الوقت لا يسعف ابن سلمان!
كلنا يتذكر مقابلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع داوود الشريان عام 2016، والتي قال فيها إن الوقت والنفس الطويل من صالح السعودية في حربها في اليمن، وكان ذلك التصريح أثناء مفاوضات الكويت التي انتهت بفشل واضح نتيجة ضغوط مورست على وفد «صنعاء» للقبول بخطة سلام معينة، ما تسبب في نقل البنك المركزي إلى عدن كنوع من العقاب على «صنعاء» نتيجة عدم رضوخها للمطالب حينها.
اليوم وبعد مرور خمس سنوات على ذلك التصريح وبعد تطورات كثيرة في الجانب العسكري والتي لم تحمل أنباءً سعيدة للمملكة السعودية، إذ خسرت القوات التي تدعمها على الأرض كل المساحات التي تفصل العاصمة صنعاء عن مأرب شرقا في غضون سنة واحدة فقط، بل أصبحت المعارك على مشارف مدينة مأرب، فضلا عن وصول القصف بالصواريخ الباليستية والطيران المسير إلى مرافق سعودية كثيرة منها عسكري وبعضها تجاري كمنشآت النفط والتي نالها القصف من شرق المملكة إلى غربها.
المفاوضات السياسية في ستوكهولم والضغوط التي مورست على «صنعاء» أيضا لم تفلح في إجبارها على الإذعان للحلول التي كانت تقدم من قبل السعودية والتي كانت «صنعاء» ترى أنها قاصرة ولا تلبي مطالبها ولا توازي تضحياتها أو حتى مستوى القوة الذي وصلت إليه، وظلت «صنعاء» تصعد في مطالبها والسعودية لا تملك من أمرها شيئا حتى خرجت مقاربة سعودية سميت بالمبادرة السعودية مطلع هذا العام، وتنص على وقف شامل للأعمال العسكرية وتحسين الجانب الإنساني والانخراط في حوار سياسي، لكن حتى هذه الخطة وبعد مرور كل هذا الوقت لم تعد ترضي «صنعاء»، وباتت تطالب بفصل الجانب الإنساني كليا عن أي جوانب أخرى حتى لا يتأثر بها سلبا، إذا ما حصلت انتكاسة سياسية هنا أو خرق عسكري هناك.
الأيام القليلة الماضية شهدت زيارات مكوكية للمبعوثين الدولي والأمريكي ووزيرة خارجية السويد إلى مسقط وزيارة غريفيث إلى طهران، كل ذلك توج بزيارة وفد رفيع المستوى من المكتب السلطاني العماني إلى صنعاء، والتي أحيطت بسرية تامة، ولكننا إذا ما ربطنا كل ذلك بثلاث نقاط رئيسية فإننا قد نفهم الكثير عما يدور، وهذه النقاط هي:
1 ـ لا تستطيع السعودية الرهان كثيرا على صمود «قوات هادي» في مأرب، وهذا يعني أن تحرير مأرب لصالح «صنعاء» سيعتبر كسرا لكبرياء التحالف في اليمن، وتكبده خسارة مدوية، خصوصا بعد مشاهد الخسارة المدوية للجيش السعودي في محور جيزان والتي بثها الإعلام الحربي اليمني على نطاق واسع.
2 ـ عدم قدرة السعودية إلى الآن على إدراج شركة أرامكو في البورصة لبيع جزء من أسهمها للحصول على سيولة ستستخدمها في بعض مشاريعها الضرورية، وذلك بسبب القصف الذي يطالها بين آن وآخر من قبل «صنعاء».
3 ـ رغبة ابن سلمان في تولي منصب الملك والذي يحتاج إلى هدوء شديد وصفر مشاكل وتحسين الوضع الداخلي بشكل يسمح بهذا الانتقال بسلاسة ودون حصول أية مشاكل.
هذه النقاط الثلاث الرئيسية تجعلنا نجزم أن الوقت والنفس الطويل لم يعد في صالح ابن سلمان نهائيا، بل إن كل هذه النقاط تشكل عامل عدم استقرار فضلا عن النزيف المالي المهول.
من هنا نستطيع استقراء مهمة الوفد العُماني الذي جاء بمثابة رجل الإطفاء ليطفئ الحريق وينقذ ما يمكن إنقاذه، حتى لا تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، فقوة «صنعاء» أصبحت تتعاظم والقصف الجوي لم يوهن عزيمتها والحصار المطبق لم يضعفها، بل ارتدت سمعته على السعودية بسبب إيذائه الأبرياء والمدنيين بشكل مباشر. كل المؤشرات تقول بأن ضوءاً في نهاية النفق قد بات يلوح، وخصوصا أن كل مقومات ظهوره قد اكتملت، ترتيبات الوضع الإنساني سيكون لها الأولوية، لأن هذا ما تصر عليه «صنعاء»، ثم تأتي الجوانب العسكرية والسياسية تباعا ولكن بشكل منفصل لا يتأثر بسير تلك المفاوضات أو توقفها.
ختاما، أتمنى أن تصدق هذه التحليلات، فقد نال الشعب اليمني الكثير من الألم، وآن الأوان أن يتوقف كل ذلك، وتشرق شمس جديدة على اليمن لكي يكون سعيدا.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 675 مرة