تأملات قرآنية ... بقلم/علي أحمد مفضل
تأملات قرآنية
بقلم/علي أحمد مفضل
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،قال تعالى : (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين، إني أريد أن تبؤ بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزآء الظالمين ) 27 المائدة
تبادر إلى ذهني وأنا أتلو هذه الآيات الكريمة وما بعدها من سورة المائدة صورة حية يعيشها المسلمون اليوم ويمارسونها كل من منطلقه وفهمه واعتقاده ، وبأدنى تأمل وأقل تفكير يتبادر إلى الذهن الصراع الحاصل بين أبناء الأمة الإسلامية ، وهو صراع متمثل في قيام فريق من المسلمين بالاعتداء على الفريق آخر، ويتجاوز الاعتداء من السخرية فالنبز بالألقاب وسوء الظن ، إلى التكفير وحرمة الدم ، إلى بسط اليد بالقتل بكل أنواع القتل وأبشع صور التنكيل والتمثيل بالجثث وحز الرؤوس بكل جرأة وإصرار لم نر في التاريخ له مثيلا ، ولا مبالغة في ذلك فحادث واحد يكفي أن يجد فيه الإنسان كلما قلت وأكثر مما قلت ،
وعلى كل واختصاراً للوقت والجهد أعود معك أخي القارئ إلى الآيات الكريمة التي شدتني إلى التأمل والتفكر ، ولا أشك في قدراتك أخي على التحليق بخيالك إذا أطلقته لاستنباط صور أكثر وأوسع مما حصل عندي لتعود علي على غيري بالنفع والاستفادة من التفكر في هذه الآيات وماشابهها وهذا واجب بل فرض عين على من يلقي السمع وهو شهيد .
فهذا كتاب ربنا لم يتكرم به علينا إلا لنعلمه في كل أمور حياتنا صغيرها وكبيرها ، فتفضل عزيزي وتأمل معي واعذرني على العجز فإنما أردت أن استثير كوامن الشكوى عند الصادقين من هذه الأمة وأخلي المسؤولية تجاه من لا يرغب في الخير لنفسه وللناس جميعا .
مطلع الآية الكريمة : (واتل ) ما أعظم شأن الآمر وهو الله ذو الجلال والإكرام , وأعظم شأن المأمور وهو المصطفى المختار (ص) وبهذه اللفظة السلسة القريبة (اتل ) سبحان الله ! لماذا التلاوة ؟على الطرف الثالث (المتلو عليه) نحن عسانا ننتفع من هذه التلاوة ، وعسانا نعير شأنا ولو بنسبة عشرة في المائة مما نعيره (للشيخ المفتي) ليتنا نعطي هذه النسبة البسيطة من العناية تفهم آيات بنا التي هي فوق الملك والرئيس والأمير والشيخ . لو فعلنا ذلك لتحررنا من عبادة هذه الاصنام البشرية ولتعبدنا الى الملك الحق بكمال الشموخ والعزة ولكن هيهات والعبد عبد للعبد , عبد للحزب عبد للعصبية الجاهلية من حيث يدري ولا يدري , أما عند المال والمادة فحدث ولا حرج ولا تستغرب في حضرة ( الدولار) ان تسمع الشيخ ينادي امريكا من على منبر الجمعة ويستجد بها وقف لله ضد شعب مسلم سبق ان وصفه بأنه عمود للمقاومة والجهاد ضد الصهاينة والأمريكان. ولكن ما عدى مما بدى لقد حضر ( الدولار) ما علاقة هذا الذي نقوله بالآيات المذكورة؟ الجواب إن الله تعالى أمر نبيه صلوات الله عليه وعلى آله أن يقص علينا حادثة حدثت في أول أ/ر للإنسان على هذا الكوكب بين أخوين لأب الأول آدم عليه اسلام – هما قابيل وهابيل ومحور القصة هو التعبد أي الدين . فقد قرب الأخوان قرباناً تقبل الله قربان المتقي ولم يتقبل قربان الأخر الذي هو عن التقوى بعيد فأخذ يهدد ويسعر نار الحرب على اخيه حتى قتله أخيراً عدواناً وظلماً بلى أدنى شك يظهر ذلك جلياً في :(لان بسطت الي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي اليك لأقتلك ) لماذا؟ ( إني اخف الله رب العالمين). ما أشبه الليلة بالبارحة.
