محاضرة التعبية العامة .. للسيد القائد عبدالملك بدر الحوثي
محاضرة التعبية العامة .. للسيد القائد عبدالملك بدر الحوثي
تعتبر من المحاضرات الهامة وتشكل متغيرا جديدا في طريقة تأثيره على المجتمع وكذلك في طبيعة وتطور المقاومة والصمود إن شاء الله
محاضرة ألقاها في يوم 29 ربيع الثاني 1438هـ
==
نص المحاضرة
قال السيد عبد الملك الحوثي، إن المرحلة الراهنة لمواجهة العدوان من أخطر المراحل «التي يحاول فيها النظام السعودي تقديم هدية إلى (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، وألّا يقع في خانة توبيخه، في حال هزيمته في اليمن». وأكد في كلمة نقلتها قناة «المسيرة» أمس، التي جاءت في محاضرة «التعبئة العامة»، أن النظامَ «السعودي الجديد الذي تسلم الحكم بعد وفاة الملك عبدالله حرص على أن يجعل من عدوانه على اليمن ساحة لإثبات جدارته للأميركيين كعميل أول وأبشع في المنطقة».
العدو يركز في معركته (الآن) على الساحل وبعض المحاور مثل نهم
وشرح السيد الحوثي أن «المعتدين أملوا الحسم خلال أسبوع أو شهر بالكثير (انتهاء الحرب)، ولكنهم فوجئوا وصدموا بعجزهم أمام صمود شعبنا اليمني… المرحلة الآن خطيرة، والجميع معنيون بمواجهة العدوان بفعالية أكثر من أي وقت مضى»، مشيراً إلى أن العدو يركز في معركته (الآن) على الساحل وبعض المحاور مثل نهم، قرب العاصمة صنعاء.
وأضاف: «التحرك الجاد والفعال هو الذي سيثمر انتصاراً في الأخير، (لذلك) يجب استهداف مقاتلي دول العدوان ومرتزقتهم وملاحقتهم بصلابة وبفاعلية مؤثرة جداً».
وواصل السيد عبدالملك: «حين السيطرة على اليمن ستعمل دول العدوان في كل الاتجاهات لتترجم حقدها في واقع حياة اليمنيين، وستنفذ مشروع إبادة تحت عناوين كثيرة… وسيكون الناس بلا حرية ولا استقلال ولا كرامة لا أمن»، معبّراً عن «الأسف للمشهد الذي آلت إليه الأمة، ولا سيما في الوطن العربي من تراجع للوعي على كل المستويات.. حينما فقدت المشروع لم تبقَ أمة ذات مشروع تنهض به، وصارت تابعة لمشاريع الآخرين كما حال النظام السعودي».
نص محاضرة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن التعبئة العامة:
نص محاضرة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن التعبئة العامة:
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم،
بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم،
الحمدُ لله رَبِّ العالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين،
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،
أيها الإخوة الأعزاء،
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته.
في ظل الظروف الحالية، وفي هذه المرحلة من العدوان نركز في هذه الفترة على حث الجميع على العناية بالتعبئة الجهادية، ونؤكد على أهمية النفير بكل ما تعنيه الكلمة بمدلولها القرآني، العدوان اليوم في مرحلة من أهم مراحل المعتدين، وبعد طول الفترة منذ بداية العدوان، وهم كانوا يؤملون على أن يحسموا عدوانهم في أسبوعين وإذا لم يتم ذلك خلال شهر بالكثير، لكنهم فوجئوا وصُدِموا بأنهم عجزوا عن ذلك وفشلوا في ذلك، ولم يتحقَّق لهم ذلك، الصمود والتماسك يعود بالدرجة الأولى على الروحية الإيمانية التي يتسم بها شعبنا العزيز ومجاهدونا الصابرون والصادقون في جبهات القتال.
تقييمُنا لمجريات الأحداث خلال الفترة الماضية أن اللهَ جلَّ شأنُه بعظيم لطفه وعونه ونصره وتأييده منَّ على شعبِنا المسلم المظلوم، على الإخوة المجاهدين المتصدِّين لهذا العدوان في كل الجبهات، منَّ على الجميع برعايته الكبيرة لطفا وتأييدا وهداية، منَّ على شعبنا في واقعه الداخلي بالتماسك رغم المعاناة الكبيرة، المعاناة على المستوى الاقتصادي بشكل كبير جدا لكثير من الناس، المعاناة نتيجة للقصف والدمار، وتدمير الكثير من المساكن و المنشآت، واضطرار البعض للهجرة من منطقة إلى أخرى، وكذلك المعاناة نتيجة الأذى والتضرر المباشر من القصف الجوي الذي تسبَّب في استشهاد الآلاف من الرجال والنساء، من الأطفال والصغار والكبار، تسبَّب أيضا في جرحِ الكثير، كل أشكال المعاناة موجودة، ولكن مع ذلك هناك صمود، هناك روحية عالية أدهشت الأعداء، وصُدموا بها، فهم مارسوا كلَّ أشكال وأنواع الضغط، كلَّ وسائل الاستهداف لهذا الشعب ولمجاهديه الصابرين، وكانوا يعوِّلون على حجم الإمكانات وعلى مستوى العدوان في كل وسائله وأساليبه؛ في حملته الإعلامية الهائلة، في نشاطه السياسي الكبير، في ضغطه الاقتصادي والعسكري، في نشاطه الأمني، وهم أخفقوا في التخريب الأمني إخفاقا كبيرا، على كلٍّ العون الإلهي كبير وعظيم، ومع ذلك نقول أنه كان بالإمكان أن يكون مستوى الصمود ومستوى الثبات ومستوى التصدي ومستوى الموقف بأفضل مما هو عليه بالنسبة لنا في هذا الشعب، كان بالإمكان أن يكون الموقف بأكثر من مجرد الصمود، أن يرْقَى إلى مستوى إلحاقِ هزيمةٍ تاريخية مبكرة للعدوان، هذا كان ممكنا، هذا كان متاحا، ولكن تدخُلُ كثيرٌ من العوامل والمؤثِّرات التي أثِّرت نوعا ما في مجريات الأحداث، وسبَّبَت لبعضِ الإخفاقات وبعضِ التراجعاتِ التي طمَّعَتِ الأعداء، مع أنَّهم في واقعِ الحال وبفضلِ اللهِ جلَّ شأنُه مُرهَقُون بما قد أتعبهم هذا العدوان، وكلَّفهم هذا العدوانُ على كلِّ المستويات في العنصر البشري كثيرا منهم الآلاف المؤلفة قُتِلوا وجُرِحوا، في الجانب المادي أوصل النظامُ السعودي الذي كان ثريا بما ينهبه من ثروات شعبه إلى حالة الفقر والاقتراض، وإلى الدخول في أزمات اقتصادية، وهو كان أغنى دولة في المنطقة، فبالرغم من الكلفة الهائلة للعدوان، ولكن مستوى الحقد من جانبهم ومستوى ما يتصوَّرونه هم من نتائج كارثية عليهم، حينما يفشلون في هذا العدوان، حينما يُخفِقون في هذا العدوان، ولا يصلون إلى النتيجة التي يريدونها، مستوى الكلفة هائل، ومستوى النتائج خطير عليهم، نتائج الفشل، نتائج الإخفاق، نتائج الخروج من العدوان بدون نتيجة هذه لها تداعيات عليهم على مستوى البلد، وعلى المستوى الإقليمي، وعلى المستوى الدولي.
