خيارات لا بدائل ..... بقلم/عبدالرحمن الأهنومي
خيارات لا بدائل
بقلم/عبدالرحمن الأهنومي-صحيفة صدى المسيرة
مثلما كان الصبرُ الاستراتيجي، في توقيت سابق، أحدَ متطلبات “حرب الدفاع المقدس” ضد العدوان، فإن الذهابَ نحو الخيارات الاستراتيجية أحدُ المتطلبات الأساسية؛ من أجل تحقيق الانتصار الحتمي على العدوان!
في قراءة سابقة أعقبت خطابَ قائد الثورة بمناسبة القدس العالمي تحديداً، حينما تحدث عن الخيارات الاستراتيجية، تساءلت إذا كان الصبر الاستراتيجي والعمل العسكري الخاطفُ أدَّيا إلى نصرٍ يمني وهزيمة سعودية.. فإلى أين يذهب السيدُ القائد بخياراته الاستراتيجية، ما شكلُ الخيارات؟ وما ملامحُ المنطقة في ظل مراحلها وتطوراتها؟
لم يفصح السيد عن نوعيةِ الخيارات الاستراتيجية حينذاك، ولكنه حسم نتائجَها مسبقاً، وهي نتائجُ تبدو حتميةً في ضوء قراءتنا لما انتجته مرحلتا الحرب الدفاعية الأولى والثانية، ثم المرحلة التمهيدية للخيارات الاستراتيجية.
لم يأتِ إعلانُ الخيارات الاستراتيجية عقب العودة من “جنيف1” كردة فعل على فشله، بل كانت الخطوة التالية لمحطة كان لا بد من المرور منها، ثم إن الفارقَ الزمني بين إعلانها وتدشينها قبل أيام رمى بأكثر من فرصة أمام العدوان السعودي للخروج من ورطته قبل أن يصلَ إلى مرحلة تدشينها عملياً، ولربما وظّف ذلك في سبيل تشكيك اليمنيين بقيادة الثورة، لكنه لم يفعل ذلك، غيرَ مدرك أنه يُجرجَرُ نحو الانهيار الدراماتيكي السريع.. فحتى الهدوء والطمأنينة التي كَست ملامح السيد عبدالملك الحوثي خلال خطابه عن الخيارات الاستراتيجية كانت تشي بأن الرجلَ غيرُ مستعجل في برامجه وخططه رغم إيغال العدوان في الجرائم، في نفس الوقت ثقته المطلقة بأنها مرحلة سنصل إليها، كان واثقاً بما لديه، ويدرك ما عليه العدوان من غباء وحماقة تقودُه إلى النهاية الحتمية.
كما هو واضحٌ من العمليات العسكرية التي تندرجُ ضمن “المرحلة الأولى” فإنها عملياتٌ عسكرية تربك العدوان السعودي وتقودُه إلى الانهيار السريع، جاءت بعد تدرّج مرحلي في إدارة المعركة العسكرية، بدءً بامتصاص الضربة ومشاغلة العدوان وإنهاكه، وصولاً إلى مرحلة الانقضاض عليه واقتياده ه نحو الانهيار الدراماتيكي السريع بما لا يمكنه من استيعاب الضربات المتلاحقة.
يطرح البعض إمكانية أن يتجهَ المسارُ نحو مفاوضات سياسية مرتقبة في جنيف، وهو محقٌّ في ذلك إذا كان أمامَ نظام غير النظام السعودي، لكنه في حالته كنظام شمولي، وهذا النوعُ من الأنظمة تمتازُ بأنها (شمولية) بمعنى أنها (كلٌّ) متماسك ينتهي بها الحالُ أن تنفجرَ كالبالون إذا ما حدث فيه ثقبٌ يتسرب كُلّ الهواء الداخلي بدون إبطاء، وهو في علم السياسة يُعرف بقانون الديمنو، أي مجموعة المكعبات التي تتماسَكُ باستنادها إلى بعضها البعض فإذا أزيل مكعب واحد انهار كُلّ البناء. وهكذا هو النظام السعودي.
انهارت خطوطُ الدفاع الأمامية للسعودية نتيجةً لأعمال عسكرية تكتيكية، فما الذي يمكن للسعودية أن تحضّرَه ارتجالياً لمواجهة عمل استراتيجي؟ وأمام قوة عسكرية مقتحمة تملك من القُدرة والحنكة والاحتراف ما يمكّنها من إسقاط خط دفاعي مترامي الأطراف، والإجهاز عليه برغم التحضيرات السابقة؟
لطبيعة في النظام السعودي وبُنية جيشه، وطبيعة المعركة والظروف التي تصاحبها لدى طرفيها، قد لا يكونُ سقوطُ السعودية والاجهازُ عليها مستبعداً كارتداد عكسي لانهيار خط الدفاع الامامي، فالأنظمةُ الشمولية تموتُ بفعل الثقوب فجأةً، أما وقد صارت حدودُها بلا حماية عسكرية، ففي الحقيقة أنها ماتت وإن تأخر النعي.. ولكم أن تتخيّلوا التداعيات الاقتصادية والسياسية والأمنية لإسقاط الجهة الجنوبية للمملكة؟
ما يبقي على الحُكم الشمولي على قيد الحياة هو الأمل الكاذب، وهو ما تفعله السعودية مع نفسها أمامَ هذه الحرب، وقد ينتهي بها المطافُ كما انتهى مع نظام ألمانيا الشرقية بعد سقوط جدار برلين!.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 8322 مرة