لننظر اليوم ما يحدث كأنه ذلك اليوم في الزمن الأول ولكن بصورة موسعة وكبيرة وشاملة فقاتل اليوم يقتل العشرات والمئات ومن الاطفال والشيوخ والعجزة والنساء في المدارس والمستشفيات والأسواق والطرقات والمساجد. يعني القتل اليوم ( بلا حدود) تقديم ( أحمد منصور)
ونرى الطرق الأخر المعتدى عليه يقف متسلحاً بالتقوى (لئن بسطت الي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي اليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) الا عن عجز.
نعم إنها موقفان مختلفان لطرفين مختلفين في المنهج : فريخ يخاف الله والوقوف بين يديه في يوم لا ينفع فيه شيخ دين ولا ( دولار) سياسي ويتحمل هذا الفريق ما يجري عليه من ظلم صراع يمارسه في حقه فريق لا يرعوي ولا يحتكم الى آيات ربه واحام شرعه, ولا يتورع عن سفك الدماء وهدم البناء الانساني والاعتداء على الممتلكات , ويهتك الأعراض ويتمادى في غيه الى الدرجة التي يتحقق فيها لأعداء الأمة كلما يريدون في سلب وضياع واهدار لكل مقدرات هذه الأمة وبالتالي اهدار جهودها ومقوماتها حتى لا نقوم لها قائمة ولا يستقيم لها أمر, وما لم يستطيع اعداء الأمة الاسلامية تحقيقه بأنفسهم مباشرة عمدوا إلى أمثال هؤلا البسطاء والذين سيطر عليهم (شيخ ضال عن علم) فوجدوا(ضالتهم فاغتنموها وظنهم أن الله ليس غالاً على أمره. والأمر لا يعرف أن يكون بهذه البساطة عند من بتأمل ويتفكر رغم ما في هذا من معاناة والم ومرارة يتحملها عباد الله المتمسكين بالصبر والمتسلحين بالتقوى والتدرعين يخوف الله رب العالمي أجمعين .وهو القادر على اظهار دينه ونصر جنده المخلصين المجاهدين فيه ضمن حدود مشرعه. و(بقية السيف أنما عددا) عُد أخي القارئ الى الآيات الكريمة وأملها كلمة كلمة وفقرة فقرة واستحضر مراد الله تعالى من عرض هذه الحادثة على الأمة لتجد مكانك الذي تحب أن تشغله وتحب أن تلقى الله وأنت فيه صابراً محتسباً عاملا مجاهداً مخلصاً لله في سرك وعلنك سائراً في درب رسمه الله لك في كتابه العزيز المحفوظ من التبديل والتخريف , لا يقبل اثما ويل المخالف لحكم العقل. وسلعة الله غالية).
التأملات:
- ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق).
كلمة (بالحق) هنا ملفته وهي موضع للوقف عندها ملياً للتفكر والتدبر واستخلاص نتيجة بل نتائج من المسلم بدون القصص من الحفرة الإلاهية هو غير حقيقة المقصوص بلا شك ولا ارتياب فما هو المراد اذاً من الشرط (بالحق)؟ اعتق أن في هذه اللفظة لفته وتنبيه الى ان ما أراد الله بسرد هذه المحادثة التي هي حقيقة حصلت وانقضت لا لأخذ العبرة منها بالحق والانحياز فيها الى جانب الحق لان الحق كما هو من الله فهو مراده لعباده , والحق في قضية واحدة لا يتعدد فلا بد من أن يكون فيها صواب وخطأ فالصواب هو الحق والخطأ هو الباطل, وهذا ما سنلمح عزيزي المتأمل في التالي لهذه الآية.