الآن هناك مرحلة طرأت في الواقع الدولي، مجيء ترامب في أمريكا الذي هو عبارة عن توجُّهٍ معين، عن أولويات جديدة لأمريكا، أمريكا تستخدِم مع أدواتها أسلوبا عجيبا، ويؤثر فيهم كثيرا، ويؤثر فيهم كثيرا، تلعب لعبتها الشيطانية معهم، ولسوء صنيعهم ولضلالهم ولتيههم بالنسبة للعملاء في المنطقة فعلا يتعاطون تجاه الأسلوب الأمريكي بتفاعلٍ غريب يتعجب الإنسان منه، يكفي أن تصفهم بالفشل، أو تلوح عنهم بأنهم فاشلون ومُخفقون، وليسوا عملاء بالشكل اللائق، فينطلقون بكلِّ جدٍّ وجُهد ليثبتوا لأمريكا أنه لا تعتبرهم ناجحين، ألا تبحث عن بدائل غيرهم، وكذلك تحرص على أن تحيي فيهم روح المنافسة، فتنافِس ما بين السعودي والقطري والتركي وهكذا، وتعطي لكلٍّ منهم فرصة ليثبت جدارته، أنه الأجدرُ بأن يكون العميلَ الرئيسي لأمريكا في المنطقة، حينئذ يَحْظى بالغطاء الأمريكي، وتقبل به أمريكا خادِما متواضِعا لها، ينفِّذ أجندتها في المنطقة، وفي نفس الوقت يدفع لها المال.
نحن قلنا: أمريكا محظوظة في هذا الزمن، العميل هو الذي يدفع، كان العُرف السائد في تاريخ العمالة والعملاء والخونة أن يبيعوا هم، أن يكون الخائنُ يبيعُ شرفَه يبيع مبادئه أو يبيع شعبه أو يبيع أمته ويستلم هو مقابل ذلك شيئا من المال، اليوم الواقع لأمريكا مختلِف فيما بينها وبين الخونة من أبناء الأمة، هم يذهبون هم ليدفعوا لها في مقابل أن تقبل بهم خونة وعملاء، ثم يتحرَّكون بروح المنافَسة أيهم أجدر لأن تعتمد عليه خادما لها وأن يكون في الصدارة على الأقل، أن يكون في الصدارة يعني العميل الأكبر والخائن الأعلى مستوى في الخيانة لأمته، يحرصون على ذلك، وفعلاً كم حدثت من منافسات ما بين السعودي والقطري والتركي في المنطقة، وفي النهاية أتى السعودي وجعل من هذا العدوان نفسِه، لأنهم أتيح لهم في الحلبة السورية دورٌ للجميع، يعني الأمريكي قال: تفضلوا كلهم إلى الساحة السورية، يا أيها السعودي، ويا أيها القطري، ويا أيها التركي، ادخلوا كلكم في الساحة السورية، ادخلوا بمستوى واحد، ما به أحد هو المعني الأول، لم تجعل في البداية لأحد منهم أن يكون المعني الأول للدور في سوريا، قالت اشتغلوا كلكم في سوريا ونشوف من هو الأجدر، وبقيوا متنافسين جداً في سوريا من هو الأجدر،
عندها بعد وفاة الملك عبدالله في السعودية وأتت هذه الدفعة الجديدة في الحكم هناك في السعودية حرِصوا على أن يجعلوا من العدوان على اليمن والأمريكي قدَّمه لهم أيضا طعما على أنه أمامكم فرصة، أيتها الادارة الجديدة في السعودية، أمامكِ فرصة، أثبتي جدارتكِ بأنكِ الاولي أن تكوني العميل الاول في المنطقة و الخائن الأبشع في المنطقة من خلال هذا العدوان في مقابل أن تحظى بالغطاء السياسي الامريكي، بالدعم على كل المستويات بالإشراف المباشر في العمليات العسكرية، فاندفعوا بكل جهد، طالما والمسالة تقدم لهم امام الامريكي على أنها ساحة لإثبات الجدارة، هم يتصورون فيما إذا خرجوا من هذه الساحة فاشلين أنهم سيخسرون دورهم المستقبلي في ظل الامريكي، يعني سيقول الامريكي: يأيها النظام السعودي أنت فاشل، نحن وفرنا لك الغطاء السياسي والإعلامي والحقوقي والإنساني، دعمناك في مجلس الامن، دعمناك في الأمم المتحدة، أتينا اليك بأمهر واقدر الخبراء العسكريين، زودناك بأفتك انواع السلاح، وعملنا لك وفعلنا لك، ومع ذلك انت فشلت، اذًا انت لست الجدير، الجدير هو العميل الاخر، وهكذا فلذلك هم يحسبون الامور بهذه الحسابات، بهذه الحسابات، يعني ان دورهم الرئيسي في المنطقة بالنسبة للنظام السعودي كعميل ووكيل، للمستوى الاول لأمريكا، فيذهب ادراج الرياح هذا الدور، فيسقط اذا فشلوا في هذه المهمة العسكرية، لاحظوا في المقابل نحن كشعب يمني، نحن كمسيرة قرانية، نحن كأُمَّة ننطلق من خلال مبادئ عظيمة ومقدسة ومهمة وعادلة ومحقة، كيف يُفتَرض ان يكون تفاعلنا، ان تكون انطلاقتنا، ان يكون مستوى اندفاعنا، هم لديهم ذلك الاندفاع والاندفاعة مستميتة، أموال هائلة يبذلونها، جهد عملي كبير في الليل وفي النهار، تضحيات جسيمة في مقابل التقرب إلى امريكا، وان يحظوا بان يكون لهم الدور الأبرز في المنطقة كعملاء حصريين، ولهذا جنبا الى جنب مع هذه المهمة يتزلفون الى اسرائيل، ويتوددون الى اسرائيل.
