حبوب “الكبتاغون” المهربة للامير سعودي.. ما قصتها وما مفعولها؟...بقلم/نبيل نايلي
حبوب “الكبتاغون” المهربة للامير سعودي.. ما قصتها وما مفعولها؟
بقلم/نبيل نايلي - راي اليوم
“صارت المخدّرات شائعة فى سوريا نحن نلمس ذلك يوميا.. والحديث عنها حقيقة لا مبالغة فيه، لقد أصبحت هذه الحبوب تُنتج محلّيا ولها أسماء أكثر شيوعا مثل يامسهرّني والصاروخ وقاهر الإمتحان، ويوميا تطالعنا الصحف عن اعتقال متاجرين ومُصنّعين لهذه الحبوب.وقبل هذا الربيع… لم نكن نسمع بها ولكن فضل الثورة على الشعب كان كبيرا!”
“خاص صاحب السمو الملكي الامير عبد المحسن بن وليد آل سعود”، هذا ما خُطّ على الصناديق الحاوية لنحو طُنين.. نعم طنين.. من حبوب “الكبتاغون، Captagon ” أو الـ”فينيثايلين، Fénéthylline” المخدّرة !!
كمية خيالية مما ضبطته الأجهزة الأمنية اللبنانية في مطار بيروت الدولي، مُحبطة بذلك أضخم عملية تهريب للمخدّرات عبر مطار بيروت، أما المشرف على العملية فليس إلاّ.. “سموّه” الأمير السعودي عبد المحسن بن وليد بن عبد العزيز المنتمي الى العائلة المالكة!!! صحبة 4 سعوديين آخرين..، كانوا بصدد محاولة تهريب هذه الكمية من الكبتاغون التي قدرت بنحو 1900 كلغ وتحتوي 12 مليون حبة مخدرة تبلغ قيمتها نحو 280 مليون دولار! على متن طائرة خاصة كانت متوجّهة إلى منطقة حائل في السعودية.. كميات من الحبوب المخدّرة التي ستسرّب بعد ذلك إلى مُدمنيها من أدوات وحطب حروب الوكالة والدمار الذاتي الذين فرّختهم وكالات الاستخبارات وزرعتهم كالفطر السام في مشرق ومغرب هذا الوطن المستباح، توظّفهم أين شاءت وأين اقتضى أطلس الموارد والطاقة التي تنهبها أو تؤسس أمرا واقعا لنهبها!
صحيفة ليبراسيون الفرنسية، Libération، كانت قد نشرت تقريرا حول نوع من المخدرات يُسمّى “الكبتاجون” أو “فينيثايلين”، يتميز بتوفيره “لحالة من الهدوء والثبات لمتعاطيه”! وأن هذا “النوع من المخدّرات كان يُستعمل كدواء، حيث أن “مستهلكه هو الشخص الذي يعاني من اضطراب فرط النشاط، الخدار، الإجهاد، الاكتئاب، ومتلازمة ما بعد الصدمة أو الاضطراب العقلي”، غير أنه أصبح يُباع بكميات وافرة لدى الجماعات المسلحة، مثل تنظيم "داعش"، بعد أن تبين أنه يُمكّن منفذي الهجمات و”العمليات الإنغماسية” من تغييب حالة الاضطراب أو الخوف.
تغييب حالات الإضطراب والخوف، التي يتحدّث عنها التقرير، هي التي شاهدت مضاعفاتها بأم عيني على شباب ليبيا ممن شوّهوا أجسادهم وقطعوا أعضاءهم دون أن يشعروا ..أو من اغتصبوا محارم دون أن يعوا ما يقترفون!
تجارة الكبتاجون، يا سادة، أضحت في الأسواق التي توفّرها “دول فاشلة، وأخرى يعملون على إفشالها، أضحت التجارة المربحة جدا، إذ “يبلغ ثمن الحبة الواحدة ما بين ال5 إلى ال20 دولارا، وأترككم، ونحن نتحدث عن أطنان، تقومون بالعمليات الحسابية!
“حبوب الحرب السورية” كما لقبته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي ، هذا السم الزعاف الذي يؤدي إلى تدمير الخلايا العصبية بالمخ مما ينجم عنه الشلل الرعاشي، هو “ما يمكّن تنظيم داعش وغيرها من الجماعات المسلحة وبارونات الحروب، من ضمان مصدر تمويل ذاتي من جهة، نحو 300 مليون دولار سنوياً، والاطمئنان على مردود مسلحيهم، وبالأخص انتحارييهم، والموعودين بحور العين، من جهة أخرى”!!
