المحاضرة الرمضانية الرابعة والعشرون للسيد عبدالملك الحوثي 26 رمضان 1442هـ
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
اللهم اهدنا وتقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
أيُّها الإخوة والأخوات: السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
وصلنا في الآية المباركة من سورة الأنعام إلى قوله “سبحانه وتعالى”: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأنعام: من الآية151]، في سياق قائمةٍ من المحرَّمات، أولها: الشرك بالله “سبحانه وتعالى”، وأتى بعد ذلك قوله “جلَّ شأنه”: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام: من الآية151]، ثم أتى هذا النص ليقدِّم أيضاً ما يبين لنا، ويوضح لنا هذا المحرَّم، وهو قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}.
الفواحش: هي الجرائم بالغة الشناعة والقبح، الجرائم الشنيعة جداً، وعادةً ما يكون في أول قائمة هذه الجرائم التي توصف بهذا التوصيف: جريمة الزنا، وجريمة عمل قوم لوط، كلٌّ من ذلك يسمى فاحشة، يعني: أنه جريمة شنيعة جداً، وفعلة قبيحة في غاية القبح والرذالة.
والقرآن الكريم يحذِّر بأشد التحذير من هذه الجرائم: جرائم الفساد الأخلاقي، ويبين أنها في غاية الخطورة على الإنسان في حياته، وفي واقعه الإيماني، ويأتي الوعيد عليها أيضاً بالعذاب والنار؛ باعتبارها من كبائر الذنوب، ومن أعظم الجرائم والمعاصي، وهي جرائم خطيرة جداً، وبشعة للغاية، بشعة جداً، وهي تخرج الإنسان من دائرة الإيمان والتقوى، إلى حظيرة الفجور والفسق، فلا يبقى مؤمناً، إذا تورَّط في تلك الجرائم والعياذ بالله؛ لا يبقى له انتماؤه الإيماني، وموقعه الإيماني، يعتبر عند الله من الفجَّار، يعتبر فاجراً، يعتبر فاسقاً عاصياً، ولذلك فهي جرائم خطيرة جداً؛ لأنها تفقد الإنسان إيمانه، الذي هو صلةٌ بينه وبين الله “سبحانه وتعالى”، يحظى من خلاله برضوان الله “سبحانه وتعالى”، وبالقرب منه، وبالأجر والثواب والرعاية الواسعة.
الإنسان بتلك الجرائم يحبط كل أعماله الصالحة، وإذا لم يقلع منها، ويتوب فوراً إلى الله “سبحانه وتعالى”؛ فإنه أيضاً لا يقبل منه أي عملٍ يعمله، لا صلاة، ولا صيام… ولا أي عمل يعمله، فهي جرائم خطيرة جداً، جرائم بشعة للغاية، وتسبب له السخط الكبير من الله “سبحانه وتعالى”، والغضب الكبير من الله “سبحانه وتعالى”، يخسر رضوان الله، ويسبب لنفسه سخط الله، وغضب الله عليه، الله يغضب عليه، وغضب الله أمر خطير جداً على الإنسان، أمر رهيب جداً، ويفقد الكثير من رعاية الله، التي هي رعاية المحبة والرضوان، وهذه قضية خطيرة جداً: أن تخسر إيمانك، أن تخسر قيمة الإيمان، وأهمية الإيمان، وما يترتب على الإيمان، معنى ذلك: أنك وضعت نفسك في الطريق الذي يوصلك إلى جهنم، الطريق المعوج، تخسر رضوان الله، تخسر الجنة، تخسر الرعاية الإلهية التي يخص الله بها عباده المؤمنين، عباده الذين يرضى عنهم، وهي قضية خطيرة جداً.
ثم أنت تفتح باباً للشيطان للتسلط عليك، وللتأثير عليك أكثر فأكثر، وهي قضية خطيرة جداً هذه، عندما الإنسان عندما يتوجه توجهاً يقترب فيه من الشيطان، يبتعد فيه عن رعاية الله، وعن رحمته، وعن فضله، وعن توفيقه، وعن هدايته، ويتجه في أسباب الهلاك، وأسباب الخسران والعياذ بالله.