نحن لدينا عوامل مُهمة جدًّا تشكِّل حافِزا ودافعا عظيما ومُهِمًّا بكل الاعتبارات، بكل الاعتبارات، نحن شعبٌ وأمة معتدًى عليها، شعبٌ معتدَى عليه، وفي نفس الوقت نُسْتَهْدَف في كلِّ شيء، يعني ليس الهدف فقط أن يقتلوا منا وان يجرحوا منا وان يدمروا منازلنا وان يدمروا جسور الطرقات وأن يحاصرونا اقتصاديا لمجرد الحاق الاذى وتنتهي المسالة عند هذا الحد ان يكونوا الحقوا بنا الاذى، لا، ما يريدونه اكبر من ذلك واخطر من ذلك يمكن ان تسيل منك الدماء نتيجة انك جريح، ولكن في موقف الكرامة انت تحتفظ بكرامتك، انت تحتفظ بحريتك، في موقف العزة شامخ وعزيز وحر وابي، ويمكن ان تلقي الله شديد عزيزا كريما وحرا وابيا وشامخا، يسجِّل لك التاريخ موقفا، ويكون درسا للأجيال من بعدك، وتؤمِّن مستقبلَك الأبدي، وتلقي الكرامة الأبدية عند الله في مقام الشهداء وما وعد به الشهداء، ويمكن ان تضحي، ان يُدَمَّر منزلك او تضرر باي شكل من الاضرار المادية وتحس انك تضحي وانت بمقام الثبات والحرية وبالتالي تعتبر انه في مقابل ما ضحيت به وما قدمته مكاسب كبيرة وعظيمة، وفي مقدمتها حريتك شرفك كرامتك عزتك، ايضا من ضمنها الحفاظ على مبادئك على قيمك على اخلاقك، ولكن الذي يريده أولئك هو الأسوأ هو الأسوأ بكثير؛ لانهم يريدون السيطرة المباشرة علينا كشعب يمني، وسيطرةَ العدو على عدوه، يعني ليس المقصود سيطرة الحريض او المحب او الذي يريد فعلا ان يقدم خدمة لهؤلاء الناس، لا سيطرة من يحمل الحقد من يحمل الكراهية من يحمل البغضاء التي تجلَّت في ممارساته منذ بداية العدوان، وكانت ظاهرة قبل العدوان في سياساته وتوجهاته، ولكن تجلت اكثر واكثر منذ بداية العدوان، سيطرةَ العدو الذي يريد ان يسيطر عليك مباشرة، وتكون انت في واقعك تعيش حالة الاستسلام التام، حالة المقهور، حالة الذليل، حالة العبد الخانع، حالة المستباح الذي لا يمتلك أيَّ مقومات لان يدافِعَ عن نفسه أو عن عزته أو عن حريته أو عن كرامته أو عن إبائه أو عن استقلاله، حالة المستعبَد المقهور الذليل الخانع العاجز البئيس، وحينها وحينها ماذا؟ ليهتم بك لتنعم في ظل سيطرته بالسعادة والاطمئنان والأمن والاحساس بالكرامة الإنسانية والعناية بك والارتقاء بك في هذه الحياة؟ لا وحينها ليشتغل في كل الاتجاهات، ليُتَرْجم حقده في واقع حياتك وهو يستبيح كل شي، اثبت عمليا منذ بداية عدوانه انه لا يرعى حرمة لشي ابدا، لا للصغير الطفل البريء عنده حرمة في دمه وحياته، يتعمد قتل الاطفال والنساء والكبار والصغار لا للانسان المسالم الماكث في منزلة أي اعتبار، ولا لحياة الناس كمجتمع أي اعتبار لديه، حينها سيشغِّل مشروعه مشروعه الأبدي والاجرامي تحت عناوين كثيرة، باسم القاعدة وباسم داعش، وهي نتاج لهم وصناعة لهم، تقتل بشكل بشع وبشكل فظيع ولم يعدم في الصناعة المزيد والمزيد من العناوين ثم حتى على خلفية الانتقام، أمام هذه الأحداث بكلها أمام هذه المراحل التي مرت منذ بداية العدوان النزعة الحاقدة النزعة الإجرامية النزعة نزعة الكراهية والبغضاء الشديدة، والحقد الأعمى هي التي تسيطر على طبيعة توجهاتهم وسياساتهم وتصرفاتهم وأعمالهم، يعني النتيجة ستكون والعياذ بالله ونستجيرُ بالله، أن يكون الناسُ في وضعية لا بقي لهم حرية ولا استقلال ولا كرامة ولا دين ولا دنيا، ولا أمن ولا أمان ولا أي شيء، وأن يقتلوا على نحو فظيع، أكثر بكثير مما يمكن أن يضحوا به في مقام الصمود والثبات، إضافة إلى ذلك أن تُستَباح أعراضُهم وحرماتهم وتهدر كرامتهم بالكامل. وأن يكونوا قد خسروا كل شيء ، حينما يقتل الإنسان في وضعية كتلك وحالِ كذلك لا ينال شرفاً أنه لقي الله شهيدا عزيزا صامدا ثابتاً لا ، لا ينال شرف الشهادة ولا شرف الموقف ولا ثمرة التضحية ، التضحية في ظل الموقف مثمرة، لكن تضحية في غير موقِف في حالة خنوع وحالة استسلام وحالة جمود وإذعان للعدو هذه لا قيمة لها ، ومع ذلك المقت من الله ، المقت من الله، أن يكونَ من يرضون لأنفسهم بذلك، أن يكونوا ممقوتين عند الله لا أجر لهم ولا ثواب ولا فضيلة ولا كرامة عند الله أبدا، لا يرضى الله لعباده أن يقبلوا بالهوان على أنفسهم، بالذل على أنفسهم، بالقهر والاستباحة لأنفسهم، وان يخنعوا للطواغيت المجرمين الظالمين المتجبرين المستكبرين، وأن يسلِّموا لهم رقابهم هذا ليس وراءه إلا مذمّة الدنيا وهوان الآخرة.
2- في مقابل أنا معتدى علينا بغير وجه حق، وابتدأونا بهذا العدوان ونحن في وضعية معروفة، الشعب معظمه تفاجأ بهذا العدوان، أهالي المنطقة على مستوى العالم العربي وبقية العالم فوجئوا بهذا العدوان، نحن حينما نتحرَّك لمواجهة هذا العدوان الذي ابتدأ هو بعدوانه علينا، لمواجهة قوى الظلم والشر والحقد والكراهية والكبر التي تكبرت علينا، وطغت علينا، وظلمتنا كشعب مظلوم بغير وجه حق ، حينما نتحرَّك في مواجهة هذا العدوان، في مواجهة هذا الظلم، في مواجهة هذا الاستكبار، في مواجهة هذا الإجرام بحقنا، هذه الاستباحة لنا، نتحرك بحسن نية بنية القربة إلى الله سبحانه وتعالى ووفق التوجيهات الإلهية، وفق المبادئ القرآنية، وفق الضوابط الشرعية، ونتحرك وفق التعليمات الإلهية جهاداً في سبيل الله يمثل هذا قربة عظيمة إلى الله، هو في الأساس أداءٌ لواجب، ونهوض بمسئولية وقيام بما علينا حتماً القيام به، وإلا خسرنا في الدنيا والآخرة ،
