بين المواقف الدولية وخطاب قائد الثورة.. إجماع يضع أمريكا على رأس العدوان....بقلم/ إبراهيم السراجي
بين المواقف الدولية وخطاب قائد الثورة.. إجماع يضع أمريكا على رأس العدوان
بقلم/ إبراهيم السراجي
تجاوز قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي مسألة الحديث عن الأدلة والمؤشرات التي تثبت وقوف الولايات المتحدة الأمريكية على رأس العدوان على اليمن باعتبار أن ذلك أصبح راسخاً في الوعي الشعبي ومكشوفاً لدى المجتمع الدولي باعتراف واشنطن وتحالف العدوان، ليسير إلى ما هو أبعد من ذلك وهو يعري تناقض المبادئ الأمريكية المعلنة مع الواقع وبينها تبني الإدارة الأمريكية للنظام السعودي المستبد في وقت تقدم واشنطن نفسها لشعوب العالم منحازة للحرية والديموقراطية.
في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد والتي تتزامن هذا العام مع استمرار العدوان على اليمن يقول السيد الحوثي: " تحاول أمريكا واسرائيل أن تنحصرَ فيهم القدرات والإمْكَانات العسكرية وأن يسلبوا المستضعفين كُلَّ مقومات وقدرات الدفاع عن النفس" . وهنا لا يتحدث السيد جزافاً او يلقي عبارات انشائية كون ما يقوله ناتج عن تجربة ومراقبة للخطوات التي أقدمت عليها أمريكا لتجريد اليمن من الأسلحة وبالتالي مكامن القوة التي يمكن للشعب اليمني الدفاع عن نفسه.
وعلى سبيل المثال للحصر وتأكيدا لما جاء في خطاب قائد الثورة نشر موقع ويكيليكس المتخصص في تسريب الوثائق في عام 2009م وثيقة أمريكية تتعلق باليمن وسعي واشنطن لتجريد اليمن من الصواريخ المضادة للطائرات.
الوثيقة المصنفة بواسطة (ستيفن سيش) بتاريخ الثامن من ابريل والتي تقول: "في الفترة 20-22 يونيو زار اليمن وفد أمريكي من أجل مناقشة الجهود التي ترمي إلى الحد من تهديدات الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات مع المسؤولين في الحكومة اليمنية. ومنذ عام 2004 تمكن التعاون الأمريكي اليمني من تقليص وجود هذه الصواريخ في اليمن بشكل كبير".
وفيما تطوف اليوم طائرات الاف16 الأمريكية سماء اليمن في إطار العدوان بعد أن صبت عشرات الآلاف من الصواريخ والقنابل منها المحرمة دولياً يتضح جلياً أن الحملة الجوية التي تديرها أمريكا باعتراف سعودي قد جرى التخطيط لها منذ وقت مبكر لتجريد اليمن من القوة التي تمكنه من الدفاع عن نفسه ضد أي عدوان.
وبالعودة لخطاب قائد الثورة بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد وقد تردد اسم أمريكا في خطابه نحو 40 مرة في كل مرة منها كان السيد الحوثي يؤكد او يكشف عن جانب من جوانب الدور الأمريكي في قتل اليمنيين ومرة أخرى يؤكد ما بات راسخا في وعي اليمنيين ولدى العالم أن أمريكا بكل الشواهد هي من تشن العدوان على اليمن باستخدام ادواتها من المكون من التحالف السعودي أو صنائعها من الجماعات الإرهابية.
وحول ذلك يرى السيد الحوثي أن أمريكا وإسرائيل هما مهندستا الحروب، والاخرون" كالنظام السعودي" ، وكداعش والقاعدة، كلها مجرد أدواتٌ، كلهم عبيدٌ لأَمريكا، خَدَمٌ لأَمريكا" .وهنا وفيما يخص النظام السعودي ،فيظهر دوره أنه يقود حرباً بالوكالة نيابة عن أمريكا ويمول تلك الحرب كدوره في سوريا تماماً ، ولذلك ومن خلال الإعلان قبل يومين عن اتفاق (امريكي-روسي) أفضى إلى هدنة ووقف للأعمال القتالية في سوريا دون أن يكون للنظام السعودي أي دور أو تأثير رغم أن الاتفاق يتنافى تماماً مع رغبة النظام السعودي وتصريحات وزير خارجيته عادل الجبير وهو يغرد خارج السرب عن مواصلة الجهود العسكرية لإسقاط نظام الأسد بالقوة.