أيضاً يفقد الإنسان قيمته الإنسانية، وشرفه الإنساني، شرفه الإنساني، الإنسان مهما كانت مرتبته، وجيه له وجاهة اجتماعية، شخصية سياسية، شخصية قيادية، شخصية بأي مكانة يحظى بها في المجتمع، أو كإنسان عادي، إذا أصبح يرتكب هذه الجرائم البشعة الشنيعة جداً؛ يفقد شرفه الإنساني، وإذا فضحه الله وكشفه؛ لا يبقى له ذرةٌ من الاحترام في نفوس الناس، الكل ينظر إليه باعتباره تافهاً، رذيلاً، نجساً، فاجراً، فاسقاً، عاهراً، وكذلك المرأة، المرأة التي تُعرَف بهذه الجريمة، تفقد قيمتها الإنسانية، شرفها الإنساني، كرامتها الإنسانية.
الإنسان يخسر شرفه وكرامته، ويُنظَر إليه- سواءً كان رجلاً أو امرأة- باعتباره رذيلاً، فاسقاً، فاجراً، تافهاً، حقيراً، لا يوثق به، لا يعتمد عليه، يعتبر إنساناً يتوقع منه الموبقات، والكوارث، والخيانات، والفجور، ولهذا يعتبر هذا جرماً شنيعاً جداً، يُفقِد الإنسان القيمة الإيمانية أولاً، والقيمة الإنسانية والشرف الإنساني ثانياً.
مع ذلك ما يترتب على ذلك من العقوبة، الله توعَّد على هذه الجرائم بالعذاب الشديد، العذاب في الدنيا، أنواع من العذاب تأتي في الدنيا، من ضمنها: العقوبة الشرعية، ولكن هناك ما هو أوسع من العقوبة الشرعية، هناك أيضاً عقوبات من الله “سبحانه وتعالى” تأتي لمن يرتكبون مثل هذه الجرائم، عقوبات متنوعة، والله هو القدير، وهو “جلَّ شأنه” البصير والخبير كيف يعذِّبهم في حياتهم، كيف يدهور عليهم أموراً كثيرةً من حياتهم، كيف يجعلهم يخسرون أشياء كثيرة، ويفشلون في أشياء كثيرة، حتى على مستوى العذاب النفسي، من العذابات التي يعذَّبون بها: الضيق النفسي، الاضطراب النفسي غير الطبيعي، الاضطراب النفسي غير الطبيعي، اضطراب رهيب جداً، والبعض يصلون إلى حالات نفسية متوترة جداً، ومضطربة جداً، حالة عذاب بكل ما تعنيه الكلمة، وأشياء كثيرة تدخل في دائرة العذاب الإلهي، وفقدان الكثير من الرعاية الإلهية.
ومع ذلك أيضاً جهنم، جهنم والعياذ بالله، كما قال الله “سبحانه وتعالى” عن الزنا، وعن الجرائم: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}[الفرقان: 68-69]، فهي جريمة توصلك إلى جحيم جهنم، وإذا اقتربت منها؛ فأنت تقترب من جهنم بلا شك، وأنت تخسر الجنة، وأنت تخسر كل الأعمال الصالحة التي تكون قد عملتها؛ لأن هذه الجريمة تحبطها، تحبط أعمالك، لا يبقى لك أي فضل، ولا أي أجر، لا من صلاة، ولا من صيام، ولا من جهاد، ولا من إنفاق، ولا من صدقة… ولا من أي عملٍ تتقرب به إلى الله “سبحانه وتعالى”، فهي جريمة خطيرة جداً.
أيضاً آثارها وأضرارها واسعة، في مقدِّمة أضرارها: الضرر النفسي، فهي تدمِّر زكاء النفس، الإنسان أعدَّه الله “سبحانه وتعالى” في فطرته لأن تزكو نفسه، وأن تطهر مشاعره، وأن تصلح نفسيته، فيتحول إلى إنسان يحب مكارم الأخلاق، تسمو نفسه، وتعشق مكارم الأخلاق، والصفات الحميدة، والمواقف المشرِّفة، يعشق ذلك، يطرب لذلك، يحب ذلك، يرتاح لذلك، فنفسيته بزكائها تتوق لمكارم الأخلاق، ومعالي الأمور، والصفات الحميدة، والشرف، ولكن مثل هذه الجرائم: سواءً جريمة الزنا، أو جريمة عمل قوم لوط، كلٌّ منها يسمى فاحشة، هي تدنِّس نفسية الإنسان، تنجِّس نفسية الإنسان، تنجِّس مشاعره، تقذِّر مشاعره، تقذِّر وجدانه، فتنحط نفسيته، ينحط توجهه، تنحط مشاعره، فيتحول إلى إنسان رذيل، ميَّال إلى السفه، ميَّال إلى خسائس الأمور، ميَّال إلى المعاصي، ميَّال إلى الرجس، لا يتورع، يفقد حياءه، يفقد عفته، يفقد غِيرَته، يفقد حميته، يفقد رجولته وشهامته، يفقد كرامته الإنسانية، والإحساس بالكرامة في عمقها ومعناها المهم جداً.