حينما نتحرك هو يمثل قُربة إلى الله بمثل ما ذكرنا من هذه المنطلقات الإيمانية والمبادئ والقيم والأخلاق والدوافع الإيمانية، هو يمثِّل أعظمَ قُربة عملية إلى الله سبحانه وتعالى، هو ذلك الجهادُ الذي امتلأت صفحاتُ القرآن الكريم بالحديثِ عنه بما لم يرِدْ في القرآن الكريم حديثاً عن أي عمل من الأعمال بمثل ما تحدث عنه. قربة عظيمة إلى الله سبحانه وتعالى، لاحِظوا ما أعظمَ كرمَ الله، شيءٌ لا بُدَّ منه لكل الأحرار، أن يدافِعوا عن أنفسِهم، عن حُرِّيَّتهم عن كرامتهم عن عِزَّتهم، عن شرفهم، شيء لا بُدَّ منه في مواجهة الأشرار، في مواجهة الظالمين، في مواجهة الطغاة والمعتدين، شيءٌ لا بدَّ منه، لا بديلَ عنه إلا العذابُ والظلمُ والاضطهادُ والهوان، وبدونِ فائدةٍ وبدونِ ثمنٍ بدون نتيجةٍ بدون ثمرة، ولكن مع ذلك يلحظ في هذا أيضا أنه بالإمكان أن تكون هذه العملية التي تدفع بها عن نفسك الظلم عن نفسك الهوان عن نفسك الذل والقهر والاستعباد يمكن أن تكون على نحوٍ تمثلُ قربة من أعظم القرب إلى الله سبحانه وتعالى، حينما تنطلق وفق الدوافع الإيمانية والقرآنية، وفق التوجيهات والتعليمات الإلهية، وفق الطريقة التي رسمها الله في كتابه الكريم، بذلك الاندفاع بذلك الهدف عندئذ تنطلق وأنت تتحرك مجاهدا حقيقيا في سبيل الله، وليس كأولئك الذين ينطلقون تحت رايه أمريكا وفي خط أمريكا، وفي خدمة إسرائيل من الدواعش، ثم يسمون أنفسهم وما يقومون به من جرائمَ فظيعة بالجهاد والمجاهدين، لا الجهاد في سبيل الله أسمى واشرف، هو تلك الوقفة ذلك الموقف في وجه الظلم والظالمين في وجه الأشرار وشرهم، والطغاة وطغيانهم، والمجرمين وإجرامهم، بتلك الدوافع النبيلة والعظيمة والمقدَّسة، بتلك التعليمات الإلهية العظيمة، نعمة، هذه نعمة كبيرة وهذا شرف كبير الله هو غني عن عبادة غني عن جهادهم، الجهاد في سبيل الله لا يمثل ولا يشكل وظيفة حماية لله سبحانه وتعالى، لا الله هو الغني عن عبادة هو القوى العزيز، هو القاهر المهيمن هو الجبار المتكبر، لا، هو غني ولهذا قال الله سبحانه وتعالي ( ومن جهاد فإنما يجاهد لنفسه ان الله لغني عن العالمين ) لا يحتاج إليك ولا إلى جهادك وما عليه ولا حاجة اذا ما جاهدت ما هو لاحق عليه ولا حاجة نهائيا، واذا جاهدت لن تفيده بشيء هو الغني، لا ترجع تتمنن عليه تقولهم إنا شوف حين جاهدت حصل لك وحصل لك، سبحانه وتعالي هو الغني، فإذا الجهاد هو فريضة قادمها الله لصالح عباده مؤداها ثمرتها نتيجتها لعباد الله أنفسهم ثمرتها في الدنيا وثمرتها في الأخرة لهم هم أنفسهم، طريقة رسم الله سبحانه وتعالي مسار صحيح تضبطه قيم ومبادئ ودوافع عظيمه، وفي نفس الوقت تعليمات فعالة، التطبيق لها والالتزام بها ينتج عنه فاعلية في الموقف، تأثير في الموقف، ومع ذلك باتجاه الأمة عليها وعلى أساسها وتحرك الأمة وانطلاقتهم بالالتزام بها تحظى الأمة برعاية من الله سبحانه وتعالي، بعون من الله سبحانه وتعالى، بنصر من الله سبحانه وتعالى، التوجه في فريضة الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى بوعي، الوعي الذي يقدمه لك القران الكريم عن الواقع عن الحياة عن الناس من حولك، والوعي الذي يقدمه لك عن الأحداث، عن تأثيراتها، عن نتائجها، عن ما يترب عليها وما يقدمه لك القران الكريم أيضا على مستوى التحفيز النفسي و المعنوي، وما يقدمه لك من أمل، ويرسمه لك من أهداف عظيمة في الحياة وفي مستقبلك في الدنيا والآخرة، يجعل من تحركك في الجهاد في سبيل الله، في مواجهة الظلم والظالمين والطغاة المتكبرين والمعتدين تحركاً فعالاً لما تعنيه الكلمة، تحركا مؤثرا لما تعنيه الكلمة، تحركا مجديا لما تعنيه الكلمة، فإذا الجهاد في سبيل الله بالطريقة التي رسمها الله فعلا شيء لا بد منه وفق السنة الإلهية،(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، لفسدت الأرض، هذا شيء لابد منه،
لو تقرر أن يسكت الناس وأن يخنعوا وأن يتصوروا هذه الأرض واحة سلام، ليس فيها أي شرير ولا أي أحد عنده نزعة الشر، وأهلها كلهم طيبين لا أحد يجيء منه شر، وهجعوا ولم يبنوا واقعهم؛ ليكونوا في مستوى القوة لدحر الأخطار عن أنفسهم - لكانوا سذَّجاً وأغبياء ومتعامين وجاهلين عن كل الحقائق البديهية في هذه الحياة.
لاحظوا مَا مِن دولة ولا من أمة إلا ولها جيشٌ أو قوة بأي شكل من الأشكال، من الأشياء البديهية في واقع البشر أن ساحة هذه الحياة ساحة فيها تحديات وفيها أخطار محتملة، وواقع الحياة فيه أخيار وأشرار، فيه ظالمون وفيه عادلون وغير ذلك، من الأشياء البديهية في واقع البشر، واقع الحياة فيه التدافع، فيه النزاع، فيه الأحداث، فيه الصراعات، فيه الحروب، فيه المشاكل، فيه التحديات وفيه الأخطار، الله سبحانه وتعالى يلهم عباده حتى في فطرتهم أن يدركوا هذه البديهية، ويهيئ لهم في واقع الحياة كل الأسباب والعوامل التي يمكن أن يستفيدوا منها حتى لا يظلموا، حتى لا يذلوا، حتى لا يقهروا لأن الله كما قال عن نفسه (وما الله يريد ظلما للعباد)، (وما الله يريد ظلما للعالمين) فلذلك من الأشياء البديهة في واقع البشر أن هناك تحديات، كل أمة تدرك ذلك، اليوم استقرئ واقع الأمم على الأرض من الغرب إلى الشرق، كل أمة اذهب إلى الصين إلى الروس إلى الغرب إلى الدول الأوروبية كل أمة تسعى وتبذل جهدا كبيرا لأن تبني نفسها لتكون قوة عسكرية، والكثير منها ليس فقط، تستطيع أن تدفع عن نفسها، بل الكثير منها قوى لديها أطماع، أن تمتلك من القوة والقدرة ما تكسر به قوة الآخرين وتسيطر هنا وهناك، والأمة الإسلامية للأسف الشديد خصوصا في الواقع العربي شهدت تراجعا كبيرا، تراجعا في كل شيء، تراجعا في الوعي، تراجعا على المستوى الحضاري، تراجعا على كل المستويات، وخصوصا حينما فقدت المشروع لم تبق أمة ذات مشروع تنهض به، وتتحرك به، أصبح الكثير منها لحقة تبع مشاريع الباقين، وأدوات لمشاريع الآخرين كما هو حال النظام السعودي وأضرابه، فإذن مسألة بديهية السعي لامتلاك عوامل القوة، وامتلاك القدرة اللازمة لمواجهة التحدي بمستواه، ولاحظوا التحديات التي يمكن أن تشكل فعلا تحديا لأمتنا في منطقتنا العربية تحديات كبيرة المفترض أن تشكل حافزا كبيرا للاندفاع بجدية كبيرة، إذا التحدي أمامك كبير أنت تفترض أن عليك أن تندفع بجدية كبيرة في مواجهة هذا التحدي بما أنه تحد كبير، فإذا عدنا إلى مسألة الجهاد في سبيل الله كوسيلة حماية للمستضعفين والمظلومين والمضطهدين والمعتدَى عليهم سنجد فيه كل عوامل القوة.
أولا أنه بالنسبة للمستجيبين والمؤمنين والمقتنعين بهذا التوجُّه بهذه الوسيلة الربانية التي أتاحها الله لعباده ليبني لهم منطلقا عظيما في ميدان الصراع ومواجهة الأحداث، ويرسخ في وجدانهم الإيماني وقناعتهم الإيمانية أملا عظيما جدا جدا، يجعل منهم منطلقين في الميدان بقوة عالية جدا، هو يبني انطلاقتهم على الاعتماد على الله، والأمل بنصره.
