كلمة في أسبوع: الصحراء أيضا .. في قائمة المفاجآت اليمانية.. بقلم/ حمود عبدالله الأهنومي
#كلمة_في_أسبوع
الصحراء .. في قائمة المفاجآت اليمانية
بقلم/ حمود عبدالله الأهنومي
عهِدْنا اليمنيَّ يقاتل أعداءه مُسْنِدا ظهرَه إلى جبله الذي يزيده الله به قوة إلى قوته، إنه الجبل الذي ظل حارسا أمينا لظهر المقاتل اليمني أمام الغزاة المعتدين، الذين رمى بهم سوء حظهم إلى جبال اليمن الشماء، وفلواته الفيحاء، لكن التحدي الحقيقي اليوم والاختبار الصعب الذي اجتازه المجاهد اليمني بجدارة أنه استطاع أن يهزم أعداءه خارج هذه الطبيعة الجبلية، وأن يقهر المناطق المفتوحة بقوة إيمانه، وعظيم ثقته، وكريم صبره، وجميل توكله على الله.
هذه المعارك الأسطورية التي يسطِّرها اليمني اليوم على صفحة صحراء ميدي وحرض وما بينهما في سفر أمجاده الباذخة بأحرف الأصلة العربية وإيمان اليمانيين القوي - تشير إلى كفاءته المستجدة، وميدانه الرحب الواسع، الذي ينطلق فيه المجاهد اليمني باقتدار، ويخط في دفتر كرامته أعظم الآثار، ويجترح عليه المعجزات الكبار، ويحقق فيه العزمات عظيمة الأخطار.
في الحرب السعودية اليمنية عام1934م توغّل الأمير فيصل بن عبدالعزيز في تهامة جنوبا؛ قالوا: لأنه وجد منطقة مفتوحة يقتدر رجاله على التحرك السريع فيها، بينما توغل الأمير أحمد بن الإمام يحيى في منطقة نجران، لأنه يجيد حرب الجبال، أما اليوم فإن فتيتنا الأنجاد المغاوير الذين لبّوا نداء الواجب الديني والوطني، يطربهم جدا أن يلفحهم هجير الرمضاء هناك وهم يخاتلون طائرات العدو الحديثة، ويكايدون صواريخه الذكية، ويداعبون مدرعاته التي شرّقوا وغربوا بهوانها وضعفها بعد اليوم في أسواق السلاح، لقد قهروا أقوى تحالف شيطاني عدواني تسليحا، ولو أنه الأجبن مواجهة، والأوغد والأنذل فعالا وأخلاقا وممارسة.
إن تصدي هؤلاء القتية المغاوير في تلك المنطقة المفتوحة وأشباهها من ساحات العزة والكرامة يعطي دلالة مهمة ومفردة جديدة في قائمة المفاجآت اليمنية الكثيرة، ذلك اليمني الذي كما تسلح بالجبل ليحمي ظهره، وليمنحه كتفه ورأسه فيصعد عليه وهو يقاوم الغزاة، ها هو الآن يصادق الصحراء، ويطوِّع بصبره وشجاعته طبوغرافيتها التي ظلّت في غير صالحه طوال التاريخ.
لقد تم قطع يد المعتدي في ميدي وأشباهها، وأُرْغِم يوما بعد آخر على جر أذيال الخيبة والفشل والهزيمة مرات كثيرة، حتى وهو يجنِّد مرتزقة يمنيين، ظنا منه أن (يمنيتهم) هي التي تجلب النصر، وتحقق الظفر، لكن المنطق والتاريخ يقولان: إن انخراط هؤلاء في مشروع الارتزاق والابتذال سحَب عنهم هويتهم اليمانية، وقدراتهم الروحية، ولفظهم اليمن كقَذَرٍ يجب التخلص منه، وشتان بين يماني مؤمن حر يقاتل دفاعا عن قضية عادلة، كأرضه وعرضه ودينه، وآخر مرتزق استعبده الريال، واسترقّه الطمع.
لن ننتظر نحن اليمنيين النصر إلا من الله عز وجل، وعلى يد هؤلاء الأبطال الأفذاذ، الذين يدين لهم كل اليمنيين اليوم بالفضل، ويعتبرونهم ملائكة قديسين يمشون على الأرض، نعي نحن اليمانيين أن هذا النظام العالمي ومؤسساته لا تسمن ولا تغني من جوع، وأن الجد في جد المجاهدين، والهزيمة في خذلانهم، ولذلك علينا أن لا نطمع في قرارات الأمم المتحدة، وأن لا نتكل على تصريحات الإيرانيين، ولن تفيدنا مقايضات الروس المتنقلة بين سوريا واليمن، ومن ذلك تحركهم هذا الأسبوع في مجلس الأمن، كل ذلك نعتبره غير مفيد لنا، والفائدة كل الفائدة قادمة من ساحات أولئك الأبطال الميامين.
ليست المفاجآت والإبداع الحربي، والصمود الأسطوري غريبا على اليمني، فهو الذي يكسر دائما رتابة التوقعات، ويتفنن في الخوارق والمستحيلات، فكم صعبٍ عند قوم صار عنده سهلا، وكم من عقدة كابدها فوجد له ألفَ حل وحلا، وهو الذي مؤنته قليلة، وسعيه كثير، وتطويع الصحراء لصالحه ليس آخر مفاجآته، التي بالتأكيد أربكت العدو، وكشفت سوء تقديره، وعواقب كبره وغروره، والنصر قادم، والله المستعان، وبه والنصر وعليه التكلان.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 3087 مرة