ثم يصبح لا يتورع من الأشياء الخسيسة، حتى في نهاية المطاف ترخص عنده سمعته، أن يذكر بالسوء، أن يذكر بالشناعة، أن يذكر بالأمور القبيحة، لم يعد ذلك مهماً عنده بشكلٍ كبير، فهي جريمة خطيرة جداً؛ لأنها تضربك في نفسك، والضربة في النفس أخطر ضربة على الإنسان؛ لأنه حالٌ رهيبٌ جداً، كل شيءٍ يمكن أن يترمم، لكن عندما تدمِّر زكاء نفسك، وتدمِّر في نفسيتك الطهر (طهر المشاعر)، والوجدان الإيجابي، والمشاعر الإيجابية، فترميمها صعبٌ جداً، ترميمها صعبٌ جداً، وأمر خطير جداً على الإنسان.
والإنسان إذا فقد زكاء نفسه؛ يبتعد عن الأمور العظيمة، عن الأمور المشرِّفة، عن الصفات الحميدة، عن… لم يعد توَّاقاً لها، ولا منجذباً لمعالي الأمور ومكارم الأخلاق، ولذلك يمكن أن يُطَوَّع للفاجرين والمجرمين، أن يخضع لهم؛ ولذلك تعتمد المخابرات الأجنبية، مثل: المخابرات الإسرائيلية، والمخابرات الأمريكية… المخابرات الأجنبية تعتمد على الإيقاع بعملائها في مثل هذه الجرائم، لماذا؟ لتضمن السيطرة الكاملة عليهم؛ لأنها تعتبرهم قد فسدوا نفسياً، فسدوا، والإنسان يفسد، تفسد نفسيته، لم تعد نفسيةً صالحة، كما تفسد حبة الفواكه، كما تفسد الخضار، كما يفسد أي شيء، يفسد، يتلف، لا يعد صالحاً، فلذلك الإنسان إذا فسد؛ يَعتَبر الأعداء أنَّ هذه وسيلة للسيطرة عليه، والبعض لا يحتاج إلى استقطاب الأعداء، لا يحتاج إلى استقطاب الإسرائيلي، ولا لاستقطاب الأمريكي ولا غيره، الشيطان يشتغل مباشرةً في هذا الموضوع، شياطين الجن والإنس يشتغلون مباشرةً في هذا الموضوع، وإذا فسد الإنسان أصبح تلقائياً مهيأً لأن يبتعد عن الأعمال العظيمة، والمواقف المشرِّفة، وأن يتنصَّل عن المسؤوليات المهمة، لم تعد مهمةً عنده، لم تعد ذات قيمة عنده، الأعمال الصالحة، الأعمال العظيمة، المواقف العظيمة لم تعد ذات قيمة لديه، ذات أهمية لديه؛ لأن نفسه فسدت، وإذا فسدت النفوس؛ تفقد في شعورها ووجدانها قيمة الأعمال العظيمة، قيمة المواقف العظيمة، الدافع الإيماني للأعمال المهمة، وهذه مسألة في غاية الأهمية.
من الأضرار والآثار السلبية أيضاً لهذه الجرائم: أنها تؤثر على الواقع الاجتماعي، الله “سبحانه وتعالى” جعل الغريزة الجنسية (غريزة الجماع) من أجل أن يستفيد الإنسان منها في إطار العشرة الزوجية الحلال، التي يُبنى عليها بناء الأسرة، وتكوين الأسرة، والله “سبحانه وتعالى” جعل سبيلها الحلال، وسبيلها المناسب هو هذا السبيل، فتصبح في إطارٍ بنَّاء، وإطارٍ مثمر، وإطارٍ عفيفٍ ونظيفٍ، ليس له أي تبعات سلبية، ولا أي نتائج سيئة، فالإنسان إذا انحرف، هذا الانحراف هو يعزز التوجهات التي يعتمد عليها الأعداء، يتحرك على أساسها الأعداء في تدمير المجتمع، من خلال الاستهداف للبنته الأساسية التي يبنى بها المجتمع وهي الأسرة، وتكوين الأسرة، يتضرر هذا البناء للأسرة عندما تنتشر مثل تلك الجرائم- والعياذ بالله- في مجتمعٍ معين، لا يبقى هناك روابط أسرية، وحياة أسرية متماسكة بين الزوج والزوجة لتكوين أسرة صالحة، وهذا يضر ضرراً كبيراً على مستوى الواقع الاجتماعي؛ لأن الواقع الاجتماعي يُبنى على تكوين الأسر، وصلاح الأسر، فإذا اتجه الخراب والفساد إلى هذا المكون الاجتماعي في لبناته الأساسية؛ فهذا يؤثر تأثيراً سيئاً جداً على واقع المجتمع، وتنتشر الفوضى الاجتماعية، والجرائم الاجتماعية، والعلاقات الاجتماعية التي مكونها الأساس هو الأسرة، تُدمَّر، يلحقها هذا الضرر البالغ، فيؤثر ذلك أثراً سلبياً في تماسك المجتمع، في بنية المجتمع، في ترابط المجتمع على نحوٍ سليمٍ، وعلى نحوٍ صحيح، وهذه قضية خطيرة جداً.