أول نقطةٍ من عواملِ القوة في مسألة الجهاد في سبيل الله أنك تنطلق وأنت تعتمد على معية الله سبحانه وتعالى، على نصره، على تأييده، أملك به، ثقتك به، توكلك عليه، وهذا يمثل عامل اطمئنان مهم جدا لأنه مهما كانت امكانياتك محدودة وقدراتك بسيطة وأنت تواجه عدوا لديه العدد الكبير من الجنود، لديه الإمكانيات والقدرات العسكرية الكبيرة، والإمكانات المادية الكبيرة فأنت حينئذٍ لا تنطلق من منطَلَق المقارنة بين مستوى ما تملك أنت وما يملكه هو، ما يتوفَّر لك أنت من الإمكانات والقدرات وما يتوفر بيده هو، لا، أنت تعتمد على الله سبحانه وتعالى، أنت تتوكل على الله سبحانه وتعالى، أنت تحسِب حساب الله القوي العزيز القاهر الذي هو جل شأنه مهما كانت قدرات عدوك وإمكاناتُ عدوك هو يملك قلب عدوك، هو يملك مشاعر عدوك، هو القادر على أن يلقي في قلبه الرعب، ثم لا يتماسك، ثم يفقد توازنَه وقوتَه وشعورَه بالقوة، مهما كان ما بيده من سلاح وأن تنهار معنوياته نهائيا.
انطلاقة الإنسان المؤمن في موقفه الحق وقضيته العادلة، وهو يواجه الظلم ويواجه الطغيان ويواجه العدوان، وهو يحمل هذا الإيمان، أن الله مع المؤمنين، أنه يستند إلى وعد الله سبحانه وتعالى بالنصر، يوجِد لديه اندفاعا كبيرا ويعزِّز في نفسه معنويات عالية، لم يعد يشعُر بالضعف، ما الذي يؤثر على موقف الانسان؟ ما الذي يؤثر على نفسيته؟ ما الذي يسبب الهزيمة لأي قوم أو أمة؟ الشعور بالضعف، ما هو العامل المهم في الميدان؟ الشعور بالقوة، الإنسان المؤمن الذي ترسَّخ في وجدانه وفي يقينه وفي مشاعره أن الله معه حاضرٌ معه، ليس غائباً عنه، ولا غافلاً عنه، وأنه يستند إلى الله، ويعتمد على الله، ويتوكل على الله ويستذكر وعد الله بالنصر (وكان حقا علينا نصر المؤمنين)، (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، (ولينصرن الله من ينصره)، كل هذه الوعود الإلهية هي وعود صادقة وعود جادة، ليست هزلية وليست لمجرد الخداع، أو أن الهدف منها الدفع بالآخرين، إذا اندفعوا خلاص ثم يتنصل عنهم، لا، إذا عملنا ما، علينا أن نعمل وفق التوجيهات الإلهية فالله هو الأوفى والله هو الأصدق، ولن يخلف وعده أبدا (ومن أصدق من الله حديثا)، ما أحد أصدق من الله أبدا.
ومن أوفى بعهده من الله وقدمه التزاما وعهدا منه، (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)، فإذا المهم هو الأخذ بكل تلك التوجيهات الإلهية، والتحرك على ضوئها في الميدان؛ لأن نواجه ذلك الظلم، ذلك التحدي، ذلك الخطر علينا في هذه الحياة كمستضعفين وكمظلومين ومعتدى عليهم، هذا أولا.. أول نقطة في الموضوع أنك تنطلق بمعنويات عالية، وحساباتك لا تنطلق من منطلق الحسابات المادية بين مادياتك وإمكانيات عدوك.. لا.. أنت تذكر في المقابل مهما كان العدو يمتلك، فأنت تعتمد على الله والله هو القاهر والقادر على إنجاز وعده في مواجهة أي طرف مهما طرف.. طرف يكون استثناءاً يسقط أمامه الوعد الإلهي .. تقولوا ما ذيه العدو عنده وعنده وعنده ويمتلك ومعه.. ولذلك لا يمكن إنجاز الوعد الإلهي الله با يعجز حين يوصل عنده، لا .. لا أبدا، قادر على إنجاز وعده في إنجاز مواجهة أي طرف، والتجارب اثبت ذلك، تجاربنا نحن في أحداث كثيرة، تجارب المستضعفين الآخرين، تجربة حزب الله في لبنان في مواجهة إسرائيل بكل ما امتلكته إسرائيل، وبكل ما حظيت به من دعم، تجربة المجاهدين في العراق في مواجهة أمريكا، تجربة الشعوب المستضعفة انطلقت من مبادئها الفطرية وصمدت وثبتت وضحت واستبسلت وتفانت، وحققت النتائج التي سعت لها في كسر إرادة عدواها وشوكة عدوها المعتدي عليها.
العامل الآخر، ما يصنعه لك من وعي تجاه الأحداث، تجاه الواقع، أنت لا ترى أن صمودَك هو الذي يمثل المشكلة عليك، إن موقفك في مواجهة الخطر عن نفسك هو مشكلة.. لا.. ليس هو المشكلة، لاحظوا ما أدجل المرجفين والمثبطين، وما أكذبهم وما أسوأهم وما أفظع تزييفهم للحقائق.
يحاولون أن يجعلوا من الصمود ومن الثبات ومن الموقف في مواجهة الخطر، أن يجعلوا منه هو المشكلة، فيدعُون الناس إلى الاستسلام، ويتجاهلون أن العدو في البداية، ابتدأ، ابتدأ بالعدوان قبل أن تنطلق أنت لتفعل به شيئا، ينسون ذلك أو يتناسون ذلك، أو يحبون أن يخادعوا وأن يغالطوا ، لا.
يمكن أن لا تتبنى أي موقف، لا يمكن أن تقتل وكثير يحدث له ذلك، أن يقتل في الوقت الذي لا يتبنى أي موقف ولا يتحرك أي تحرك، أن يقرر البقاء في منزله دون أن يكون له موقف ثم يقتل وهذا حدث للكثير ويحدث للكثير في هذا العالم.
ليس ما يضمن سلامتك، وليس ما يضمن لك اطمئنانك، وليس ما يضمن لك الاستقرار في حياتك أن تتنصل عن المسؤولية، وأن تتجاهل الواقع من حولك، وأن تتعامى عن الأحداث والأخطار على بلدك وساحتك.. هذا لا يشكل لك شيئا أبدا .. ولا ينفعك بشيء على الإطلاق.. ويجري عليك بأسوأ أحياناً مما يجري على الأخرين.
فإذا وعي الإنسان بأن الصمود هو عامل مهم لدفع الخطر، وليس هو المشكلة، وليس هو الذي قد يكون السبب لأن يحدث لك أو يحدث لك ..لاصحيح أثناء صمودك يمكن أن تقتل لكن في مقابل أن تحصل على شيء عظيم، شهادتك نفسها تثمِر ثمرة لأمتك من حولك، للأجيال من بعدك، للناس في واقع الحياة، تحقِّق هدفك الواسع، لأن الإنسان المؤمن والإنسان الحر ينطلق بهدف أشمل من مسألته الشخصية، ثم على المستوى الشخصي تكسَب الكرامة الأبدية وشرف الشهادة في سبيل الله وما وعد الله به الشهداء.
يمكن أن تُجرَح ولكن انت في مقام عمل، موقفك وتضحيتك مثمر، موقفك مثمر وتضحيتك مثمرة، أنت إنسان منتِج، أنت مفيد أفدت نفسك وأفدت الآخرين، وما عانيتَه من معاناة في مقابلها نتائج لك أنت قبل كل شيء وللآخرين من حولك .. لكن في حال التنصل على المسؤولية، في حال الجمود والخنوع، لا، أنت تخسر لا تستفيد ولا تفيد، تخسر خسرانا تاما ، خسرانا حقيقيا.