2-
القضية تعبدية أي : دينية وفيها طرفان مقبول ومرفوض. فالمقبول هو في خط الحق ولا مشكله معه أيما المشكلة في أمر الاخ الذي لم يتقبل الله قربانه بسبب سيأتي في الآية التالية. وبدلاً من أن يراجع نفسه ويسألها لماذا لم يقبل مني. لكي أصلح حالي وأتدبر أمري وأخذ برشدي , بدلاً من ذلك القى ي مسؤولياته على أخيه وهدده بأشد أنواع التهديد وهو القتل وأكده باللام ونون التوكيد (لأقتلنك).فكان الرد من أخيه الصالح:
- (ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٢٧﴾ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ).
لقد حملت هذ المغفرة من الآيات عنوان قبول الأعمال وهو (قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) والتقوى حصن حصين للإنسان المسلم الذي(يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) فلا يصدر ولا يورد الا بالعدل ولا يتوفى إلا بالحق ولا يعمل إلا الأصلح من الاعمال التي ترضي الله تعالى لا غريزته الحيوانية البهيمية ولا هواه ولا أنانيته ولا منه على الله بأنه مسلم وليفعل ما يشاء بلا قيد ولا حاجز ولا رادع ولا يتخذ إلهه هواه . وبالتالي :( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي- ظلماً وعدواناً - فما أنا بفاعل لفعلك ولنن أرد عليك بمثل فعلك الظالم البعيد عن الحق والشرع وعن مقصود الله رب العالمين الذي أمر بالحياة والمحافظة عليها وحرم العدوان والظلم الذي من أفدح أنواعه :إزهاق الأرواح وقطع حق الحياه التي منحها لعبادة . (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا) بعدم الاعتداء عليها وازهاقها – (فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) هكذا كتب الله وأراد منا. ولكن أين نحن من ذلك؟ أين الإنسان المسلم من الأحياء ؟ الإحياء بكل أنواعه وليس بالامتناع من القتل فقط – بل ببناء الحياة الكريمة السعيدة بارساء دعائمها الروحية والإنسانية الحقة وبناء لوازمها ومتطلباتها من التعليم الصحيح , ومن الصحة السليمة المبنية على توفير وتأهيل القائمين عليها تأهيلاً حقيقياً وما يتطلب ذلك من بناء المستشفيات وانتاج الأدوية ومواصلة الأبحاث في المجال الصحي وكل المجالات التي فاز بها غيرنا ونحن لا زلنا لم نتعلم أبجديات الحياة. تمنوا أمن الإسترسال هنا. ونرجع الى ماكنا فيه مع قصة ابني آدم.
- (إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) .
معنى ذلك أن القتل إثم؟ إنه أعظم الآثام وأشدها بلا أدنى ريب . والقرآن الكريم يؤكد ذلك ويشدد عليه ويتوعد فاعله بعذابات لا بعذاب واجد لأن القاتل القاطع للحياة قد أتى أشد أنواع الظلم بالاعتداء على البناء الإلهي والخلق الرباني فكأنه اعتداء على ارادة اله تعالى وهو كذلك, وبالتالي لن يكون مصير الظالم المعتدي الا أن يكون من أصحاب النار والخلود منه وكسب عضب الجبار ولعنه وطرده له خارج دائرة الرحمة ورميه في العذاب الأليم. نعوذ بالله من كل ذلك ونستجير به جل شأنه من كل عمل بعيد عن الحق لا يرضيه – على أن تكون دعوتنا هنا لكل أصحاب الحكمة من المثقفين والمفكرين والمتعلمين والعلماء الربانيين أن ينثروا هذا الموضوع بالبحث والتأهيل والتأسيس لفهم المنهج القرآني بكل الوسائل المؤدية الى مفهمة واستيعاب تعاليم والالتزام بالحق في العمل به فليس كل قارئ بعامل. والمقصود من ذلك هو توضيح معالم طريق الانسان المسلم وكيف يمكن انتشاله من هذه الأوضاع الرديئة الدنيئة الى حياة كريمة سعيدة بمعرفة الحق ليقرع اهله كما قال سيد البلغاء أمير المؤمنين :( اعرف الحق تعرف أهله). و(لا يعرف الحق بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق ).
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 10001 مرة