ثم على المستوى الصحي، ينتشر من خلال انتشار مثل تلك الجرائم- والعياذ بالله- الكثير من الأوبئة والأمراض، في مقدِّمتها: المرض العالمي المعروف والمشهور: الإيدز، وهو مرض مدمِّر جداً؛ لأنه يدمِّر الجهاز المناعي لدى الإنسان، القوة المناعية التي أعطاه الله “سبحانه وتعالى” وزوَّد بها جسمه لمكافحة الأمراض، والتخلص من الأمراض، وحينها يصبح كل مرض يمكن أن يكون قاتلاً، المصاب بالإيدز يمكن أن يقتله الزكام، يمكن أن يقتله أبسط مرض، أبسط مرض يقتله، ويفتك به.
وواحد من الغايات التي يحرص عليها الأعداء في نشر الفساد الأخلاقي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية: هو نشر هذا الوباء، هو التدمير لهذه المجتمعات من خلال تلك الأوبئة أيضاً، تلك الأوبئة؛ لأن انتشارها ملازم لانتشار تلك الجرائم، والذي يدمن على مثل هذه الجرائم، يمكن أن يصاب بمثل هذا المرض والعياذ بالله، وأمراض أخرى، إنما هذا المرض هو في مقدِّمتها، وإلَّا هناك أيضاً آفات صحية، وأضرار صحية أخرى يمكن أن تنتشر.
إضافةً أيضاً إلى الآثار الأمنية، هذه الجرائم انتشارها مما أيضاً يترتب عليه انتشار جرائم أمنية كثيرة، ينتج عنها جرائم أمنية كثيرة؛ لأن الإنسان إذا فسدت نفسيته، وأصبح مجرماً أخلاقياً، يمكن أن يرتكب الجرائم الأخرى، ويدخل في سياقها أيضاً، وفي أجوائها الكثير من الجرائم الأمنية، مثلما يحصل في كثير من البلدان، وكثير من الدول، فهي جرائم تُبنى عليها جرائم، وتتفرع عنها جرائم. ما يلحق أيضاً بالمواليد غير الشرعيين من أسى، من كوارث، من ضياع في هذه الحياة، كثيرةٌ هي الجرائم المتفرِّعة عن جرائم الفاحشة والعياذ بالله.
ثم عندما يتبين لنا خطورة تلك الجرائم، وما يترتب عليها في الدنيا، وما يترتب عليها في الآخرة، علينا أن نتأمل في هذه الآية المباركة، أنَّ الله “سبحانه وتعالى” يقول: {وَلَا تَقْرَبُوا}، {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ}، لم يقل فقط: [ولا تعملوا الفواحش]، بل {وَلَا تَقْرَبُوا}، القرب من الفواحش: هو من خلال مقدِّماتها، ومن خلال أسبابها، ومن خلال عواملها الدافعة إليها، والمقدِّمات هي محرَّمة، المقدِّمات التي ينزلق الإنسان من خلالها إلى تلك الجرائم، وهي خطيرةٌ جداً، لماذا؟ لأن الاستراتيجية الشيطانية التي يعتمد عليها الشيطان في الإيقاع بالإنسان، وفي تحطيم كل عوامل المنعة التي تحافظ على الإنسان وتصونه، ومنها: الحياء، والعفة، والغِيرة، والحمية، وحتى مشاعر الإيمان والتقوى، وفي مقدِّمة ذلك أيضاً زكاء النفس، الإنسان بفطرته، الإنسان إذا بقي له زكاء نفسه، إذا بقي له فطرته الإنسانية؛ هو يشمئز من تلك الجرائم، يتعفف منها، يتورَّع عنها، وهو يدرك قبحها، وشناعتها، وبشاعتها، وسوءها، وقذارتها، ورجسها، وخستها، ودناءتها، ويعرف أنَّ من يفعل مثل تلك الجرائم يخسر قيمته الإيمانية، وشرفه الإنساني، وقيمته الإنسانية، ولا يبقى له اعتباره الإنساني، يُنظَر إليه كإنسانٍ تافهٍ، رذيلٍ، حقيرٍ، فاجرٍ، دنيءٍ، لا قيمة له، لا كرامة له، لا شرف له، ولذلك الإنسان يترفَّع عن تلك الجريمة، عن الوقوع فيها، يشمئز، ولكن الشيطان يستخدم أسلوباً متدرجاً للإيقاع بالإنسان في تلك الجرائم، هذا الأسلوب الذي عبَّر عنه القرآن بخطوات الشيطان، خطوات الشيطان هي التي ستنزلق بك وتسقط بك نحو هاوية الفاحشة والعياذ بالله.
