حكام الخليج ونقيصة الهوية .... بقلم / عـبدالله علي صبري
حكام الخليج ونقيصة الهوية
بقلم / عـبدالله علي صبري
باسم العروبة يشنون عدوانهم على أصل العرب. وبذريعة حماية الأمن القومي العربي يحشدون الدعم الدولي- وإن كان صهيونيا- بهدف اخضاع وتركيع الشعب اليمني، وتمزيق وحدته ونسيجه الاجتماعي.
يشتكون ليلا ونهارا من إيران، ويندبون حظهم العاثر مع أمريكا، ثم لا يجدون متنفسا سوى اليمن العربي ليصبوا عليه جام غضبهم وحقدهم الأسود ، في عدوان لم يتورع حتى عن استهداف النساء والأطفال في بيوتهم ومخيماتهم. بل إن إحدى الغارات استهدفت مصنع " يماني" للألبان والعصائر، كدليل على عقدة نقص خليجية تجاه "أبو يمن".
ما هي مشكلة السعودية ودول الخليج مع اليمن؟ ولماذا فرضوا على اليمنيين لسنين طويلة طوقاً من الحصار الاقتصادي، وتخلوا عن واجباتهم القومية تجاه شعب وبلد طالما زعموا أن أمن المنطقة من أمنه واستقرارها من استقراره؟
ولكن من قال أن لحكام السعودية والخليج مشاعر قومية وعروبية يمكن الرهان عليها؟
في ذروة المد العروبي كان للرياض موقف مختلف، حيث عمدت إلى انعاش الرابطة الإسلامية في مقابل القومية العروبية، مع أنه لا تصادم بالضرورة بين الخيارين، فكما أن المسلم الباكستاني مثلاً يعتز بأصوله القومية، وكذلك يفعل المسلم التركي، والإيراني، والماليزي..إلخ، فإن المسلم العربي له أن يفاخر ويعتز بعروبته هو الآخر دونما تعصب أو غلو.
كان بإمكان السعودية – لو فقهت ذلك – أن تجمع بين التيارين القومي والإسلامي، وتقود المشروع النهضوي العروبي، وتحرير فلسطين من الكيان الصهيوني الغاصب، لكنها بدلاً من الاستثمار الإيجابي لعائدات النفط، ولمكانتها الدينية، نحت إلى اشعال الفتنة في اكثر من قطر عربي وإسلامي، وذابت أكثر وأكثر في الحضن الأمريكي ومشاريع البيت الأبيض بخصوص المنطقة.
ولما اكتشفت الرياض أن العباءة الإسلامية أكبر من حجمها، اتجهت مع الدول والإمارات الغنية بالنفط إلى إعلان دول مجلس التعاون الخليجي كرديف للجامعة العربية. ومع الأيام تمايزت الهوية الخليجية شيئا فشيئا عن الهوية العربية، وغدت قضايا الأمة العربية، أشبه بالعبء على نادي "الأغنياء"!
وحتى عندما تقاطرت الأيدي العاملة إلى الخليج، وأضحت بعض دولها في مرمى الخطر الديموغرافي، فإن حكام الخليج صموا آذانهم عن توصيات لباحثين عرب وخليجيين، تنصح بالانفتاح على اليمن كعمق عربي استراتيجي لدول الجزيرة والخليج، بدل الاعتماد على العمالة الآسيوية، التي غزت مدن ودول الخليج، حتى غدا المواطن الخليجي في بعضها كالغريب في وطنه.
مجلس دول التعاون أيضاً ظل مغلقا على الدول الست، ولم ينفتح أمام صنعاء بدعوى أن اليمن تحتاج إلى "إعادة تأهيل"..وعندما هبت رياح الربيع العربي في 2011، عرضت الرياض من تلقاء نفسها توسعة المجلس، فدعت بلدا في اقصى المغرب العربي للانضمام، لكنها تجاهلت عمداً جارها الأكبر اليمن.
التطورات الأخيرة في المنطقة تكشف هي الأخرى عن مفارقة تستحق المزيد من التأمل والبحث، فدول المنطقة ذات العمق الحضاري والعروبي، ترزح تحت وطأة التدخلات السعودية الخليجية، يحدث ذلك مع العراق وسوريا، كما يحصل الآن مع اليمن.
مصر كذلك تعيش وضعا حرجا في ظل الترغيب والترهيب الخليجي. ووحدها اسرائيل من ينعم بالأمن وراحة البال..ووحدها من يصفق للسياسات السعودية/ الخليجية، وللتحالف "العربي"، والقوة العربية المشتركة..ثم يزعمون أنهم لا يزالون عربا.
ليس ذلك فحسب، فمن ينتشي منهم متفاخرا بعروبته يقول باعتزاز: أنا أصولي من اليمن!
لا عبرة للأقوال..أفعالكم دليل على زيف إدعاءكم..ومن كان منكم عربيا، فليتوقف عن خطيئته أولا وآخراً.. أما اليمن فهي منكم ومن أمثالكم براء.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 2073 مرة