مجموع الإمام محمد بن القاسم الرسي (ت284هـ)
مجموع الإمام محمد بن القاسم الرسي (284هـ)
من كتب الإسلام الأولى ومن مؤلفات القرن الثالث الهجري، كتاب عظيم عالج في طرحه الكثير مما كان يدور في الساحة الفكرية الإسلامية في عصره، اشمل هذا المجلد على بعض رسائل الإمام محمد بن القاسم، وهي الأصول الثمانية في أصول الدين، وعلى الشرح والتبيين في أصول الدين لما كان عليه الإمام القاسم بن إبراهيم، والهجرة والوصية، حيث بين فيه استحبابه للانسحاب إلى الأرياف ليس هروبا نهائيا، ولكن إعدادا للعودة إلى حياة المدينة للتغيير، بدليل أن هذه الفلسفة هي التي أنتجت الإمام الهادي يحيى بن الحسين، ورابعها شرح دعائم الإيمان، التي ذكرها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في خطبة له، (إحدى خطب نهج البلاغة)، وخامسها تفسير القرآن الكريم، ما وجد منه.
تكمن أهمية المجموع
في كونه من المصادر الأولى للفكر الإسلامي من خلال فكر أهل البيت الذين كانوا لا يزالون يتناقلونه أبا عن جد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في صورته الأصيلة، وهي الرؤية التي قدّمت للمسلمين ثقافة قرآنية نبوية سليمة من الغث، مصونة من التشويه، وفي كونه قدم للأمة بيانا شافيا حول عقيدتها بربها وبملائكته، كما أنه قدم للفرد المسلم الذي لا جدوى من بقائه في مجتمع بعيد عن الله وعن قيم الإسلام وأخلاقه منهجية قرآنية في الهجرة عنهم والبعد عن مساكنهم إعدادا لمرحلة التغيير اللاحقة، لا لاتخاذها دارا للتوحش، واكتناز الكراهة لسكان المدن، والعودة إلى ممارسة العنف ضدهم، كما أنه احتوى العديد من الوصايا العظيمة التي ينبغي لكل مؤمن أن يكون عليها. ومن أهمية الكتاب أن فيه شاهدا على أن آل محمد عليهم السلام هم الجديرون والمعنيون بتربية الأمة وتزكيتها وتهذيبها.
أما مؤلفه:
فهو الإمام شيخ آل رسول اللّه صلوات الله عليه وآله والمقدم فيهم والعابد الورع الزاهد أبو عبد الله محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. عالم فاضل مفسِّر متكلِّم بليغ مجاهد، عانى كما عانى آباؤه الكرام من ظلم وتعسف ومطاردة وملاحقة بني العباس.
تفرّغ عليه السلام في بادية الحجاز لتدريس وإملاء العلوم على أولاده وأبناء إخوته، فكان أستاذ الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، ومُلْهِمَه، وشيخه، من بعد والده الحسين بن القاسم. وكان يفضِّل سكنى البادية لما رأى من انتشار المنكر في الأمصار، كما كان يفضِّل ذلك والدُه القاسم بن إبراهيم وهو ما أوصى به أولاده في كتابه الهجرة والوصية.
وطاف كثيرا من البلدان، وأقام ببغداد والبصرة ودخل الأهواز وخراسان والشام ومصر والمغرب، وكان صلوات الله عليه حريصاً مجتهداً في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى علت سنه ولزمه مرض في ركبتيه أزمنه فزال عنه فرض القيام عند ذلك.
ولما خرج ابن أخيه الإمام الهادي عليه السلام إلى اليمن خرج معه يودعه وقال له: يا أبا الحسين لو حمَلتني ركبتاي لجاهدت معك يابني، أشركنا الله في كل ما أنت فيه وفي كل مشهد تشهده وفي كل موقف تقفه.
قال عنه والده الإمام العظيم القاسم بن إبراهيم: صحبت الصوفية أربعين سنة، ودُرْت المشرق والمغرب ولم أرَ رجلاً أكْيَس ورعاً من ابني محمد.
عاش نيفا وثمانين سنة وتوفاه الله سنة 284هـ.
طبع مجموع الإمام محمد بن القاسم بمكتبة التراث الإسلامي عام 1423هـ/ 2002م، بتحقيق الدكتور الشهيد/ عبد الكريم جدبان.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 12432 مرة