رسالة المجلس الزيدي الإسلامي إلى الشعب السوداني الشقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأحرار، والأشقاء الثوار، من أبناء شعبنا السوداني الشقيق، قادةً، وعلماءَ، ومفكرين، ومواطنين، ومدنيين، وعسكريين، ورجالا، ونساء، وأساتذة وطلابا، وجميع فئات الشعب السوداني .. نحييكم بتحية الإسلام، وبعد ،،،
فإن المجلس الزيدي الإسلامي في اليمن يكتب إليكم هذه الرسالة الأخوية، لا سيما ونحن على أعتاب شهر رمضان الكريم، وشعبُنا اليمني يتطلّع إلى مجد السودان وشموخِه من خلال ثورتكم المباركة، الباعثة على الأمل، والماضية في طريق المجد.
أيها الأعزاء ..
إن شعبينا العربيين المسلمين اليمني والسوداني ارتبطا بعلاقات تاريخية أخوية تميزت بالود الغامر، والتداخل والتصاهر، والهجرة المتبادلة، فعاش اليمنيون في السودان مثلَ كل السودانيين احترامًا وتقديرا، وفتحت اليمن أحضانَها للسودانيين، ورأت فيهم إخوةً في الدين، وشركاءَ في الهم والضمير، وأساتذةً في العلم، ورفقاء في الدرب، ولا يزال اليمنيون منذ ثمانينات القرن المنصرم يتذكّرون قوافل المعلِّمين السودانيين الذين ملأوا ريف اليمن وحضَرَه علمًا وأخلاقًا، وطيبَ عشرة، وجميل أحدوثة، ثم مضوا إلى سبيلهم وقد كتبوا تاريخا مجيدا بأنهم المعلمون الأكفاء، والمربون النبلاء، فلم ينسه اليمنيون لهم أبدا.
واستمرت العلاقة النبيلة ولم يعكر صفوها أي نوع من العداوات في أي وقت من الأوقات، إلى أن جاءت المشاركة المأسوفة للجيش السوداني في العدوان على اليمن، وهي مشاركة لا شك أنها تركت جراحات واخزة في ضمير الأمة، وندوبًا مؤلمة في نفوس أحرارها.
إننا على علم اليقين بأن شعبنا السوداني المعتزَّ بدينه وعروبته لم ولن يرضى لفِرَقٍ من جيشه أن تقاتل جنبا إلى جنب مع الأمريكي والصهيوني وأوليائهم من السعوديين والإماراتيين ضد شعبٍ وصفَه القرآن الكريم بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [المائدة:54]، ووصفه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه شعب الإيمان والحكمة، فقال عنه: (الإيمان يمان والحكمة يمانية)، في الوقت الذي وصف أعداءه النجديين بأنهم (قرن الشيطان)، وقال عنهم بأنهم (رأس الفتنة) كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
أيها الشعب السوداني الشقيق، إن أيَّ حرٍّ ذاق مرارة الظلم من الاستبداد والاستكبار، فلن يرضى به على غيره، وبما أن شعبنا السوداني يثور اليوم بحثا عن الحرية والعدالة والاستقلال، فإنه لمن المؤمَّل أن يكون له موقف حاسم وحازم ضد تلك الفئة التي ربطت مصالحها النفعية بأعداء الأمة الآثمين، وأولياء اليهود والنصارى المعتدين، وأوحت للعالمين أن جيش السودان العظيم قابلٌ للبيع والشراء بالأموال المدنسة.
إنكم أول من علم ويعلم أن الشعب اليمني عبر جميع المراحل التاريخية لم يسبق له أن شكّل أيَّ نوعٍ من أنواع الخطر على أيِّ جارٍ عربي ومسلم، بل لقد شكَّل مصدر سعادة وتقدير، وضمانة سلام ووئام لكل محيطه العربي، وجميع جيرته المسلمين، وبهذا يتبين أن كل الشعارات التي تُرْفَع كمُبرِّرات للمشاركة المأسوفة في هذا العدوان هي محض فرية خبيثة، هدفها الإيقاع بشعوبنا، وتوريطها في نزاعات وعداوات، تبعدها عن عدوها الحقيقي، وتعيقها عن أهدافها السامية في الحرية والاستقلال والنهضة والتقدُّم.
إن شعبنا ليستغرب ويعجب أن تعبث شرذمة من المنتفعين بعلاقات شعبين مسلمين عظيمين، وأن تلهوَ بتاريخٍ مجيد صنعته الحكمة اليمانية، والأخوّة السودانية، وإن التاريخ ليأسى كيف شارك بعض العرب في صناعة أفدح كارثة إنسانية في العالم، وفي إبادة وقتل أكثر من ربع مليون يمني حتى الآن، وإنه لمن العبث أن يسقط المئات من السودانيين في حربٍ عدوانية ماكرة ظالمة، بات الجميع يعلم قطعا أن الهدف منه حماية العدو الصهيوني، وجعله في موقع الصدارة والتفوق على كل المحيط العربي والإسلامي.
يا إخوتنا الثوار الأحرار في السودان .. إن المنافقين من أبناء الأمة الإسلامية سيسعون قطعا إلى إرهاق ثورتكم، وتكبيل أهدافها، واحتوائها ضمن المشروع الأمريكي الصهيوني، ولكن الأمل في الله ثم في وعيكم كبير، وإن شعبنا يعي ويدرك أنه من مؤشرات نجاح ثورتكم، وبشارات اكتمالها، حملها لقضايا الأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين، وانطلاقها لتصحيح جميع الأوضاع الفاسدة التي خلّفها نظام المخلوع البشير، بيد أن في الوقت لمتسعا لتلافي ما يجب تلافيه من خسائر بشرية وأخلاقية وسياسية لهذه المشاركة المأسوفة ..
وفقكم الله وأعانكم .. وسدّد على طريق الخير والنصر خطاكم..
المجلس الزيدي الإسلامي
صنعاء - 29 شعبان 1440هـ /4 مايو 2019م
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 994 مرة