سحر النفط ينقلب على السعودية..الأزمة المالية لم تعد صامتة.......بقلم/علي شهاب
سحر النفط ينقلب على السعودية..الأزمة المالية لم تعد صامتة
بقلم/علي شهاب -* الميادين نت
أثارت مقابلة وليّ وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان الأخيرة الكثير من البلبلة في شقّها السياسي، بوعيده نقل المعركة إلى أراضي إيران. غيرَ أنّ الشقّ الإقتصادي الذي من أجله تمّ التحضير للمقابلة هو الأهمّ، سيّما وأنّ بن سلمان حرِص على مقاربة كافة المسائل التي باتت تؤرق بال المواطنين السعوديين.
منذ نهاية العام 2014 وحتى نهاية العام 2015، بلغت قيمة احتياطي النقد الأجنبي في السعودية 616 مليار دولار
منذ نهاية العام 2014 وحتى نهاية العام 2015، بلغت قيمة احتياطي النقد الأجنبي في السعودية 616 مليار دولار
أثارت مقابلة وليّ وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان الأخيرة الكثير من البلبلة في شقّها السياسي، بوعيده نقل المعركة إلى أراضي إيران. غيرَ أنّ الشقّ الإقتصادي الذي من أجله تمّ التحضير للمقابلة هو الأهمّ، سيّما وأنّ بن سلمان حرِص على مقاربة كافة المسائل التي باتت تؤرق بال المواطنين السعوديين.
فهل إن الوضع الإقتصادي للمملكة تحت السيطرة؟ و ما هو الواقع الفعلي لاحتياط النقد الأجنبي في السعودية؟ وهل مازالت المملكة ثالث أكبر مستورد للسلاح في العالم كما قال بن سلمان؟ وهل سيتمكّن الأمير الشاب من تحقيق رؤيته للسعودية بحلول العام 2030 إذا ما استمر في اتّباع سياسته الحالية؟
أسقط بن سلمان في مقابلته الأخيرة الحديث عن احتياطي النقد الأجنبي في المملكة. التراجع القياسي في نسبة هذا الاحتياطي خلال العامين الماضيين يختصر الكثير.
مع نهاية العام 2014، بلغت قيمة احتياطي النقد الأجنبي في السعودية 732 مليار دولار أميركي، وهو رقم يضعها في مصاف الدول الثلاث الأعلى قيمةً لناحية الاحتياطي النقدي الاجنبي عالمياً.
لم تكن الرياض قد بدأت حربها على اليمن، لكنها كانت قد بدأت بحرب اقتصادية من نوعٍ آخر تستهدف إيران بالدرجة الأولى، من خلال خفض سعر النفط. يجدر التوقّف عند مفاعيل هذه المسألة التي شكّلت صلب السياسة الإقتصادية السعودية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
رفضت السعودية مراراً خفض حصّتها من إنتاج النفط، ما دفع منظمة أوبيك إلى رفض خفض معدّل سقف الإنتاج لتدارك الفائض فيه. في الواقع، تقصّدت السعودية الحفاظ على مستوى مرتفع نسبياً من إنتاج النفط بهدف الحفاظ على سعره منخفضاً وتعزيز دورها في السوق العالمي.
لم تكن إيران وحدها المُستهدفة من هذا الإجراء، إذ رأى الروس كذلك أن الرياض تكرّر دوراً تاريخياً كان قد لعبته بالتعاون مع إدارة رونالد ريغان بخفض سعر النفط لأجل إضعاف الاتحاد السوفياتي إقتصادياً.
في غضون ستة أشهر فقط، هبط سعر برميل النفط من 120 دولاراً إلى أقلّ من 30 دولاراً.
ظنّ السعوديون أنّ بإمكانهم، مع حلفائهم في الخليج، تحمّل هذا الضغط لمدة عامين بالحد الأدنى. بدا الثمن مقبولًا أمام الهدف الرئيسي: إنهاك إيران إقتصادياً.
في الشهر الأول من العام 2015، تسلّم الملك سلمان بن عبد العزيز الحُكم، ومعه بدأ ابنه محمّد في تثبيت نفوذه داخل المملكة.
منذ ذلك الحين، وسعر النفط في انخفاض قياسي.
وسط هذا المشهد من الهبوط الحاد في أسعار الذهب الأسود من 110 دولارات تقريباً للبرميل في شهر حزيران/ يونيو 2014 إلى أقل من 40 دولاراً للبرميل في سنة واحدة، طرأ عامل استثنائي من خارج الحسابات السعودية الإقتصادية.
وقعت الرياض فريسةَ سياساتها الانتقامية؛ فقرّرت شنّ حرب على اليمن؛ ما زاد من الضغط على إقتصادها وقلّص بالتالي مستوى مقاومتها لانخفاض النفط. انقلب السحر على الساحر، ووجدت الرياض نفسها مضطرة للإستدانة من احتياطي النقد الأجنبي.
منذ نهاية العام 2014 وحتى نهاية العام 2015، بلغت قيمة احتياطي النقد الأجنبي في السعودية 616 مليار دولار؛ أي أنه انخفض بقيمة 116 مليار دولار في عام واحدٍ تقريباً.
بكلمات أخرى، اضطرت السعودية لسحب ما معدّله 10 مليارات دولار شهرياً من احتياطي النقد الأجنبي في العام 2015 وحده، وبما انّ حرب اليمن تتطلّب زخماً إضافياً بعدما تبينّ عجز الرياض عن حسمها بسرعة، فإن وتيرة السحب من الاحتياط كانت تزداد شهراً بعد آخر.
حتى نهاية العام 2016، بلغت قيمة احتياطي النقد الأجنبي نحو 540 مليار دولار.
أداء العائلة الحاكمة في المملكة يشير إلى أنهم قاموا بسحب 27% من إجمالي احتياط النقد الأجنبي منذ استلام الملك سلمان سدّة الحُكم.
ولا يبدو أن السياسة المعتمدة في الإنفاق في طور التبدّل، إذ تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى توقّعات بتراجع إضافي في الاحتياطي السعودي بنسبة تراجع 8.47 في المئة في العام 2017، لتبلغ قيمته 494 مليار دولار.
هذه المسألة على أهميّتها لم تُذكر في معرض تفنيد بن سلمان للوضع المالي للمملكة، بل على العكس تماماً، حرص الأمير الشاب على إعطاء جرعات متفائلة إقتصادياً وتحدّثّ عن مشاريع قائمة وأخرى يجري التحضير لها باعتبارها المُنقذ من الضائقة الإقتصادية التي تطال كافة الشرائح في المملكة، من دون الخوض في ميزان الإنفاق والواردات لإقتصاد يعتمد تاريخياً على 90 في المئة من ميزانيته على سعر النفط.
• في الجزء الثاني من هذا الملف، نتناول تداعيات الوضع الإقتصادي السعودي ومدى القدرة على المناورة في المستقبل في ظلّ الأداء الحالي.
• استند هذا المقال إلى أرقام وقراءات ومُعطيات من صندوق النقد الدولي، مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي)، وكالة بلومبرغ، فايننشال تايمز، وغيرها.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1524 مرة