لماذا سياسة أمريكا في اليمن فاشلة؟... كاثرين زيمرمان
لماذا سياسة أمريكا في اليمن فاشلة؟!
كاثرين زيمرمان*
ترجمة: حمود عبدالله الأهنومي
الأخبار التي تقول إن الولايات المتحدة أوقفت عمليات سفارتها في اليمن، والتقارير التي تتحدث عن استيلاء الحوثيين على أسلحة المارينز كشفت فشل السياسة الأمريكية في البلد.
الحوثيون – وهم جماعة شيعية متمردة مدعومة من إيران – الآن هم سماسرة السلطة (أصحاب النفوذ) في صنعاء، عاصمة اليمن. لقد بسطوا أيضا وجودهم جنوب معقلهم التاريخي في الشمال، تلك التطورات التي دفعت السلطة التنفيذية كاملة في اليمن للاستقالة في 22 يناير الماضي، وأتبعوا ذلك بحصار ناجح لمجمع الرئاسة.
عمليا دمر الحوثيون الحكومة الشرعية في اليمن، واستبعدوا مسودة دستورها، واخترقوا أجهزتها المخابراتية وقواتها الأمنية، وطالبوا كل الأطراف في نظام اليمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المعقد والحاد من خلال قواعدهم. أثناء ذلك أشعل توسعهم العسكري دعما طائفيا سنيا للقاعدة في شبه جزيرة العرب، التي أصبحت تجند وتتوسع في عملياتها.
رغم كل ذلك، الرئيس أوباما لا يزال يدافع عن "النموذج اليمني"، واصفا إياه بـ"الخيار الأفضل". ويصر ميشيل فيكرز وكيل وزارة الدفاع للمخابرات أن الولايات المتحدة لا زالت قادرة على الاستمرار في بعض عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن على الرغم من تصاعد تأثير الحركة الحوثية، والحقيقة أن الإدارة الأمريكية كانت قد أوقفت بعض العمليات باعتبار أن الحوثيين كانوا قد اخترقوا بعض المنشآت الاستخبارية.
كل هذا ترك الولايات المتحدة في عدد قليل من الخيارات في مكافحة الإرهاب في اليمن بصرف النظر عن القدرة على إجراء هجمات الطائرات بدون طيار (الدرونز). ومع ذلك فإن نموذج اليمن كان من المفترض أبدا أن يكون فقط حول هجمات الطائرات بدون طيار، خاصة وحملة الطائرات بدون طيار في اليمن لم تكن كثيفة (قوية) بما يكفي لتعطيل القاعدة. ظلت الجماعة الإرهابية التي تحتفظ ببعض القدرات لقوة متمردة - قادرة على الإنشاء والسيطرة على ملاجئ آمنة خاصة بهم، ويمكنها تحدي قوات الأمن اليمنية مباشرة. منذ وصول أوباما للحكم لم يشأ حقا نشر قوات أمريكية لقتال متمردي القاعدة مباشرة، بناء على ذلك، فأي استراتيجية للتصرف مع هذه الجماعة ينبغي أن يستند إلى وجود شريك قابل للحياة على الأرض لإدارة عمليات ضد الجماعة.
لكن حتى في ذروتها، قبل سقوط الحكومة الراهنة (حكومة بحاح المستقيلة) فقد كان لسياسة الإدارة الأمريكية في اليمن نجاح محدود فقط. كان هدف أمريكا الرئيس في تدريب الوحدات المتخصصة في الجيش اليمني هو لتمكينهم على التركيز في قتل الأهداف غالية الثمن لدى القاعدة. حتى أنه وأثناء ما كان اليمنيون يحتاجونه من قدرات خاصة في مكافحة الإرهاب – ويتلقونه منها- لاقتلاع هؤلاء القادة القاعديين ذوي المراتب العليا، فإن الجيش لم يكن ملائما لمواجهة المتمردين على الأرض.
من سوء الحظ فنموذج اليمن لدى الإدارة الأمريكية لم يردم الفجوة بين ما كان الجيش اليمني يفعله وما كان بحاجة إلى فعله. خلال ذلك، وعلاوة على ما تقدم فإن سياسة أمريكا أيضا غالبا ما تجاهلت الحلفاء المحليين المحتَمَلين في اليمن، وكان لبعضهم أثر ناجح سُجِّل ضد القاعدة.
