المُهذَّب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ت614هـ/1219م) .. جمع الفقيه العلامة محمد بن أسعد المرادي (ت بعد 603هـ)
المُهذَّب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ت614هـ/1219م) .. جمع الفقيه العلامة محمد بن أسعد المرادي (ت بعد 603هـ)
مجموع فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة جمعها أولا القاضي العلامة محيي الدين محمد بن أحمد القرشي العبشمي, ثم قام بتهذيبها الفقيه العلامة محمد بن أسعد المرادي, مع حواشٍ قيمة تجعل الكتاب في غاية الأهمية.
ما اشتمل الكتاب عليه:
احتوى على مختلف أبواب الفقه: الطهارة، والصلاة، والجنائز، والزكاة، والخمس، والصوم، والحج، والنكاح، والطلاق، والنفقات، والبيوع، والشفعة، والإجارات، والهبات والصدقات، والغصب، والعتق، والأيمان والكفارات والنذور، والوقف، والدعاوى والبينات، والإقرار، والشهادات، والوكالة، والقضاء والأحكام، والحدود، والجنايات والقصاص، والديات، والوصايا، والسير.
أهمية الكتاب:
جُمِع فيه وهُذِّب الكثير من فتاوى الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة إمام اليمن في آخر القرن السادس وأول القرن السابع الهجريين - في مسائل وأحكام الفقه وشتى مواضيعه وأبوابه - وفق منهج دقيق ذكره المؤلف بقوله: "فوجدت مسائل الكتاب مشتبكة، وفنونها مختلطة، فرأيت أن أضمّ كل جنس إلى بابه، وألحقه بنوعه، وأكفي طالب الفائدة تكلف الطلب، وأخفف عنه مؤنة التعب، وقد أبدلت ألفاظاً غير مستعملة في هذه الناحية بما هو أظهر منها .. وقد اجتهدت في الترتيب والتهذيب، ومن الله نستمد المعونة فهو ولي كل نعمة".
ومن نظر فيه وجد أن المؤلف رحمه الله تعالى قد أحسن الانتقاء والترتيب، والتهذيب والتبويب، وجعل الكتاب سهل التناول قريباً، وحقق مسائله، وقارن بينها، وأدخل على أغلب المتون حاشية رمز إليها بالرمز "ح"، فظهر علمُ وفقهُ وتمكن وقدرة هذا الفقيه المهذِّب وإلمامه بأقوال وآراء واجتهادات علماء المذهب، حيث يذكر في أغلب مسائل الكتاب موافقة الإمام المنصور بالله عليه السلام لمذاهب الهادي يحيى بن الحسين أو جده القاسم أو الناصر أو المؤيد، أو غيرهم من الأئمة والمخرجين والمحصلين والشارحين والفقهاء المؤصلين، أو تفرده في المسائل مما يزيدها جلاء ووضوحاً، ويبين اجتهاد ومذهب ورأي الإمام عليه السلام, وقد حوى آلاف المسائل والأحكام الفقهية في العبادات والمعاملات التي تجعله من أهم المراجع في فقه أهل البيت عليهم السلام، ومذهب الزيدية بمدارسها المتعددة.
إن الكتاب كونه مجموع فتاوى صدَرَتْ من إمامٍ حاكمٍ في اليمن في القرنين السادس والسابع الهجريين، وهو إمام امتد نفوذه إلى الحجاز والعراق وشمال إيران، يعطي صورة مهمة عن الحياة الفقهية للزيدية أولا ولليمن ثانيا، ويشير إلى تطورات الفقه الزيدي؛ كون الإمام عبدالله بن حمزة يعتبر إماما مجتهدا، ينظر في النصوص باستقلالية، ويعتبره الكثير من أئمة النصوص في طبقات أئمة الفقه الزيدي، ويعتبر الكتاب مصدرا مهما لدارس تطورات الفقه الزيدي ومدى تفاعله مع فقه المذاهب الأخرى، ومستوى انسجامه مع واقع المجتمعات المسلمة؛ إذ هو فقه محصه الواقع، ومحضته الحوادث، وليس فقها نظريا، وما أروع الفقيه الذي له عين على المفترض وعين على الواقع. ولأن المؤلف المرادي كان داعية الإمام عبدالله بن حمزة في الجيل والديلم شمال إيران، فقد اهتم بمقارنة رأي الإمام بآراء بقية أهل البيت ممن لهم حضور في تلك البلدان، بل وقارنه بفقه الإمامية أيضا.
كما أنه يقدم صورة عن مقدار التواصل والارتباط الفقهي والسياسي بين الزيدية في اليمن والجيل والديلم.
أما المؤلف فهو:
الفقيه العلامة محمد بن أسعد بن علاء بن إبراهيم المرادي المذحجي العنسي، أحد كبار علماء الزيدية المجتهدين، داعي الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة إلى الجيل والديلم في سنة 603هـ، واستمرت ولايته في جيلان وديلمان ونواحيها وانتظمت فيها الأمور وجرت فيها الأحكام وأقيمت فيها الحدود، توفي بعد سنة 644هـ ولا تتوفر له ترجمة كاملة سوى نحو ما ذكر.
وأما صاحب الفتاوى فهو:
الإمام عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن الإمام النفس الزكية الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب, أبو محمد، المنصور بالله، أحد كبار أئمة الإسلام وأعلام أهل البيت الكرام.
مولده: ولد سنة 561هـ بمنطقة عيشان من ظاهر همدان، ونشأ في ظل أسرة علوية كريمة فاضلة، وأخذ العلم عن أبيه حمزة بن سليمان وعن أعلام عصره كالرصاص والشتوي والقرشي وغيرهم، وحقق جميع الفنون، وكان يحفظ من شواهد اللغة مالا يحفظ أحد من أهل عصره.
تراثه الفكري: خلف الإمام المنصور تراثاً فكرياً زاخراً في شتى أنواع العلوم من ذلك: الشافي، وصفوة الاختيار في أصول الفقه، وحديقة الحكمة النبوية في شرح الأربعين السيلقية، والعقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين، والرسالة الهادية بالأدلة الباقية في بيان أحكام أهل الردة، والدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبا والغنيم، والجوهرة الشفافة رادعة الطوافة، وغيرها "ومن شاهد تصانيفه علم أن له المرتبة العظمى، وذلك أنه كان لا يصده كثرة الناس حوله من التصانيف" على حد قول الفقيه حميد المحلي.
إمامته: دعا دعوته الأولى من الجوف سنة 583هـ, ودعوته الثانية سنة 594هـ، وجاهد الغزاة الأكراد الأيوبيين, وبلغت دعوته الجيل والديلم وطبرستان وأطراف الحجاز، ووصل إليه من هذه البلدان جماعات وأوصلوا إليه كافة الحقوق، وكاتب الملوك، وأخاف العباسيين في بغداد، وما زال في إصلاح البلاد حتى توفاه الله سنة 614هـ، ومشهده بظفار.
طبع المُهذَّب طبعته الأولى من قبل مؤسسة الإمام زيد بن علي عام 1421هـ / 2001م، بتحقيق الأستاذ عبد السلام الوجيه.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 9115 مرة