ولذلك يقول الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم في آيةٍ مهمة في سورة النور: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا}[النور: من الآية21]، ففي هذه الآية المباركة يحذًّر من اتِّباع خطوات الشيطان.
خطوات الشيطان هي تنزلق بالإنسان شيئاً فشيئاً حتى يسقط في هاوية الفاحشة والجريمة، والفعلة الشنيعة القبيحة والعياذ بالله، الخطوات لها أشكال متعددة، ولها عناوين، حذر القرآن الكريم منها في آياتٍ كثيرة:
عندما نأتي للحديث عن هذه الخطوات والمقدمات التي توقع بالإنسان، يأتي في أولها: خطورة كسر الحواجز في العلاقات بين الرجال والنساء: عندما يدخل الإنسان في علاقة خاصة مع امرأة أجنبية عنه، ليست من محارمه، ليست من أقربائه، امرأة يمكن له أن يتزوجها، يحل له الزواج بها، فيدخل في علاقة خاصة معها، تواصل مباشر، خلوة، أو تراسل خاص، أي شكل من أشكال هذه العلاقات الخاصة، فهذه العلاقات محرمة، محرمة؛ لأنها تكسر الحواجز: حاجز العفة، حاجز الحياء، وتمهد أيضاً لأن تتأجج في مشاعر الطرفين الرغبة والمحبة والعلاقة الخاصة، التي توقعهم- في نهاية المطاف- إلى الجريمة، ولذلك حرم الله في الإسلام هذه العلاقات الخاصة، لا يجوز أبداً أن تدخل في علاقات خاصة مع امرأة أجنبية، وتدخل في مراسلات خاصة معها، وتواصل خاص معها، وعلاقات خاصة معها، وروابط مباشرة معها، فهذا يمهد السبيل للوقوع في تلك الجريمة والعياذ بالله، إذا أردت أن تتزوج بها تزوج، إن لم يكن معك أربع نسوان، أربع زوجات، من غير أن تدخل في علاقة محرمة، كسر هذه الحواجز مسألة خطيرة جداً.
أيضاً الاختلاط، الفوضى في الاختلاط، والتي تؤسس لمثل هذه الجسور من العلاقات المحرمة، وتكسر حاجز الحياء والعفة، وتؤجج المشاعر، وتهيئ الظروف، وتعزز من حالة التواصل، الذي قد يصل إلى التواصل الخاص، فهذه أيضاً محرمة، وهي من المفاتيح التي يعتمد عليها الأعداء في تدمير الحياء والعفة، وفي التهيئة للظروف المناسبة للإيقاع بالناس في مثل هذه الجرائم، هم يركزون على الاختلاط الذي يكسرون به هذه الحواجز، يكسرون به الحياء، العفة، هذه الحواجز المهمة جداً، التي تصون الرجل، وتصون المرأة، ولذلك يجب الحذر من ذلك، ومراعاة الضوابط الشرعية.
