مجموع رسائل الإمام الهادي إلى الحق القويم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام (ت298هـ)
مجموع الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام (ت298هـ) الرسائل الأصولية
من أهم الكتب الإسلامية وأعرقها ويعبر عن فكر وثقافة أهل البيت عليهم السلام، وهو مجلد واحد اشتمل على أكثر من ثلاثين رسالة وكتابا، جمعت وبينت وأوضحت العديد من الجوانب الفكرية العقائدية والمفاهيم الإسلامية حول عدد من القضايا الشائكة في كل العصور.
ففيه جملة العقيدة الصحيحة، وما يجب على البالغ المدرك، والتصور الزيدي حول خطايا الأنبياء، وإثبات النبوة والإمامة، والرد على المشبهة والمجبرة والرافضة، والرد على من زعم أن القرآن قد ذهب بعضه، وفيه تربية روحية عظيمة في كتابي الخشية وسياسة النفس، والجواب على مسائل كثيرة وردت عليه من أهل بيته وأنصاره تعبر عن المسائل الحيوية التي كانت تشغل بال المفكرين من أهل البيت في ذلك الوقت، وفيه البيان الشافي حول معنى السنة الصادقة وماهية القياس الصحيح.
هذا وقد اشتمل على رسائل مهمة، أبرزها:
- كتاب البالغ المدرك ، وكتاب معرفة الله عز وجل من العدل والتوحيد ، وإثبات النبوة
-كتاب التوحيد جواب مسألة الرجل من أهل قم.
- جواب مسائل الحسين الطبري.
- كتاب المنزلة بين المنزلتين.
- كتاب تفسير العرش والكرسي.
- كتاب أصول الدين، وجوابه لأهل صنعاء .
- كتاب الرد على من زعم أن القرآن قد ذهب بعضه.
- كتاب جواب مسائل ابنه المرتضى، ومسائل محمد بن عبيدالله، والرد على سليمان بن جرير في الرضاء والسخط، والموعظة عند آخر حروبه بنجران ودعوته إلى أحمد بن يحيى بن زيد.
- كتاب القياس .
- مسائل أبي القاسم الرازي .
- كتاب خطايا الأنبياء .
- كتاب الرد على المجبرة ، وعلى الحسن بن محمد بن الحنفية وغيرهم.
أما أهمية المجموع
-فله أهمية عالية في الوسط الزيدي والإسلامي كونه أحد كتب المنهج الدراسي في الهجر والمراكز العلمية.
- وكونه يمثل فكر أهل البيت عليهم السلام في عصورهم الأولى، ويعتبر من أهم الكتب في أصول الدين المعتمدة عندهم.
- وفيه من المسائل والمواضيع ما لا غنى عنه للعالم ولا للمتعلم، حافل بالأدلة والبراهين النقلية والعقلية والمباحث العلمية والردود على معظم الشبهات فهو كتاب منقطع النظير .
ومن خصائص فكر الإمام الهادي ومميزاته
• أنه ينطلق من معلمين بارزين هما:
احترام العقل، حيث يجعله الحجة العظمى لله جل وعلى على الإنسان، وتقديس القرآن الكريم وبالذات المحكمات منه، وهي في رأي الإمام التي توافق أصول العدل والتوحيد التي وصل إليها وقررها العقل.
• وأنه يولي أهل البيت في فكره - في ثنايا مجموعه - أهمية قصوى ويفتخر بالانتماء إليهم، فكراً ونسباً، كونهم أهل الحق واتباعهم سبب النجاة والألفة، ومخالفتهم سبب الهلاك والفرقة، وهم ورثة الكتاب المصطفين وأهل الذكر الذين أمِرَت الأمة بسؤالهم في الحلال والحرام.
• وله نظرته القيمة إلى (السنة) التي خصص لها في مجموعه رسالة مستقلة ناقش فيها معانيها وأقسامها، موضحاً أنها لا تخالف الكتاب العزيز، وأنها وحي من الله جاء به جبريل كما جاء بالقرآن، وضرورة عرضها عليه باعتباره المقياس لصحتها. وكذلك له أيضاً نظرته إلى (القياس)، الذي عنى به إعمال النظر في الأدلة الشرعية لاستنباط الأحكام، وقد خصه أيضاً برسالة مستقلة في هذا المجموع، وضح فيها شروط القياس الصحيح مميزاً له عن القياس الفاسد في الدين الذي هو (دين إبليس اللعين)، كذلك مواصفات المؤهّل الذي له أن يقيس ممن ليس كذلك.
• وأن أصول الفقه ومصادره لديه هي: العقل، والقرآن، والمجمع عليه من سنة رسول الله، (والسنة المجمع عليها هي المرجع للسنة المختلف فيها)، "إن الحق لا يؤخذ إلا من أحد ثلاثة وجوه: كتاب ناطق، أو إجماع من الأمة فيما نقلته عن النبي عليه السلام من السنة التي جاء بها عن الله، وأمر بينته وصححته العقول وميزت وأخرجت حقه وشرعت صدقه".
