الإمام الحسين عليه السلام : فلسفة الحرية وثقافة التضحية ....بقلم/ ابراهيم الهمداني
الإمام الحسين عليه السلام :
فلسفة الحرية وثقافة التضحية
بقلم/ ابراهيم الهمداني
مثَّل الإمام الحسين بن علي عليهما السلام حضورا استثنائيا خالدا، على المستوى التاريخي والأدبي الإبداعي والوجداني والإنساني بشكل عام.
ذلك لأنه تبنى أهم وأقدس قضية في الحياة، ألا وهي إنسانية الانسان، بكل ما يتصل بها من مفاهيم الكرامة والعزة والحرية والعدالة والمساواة و........ الخ، ولذلك أصبح استشهاده في سبيل هذه القضية أو القضايا العظمي، علامة فارقة ونقطة تحول هامة في مسار التاريخ الإنساني.
الأمر الذي جعل الإمام الحسين "عليه السلام" نفسه، قضية كبرى شغلت مساحات واسعة في التاريخ الإنساني والانسان عموما ثقافة ونتاجا ابداعيا، تجلى فيها حضوره كقضية وكمثال ورمز للحرية والعدالة والتضحية من أجل المبادئ والقيم الإنسانية السامية، حضورا طاغيا مكتسحا حدود الزمان ومتجاوزا ومخترقا حواجز الجغرافيا وتحديدات المكان، عابرا تصنيفات المذاهب والأديان والأعراق والأجناس والثقافات والأجيال المتعاقبة على وجه الأرض وفي مختلف الأصقاع والبلدان، ضاربا بحضوره اللانهائي في عمق الوجدان الإنساني عبر التاريخ.
في كربلاء وضع الحسين "عليه السلام" البذرة الأولى لفلسفة الحرية، وثقافة التضحية، فانتصر الدم على السيف والحرية على الاستبداد والعدل على الجور والتسلط والقيم الإنسانية على الوحشية والهمجية، والقلة المؤمنة بالحق على الحشود المتحالفة على الاثم والعدوان وقوى الشر المتكالبة ضد كل قيم الخير والإنسانية والحياة.
لذلك أصبح الحسين "عليه السلام" أيقونة انسانية خالدة عبر الأجيال والأزمان، تمثل الحرية كفلسفة والتضحية كثقافة إنسانية جامعة مترسخة في الوجدان الإنساني الجمعي، متجاوزة التصنيفات المكانية والزمانية والدينية والعرقية والثقافية الضيقة، الى آفاق رحبة، تليق بجلال ذلك الحضور الاستثنائي المذهل، الذي جعل من كربلاء ولادة متجددة لثورة لا نهائية تحتضنها وتختفي بها كل بقاع الأرض، ومن دم الحسين "عليه السلام" انتصارا خالدا تشرق به كل تضحية في أبدية التاريخ الإنساني، ومن فجيعة ومأساة آل البيت وشيعتهم أسطورة من الإباء والعزة والشموخ والصمود والاستبسال والكرامة؛ أسطورة فاقت بتحققها الواقعي خيال وابداع الأساطير، وبلغت بواقعيتها الحقيقية أرقى وأسمى مراتب الشخصية الإنسانية المثالية، بكل جوانبها وتفاصيلها ومواقفها وسلوكياتها وأهدافها، من خلال انتصارها لإنسانية الإنسان التي كرسها الدين الاسلامي وبعث من أجلها خاتم الأنبياء والمرسلين عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
إن ما يحدث على أرض الواقع اليوم وما نعايشه من أحداث، ليس الا استمرارا لمسلسل الاجرام اليزيدي الأموي، الذي استهدف صوت الحق، وضمير الإنسانية الحي، بالذبح والقتل والسحل والتمثيل والتشويه والحرق، على ايدي شرار الخلق وأبغضهم الى الله، دواعش ذلك الزمان وقتلته المأجورين، ضمن تحالف قوى الشر والعدوان والظلم والتسلط والقهر، الذين لم يختلف عنهم أحفادهم اليوم في شيء، فالإجرام هو الاجرام والعدوان هو العدوان والتحالف هو ذاته، ومازال اليهود والنصارى حاضرين بقوة - على مرأى ومسمع من الجميع - في عمق المؤامرة وفي صميم العدوان قديما وحديثا.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 2072 مرة