من الأسباب والعوامل الخطيرة: التبرج، تبرج النساء، ولبسهن الزينة وإبداؤهن للزينة في الشارع، يخرجن أمام الناس، تخرج وهي متبرجة، متزينة، على النحو المغري والجذاب، وتخرج أمام الرجال، وتخرج للاختلاط بالناس، وتخرج أمام مرأى ومشهد الآخرين من الرجال الأجانب عنها، هذا من المحرمات في الإسلام، والآيات في سورة النور، والآيات في سورة الأحزاب، تؤكد على حرمة مثل هذا السلوك، وللأسف البعض يتأثرن بالظواهر السلبية في المجتمعات الغربية، ويتصورن أنها تعبر عن الحضارة، ليست من الحضارة في شيء، ثم يحاولن أن يقلدن المجتمعات الغربية، فتخرج وهي سافرة ومتبرجة، وتظهر بالمظهر المغري، مظهر خاص، يفترض أن يكون أيضاً في إطار علاقتها مع زوجها، ولا يكون في إطار حركتها في خارج المنزل، وأمام الناس، فهذا السلوك سلوك خطير جداً، وسلوك مؤثر سلباً، وهو من أبرز العوامل لانتشار هذه الجرائم في المجتمعات الغربية، مع أنهم يعرفون أنها جرائم، وأنها محرمة، وأنها تخدش الشرف الإنساني، بل تمزق وتهتك الحرمة الإنسانية.
فالتبرج من أسوأ العوامل لانتشار مثل هذه الجرائم، وعلى مجتمعنا أن يحافظ على هويته الإيمانية، وأن يحذر من التبرج، المرأة لتصون نفسها، لتصون عرضها، لتصون كرامتها، لتصون شرفها الإنساني، هي عندما تتبرج، هي تقدم نفسها كسلعة رخيصة، دنيئة، فاسدة، إذا تبرجت في الشارع، أظهرت زينتها، وجمالها، ومفاتنها، للناس، هي تعرض نفسها بطريقة رخيصة وتافهة وخسيسة ودنيئة جداً للفجور والعياذ بالله.
أيضاً من العوامل المؤثرة على ذلك، والتي انتشرت في هذا الزمن: المراسلات الخاصة عبر الجوالات، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، هذه من أخطر الأشياء، ووباء في هذا الزمن، وباء خطير وفتاك يفتك بالبعض، يسقط بالبعض، البعض من خلال المراسلات بالجوالات، ورسائل الجوالات، أو الرسائل والمراسلات في مواقع التواصل الاجتماعي، يسخر هذه الوسيلة التي يجب استغلالها فيما هو حلال ومنفعة للناس في شؤون حياتهم، وأمورهم المهمة، وأمورهم الصالحة، يسخرها لمد جسور محرمة في التواصل مع الآخرين، ثم تبدأ من خلالها المغازلات، والكلام البذيء، والكلام الفاحش، والمراودة الفاحشة والإجرامية، حتى قد تصل بالبعض إلى السقوط في هذه الجريمة والعياذ بالله.
هذه من المحرمات، هذه من النوافذ الشيطانية التي يستغلها الشيطان للإيقاع بالإنسان، ولا يجوز للإنسان أن يتساهل في ذلك، أن يمنّي نفسه أن المسألة عادية، أو أنها ستبقى في حد معين بمجرد أن تمارس هذه المقدمات، وتدخل في مثل هذه المراسلات، أنت تدمر زكاء نفسك، أنت تجني على إيمانك، أنت تدمر هذا الطهر وهذه المشاعر الإيجابية في نفسك، وتنجسها وتقذرها، أنت تقرِّب نفسك من جهنم، أنت تتجه بنفسك إلى الانزلاق في هاوية المعصية البشعة والجريمة الشنيعة الكارثية على إيمانك، على شرفك الإنساني.
ولذلك يجب أن يصون الإنسان نفسه نهائياً، لا يتورط في ذلك نهائياً.
أيضاً من المقدمات الخطيرة جداً: مشاهدة المشاهد الإباحية، الشنيعة، الخليعة، سواءً في قنوات فضائية، أو عبر الإنترنت، أو عبر أي وسيلة من الوسائل، المشاهد التي يوزعها الفاجرون والمجرمون، ووراء توزيعها أيضاً ونشرها إعلامياً سياسة غربية، سياسة يهودية صهيونية؛ من أجل إفساد الناس، إفساد المجتمع البشري، إفساد المسلمين.
فالمشاهدة لتلك المشاهد الخليعة جداً، هي مدمرة بشكلٍ كلي، هي محرمة على كل حال، وهي مدمرة لزكاء النفس، لطهر المشاعر، لصلاح وزكاء المشاعر الإنسانية والإيمانية، وأمر محرم جداً، وأمر بشع للغاية، وحالة من الانحطاط، والدناءة، والخسة، والرذالة، والعياذ بالله، فهي مما ينبغي أن يصون الإنسان نفسه عنها، وهي من النظر الحرام، النظر الحرام سواءً وأنت تنظر إلى امرأة أجنبية نظرة الحرام، أو وأنت تنظر إلى تلك المشاهد، المشاهد الخليعة، المشاهد السيئة، فهي كله من نظرة الحرام، والله “سبحانه وتعالى” يقول في القرآن الكريم: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}[النور: من الآية30]، فهو يوجه هذا الأمر عبر نبيه ورسوله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” للمؤمنين.
