوة أولئك الضعفاء اجتمعوا وشكلوا للمستكبرين واعتمد عليهم المستكبرون في هذه الدنيا بعد أن شكلوا قوة منهم تخدمهم فظلموا بهم قتلوا بهم تمكنوا بهم وصلوا إلى كل ما وصلوا إليه من ظلم وطغيان وتمكن بهم، جمع لك أولئك الضعفاء فشكل منهم جيشا قوة عسكرية قتل بها الآلاف من المستضعفين ظلم بها الملايين من البشر تمكن بها من تنفيذ مؤامراته سياساته قراراته توجهاته الظالمة والمستكبرة في هذه الحياة، يوم القيامة يكون أولئك الذين اعتبروا أنفسهم ضعفاء يكونون متحملين لذلك الوزر الكبير لتلك الجرائم الكبيرة لتلك المظالم الرهيبة أمر رهيب جدا (فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا) يعني وأنتم كنتم في الدنيا أقوياء بنا وكنتم متمكنين بنا، الملك كان ملكاً بهم والأمير كان أميراً بهم والقائد كان قائداً بهم وإلا كان إنسان عادي دون أن يكون لهُ تلك القوة من الضعفاء فتجملوا فينا مثل ما تجملنا فيكم في الدنيا هذا فحوى كلامهم فحوى كلامهم فتمكنتوا في الدنيا بناء فتجملوا فينا اليوم (فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ) ولو شيء بسيط ادفعوا عناء ولو قليل مابش ما ينفعوهم ولا شيء ولا ينفعوهم بشيء (قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ) لا نجاه إلا بالهداية بالهداية وأهل الهداية لو هدانا الله لهديناكم الناجون هم المهتدون هم الذين ساروا في الدنيا في طريق الهداية يحكي الله مقاماً أخر (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) هذه حالة رهيبة جداً كذلك إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا وهم اعتمدوا عليهم وجعلوا منهم أندادا في هذه الدنيا أطاعوهم فوق طاعة الله أطاعوهم وعصوا الله خالفوا نهج الله من أجلهم خالفوا الحق من أجلهم رفضوا توجيهات الله من أجلهم لم يستجيبوا لله ولنداءاته من أجلهم يوم القيامة ماذا فعلوا لهم تبرأوا منهم بعد أن عظموهم وصفقوا لهم وأطاعوهم وناصروهم في الباطل وهكذا الإنسان مع خليله الإنسان مع صاحبهُ الذي أفسده يتخاصم هو وإياه هو وذلك الذي أضله الله يقول: (لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) وفي ساحة المحشر بعد هذه الحالة من الفرص هناك أيضاً مشاهد أخرى لا يتسع لها المقام ويطول بناء الحديث ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه عنا وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا وأن يفرج عن أسرانا وأن ينصرنا بنصره إنه سميع الدعاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛

دخول المستخدم
القائمة البريدية
استطلاع رأي
ما رأيك في موقع المجلس الزيدي
مجموع الأصوات : 0
صفحتنا على الفيسبوك
جميع الحقوق محفوظة 2024