تضحيات العظماء … وبقبقات السخفاء ............بقلم /عبدالفتاح علي البنوس
تضحيات العظماء … وبقبقات السخفاء
بقلم /عبدالفتاح علي البنوس
مستشفيات العاصمة صنعاء والمستشفيات الحكومية في العديد من محافظات الجمهورية مليئة بآلاف الجرحى من أبطال الجيش واللجان الشعبية ، في الوقت الذي تستقبل فيه العشرات يوميا ، هذا بخلاف كوكبة الشهداء العظماء الذين ترتقي أرواحهم الطاهرة إلى بارئها معانقة السماء في مشاهد غاية الدهشة ، فدائية فريدة من نوعها ، وتضحية لا سقف ولا حدود ولا نظير لها ، شباب في مقتبل أعمارهم يستبسلون ويذودون عن حمى الوطن ، ويجودون بأنفسهم دفاعا عن الأرض والعرض والسيادة والكرامة ، شباب طلقوا الحياة بكل مغرياتها وملذاتها ، شباب تركوا مقاعدهم ومنحهم الدراسية في الجامعات الأوروبية وقرروا الالتحاق بجبهات العزة والكرامة للدفاع عن الوطن بإيمان وقناعة غير مسبوقة ، شباب باعوا أنفسهم لله ، فكان الله هو المشتري فنعم التجارة هي تجارة الشهداء مع ربهم .
شباب تشرئب الأعناق لبطولاتهم الخارقة للعادة ، وتسمو النفوس وتتباهى لعظيم تضحياتهم التي أوصلتهم إلى طريق السعادة ، شباب يتسابقون على الشهادة ، كل واحد منهم يقدم نفسه من أجل اللحاق بركب العظماء ، هل رأيتم عظمة كهذه ؟! هل شاهدتم بطولة كهذه ؟! وهل شاهدتم نماذج كهذه ؟! من أي كوكب جاءوا ؟! وأي فكر وثقافة يحملون ؟! و من ينافسهم في الوطنية ويجاريهم في التضحية والفداء ؟! يا ترى ما الذي أجبرهم على تقديم أنفسهم كقرابين من أجل أن نحيا حياة كريمة ونعيش عيشة هانئة ؟! سهروا ونحن نيام ؟! في البرد وفي الحر ، في السهل والجبل ، في الصحراء وفي السواحل كانوا هم العيون الساهرة التي تحرسنا و تمنحنا الأمن والأمان ، هؤلاء رجال الله الشرفاء الأحرار ، من لهم تخلع القبعات تقديرا وعرفانا.
ورغم كل هذه التضحيات لا يزال الكثير من الشباب في غيابة الجب ، يسهرون ويلهون ويمرحون وكأن البلاد تنعم بالأمن والأمان ، والغريب أن تجد الكثير منهم لا يزالون ينظرون إلى رجال الرجال من جيشنا ولجاننا نظرة ازدراء وسخرية ، والبعض يوجه لهم عبارات اللوم والعتب لأنهم يقاتلون بالنيابة عنهم ومن أجل وطنهم ، شباب تائه ، بلا هدف يعيشون ، وبلا مشاعر وطنية يتعاملون ، همهم الوحيد إشباع غرائزهم وشهواتهم ، ومصالحهم ومنافعهم الشخصية دونما اكتراث لما يدور حولهم ، ودونما استشعار للمسؤولية المنوطة بهم والمعول عليهم القيام بها وخصوصا في ظل العدوان الغاشم .
والطامة الكبرى أن بعضهم لا يجدون أي حرج في تأييد العدوان ، بل والقتال في صفه والتخابر معه على حساب أبناء شعبهم ووطنهم ويرون ذلك من الوطنية ، وهنا قمة الوساخة ومنتهى السخافة ، كنت في زيارة للمستشفى العسكري وفي قسم الجرحى أصابني الذهول من المشاهد التي رأيتها ، لشباب عظماء جرحوا في ميادين الشرف والبطولة ، وفدوا على المستشفى لتلقي العلاج وكلهم إصرار على العودة للالتحاق بالجبهات فور تماثلهم للشفاء على وعود منهم بالمضي في درب التحرر ، حتى يتحقق النصر أو يلتحقوا بركب الخالدين العظماء .
بالمختصر المفيد للعظمة شباب صدقوا الله عهدا ، وأخلصوا له النوايا ، وعقدوا العزم على تطهير البلاد من دنس الغزاة المحتلين والمرتزقة العملاء ، شباب باعوا الدنيا بالآخرة ، وتاجروا مع الله فربحوا التجارة ، شباب سطروا من الملاحم البطولية ما أرعب الأعداء وأصابهم بالذهول والدهشة ، وجسدوا بثباتهم الصلب وبأسهم الشديد وصمودهم الأسطوري لوحة بديعة ستظل الأجيال المتعاقبة تتحدث عنها وتشرح تفاصيلها ، فيا لها من عظمة ، ويا له من فضل ، ويا له من عطاء ، ويا لهم من شباب علموا كل شباب العالم كيف يكون حب الوطن ، وكيف تكون التضحية من أجله وفي سبيله ، وما النصر إلا من عند الله .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1802 مرة