لذلك ما الذي يمكن الولايات المتحدة الأمريكية فعله اليوم؟
ليس هناك استراتيجية سهلة للنجاح في اليمن. لكن شيئا واحدا يكون مؤكدا: إن شراكة مع الحوثيين – الذين يفضلون إدارة البلد باعتبارهم أصحاب دمية من الأجنحة، ويتخللون الجيش اليمني ومؤسسات الدولة بدلا من السيطرة عليهما- ليست هي الحل. ففي الحقيقة أن الحوثيين ليسوا مُدْرَكِين على الأرض باعتبارهم فاعلين حياديين، وسلوكاتهم تقود اليمن إلى صراع طائفي في بلد، الصراع الديني فيه عمليا منعدم.
المانع الإضافي للعمل مع الحوثيين هو المملكة العربية السعودية، شريك أمريكا الرئيس في اليمن، والذين يرون الحوثيين وكلاء إيرانيين، بل ويعتبرونهم تهديدا. تمثّلت ردة فعل الرياض على استيلاء الحوثيين على صنعاء في قطع معظم مساعداتها لليمن، منهية بذلك المساعدة المالية التي مست الحاجة إليها والتي أبقت على الاقتصاد اليمني متماسكا. إن وصول الدولة اليمنية إلى نقطة الاستقرار محاولة مكلفة، ومن المستبعد أن يدفع السعوديون تكاليف المساندة لمن يرون فيهم موطئ قدم لإيران في شبه الجزيرة العربية.
على البيت الأبيض أن يعترف أن نموذجه في مكافحة الإرهاب ليس فاعلا، وربما ينبغي أن ينتبه فعلا للنداءات من جانبي الممر لزيادة قوات العمليات الخاصة، والعمليات السرية في اليمن من غير المدربين والمستشارين هناك. نشر مجموعة صغيرة من جنود العمليات الخاصة – وليس مجموعة ضخمة ولا دائمة من جنود الولايات المتحدة – يمكن أن يخول ويساعد وحدات الجيش اليمني للقتال ضد متمردي القاعدة. هذه القوات يمكنها أن تحقِّق وتدعم شركاء محليين في القتال ضد القاعدة، يعملون مع آخرين من وراء الحكومة المركزية. يمكنهم أيضا أن يحقِّقوا (يشجعوا) سكانا محليين تستقطبهم مساعدات القاعدة في قتالهم ضد الحوثيين.
يجب على الولايات المتحدة أيضا تغيير تعاملها الإقليمي والسياسي والديبلوماسي. يجب أن نتخلى عن النظرية التي تقول إن بدلاءنا فقط يعملون على وجه الحصر خلال وجود حكومة مركزية مختلة (أو منعدمة) أو من خلال سياستنا التعهيدية (الإنابة) لشركاء إقليميين. بدلا من ذلك، يجب أن نعمل لتأسيس علاقات مع سماسرة أقوياء في مناطق رئيسة في اليمن على سبيل المثال محافظتي مأرب وحضرموت الغنيتين بالنفط.
بطبيعة الحال، سنحتاج إلى محاورين إقليميين لإجراء اتصالات وبناء روابط، لكن يجب على الولايات المتحدة أن تملك وتنفذ الاستراتيجية السياسية الخاصة بها. تلك الاستراتيجية يجب أن تهدف إلى بناء تحالف لمحليين على استعداد لأن يقاتلوا القاعدة، في الوقت الذي تسعى للتوسط في النزاعات التي تمزق المجتمع اليمني، بصرف النظر عن أنها أيضا تخلق فجوات للقاعدة للتوسع. لن تحل المشكلات في الشرق الأوسط اليوم من خلال تفاعل دولة مع دولة على نحو صِرف، كما أنها لا يمكن حلها من خلال إعادة رسم الحدود.
في نهاية المطاف، مشكلة القاعدة سوف لن تحل بالتعامل ببطؤ مع الحكومة المركزية، التي لديها سيطرة ضعيفة على البلد كاملا، وفي نفس الوقت، فالبيت الأبيض محق حين يقول: إن الولايات المتحدة "لا يمكن أن تكون قوة محتلة في بلد مثل اليمن". ومن المحتمل أن العدد الكبير لجنود أمريكيين في اليمن غير مرحب به من ميليشيات الحوثي. غير أن الدفاع بإصرار عن استراتيجية اليمن الحالية – وهو منهج يجازف بالانزلاق إلى الفشل الكامل – يكون تضليلا.
نحتاج لنكون صادقين مع أنفسنا، أيا ما كنا نحاول فعله في اليمن فقد فشل، وآن الأوان لفتح صفحة جديدة.
===========
* كاثرين زيمرمان زميل بحث في معهد إنتربرايز الأمريكي، ومحللة رئيسة في شؤون القاعدة لمشروع التهديدات الحرجة في المعهد.
===========
رابط المقالة الأصلية
http://www.criticalthreats.org/…/zimmerman-why-americas-yem…
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 2274 مرة