أما تنظيم داعش والقاعدة وغيرهما فيظهر منذ بداية العدوان سير مسلحي التنظيمين في الاتجاه الأمريكي وكان لشبكة الإذاعة والتلفزيون البريطاني (بي بي سي) تقريراً ميدانياً فاضحاً لطبيعة العلاقة بين القاعدة وتحالف العدوان والتحام مقاتلي التنظيم في صفوف تحالف العدوان بمواجهة الجيش واللجان الشعبية بمحافظة تعز.
وفي تقريرها عن الفيلم الوثائقي بعنوان (مسلحو القاعدة في اليمن على جبهة واحدة مع التحالف السعودي) الذي انتجته (بي بي سي) البريطانية وبثته في شاشتها أمس الأول ، تقول: "حصلت بي بي سي على أدلة تفيد بأن قوات من التحالف الذي تقوده السعودية باليمن قاتلت خلال إحدى المعارك الكبرى على نفس الجبهة مع مسلحين موالين لتنظيم القاعدة ضد الحوثيين في محافظة تعز". ومنذ عمليات الجيش واللجان الشعبية في عدن كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قد أكدت أن مقاتلو القاعدة يقاتلون جنباً إلى جنب مع التحالف السعودي.
أمام مبادئها المعلنة تظهر أمريكا على الواقع خلافاً لذلك فأمام ما تعلنه عن دعمها للحريات والديموقراطية تجد واشنطن نفسها حليفة لأكبر نظام رجعي وديكتاتوري في المنطقة وهو النظام السعودي وهذه الجزئية لم يفوتها السيد الحوثي في خطابه المذكور عندما قال: " أَمريكا في حقوق الإنْسَـان في الحُـرِّيَّة في الديمقراطية رأيتموها تدعم أسوأ نظام مستبد في المنطقة" ، وقد أصاب السيد في ذلك، في الوقت التي تظهر هذه العلاقة في موضع نقد من قبل المنظمات الأمريكية ذاتها والجهات الأخرى.
ففي يناير الماضي نشرت مجلة (ناشيونال إنترست) الأمريكية مقالاً للمحلل السياسي الأمريكي (دوغلاس دوغ باندو) سلّط من خلاله الضوء على العلاقة بين أمريكا والسعودية والضريبة الأخلاقية الباهظة التي تتحملها واشنطن جراء دعمها لسلطات آل سعود.
وقال دوغ باندو في مقاله: "لقد حان الوقت كي تتخلص الإدارة الأمريكية من أوهامها بشأن علاقتها مع النظام السعودي، وعليها أن تضع نهاية سريعة لتحالفها المشبوه مع هذا النظام".
وفي حين تتضح الصورة عن طبيعة العلاقة بين واشنطن والنظام السعودي وبالتالي طبيعة الدور الأمريكي في العدوان على اليمن وارتباط ذلك بالجرائم الجماعية بحق المدنيين يخلص السيد الحوثي في خطابه أن أمريكا في اليمن تتمثل بتلك الجرائم عندما قال مخاطبا اليمنيين: "هذه هي الحقيقة ..أَمريكا رأيتموها طغياناً وإجْرَاماً في أشلاءِ أَطْفَالكم في أشلاء نسائكم في خراب بيوتكم ومدنكم وقراكم".
وكالعادة تحدث السيد الحوثي عن أمريكا باعتبارها الوجه الآخر للجرائم في اليمن وهو بذلك يلخص استنتاجات ملامسته واطلاعه على خفايا الأمور ومنها الدور الأمريكي في إيقاف المفاوضات السياسية فيما عرف بـ(جنيف2) من موقعه كقائد للثورة.
ونجد ما يؤكد رؤية السيد الحوثي في كثير من المواقف منها ما صدر مؤخرا عن (مؤسسة الدراسات السياسية في أمريكا) التي انتقدت بشدة الدعم الامريكي الشامل للسعودية وحذرت من عمليات ابادة محتملة في اليمن وقالت "ان امريكا تستمر في تزويد السعودية بالأسلحة من اجل العدوان واستمراره في وقت يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة الشديدة".
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1353 مرة