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، غُض، غض بصرك، لا تستخدم هذه النعمة العظيمة التي أنعم الله بها عليك في النظر إلى الحرام، في نظرة الحرام، لا إلى النساء الأخريات، ولا إلى المشاهد الإباحية، والمشاهد المفسدة، المقذرة لوجدانك، المدنسة لمشاعرك، المحطمة لإيمانك.
{وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}؛ لأنك هنا تصون زكاء نفسك، وتحافظ على مشاعرك الإنسانية على أن تبقى رجلاً بما تعنيه الكلمة، رجلاً فيه طهر في مشاعره، فيه زكاء في نفسه، فيه غيره، فيه حمية، فيه إباء، فيه كرامة، فيه همه، فيه ما يسمو به لمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، والمواقف المهمة {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}، لا تصبح متطلعة بالنظر إلى الرجال الأجانب ومركزة عليهم، ومتطلعة إليهم، بما يجذبها نحو الميل إلى الفساد والعياذ بالله، وكذلك يحرم عليها النظر إلى المشاهد الإباحية المفسدة.
{يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}[النور: من الآية31]…. القائمة المذكورة في سورة النور، في الآية المباركة من سورة النور.
فعلى الإنسان أن يحذر فلا يقرب، {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ}، عندما تفعل المقدمات أنت تقرِّب نفسك، تقرِّب نفسك من الوقوع في هذه الهاوية، وقد لا تستطيع أن تسيطر على نفسك، قد تخذل، قد تخسر أسباب التوفيق والهداية الإلهية.
في مقابل ذلك من المهم جداً العناية بتيسير الزواج، الزواج هو يحصن الناس، يحصنهم، ومن المهم السعي لتيسير الزواج، هناك خطوات منذ العام الماضي بدأت في تيسير الزواج، في عددٍ من المحافظات، وفي مقدمتها محافظة حجة، ومن أكثرها نجاحاً في هذا الجانب محافظة حجة، والشكر موصول في هذه المناسبة للأخ المحافظ، وكل الذين تعاونوا معه من الوجهاء والمسؤولين، في العمل على تيسير الزواج هناك، يمكن الاقتداء بمحافظة حجة في بقية المحافظات، والسعي لتيسير الزواج، لا يبقى مكلفاً، لا تبقى تكاليفه المادية معضلة ومرهقة جداً، وفوق القدرات والطاقات، يجب السعي إلى أن تكون التكاليف المادية للزواج ومتطلبات الزواج مخفضة؛ حتى يستطيع الشباب من الزواج.
هيئة الزكاة قامت بجهود مشكورة جداً في معاونة الفقراء، لكن عندما تكون الكلفة عالية جداً، تصبح المسألة معقدة حتى على متوسطي الدخل، وعلى البعض ممن ظروفهم لا بأس بها، يصعب عليهم الزواج، ولا تستطيع هيئة الزكاة أن تزوج الشعب اليمني من شق وطرف، لا، عندما تكون التكاليف مخفضة، يستطيع الكثير من الشباب والشابات أن يتحصنوا، وأن يتزوجوا.
وفي إطار العلاقة الزوجية يحرص الإنسان على أن تكون علاقته بزوجته علاقة قوية، البعض من الناس، وبالذات المفرطون في القات، الذين يمضون كل لياليهم في السهر على مضغ القات، بعيداً عن زوجته، بعيداً عن أسرته، حتى آخر الليل، يأتي إلى منزله في آخر الليل، ويدخل إلى زوجته في آخر الليل، وهو مرهق جداً، من كثر ما قد أكل من القات، ثم يبقى نائماً إلى منتصف النهار، ويقوم وهو على عجلةٍ من أمره للخروج إلى عمله، ثم تصبح علاقته بزوجته على هذا النمط، على هذا الروتين، لا يدخل إليها إلا في آخر الليل وهو مرهق، وتاعب، وينام، ونفسيته ضابحة جداً ومستاءة، ومعقد، ويقوم من نومه أيضاً، دخل وهو في غاية الإرهاق والضبح، وقام وهو في غاية الضبح والعجلة، ويستمر البعض على هذا الروتين لفترات طويلة، تمتد لسنوات، تصبح علاقته بزوجته علاقة ضعيفة جداً، وروتين حياته مع زوجته مؤثر سلباً عليه هو وعليها هي، فلا تكون هذه العلاقة الزوجية حميمية وقوية، والرابطة فيها قوية على النحو الذي يساعد على زكاء نفس كلٍ منهما، على زكاء نفسه وزكاء نفسها، يفترض أن يحرص الإنسان أن تكون علاقته بزوجته علاقة جيدة.
