ثورتنا في ذكرى استشهاد الإمام زيد ....أ/حمود الأهنومي
ثورتنا في ذكرى استشهاد الإمام زيد "عليه السلام"
أ/حمود عبدالله الأهنومي
تواصل الثورة اليمنية المباركة تحقيق نجاحاتها، خلافا لكثير مما سمي بثورات الربيع العربي؛ ذلك لأن هذه الثورة المباركة لها جذور في تاريخ الثورات الإسلامية ومؤثراتها الروحية، حيث منها تنطلق هذه الثورة وتستمد عنفوانها وقوتها وازدهارها واستمراريتها، لا أستطيع الفصل بين ما يجري في اليمن من ثورة شعبية وبين ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام، من حيث أن معظم الثوار اليمنيين ينطلقون من فكر الإمام زيد وثوريته الراشدة والواعية، ويتمثّلون خياراته ومبادئه وأخلاقه باعتباره امتدادا لمنهج الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهج الإمام علي، والإمامين الحسن والحسين عليهم السلام. أما لماذا رأينا ثورات أخرى في ما سمي بالربيع العربي انحرفت عن مسارها، فلأن فكر الثورة كان طارئا مستعارا لبعض الوقت على تلك الثورات ولم يكن متجذرا في التاريخ، وغالبا ما وُضِعَت الإعاقات الفكرية أمام الثوار حيث كان تتنازعها مرجعيات تاريخية متناقضة؛ فإذا بهم في ازدواجية سيئة، بالإضافة إلى ما شاب تلك الثورات من تدخلات واختراقات مخابراتية خطيرة حرفت مسارها نحو الفتنة الداخلية. ينبغي التنبُّه إلى أن ثورتنا اليمنية لم تنجح على النحو الذي وصلت إليه إلا بعد أن أخذت على عاتقها أهدافا واضحة وواقعية، مثلما كانت أهداف ثورة الإمام زيد واضحة وواقعية وتلامس حياة الناس وهمومهم ومعائشهم، وهكذا أي ثورة إذا لم تتصف بالواقعية وبمسيس الحاجة إليها فإنها تظل غير مقبولة ولا ناجحة لا على المدى الاستراتيجي ولا على المدى التكتيكي. إنك إذا أردت التأثير في قوم فيجب أن تتحدث بلغتهم، وأن تتكلم عن همومهم الدينية والدنيوية، لا أن تجنّح في عالم بعيد عنهم. مع ذلك فإن ثورتنا يجب أن تستكمل ذاتها بالوصول إلى الغاية المنشودة وهي أن يكتمل نموها وبناؤها حتى يبسط العدل رداءه بوارف الحق ونور البرهان وظلال الرحمة على كل أفراد المجتمع، يجب أن تستكمل الثورة ذاتها بأن نرى منهج الإمام زيد الثوري متحققا في الواقع اليمني والإسلامي، من إقامة كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وجهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين، وتقسيم المال العام بين أهله جميعا، ورد المظالم، ونفي الفساد، والنظر في أحوال الشعب، وأن يصل الشعب إلى مرحلة الرقي والسعادة والرفاه. ومما يؤسف له أن العالم اليوم بينما يتطلع لفكر الإمام زيد الثوري الواعي والمتبصر الذي ميزه عن بقية المذاهب الفكرية الإسلامية، إذا بنا نجد من يدعي اتباعه وهو يحاول التفلُّت عن أهم مكوناته الرئيسة، وإذا كان العالم يتطلع لهذا الفكر لأنه فكر حُرُّ المسعى وقوي الحجة فإن هناك للأسف من يرغب في الكسل والجمود والانكفاء في الخرافة والانحشار في الأساطير، وإذا كان العالم قد سئم الخلاف والنزاع والفرقة والشتات ويرى في هذا الفكر سقفا يمكن أن تجتمع تحته جميع المذاهب الإسلامية فهناك للأسف من أبنائه من وقع في مستنقع الاختلاف والفرقة و (البعسسة)، ومحاكاة بعض القوى المتطرفة في التضليل والتبديع، كما أنه إذا كان العالم اليوم يحقق نجاحاته من خلال طرق أبواب المعرفة والثقافة فإن هناك من لا يريد الاعتراف بهذه الحقيقة المنطقية والواقعية وجميل أثرها على مسيرة البناء والنضوج والاكتمال.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 2757 مرة