تخبط السعودية في حروبها ...... بقلم/حماد صبح
تخبط السعودية في حروبها
بقلم/حماد صبح - *رأي اليوم
فجأة ” اكتشف ” عادل الجبير وزير الخارجية السعودي أن الحوثيين يمنيون وجيران للمملكة ويمكن التفاوض معهم ، وأن التركيز في الحرب في اليمن يجب أن يكون على تنظيم الدولة والقاعدة . جوار الدول يختلف عن جوار الأفراد .
جوار الدول أبدي إلى يوم يبعثون ، وترتيبا على هذه الحقيقة تتخذ الدول السوية مواقفها نحو جيرانها وفق دراسة تتفحص كل العواقب المتأتية عن تلك المواقف.
وهذا لم يحدث قبل الحرب التي بدأتها السعودية في اليمن في 26 مارس / آذار 2015 مع ما سمته التحالف العربي ، والتي دخلت عامها الثاني دون أن تحقق أيا من الأهداف التي أرادتها وفي أولها إعادة هادي وحكومته إلى صنعاء وكسر شوكة الحوثيين وصالح . قال الجبير في حديثه إلى ” لوفيجارو” الفرنسية إن تركيز بلاده في الحرب في اليمن انتقل من الحوثيين وقوات صالح إلى تنظيم الدولة والقاعدة بوصفهما حركتين إرهابيتين . ألم يكتشف الجبير ودولته سوى الآن أن الحركتين إرهابيتان؟ ألم تتهما بتفجيرات وعمليات قتل في السعودية ؟
فلم إعلان الحرب عليهما الآن ، وفي اليمن تحديدا ؟ يقال إن أميركا هي التي وجهت السعودية إلى هذه الأولوية، وإذا صح هذا القول ؛ فهدف أميركا إشغال السعودية واستهلاك إمكاناتها العسكرية والمالية في مزيد من الحروب ، والتغطية على فشلها في الحرب ضد الحوثيين وصالح ، وتبدو هذه التغطية مناسبة بعد بدء المفاوضات الحالية في الكويت بين الأطراف اليمنية . والمهم أميركيا أن تكون هناك حرب استنزاف متواصلة للسعودية مثل غيرها من الدول العربية: سوريا والعراق وليبيا، وإن بدت الصورة في الظاهر مختلفة في بعض تفاصيلها ؛ فالسعودية تستنزف تحت مظلة التحالف مع أميركا ، وسوريا ، مثلا ، تستنزف وأميركا معادية لقيادتها، والنتيجة الأخيرة واحدة : استنزاف موارد البلاد تمهيدا للانهيار النهائي . يعاملون الدول العربية بنية واحدة ، ويرونها غرفا ، وكل غرفة لها مفتاحها الخاص، وما تستنزف به سوريا يختلف في ظاهره عما تستنزف به السعودية .
المفتاح يجب أن يختلف باختلاف الغرف. هذه بديهية. الحروب التي تخوضها السعودية مباشرة أو بالوكالة جميعها لا مشروعية لها ولا عقلانية وراءها. إنها مثال كبير على التخبط الذي يفضح رداءة وارتجالية ولا مسئولية في اتخاذ المواقف الخطيرة. المنطقي بعد الفشل الكبير في الحرب ضد الحوثيين وصالح ، وضد اليمن كله في الواقع، أن تقلع السعودية عن حروبها الخاسرة ، لكن بدلا من ذلك نرى تبدل أولوياتها في اليمن لا يتجه إلى حربها بالوكالة في سوريا . المنطقي أن تفعل في سوريا ما فعلته في اليمن.
في سوريا تنظيم الدولة هو المحارب الرئيس للدولة السورية ، وحربه إرهاب مجمع عليه دوليا ، وجبهة النصرة فرع من القاعدة ؛ فلم لا تحاربهما السعودية ؟ وفي الأضعف لم لا توقف دعمها للنصرة عسكريا وماليا ، وهو معلن ومعروف؟ وعلاقتها بتنظيم الدولة في العراق وسوريا غامضة مريبة ، وموقفها الكلي من سوريا قيادة ودولة هيأ بيئة ملائمة لمواصلة هذا التنظيم حربه وجرائمه في البلدين . إنها الاستجابة لما تريده أميركا وإسرائيل ، وظن السعودية أن هذه الاستجابة سبيل النجاة وديمومة حكم آل سعود.
يقول الجبير في المقابلة مع الصحيفة الفرنسية عن موقف بلاده من سوريا: “يكفي أن يجري قطع عشرات الرؤوس حتى يكون هناك انتقال سياسي دون انهيار الدولة “في إشارة إلى بشار وكبار قادة الأجهزة الأمنية السورية. هذه دبلوماسية داعشية. قطع الرؤوس أسلوب داعشي، وداعش أكبر مدرسة في قطع الرؤوس تربية وتدريبا وتنفيذا، والجبير يريد أن يتبع مع القيادة السورية أسلوب هذه المدرسة.
وغفل عن كونه يخاطب صحيفة عالمية في مجتمع أوروبي، وأن الدبلوماسية في أسوأ أدائها لا يمكن أن تكون بهذه الفظاظة والقبح، إنه التخبط السعودي الكبير في حروب لا عقلانية فيها ولا موجب لها سوى الحفاظ على حكم آل سعود بأي ثمن ، والراجح أن هذا هو الطريق السريع لزوال هذا الحكم .
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1182 مرة