هذا الوعي يطمئن الإنسان، أن تحركي أن موقفي أن تضحيتي أن عطائي يثمر يفيد مجدي يتحقق به لي عند الله في واقع الحياة الخير الكبير والفوز العظيم، وليس هو المشكلة علي حتى أقلق فيما إذا تحركت وأرى في جمودي تنصلي عن المسؤولية استقرارا لنفسي أو خير لنفسي، فأرى الخطر في التحرك وأرى الاطمئنان والسلامة في الجمود والقعود والتنصل على المسؤولية.
فإذن هناك فهم خاطئ، هناك أحيانا أمم وأحيانا أقوام وأحيانا بلدان سلكت مسلك الخنوع لأعدائها، فضحت بالكثير، الكثير الكثير، البعض، بعض المدن بعض المناطق بعض البلدان بعض الأقوام بعد أن اختاروا خيار الخنوع والجمود والاستسلام ، لحقت بهم إباداتٌ جماعية ، إباداتٌ جماعية، وقتلوا بشكل مهين وبدون ثمن .
فحينها الإنسان يدرك أن خياره الصحيح هو التحرك، هو النهوض بالمسؤولية، وليس بالتنصل على المسؤولية والجمود والسكوت والخنوع، هذا الوعي هذه القناعة، هذا الفهم يمثل عاملا مساعدا للإنسان ليتحرك باطمئنان ، بمعنوية عالية. أنه من الذي يدفعني إلى الجمود؟ ما الذي يمكن أن يدفعني إلى السكون؟ ما الذي يمكن أن يقنعني بالتنصل عن المسؤولية والقعود؟ هل لأهدأ؟ .. هل لأسلم؟ هل لتستقر حياتي؟ هل أن التحرك هو الذي يشكل خطورة والجمود والسكون والخنوع هو الذي يشكل السلامة؟.. لا .. على العكس، هذا يساعد الإنسان ليتحرك مطمئنا وبوعي عال وفهم صحيح لحقيقة الأحداث.
إن طبيعة الأشرار وطبيعة الظالمين والمجرمين، ما هم عليه من ممارسات، بشرهم وظلمهم وطغيانهم، يشكلون خطرا علي في حال خنوعي لهم، في حال استسلامي لهم، في حال استهانتي وقبولي بالهوان والاستعباد لهم خطرا فظيعا وحقيقيا وشاملا، أخسر فيه كل شيء، دين ودنيا، استقلال وحرية وعزة وكرامة وأمن وسلامة وكل شيء.
أما ما يمكن أن يحدث من تضحيات أو حتى معاناة في ظل الموقف في إطار النهوض بالمسؤولية فهو بشرف وهو بنتيجة، بثمرة، وهو بعواقب حميدة وعواقب عظيمة ونتائج عظيمة؛ ولذلك قال الله عن الجهاد: (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)، فكيف لا أتحرك فيما فيه الخير لي، وما وراءَ الإخلال به إلا الشرُّ علي؟ كيف لا أتحرك بما أخبر الله أنه يشكل خيرا لي؟
أضف إلى ذلك، مع الوعي عن الأحداث عن الأعداء عن سنن هذه الحياة عن قداسة الموقف وما يمثله من قربى عظيمة إلى الله سبحانه وتعالى ، يرسم لك القرآن الكريم منهجاً عملياً فعالاً:
أولاً : يعطيك قاعدتين أساسيتين في الواقع العملي، أولهما الصبر، والأخرى الرؤية الواعية عن الواقع العملي عن الأداء العملي، الصبر والصبر مرتكَز أساس للنهوض بالمسؤولية، لا يمكن أن يقف في مواجهة التحديات والأخطار، وأن ينال هذا الشرف، وأن يتحقق على يديهم العزة لأنفسهم ولأقوامهم، ولا يمكِن أن يسجِّل التاريخ مثل هذا الشرف الكبير إلا للصابرين، للصابرين.
الناس الكسلون، الناس الخاملون، الناس الذين يفقدون الروحية العملية، والطموح، والهدف العظيم، والدافع القوي، الناس الذين تغلب عليهم الوهن والكسل والفتور لا يمكن أن يتحقق على أيديهم خيرٌ أبداً ، لا.
مثل هذه المسؤولية لا بد فيها من صبر، لابد فيها من تحمل، والصبر هناك في القرآن الكريم ما يساعدك على أن تكون من الصابرين، إيمانك بالله، قناعتك بالموقف، يقينُك بأهمية ما أنت فيه وأهمية نتائجه العظيمة في الدنيا وفي الآخرة عند الله، يقينُك بخطورة التقصير، يقينك ووعيك بخطورة التفريط وما يترتب عليه من كوارث ومساوئ وفظائع وخسائر في الدنيا والآخرة، كلُّ هذا يوجِد عندك الطاقة القوية للتحمُّل، والتحمل هو الصبر، قوة التحمل هي الصبر.
أنت إنسان تعي أهمية ما أنت فيه وخطورة أن تقصِّر فيه، وأنت إنسان متطلِّع إلى ما وراء الموقف، متطلِّع إلى الله، إلى رضوانه، إلى جناته، إلى السلامة من عذابه، متطلع إلى الحرية والعزة والكرامة والشهامة والإباء، أنت إنسان تترفع عن الذل والهوان والاستباحة والخنوع، وهكذا تريد لنفسك الخير، ولا تريد لنفسك الشر، فيعطيك تحملاً فيما أنت فيه، لما تدرك من قيمته، من أهميته، من جدوائيته، من نتائجه، وهذه مسألة مهمة.
قوة التحمل لها أهمية في جانبين في مقابل المعاناة في الموقف من جانب العدو، هذا جانب، أنت تتحمل ما يحدث من جانب العدو في المواجه،ة وأنت تتحرك لمواجهته، ما تكون إنساناً كسلاً وهناً ضعيف النفس ضعيف المعنوية ضعيف العزم منكسر الإرادة، لا، الإنسان الذي هو منكسر الإرادة، وهِنٌ في نفسه، في همته، ضعيف في تماسكه، أبسط معاناة أو أبسط متاعب أو أبسط مخاطر أو تحديات وانكسر، بعضهم قد يصل إلى الجبهة ويجلس في طرفها ليلة، وما بلا با يسمع أصوات القوارح يسمع أصوات القرح، وما يتحمل إلا إلى الصباح ويغادر ! ، يعني هذا إنسان ما عنده ولا نسبه 1% من التحمل، ما عنده عزم ما عنده إرادة ما عنده قوة نفس خامد على حسب التعبير المحلي بما تعنيه الكلمة، ما قد بلا يسمع القرح، ويكون في خارج الجبهة، وما يصبح على الصبح وعاد يتحمل إلى ثاني يوم، أو تتأخر عنه الوجبة يوم من الأيام، وجبة طعام، أو كذلك يتأخر عنه الماء وجبة الغداء أو وجبه فطور أو غير ذلك ما يطيق البقاء، هذا (ما ارتبط لا بهدف كبير ولا بموقف عظيم ولا بتوجه واعٍ ولا أي شي رحله، وعجال على رحلته يعود منها، لا.
قوة التحمل تفيد في الأعباء والمعاناة الطبيعية في الأحداث، تنزل في الجبهة يحصل لك برد، يحصل لك شمس، يتأخر عنك أحياناً طعامك تحصل أشياء عادية ، الإنسان يعاني حتى في أي مجال من مجالات الحياة ، العامل الكادح التاجر المسافر كلهم يحصل له معاناة طبيعية في هذه الحياة، مع ذلك فالإنسان الصابر عنده تحمُّل لأي أعباء فيما يحدث من جانب العدو، فعنده قوة تحمُّل لمواجهة التحدي من جانب العدو، وعنده أيضاً قوة تحمُّل لأعمال كبيره يتحرك بها في مواجهة العدو.
