لم يزل الخيواني يسكنني........بقلم/علي أحمد جاحز
لم يزل الخيواني يسكنني
بقلم/علي أحمد جاحز
عامان موحشان ، اخذانا بعيدا و أبكيانا كثيرا وافزعانا طويلا ، لكنهما لم يبعداني – انا شخصيا – عن جرح الروح الاستاذ عبدالكريم الخيواني الشهيد الذي افتتح المجرمون بدمه الفائر عدوانهم على اليمن ، ولانهما لم يبعداني عن ذلك الجرح فلم يوقفا بكائي ولم يداويا فزعي الذي اعاشره كل ليلة اعود فيها لأتذكر انني لن اتحدث الى الخيواني مرة اخرى .
--
عامان .. لايزال طيف عبدالكريم جالسا امامي في ركن الديوان يمضغ الحديث بأناقة وبلا اتوقف ، تعابير وجهه المثقفة والماهرة في ايصال مقاصد حديثه الى المخيلة بسرعة وخفة ، ولاتزال نظارته متربعة جبهته التي ترشح عرقا كلما تفاعل مع الحديث او روى حكاية ثقيلة من تلك الحكايات التي كان بطلها ومحور احداثها الجسام .
--
عامان .. غياب الخيواني بات واضحا في ملامح المشهد السياسي والاعلامي والانساني وفي تفاصيل الحياة التي تعودت عليها ، عدا لافتات عملاقة عليها صورته وبعض شذرات من ثروته التي تركها لنا لعلنا نحسن استثمارها ، وصور تبوأت براويز حائطية تتزين بها بعض الدواوين وبعض صفحات الفيسبوك .
--
عامان .. اسئلة كثيرة تتسكع في مخيلتي ، ماذا لو كان عبدالكريم موجودا في هذا الحدث ، في هذه اللحظات ، في هذا الموقف ، كيف سيكون موقفه من هذا القرار وهذه الأمور وتلك التحركات ، مالون ابتسامته وسعادته لو رأى هذا الانجاز وهذا الانتصار ... الخ ، وكل سؤال لايجد الاجابة التي تشبع فضوله العميق .
--
عامان .. لم يتغير الخيواني في وعينا ، مبادئه وشعاراته وغضبه وحبه وبساطته وتواضعه وزهده عن المناصب والمكاسب ، ونضاله وجده ومثابرته ودأبه واشتغالاته في اكثر من اتجاه ومع اكثر من جهة بنكران ذات ودون انتظار شكر ولا مكافأة ، وتضحيته وسهره وركوبه الاخطار وتحدي التهديدات واحتمال الحاجة بعزة وانفة ، وابتسامته التي تهزم في داخله كل همومه ومآسيه التي لا يشغل بها احد .
--
عامان .. لم يغيرا الخيواني في وعينا ، غير انهما غيرا الكثيرين من اصدقاء الخيواني وتلاميذه ، بعضهم للاسف يتمشقر بصورة التقطها معه ، وقد اخذه اعصار الحياة بعيدا جدا عن الخيواني ، والبعض لايزال يطلق التنهدات على الخيواني وهو للاسف يخوض سباقا لنيل القليل من تلك الاوساخ التي دفع الخيواني حياته في سبيل تنظيف الوطن والمجتمع منها ، والبعض ربما لاينفك يكتب عن دموعه التي لا تتوقف حزنا على الخيواني ، وهو في الواقع مشغول باصطياد فرص الحصول على قرار تعيين او الصعود الى درجة عليا او منصب ليس اهلا له او هناك من هو اولى منه به او موقع اداري ربما يدوس على احلام من كان ينتظر الوصول اليه من عقود ، وهي اشياء كان الخيواني يتهيب مجرد التفكير في ضخامة المسؤولية التي سيحملها لو كلف بها وحملها ، ليس هروبا منها بل زهدا يرافقه عمل دوؤب كان يقوم به الى جانب الجميع .
--
عامان .. قليلون هم من لايزالون يحملون الخيواني بداخل ارواحهم ، ويضعونه انموذجا ماثلا امامهم حين يتحركون ويشتغلون لاجل القضية والوطن والمبدأ السامي الذي يتكئ عليه المشروع الثوري القرآني خاصة في هذه المرحلة التي يوجه العالم كله نيرانه ليقضي عليه وعلى كل من يحمله من شرفاء اليمن .
--
عامان .. النسيان نجح في حجب الخيواني عن تفاصيل المشهد كقيمة نضالية فاعلة ومؤثرة ، وإن كان لايزال موجودا كقيمة تاريخية للزينة والمباهاة ، تأثير الخيواني قبل عامين كان كفيلا بان يوقف قرارات ويعيق اخطاء ويفشل توجهات مندفعة ومتهورة ، تأثيره كان ينقذ اصحاب القرار في لحظات حرجة من ان يقعوا في كارثة ، وينقذ الناس من ان تسقط على رؤسهم نتائج الخطوات الغير محسوبة .
--
عامان .. لا يستوعب ماذا يعني غياب الخيواني في هذه المرحلة الا من عرف دوره وعاشره وهو يخوض معارك داخل تيار الثورة والمسيرة اكبر من معاركه مع اعداء الثورة والمسيرة ، ومع ذلك لم يكن الخيواني ينشر غسيل المعارك الداخلية في كتاباته برغم حرصه على نشر كل تفاصيل معاركه مع الاعداء ، لم يكن تأخذه شهوة التصفيق والاعجابات والهنجمة والهوكات بعيدا عن الهدف السامي الذي يسعى لتحقيقه ، ولذا كان يخفي بداخله من الاسرار الكبيرة والعميقة ما لو نشرها لكان يصنع كل يوم قنبلة تجعله الحدث الابرز كل ساعة .
--
عامان .. رائحة الخيواني لاتزال تعطر المجالس التي كان يعشقها ، ولا تزال فخامة افكاره وجبال مبادئه وشموخ مواقفه ترافقني في طريق مليئة بالجراح والمفاجآت الموجعة .
الرحمة والمجد والخلود للخيواني ورفاقه الشهداء
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1394 مرة