في تحقيق أجرته صحيفة “لونوفل أوبسرفاتور الفرنسية، تحت عنوان “الكبتاجون.. الجرعة السحرية للجهاديين”، أشارت الصحيفة إلى أن “مُقاتلي تنظيم داعش يتعاطون الكبتاغون، كما أنه يشكّل مصدر دخل للتنظيم، مشددة على أنهم ليسوا الوحيدين الذين يلجأون إلى هذا المخدّر المنشط، فعلى الجبهة السورية، يتناول مسلحو جبهة النصرة وجنود الجيش السوري الحر أيضا نصيبهم من “إكسير الشجاعة”!
تقرير صحيفة ليبراسيون، الذي أشرنا إليه سابقا، أفاد أنه “ووفقا للأرقام الصادرة عن منظمة الجمارك العالمية، قد ارتفعت كمية الحبوب التي تمّ ضبطها في دول الخليج (الفارسي)! إذ رُصد ما يزيد عن 11 طنا سنة 2013 !!! مقابل أربعة أطنان فقط في 2012 !!
ويمكنكم تخيّل ما آلت إليه الأمور اليوم في ظلّ حالة عدم التوازن الإستراتيجي والتّشظّي الكياني، والتذرذر السوسيولوجي، والتفسّخ القيمي، وفي ظلّ استنزاف الدول المحورية في قضاياها التافهة وحروبها الأهلية الكبيرة!
في عزّ زمن الجيل الرابع من الحروب غير المتوازية، التي يُعرّفها الباحث وخبير الإستراتيجيات العسكرية، ماكس مانوارينغ، على أنها “حرب إكراه وإخضاع العدو على القبول بإرادتك” دون إعتماد الإستراتيجيات التقليدية أو إستخدام الجيوش النظامية، بل بإستخدام الحرب النفسية والإشاعة ووسائل التضليل وصناعة الرأي، وزرع الفوضى، من أجل “زعزعة الإستقرار”، تصبح كل الأدوات والوسائل قابلة للإستخدام والتوظيف، بما في ذلك “الكبتاغون – الراعي الرسمي للإرهاب في الشرق الأوسط”! بالإضافة لخلق مناخ مناسب أو تأجيج بؤر توتّر ما، يتوجّب الإعتماد على ما يشبه الطابور الخامس كخط هجوم أولي، نحو الإختراق فالزعزعة، أو التقويض، مُفضيا إلى حالة فوضى فخلق “دول فاشلة، ومناطق خارج نفوذ سلطة مركزية ما، ما يشرّع بعدها التدخّل فالوصاية بالوكالة! وفي التدخّل لا تعوزهم الذرائع ولا الحجج، متى قرّر “أصحاب الحق الحصرييون” من “أصدقاء ليبيا وسوريا” وو..، وأينما إلتقت مصالحهم، حتى بتنا نشهد إستنساخات غريبة من قبيل مبدأ “التدخّل الإنساني، الذي إجترحوا من رحمه عقيدة”واجب الحماية” أو “آر تو بي ، المعزّزة بالصواريخ والقنابل، التي تذرّعوا بها لغزو ليبيا وسيحاولون التذرّع بها أين استطاعوا. وها هم اليوم يختلقون لنا تعلّة عقيدة “واجب القصف، آر تو إيه، بإنتظار تفعيلها في بلد ما متى وفّروا الشروط الموضوعية لذلك! من صفقات الأسلحة لحلّ مشاكل الاقتصادات الراكدة وتدمير الأمة ومقدراتها إلى صفقات الكبتاغون وغيره من المواد المخدرة! يُساق شباب هذه الأمة إلى مسالخ حروب الوكالة والمناولة ومستنقعات الطائفية والمذهبية والكيانية ويغتصب وعيه ويُزيّفه أشباه المثقفين ومأجوريهم وتجار الدين ومفتريهم، صباح مساء، فهل ظل بحاجة بعدها إلى أطنان الكبتاغون؟ لتحوّله إلى جيوش من المسطولين والمهولوسين؟!
هلاّ اطلع هؤلاء القائمون على أمر المملكة على تقرير صندوق النقد الدولي الذي توقع قيام مملكتهم، بإنفاق جميع احتياطياتها المالية خلال السنوات الـ 5 القادمة! في ظلّ تراجع أسعار النفط وتبديد مقدراتها في صفقات التسليح لحروب الوكالة والمناولة المخوصصة..وصفقات الكبتاغون؟
أ لا زال منكم من يسخر بعد الآن.. ممن تحدّث يومها من “حبوب الهلوسة”؟ أخيرا، هل يعي هؤلاء الذين يُصادرون على مستقبل أمة بأسرها حجم الخراب الذي يحدثون، أم تراهم يتصورون أن شرارة اللّهب العدمي التي يذكونها لن تطال هشيمهم؟
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1558 مرة