كذلك فيما يتعلق بالمجتمع، المجتمع مع العناية بتيسير الزواج هناك فئات في المجتمع تبقى أيضاً متضررة لاعتبارات أخرى: في مقدمة المتضررين المطلقات، المطلقات كثيرٌ منهن لم يكن طلاقها بسبب ذنبٍ منها، قد يكون طلاقها لأسباب أخرى، قد لا يكون طلاقها- وهذا مؤكد في الكثير منهن- قد لا يكون طلاقها يعود إلى مشكلة من جانبها، ولا حتى إلى سلبياتٍ فيها، أو أنها امرأة غير صالحة، أو أنها امرأة غير مناسبة، الكثير منهن قد يكون هناك عوامل لطلاقهن عوامل أخرى، أسباب أخرى، مشاكل أخرى، قضايا أخرى، لا تدل على أنهن غير صالحات، أو غير مناسبات، قد يكون فيهن الكثير من النساء الصالحات الزكيات، والمناسبات والطيبات.
ولذلك يجب أن تتغير النظرة السلبية الشاملة في المجتمع تجاه المطلقات، والعزوف عن الزواج منهن؛ لأنهن يبقين متضررات جداً، معزولات في المجتمع، مهملات، متروكات في المجتمع، وهن بحاجة إلى الزواج، فلتكن الصورة واضحة، قد يكون فيهن من خير النساء، ومن أحسن النساء، بكل الاعتبارات: سواءً في الاعتبار الديني والإيماني والصلاح، أو على مستوى الجمال، والعفة، والقيم، والأخلاق، والجانب الإنساني، وما يُرَغِّب في الزوجة.
ولذلك يجب أن ينفتح المجتمع، وأن يغير نظرته السلبية؛ حتى لا يبقين متضررات.
من الظواهر السلبية المنتشرة، ولا سيما في بعض المدن: تأخير زواج النساء إلى فترات طويلة، يعني: البعض يفترض بابنته أن تدرس كل مراحل الدراسة، حتى تكمل الجامعة، ثم بعد الجامعة يترجح للبعض أن تكمل حتى تصل إلى درجة دكتوراه، ثم يترجح للبعض حتى تصل إلى درجة بروفيسور، وقد أصبح عمرها أربعين سنة، خمسة وأربعين سنة، أصبحت عجوز، فقدت مراحل شبابها وزهرة شبابها، وبالتالي تبقى البعض منهن- في نهاية المطاف- بدون زواج، التأخير هذا إلى هذه الدرجة طريقة خاطئة وفكرة ساذجة وغبية من الأفكار المستوردة من المجتمعات الغربية، من الأفضل الزواج في بداية الشباب وفي زهرة الشباب، المرأة في تلك المرحلة في زهرة شبابها، ونظارتها، وجمالها، وحيويتها، وجاذبيتها، وهي من خلال ذلك تمكِّن نفسها في إطار الحياة الزوجية لمستقبلها، ما تجي عجوز إلا وهي متزوجة، قد هي عجوز ورجالها شيبة، قد هم كلهم كبار سن، وأصبح بينهم روابط العشرة والزوجية، والحياة الطويلة، والروابط المتينة، كُلٌ منهما يحافظ على الآخر، ويهتم بالآخر، ويحنو على الآخر، ويهتم بالآخر، ويعشق الآخر، وهكذا.
هذا التأخير سلبية كبيرة جداً، يجب إعادة النظر ممن لديهم هذه الثقافة وهذه المفاهيم الخاطئة والغبية، وأن يدركوا أن الأفضل هو الزواج في بداية الشباب وزهرة الشباب، وفي المراحل التي لا تزال المرأة تتمتع بحيويتها، وجاذبيتها، ونشاطها، وكذلك جاذبيتها بكل ما تعنية الكلمة.
هذه النقاط مهمةٌ جداً، وفي الحلال ما يغني عن الحرام، ويصون الإنسان، في الحلال ما يغنيك عن الحرام، الحلال الطيب، الحلال الذي ليس فيه أي تبعات، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولا على المستوى النفسي، ولا على المستوى الاجتماعي، ولا على أي مستوى.
فنسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام، والقيام، وصالح الأعمال، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 293 مرة