نحن والإمام زيد (ع).....أ / خالد موسى
نحن والإمام زيد (ع)
أ / خالد موسى
يقول الإمام جعفر الصادق في شأن مقام الإمام زيد بن علي عليه السلام: برأ الله ممن تبرأ منه، كان والله أقرأنا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم ما تركنا وفينا مثله.
ويؤكد هذا الشأن الفخيم والمقام العظيم التابعي سفيان بن سعيد الثوري حيث قال: قام مقام الحسين وكان أعلم خلق الله بكتاب الله.
أما الإمام محمد الباقر فقد قال عن الإمام زيد قولا بليغا له دلالاته وأبعاده ومعناه الجلي (لمن ألقى السمع وهو شهيد)حيث قال فيه: لقد أوتي زيد علما لدنيا فاسألوه فإنه يعلم ما لا نعلم.
كل هذه الشهادات والتزكيات ليست سوى قطرة من مطرة مما ورد في شأن مقام وإمامة الإمام زيد. والحكماء الفطنون والقراء المنصفون يفهمون الرسالة من عنوانها، ويدركون المراد من إشارته.
فعندما تطل علينا ذكرى استشهاد الإمام زيد في العام 1436هـ ونحن نتطرق لأعلميته بالقرآن المجيد والذكر الحكيم فنريد التذكير والتأكيد لأمرين:
الأول: أن أعلمية الإمام زيد برهان جلي ودليل واضح قوي على إمامته، بل إن لقبه المشهور به وهو (حليف القرآن) لخير شاهد على ذلك، ثم سعيه الرسالي وحركته الجهادية الداعية لإقامة الدين وتبليغ الشريعة، كما قال (ع): والله ما أبالي إذا أقمت كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله أن أججت لي نار ثم قذفت فيها ثم صرت بعد ذلك إلى رحمة الله.
إن من يقف أمام هكذا رجل وهكذا مؤهلات ومواقف وتضحيات وخطابات تاريخية مشهورة وموثقة ثم يسمع تلكم الشهادات الصادرة عن أعلام وعلماء وأئمة فضلاء ليدرك أنه الإمام المؤهل والمقدام المبجل، ومن يتنكر لذلك ويتنكب طريق الإنصاف ويبقى على موروث التنقيص والإجحاف لهو على خطر عظيم وبعيد عن الفطرة والعقل والمنطق.
الثاني: لا يليق بمن ينتمي لفكر ومدرسة ونهج ومنهج هذا الإمام ويفاخر بذلك ألا يكون عند مستوى ما ينتمي إليه ويفاخر به، وألا يستوعب تفاصيل حياة رائد فكره ومواقف ملهم نهجه الوضاء. علينا جميعا أن نتلمس خطى هذا الإمام، ونتأثر بمنعطفات حياته وفكره، ونؤثر بها، ونكون عند مستوى التأسي به.
إن ما سجله وسطره الإمام زيد من مواقف ورسائل وخطوات رسالية وأساليب حوارية جديرة بأن تخلد في ذاكرة الدعاة والمرشدين والعلماء والمتعلمين على حد سواء، وتكون لهم منارة وقدوة في حياة الدعوة والإرشاد وبناء خير أمة أخرجت للناس.
علينا أن نكون عند مستوى ومسؤولية الولاء والمودة لأهل البيت عموما، والإمام زيد خصوصا؛ كون الانتماء إليه وتوليه تعرَّض ومازال لتجنيات وإساءات وتشويهات من قبل تيارات ومدارس تلقفت مرويات وموروثات أضْفَتْ عليها طابع القداسة والعصمة، فنتج عن ذلك إفراط تيار وتفريط تيار آخر. علينا ألا نفرط في حمل روح وثقافة الإمام زيد العادلة غير الجائرة، والجامعة غير المفرقة، والتي كانت مصدر ائتلاف وتلاق على كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ضد الظلم والجور. على المعتزين بهذا الإمام أن يتأثروا به وبالأقربين إليه، الحاملين لفكره الوارثين لعلمه، قبل الأبعدين المتجاهلين له شخصا وفكرا ونهجا.
ينبغي علينا أن نصغي لمن نعرفهم ونفتح مسامع قلوبنا لعلمهم قبل أن نصغي لعلماء آخرين خلف الحدود، ولا بأس أن نستفيد من الآخر ونلتقط الحكمة منه، لكن بما لا ينتقص من ثوابتنا وأصول انتمائنا القائم على العلم والمعرفة والتعلم والوعي والبصيرة الذي تلقيناه كابرا عن كابر من أئمةٍ أعلامٍ وعلماء كرام.
ينبغي أن تكون ثوابتنا راسخة وحاضرة معنا كأسمائنا، وحية فينا كنبضات قلوبنا وسريان دمائنا، وأن لا نسمح بفتح شهية الطامعين لنيل مآربهم وبلوغ مطالبهم على حساب تعب وكد ونضال أئمة أوصلوا إلينا الراية، وبلغوا إلينا النهج السوي، والمنهج الأقوم والمنير، والنور الأسنى، والروض النضير، والثمرات اليانعة، والبدر المنير، والرسالة الصادعة، وما أوصلوه إلينا يجب أن نكون مفاخرين به ومتمسكين به، بوعي ومعرفة وتعلم وبصيرة، لا بتقليد وعاطفة وتأطير وتقزيم وفهم ناقص أو سقيم.
مسك الختام: هلا تحالفنا مع القرآن كما تحالف معه الإمام زيد. وهلا تأثرنا به كما تأثر، وخشعنا ووجلنا مع آياته، كما كان إذا سمعه يغمى عليه. هلا عقدنا العزم على حفظه كما حفظه، والخلوة به كما اختلى به، وتدبرناه كما تدبر، حتى نكتسب ولو نسبة من صفات إمامنا وابن إمامنا وابن إمام إمامنا. عليهم جميعا سلام رب العالمين.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 4157 مرة