لاحظوا كثيرا من الأعمال تحتاج إلى صبر، أعمال مهمة، أعمال عظيمة، أعمال مثمرة، عمليات فعالة في مواجهة العدو لكن تحتاج إلى ماذا ؟ إلى صبر، يعني فيها تعب، الذي لا يمتلك الإرادة القوية ولا العزم ولا الهمة ولا الوعي اللازم، ولا القناعة الكافية، إذا رأى أيَّ عمل مهما كان عظيماً، مهما كان مفيداً، مهما كان مثمراً، مهما كان منتِجاً، يرى فيه شيئاً من التعب، يقول: لا يتهرب، يعني عنده خوف فظيع من التعب ، تهرب شديد من التعب أي شيء فيه تعب ما يشتيه أبداً ، لو يمكن يدخل القدس ويفتحها ويطرد الصهاينة منها ولكن به تعب في الموضوع، ما يشتيه أبداً ، لا .
الكثير من الأعمال الفعالة المفيدة المثمرة تحتاج إلى تعب وإلى تضحية بقدر ما تمتلكه من وعي بقدر ما تمتلك من إيمان، بقدر قوة إرادتك، وصلابة همتك وعزمك ومعنوياتك، بقدر ما تكون فعالاً، تتحرَّك بأعمال مهمة، بأعمال كبيرة أعمال قوية وإن كانت متعبة، من الطبيعي أن أكثر الأعمال العظيمة والمهمة متعِبة فيها تعب، وإلا لكان الناس عظماء بكلهم لو كانت كل الأعمال العظيمة والكبيرة والمهمة بدون أي تعب لكان الناس كلهم أجمعين لكانوا عظماء، كلاً يساعده يجي عظيم ومهم وله دور كبير في الحياة وله أعمال محسوبة في الحياة، ولكن لا.
فلذلك نحتاج إلى الصبر في أن نتحمَّل أعباءَ التحديات والأخطار من جانب العدو، يصبر على المرابطة، يصبر على التصدي للعدو، يصبر على الأعمال اللازمة لتقوية الموقف الميداني، ويصبر على المتاعب للقيام بأي أعمال عظيمة ومهمة فيبادر ويتحمَّل.
بل والله إن الذين يمتلكون الوعي اللازم، والإيمان الكافي، ويمتلكون الإدراك لحقيقة الأحداث ونتائجها حينما يتعبون في مثل هذا العمل العظيم، في مقام الشرف، ومقام مرضاة الله، ومقام الخير، ومقام الكرامة، ومقام العزة إنهم ليستحلون تعبهم في ذلك، سعادة حالية عنده ، يعرف أنه تعب في محله ، يمكن أن تتعب في هذه الحياة في أشياء كثيرة غير ذات جدوى، غير ذات أهمية، وحتى المتهربين من التعب يمكن أن يدخلوا في متاهات يتعبون فيها أبد الأبد في الدنيا والآخرة يتعب على طول ، ويوم القيامة في الأخير جهنم يتعب فيها دائماً ما عاد ينسم فيها أبداً ولا يرتاح ولا لحظة، ومتاعب في الدنيا، تعب لكن تعب في محله ، الناس يتعبوا في الحياة ياكم أشياء يتعبوا فيها الناس في الحياة، لكن تعب في مقام مسؤولية عظيمة ومهمة، هذا تعب في محله، ما عليك يا أخي، الناس عليهم أن يحذروا الضعف النفسي، أو الانخفاض في منسوب الوعي ومنسوب العزم، ومنسوب الهمة، ومنسوب القناعة الإيمانية والفهم بالأحداث في الحياة هذه، هذا جانب أساس، فالصبر مرتكَزٌ أساس في الموقف، الصابرون هم الثابتون، الصابرون هم الذين يتحقق على أيديهم النصر، الصابرون هم الصامدون والمفلِحون والفائزون، هم رجال الأمة وصفوة الأمة وسند الأمة وحماة الأمة، وهم الفائزون في الدنيا والآخرة، الصابرون.
المرتكز الآخر هو الوعي، الوعي بالأحداث، لأنك تحتاج إلى مجهود عملي في الميدان، ومع المجهود العملي رؤية سليمة، كيف تتحرّك، كيف تعمل، كيف تتصرف، هذه مسألة مهمة، فإذا امتلكتَ الدافع الإيماني العظيم، الدافع الصحيح، والموقف العادل، والموقف المحق، وفي نفس الوقت أنت تتحرك بمعنويات عالية وهمة كبيرة وصبر، وبرؤية عملية سليمة، تشتغل صح، حينها النتيجة لصالحك حتما، والله سيؤيدك، وفي سنته كتب أن تكون النتيجة لك حينئذ؛ ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال)، شجِّعهم يقاتلوا، لا يتهيبوا، لا يترددوا، احرص على أن تعزِّز لديهم المعنوية العالية والأمل والاندفاع والانطلاقة، (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون)، فإذن لاحظ، المعادَلة الأهم في المسألة هي ماذا، منْ يمتلك صبرا أكثر، ورؤية سليمة أكثر في الميدان والأداء العملي، ليست المقارنة بالعتاد الحربي، من يمتلك عتادا حربيا مطورا أكثر أو بعدد أكبر، أو أفراده وعتاده العسكري أكثر، لا، الأضعف صبرا والأردأ رؤية، ما لا يمتلك رؤية صحيحة، الأغبى رؤية يعني، هو الذي ستكون النتائجُ سلبية عليه، لا يمتلك صبرا لمجهود عملي لازم، ولا رؤية سليمة في الأداء الميداني، والقرآن الكريم والواقع الإيماني، هو يصنَع وعيا، من أهم ما في الإسلام، من أهم ما في القرآن هو الوعي، وحتى الرعاية الإلهية من أهم ما فيها الهداية الإلهية، الرشد، الفهم، التنوير الذي يعطي الإنسان فهما صحيحا للواقع، للميدان، للأحداث، للتدابير العملية اللازمة، للاستفادة من التجارب البشرية الغنية.
فإذن، الله يريد منا أن نتحرك بفاعلية، ليس أن نتحرك دعممة، كيف ما جاء، ولا نتحرك بضعف ووهن، وخامدين، و تالفين، ما نشتي نتحمل شيء، ولا نشتي نتحمل متاعب، لا، نتحرك بمعنوية عالية، بطاقة وقوة تحمل في الميدان، وبرؤية عملية عن الواقع، عن الأحداث، عن التدابير العملية اللازمة في الميدان، عدوُّك يتحرك وفق خطط معينة، تستطيع أن تعرِف خطط العدو التي يعتمد عليها في المعركة، في مقابل ذلك تستطيع أن يكون لديك التدابير اللازمة في مواجهة كل خطة من خطط عدوك، ويعتمد على الالتفاف، أمامك خيارات كثيرة وجملة من التدابير لمواجهة مشكلة الالتفاف، أن تمتلك في الجبهة قوة احتياط تتصدَّى بها لأي حالة التفاف، الخيارات كثيرة جدا في مواجهة هذه المسألة.
