الإمام زيد مدخل الوحدة الإسلامية...العلامة/ أحمد درهم حورية
الإمام زيد مدخل الوحدة الإسلامية
السيد العلامة/ أحمد درهم حورية
إن من يتأمل بجد، ويبحث بموضوعية، متجردا عن التأثر بالمحيطات الضيقة المنغلقة، الطائفية والقومية والمناطقية والعنصرية، يجد أن اﻷمة تمر بأزمات صعبة، وتتعرض لزوبعات وموجات عاتية، تكاد أن تجعلها في خبر كان، ويجد أن سببها نزوات أصحاب المصالح ورؤى أصحاب اﻵفاق الضيقة، التي وجَدت فيها قوى الشر الغربية والشرقية أرضية خصبة لبث سمومها، وزراعة أحقادها، وتنفيذ خططها. وهذا واضح للعيان ﻻيخفى على ذي عينين.
فمن الجهة السياسية تجد أن القرار السياسي لكل بلد إسلامي غالبا بيد الغرب، عن طريق اﻷمم المتحدة ومجلس اﻷمن، اللذين تتحكم فيهما أمريكا التي ﻻ تحيد عما فيه مصلحة إسرائيل، ضاربة بمصالح الشعوب عرض الحائط، ﻻسيما الشعوب اﻹسلامية، حتى صارتا (أمريكا وإسرائيل) تتحكمان في تعيين الحكام والوزراء سرا أو جهرا، وخير شاهد على هذا ما نجده في العراق ولبنان وليبيا والسودان، وكما نراه في بلدنا.
ومن الناحية الطائفية نرى ما يعيشه العالم الإسلامي من شحن طائفي مرعب، حتى أنك تجد في أبناء كل طائفة من العداوة للطائفة اﻷخرى ما ﻻتجده فيهم لعدوهم الحقيقي، بل اتجه المسلمون للمناكفات الطائفية والحرب الضروس لبعضهم اﻵخر، تاركين الدفاع عن مقدساتهم وعن أوطانهم، وحتى تجد بعض المتشددين من الطائفيين يرى أن الحرب ضد المحتل اﻹسرائيلي تعتبر عبثية، ﻻسيما مع الحزب الفلاني أو التيار الفلاني.
لكن إذا راجعنا ماضينا المشرق، ودرسنا تاريخنا المشعَّ بالنور الإسلامي فإننا نجد أن اﻹسلام هو الحل، كما نراه متجسدا في نهج اﻹمام زيد بن علي عليهما السلام، الذي ترفع عن اﻷفق المذهبي الضيق إلى اﻷمور الجامعة غير المفرقة، ولذا سمي اﻹمام عليه السلام بفاتح باب الجهاد واﻻجتهاد، وكانت ثورته ثورة أغلب العلماء والفقهاء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم. ومن هنا ليس غريبا أن ترى كل من أراد أن ينهض بأمته ويخلصها من واقعها المزري يرجع إلى قاعدة انطلاقة ثورة زيد، ويترك قاعدة مذهبه.
ما ذلك إﻻ لصحة نظرية إلإمام زيد ورسوخ قاعدته. وكيف ﻻ وهو من استقاها من صميم القرآن.
كما أننا نرى المتنورين من المذاهب اﻷخرى يرجعون في كثير من المسائل إلى رأيه، كذلك أيضا ترى كثيرا من اﻷحرار من جميع الملل والنحل يعشقون زيدا كما يعشقون جده عليه السلام، ما ذلك إﻻ ﻷن مدرسته هي جسر العبور إلى توحيد اﻷمة.
لذا ينبغي أن نَنْكَبَّ على دراسة سيرة اﻹمام زيد عليه السلام مستلهمين منها نهجه السياسي والثوري، كما نستلهم منه النهج النظري العقائدي ونصدره للعالم اﻷسلامي لِلَمِّ شتات اﻷمة وجمع شملها. وفقنا الله لما فيه وحدة اﻷمة، ولما فيه نصرتها على عدوها، ولما فيه نشر الدين اﻹسلامي الحنيف في ربوع المعمورة.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 4762 مرة