حالُ الأمة وصفاقة القرن في المنامة!....بقلم/د.عبدالعزيز البغدادي
رغم بؤس بعض الصفحات لا أعتقد أنه قد مرّأو سيمرُّ في تأريخ أمة العرب القريب والبعيد نسبياً مرحلة أكثر خزياً وعاراً مما تعيشه اليوم ، تتجمع فيه هيمنة سلطة المال المسمى عربياً مع طغيان سلطة الدين والثقافة المشوهة في تكتل واحد يديره عدو الأمة فيصنع منها أذل أمة عرفها التأريخ ، أمة تقف مع من يريد إضعافها ويتلاعب بقرارها ويتسلى بوضعها في أدنى المراتب بين البشر فيستخدم مواردها في تمويل مشاريع ليست فقط ضد مصالحها وأمنها القومي بل وضد كرامتها وسيادتها على أرضها وفوق هذا يُعبِّر عن احتقارها علناً في ورشات عمل وصفقات يشرف عليها باسم الاقتصاد والسياسة والحفاظ على الأمن القومي وكلها صفقات وورش تمس الأمن القومي العربي في الصميم.
ويزين لمن يجهل أن ذلك يأتي في إطار التسامح والانفتاح الاقتصادي والتقدم ، ويدعم إيصال من ليس أهلاً لأدنى مواقع المسؤولية ليكون في أعلاها وشرف المسؤولية بالتأكيد هو معيار العلو والدناءة ،فالدنيء هومن يمد يد الود والحب والوفاق إلى أعداء الأمة ويد الغدر والخيانة والتآمر إلى الأخوة والجوار مهما على ومن أبرز أمثلة من هم في موضع الدناءة هؤلاء الأعراب الذين تآمروا على اليمن وحشدوا ضدها كل إمكانات الأمة ومقدراتها في اعتداء غادر لئيم منذ 26 / 3/ 2015 وحتى اللحظة ، ومن تآمر على ليبيا وسوريا ومصر ويدبر للسودان أما إيران فحدث ولا حرج عن حجم التآمر والمكائد لمحاولة إضعافها لتسير في نفس ركب التبعية والاستسلام ومحاولة ثنيها عن الوصول إلى موضع القوة والقدرة على إعادة الاعتبار لنفسها ولجوارها ومحيطها العربي والإسلامي ومعاقبتها على تمسكها قولاً وفعلاً بالدفاع عن ثوابت الأمة وعدم التفريط بالقضية الفلسطينية ،ودعمها لجميع فصائل المقاومة سنة وشيعة ومسيحيين ، ودون أي تمييز.
ومن المفارقات العجيبة أن أسباب هذا العته والغفول الموجه ضد إيران وضد المقاومة عموماً يحمل عناوين سخيفة ومريضة مثل محاربة المد الصفوي والشيعي والمجوسي والقضاء على أذرع إيران إلى غير ذلك من الأسماء والعناوين التي اديرت بها حرب الثمان السنوات التدميرية التي قادها في الظاهر صدام حسين ومولها المال الخليجي المسمى بالمال العربي ، بغرض مزدوج هو إضعاف أهم بلد عربي وأهم وأقوى دولة إسلامية في المنطقة بل وتشن عليها حرب متعددة الأوجه منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979والفلسطينيون والعرب الشرفاء يدركون هذه الحقائق !.
إنها أمة تعمل ضد نفسها وضد كامل وجودها وعليها تمويل كل هذا العمل ، وأعذروني إن تحدثت بهذا الإطلاق والعمومية لأن استمرار الفصل بين الأمة وحكامها واعتبار الشعوب ضحايا الحكام هو في اعتقادي أقسى أنواع الهجاء للشعوب إذ لا توجد شعوب حية ترضى بالبقاء تحت حكم هذه الأنظمة ، لأنها ليست قضاءً وقدراً ، والقول بغير هذا إنما هو إشراك لله في قدرته وملكوته وقضائه الذي يعجز الإنسان عن رده ،والأحرار يرفضون أن يشركوا مع الله غيره لأن الثورة على الظلم في مقدمة الفرائض التي وجد من أجلها الرسل وشُرِّعت الرسالات ، من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يُعدُّ شرطٌ كينونة الأمة المسلمة ( كنتم خيرُ أمةٍ أُخرجتْ للناس تأمرونَ بالمعروفِ وتنهونَ عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) آية (110) سورة آل عمران.
أما ثقافة الاستسلام للظلم فليس سوى نتاج العقيدة الوهابية التي ساند وجودها الاستعمار البريطاني والصهيوني وسمح لحكام آل سعود بتمويل نشرها لمسخ عقيدة الإسلام لأن الوهابية بنيت على الجبر والخنوع وطاعة الحكام المستبدين وتغليب النقل المحرّفْ على الحرية والاختيار وتعطيل العقل والحرية ليتحول المسلم إلى مجرد عبد للحكام ونزواتهم ،وهذا هو سر تحالفها مع آل سعود منذ النشأة ، منذ أربعين عاماً سخرت السعودية ومن والاها كل مقدرات الأمة وامكاناتها لتطييف الصراع في المنطقة وحرف البوصلة عن عدوها الحقيقي (الصهيونية) وإلهائها بحرب يدمر فيها العرب والمسلمون بعضهم خدمة للصهيونية ، والدخول في مشاريع تآمر مستمر ضد إيران الموضع الحي في جسد الأمة بقصد إضعافه بكل الوسائل الاستخبارية والأمنية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وآخر محطات هذا الاستهداف ما تقوم به أمريكا بتحريض صهيوني وتمويل سعودي إماراتي تشديد الحصار على هذا البلد وماخطط له يوم 19/يونيو/2019م ، بعض صقور اليمين الأمريكي المتخبط برئاسة ترامب وبتحرك نشط لجون بولتون ومايك بومبيو الذين أرادوا كما يبدو إهداء ورشة المنامة تدشيناً لما يسمى صفقة القرن ضمن المحاولات المستمرة لإيذاء إيران التي برهنت بإسقاط أحدث الطائرات الأمريكية المسيرة التي يربو ثمنها على مأتي مليون دولار للإدارة الأمريكية وأدواتها وأتباعها في المنطقة على قدرتها في الدفاع عن نفسها بكفاءة وهو عمل يفترض أن يكون مبعث فخر لكل حُر في العالم بدلا من أن يكون صدمة وخيبة أمل عند البعض !.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 634 مرة