أحيانا يعتمد أسلوب الاختراق بدلا من الالتفاف، هذا يعني أنه يبحث عن نقطة ضعف، ويلقي بثقله العسكري في الضغط عليها، تستطيع في مثل هذه الحالة أن تدعم موقفك في نقطة الضعف تلك أن تعمل التفافات، وأن تشتغل ضمن خيارات كثيرة، كثير منها كتِب عنه وأعد عنه في الدورات والتعليمات العسكرية، يعتمد على المعلومات بشكل كبير وأساسي، أن يعرف الجبهة أن يعرف الميدان، أن يعرف نقاط الضعف، نقاط الخلل، أن يعرف الانتشار للسلاح، للعتاد ثم يعمل على استهدافه حتى يشل قدرتك النارية، ثم يعمل على التقدم، أمامك خيارات كثيرة وتدابير كثيرة في مواجهة هذا، أمامك الإجراءات الوقائية، إجراءات التمويه، إجراءات كثيرة تستفيد منها في مواجهة الرصد والنشاط المعلوماتي، في مقابل أي تدابير عملية للعدو أي خطط أمامك تدابير في المقابل عملية وفعالة ومثمرة ومؤكَّدة.
ثم إضافة إلى ذلك واقعك قضيتك، عدالة قضيتك، انطلاقتك السليمة، واندفاعك الواعي والهادف، وأنك مظلوم، وأنك معتدى عليه، وأنك وأنك، طاقتك العملية، إيمانك، قناعتك أخلاقك قيمك تساعدك على أن تكون مبادِراً في الموقف، أنت، الله يقول: (ولا تهِنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون، وكان الله عليما حكيما)، هذا من عِلْمِه ومن حكمته، هذه استراتيجية عظيمة جدا ومهمة للغاية، ولا تهنوا في ابتغاء القوم، الاستراتيجية القرآنية تعتمد على الفاعلية العالية في المواجهة، والتصدي للعدو؛ لأنها لا تفترض منك أن تكون راكدا في الميدان وجامدا، ومنتظِرا للعدو؛ لينفذ خطواته خطوة إثر خطوة، ويشتغل مرتاح، لا، الاستراتيجية القرآنية تحرِّكُك بفاعلية للتصدي لعدوك، ابتغاء القوم، الاستهداف لهم، الاستهداف والملاحقة على طول، على طول، على طول، بدون وهَن، بفاعلية عالية، بصلابة وقوة، ولا تهنوا في ابتغاء القوم، على طول استهدفوهم، كونوا فعَّالين في ملاحقتهم، والاستهدافِ لهم، بدون أي وهن في ذلك، هذه الفاعلية العملية في المواجهة التي تجعلك دائما مبادر، ودائما تستهدف هذا العدو المعتدي الظالم المتجبر، وهو في موقف الباطل والظلم والعدوان والبغي والإثم والظلم والإجرام، هذه فاعلية مؤثرة جدا جدا، هو لا يطيق ولا تحمل، لها مردود كبير عليه، على معنوياته، على نفسه.
إذا كانت جهتك أنت أو جبهتك أنت أو ميدانك أنت في حالة سكون وركود وجمود، ليس ميداناً ساخناً على العدو، فاعلاً في مواجهته، هذا يطمعُه، هذا يعطيه الفرصة، ليشتغلَ كما يحلو له ويخطط كما يرغب، ويتخذ خيارات ويصنع خيارات ويصنع فرصا في مواجهتك، لكن إذا كنت أنت في حالة مبادرة دائمة تستهدفه على طول، وتستغل كل الفرص، وتعمل على صناعة الفرص، وليس فقط تستغل الفرص المتاحة، وتستخدم الوسائلَ المتعدِّدة والأساليب المتنوعة والوسائل المتعددة، هذا يساعدُك على أن تكونَ فاعلا وبشكل كبير في مواجهة عدوك وفي التصدي لعدوك، هذا يحتاج ماذا؟ صبر ورؤية عملية سليمة، تتصرّف بشكل صحيح، تحدد أولوياتك، خياراتك، ترصد الواقع، ترصد تحركات العدو، تعرِف كل الفرص وتستثمر كل الفرص، صبر وروح عملية عالية، عندك اهتمام عندك حرص، عندك اندفاع كبير، وعندك تحمل لأي عمل، هذه روحية مهمة، وروحية أساسية بأن تتحرك بشكل صحيح، وبشكل فعَّال، وبشكل مثمر.
نحن في مواجهة هذا العدوان في مرحلة كما قلت من أخطر مراحل هذا العدوان، هو الآن حريصٌ جدا على أن يقدِّم هدية إلى ترامب، على أن يثبت نجاحَه عن ترامب، على ألا يُلام ويوبَّخ من ترامب، أن يقول للسعودي: رحلك، أنت فاشل، أنت ما حققت النجاح، هذا أكبر مشكلة عند السعودي، يعني إذا كان الإنسان المؤمن همه أن يلقى الله راضيا عنه، هؤلاء أكبر مشكلة عليهم ألا يكسبوا رضى ترامب هذا، أن يتوددوا إليه، وأن يشهد لهم الإسرائيلي بالنجاح، أن يثبِتوا جدارتهم لدى أولئك والعياذ بالله.
العدو اليوم يركز في معركته على الساحل بشكل كبير، على بعض المحاور، مثل ما هو الحال في محور نهم وبعض المحاور، نحن في مقام الحق، في موقف الدفاع، في مواجهة المعتدي المجرم الآثم الباغي بغيرِ وجه حق، معنيون أن نتحرَّك بجدية عالية، بصبر، بفاعلية في الميدان، أن نحذَر من التخاذُل، وأن نحذر من الوهَن، وأن نحذر من التقصير، وأن نحذر من التفريط، هذا هو الذي يشكِّل خطورة علينا، على شعبنا، التحرك الجاد، التحرك المثمر، التحرك الفعَّال، تحرك الصابرين والجادِّين والثابتين والصامدين هو الذي سيُثمر، ورأينا ثمرته في كل المراحل الماضية، ورأينا نتائجه الإيجابية، واليوم نحن معنيون أكثر من أي وقت مضى بأن نصل العزمَ بعزمٍ أكثر، والصمود بصمود أعظم، والثباتَ بثباتٍ أكبر، أن نستعين بالله وأن نستذكرَه على الدوام، بألسنتنا وبقلوبنا وفي أنفسنا، هو القائل جل شأنه: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تفكرون).
هذه كل الدنيا ما هي بمستواها، فاذكروني أذكركم، كلمة عظيمة، كلمة تبعث الأمل في نفس الإنسان والاطمئنان، فاذكروني أذكركم، نذكر الله بألسنتنا وأنفسنا ووجداننا ومشاعرنا، أن نستذكر عظمته وقوته وعزته، وأنه نعم السند، نعم المولى ونعم النصير، وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا، وأن نعيَ بأن الله حذَّر من التخاذل، حذَّر من المرجِفين حذّر من المحبطين، حذر من الوهن، نهى، (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، (ولا تهنوا في ابتغاء القوم)، حذر من الوهن، أكَّد على العزم على الصبر، على الاستعانة به، ووعد بالنصر ووعَد بالعون، ما علينا إلا أن نستعين به، وأن نصبِر وأن نطلُب أيضا منه أن يفرغ علينا المزيد من الصبر وأن يعيننا ثم أن نتحرَّك بجدية، وندرك أن هذه مسؤولية علينا بكل الاعتبارات، إنسانية ودينية وبكل الاعتبارات، مسؤولية علينا، وأن هذا هو خيارنا الحتمي الذي تفرِضه علينا إنسانيتنا وديننا وواجباتنا كلها، ليس أمامنا من خيار آخر، ولا بديل عنه إلا الخسران والضياع في الدنيا والآخرة، وأن نتحرك بجدية كبيرة، وأن نحذر التواكل والتواهن والتخاذل.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصرنا بنصره في مواجهة المعتدين البغاة الظالمين المستكبرين، أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، ويفك أسرانا إنه سميع الدعاء،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 85468 مرة