أما مؤلفه فهو:
الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني الفاطمي العلوي الرسي، أبو الحسين: أحد أئمة الآل المجددين. ولد بالمدينة. وكان يسكن جبل الرس بناحية الفرع من أرض الحجاز مع أبيه وأعمامه، فنشأ فقيهاً عالماً ورعاً شجاعاً قوي البدن متواضعاً، بلغ من العلم مبلغاً يختار عنده ويصنف وله سبع عشرة، وفي أيام ظهور محمد بن زيد بجرجان قدم آمل ومعه أبوه وبعض عمومته فشاع ذكره هناك وعظم، وخوطب بالإمام، خرج إلى اليمن الخرجة الأولى عام 280هـ، فلم يجد من أنصاره الاستقامة على طريقة الرشد فرجع إلى الحجاز، ثم طلب منه اليمنيون سنة 283هـ النهوض إليهم باذلين له أنفسهم، فأزمع إلى إجابتهم أوائل سنة 284هـ، فأصلح أمورهم، وحارب المنحرفين، وبذل جهودا كبيرة في إقامة دولة العدل والرشد والحق، حتى توفي بصعدة لعشر باقية من ذي الحجة آخر سنة 298هـ ودفن بجامعها الذي أسسه في مدينة صعدة التي اختطها في الشرق من المدينة القديمة تحت جبل تلمص.
كان الإمام عليه السلام مثالاً حياً لصفات جده المصطفى، علوي السيرة شجاعاً مقداماً في المعارك والأهوال، صاحب دين ودولة، أفنى عمره في إصلاح أمة جده. وفي كتاب دعوته الذي أورده المؤرخون ما يشهد للقائل بذلك حيث قال مخاطباً اليمنيين: (يا أهل اليمن لكم عليَّ ثلاث: أن أقدمكم عند العطاء، وأتقدمكم عند اللقاء، وأن أساويكم بنفسي في الفيء، ولي عليكم اثنتان: أن تطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم، وأن تنصحوا لي وتنصروني في السر والعلانية).
وحكمه وسياسته مبعث فخر المسلمين من جهاد واجتهاد، وبصيرة نافذة وسداد، وقدوة واتباع، وتجديد وإصلاح، وحكمة وعدالة لا تفرق بين القريب والبعيد، والعدو والولي، والمسلم والمعاهد، والرجل والمرأة.
وفي سياسته الاجتماعية والاقتصادية معالم بارزة ونقاط مضيئة، وكذلك في تعامله مع رعاياه من الموالين والمعارضين والأقليات الدينية، وفي قبوله برحابة صدر للاعتراض على مفردات سيرته، والجواب عنها بالحجة الواضحة ما ينبي عن أن سياسته أقرب إلى روح الديمقراطية والشورى.
وتتميز شخصيته السياسية والإدارية بنظرات ورؤى موفقة، وكان المثال الرائع لسياسة الحاكم المسلم العادل الرشيد بما فيها من شدة على النفس والأقارب وسماحة على الرعايا والأتباع.
وهو صاحب مدرسة فقهية، وإمام من أئمة الفقه متبوع، فمدرسته الفقهية لها خصوصياتها ومعالمها وأئمتها ورجالها الذين أثروها استدلالاً وتخريجاً وتفريعاً، ويمتاز فقهه بأنه فقه الحاكم الذي حكم دولة، كما يمتاز حكمه بأنه حكم الفقيه المجتهد، ففقهه هو فقه الدولة الإسلامية بما فيها من اقتصاد ومعاملات، وهو فقه (المعارضة) أيضاً، وهو فقه (الثورة)، والانتفاضة ضد الظلم؛ ولذلك فإن فقه الإمام يتمتع بالحيوية، ويملك مقومات البقاء والديمومة؛ لأنه فقه المجتهد الحاكم بما فيه من فقه العلاقات ومن رؤى اقتصادية وسياسية وقضائية وعسكرية متوازنة.
سأله أهل صنعاء عن فكره ورأيه وانتمائه، فقال: "لست بزنديق ولا دهري، ولا ممن يقول بالطبع ولا ثنوي، ولا مجبر قدري، ولا حشوي، ولا خارجي، وإلى الله أبرأ من كل رافضي غوي، ومن كل حروري ناصبي، ومن كل معتزلي غال، ومن جميع الفرق الشاذة، ونعوذ بالله من كل مقالة غالية، ولا بد من فرقة ناجية عالية، وهذه الفرق كلها عندي حجتهم داحضة والحمد لله، وأنا متمسك بأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي، ومعدن العلم وأهل الذكر، الذين بهم وُحِّد الرحمن، وفي بيتهم نزل القرآن والفرقان، ولديهم التأويل والبيان، وبمفاتيح منطقهم نطق كل لسان.. فقد أصبحوا عندي بحمد الله مفاتيح الهدى ومصابيح الدجى، لو طلبنا شرق الأرض وغربها لم نجد في الشرف مثلهم، فأنا أقفو آثارهم وأتمثل مثالهم، وأقول بقولهم، وأدين بدينهم، وأحتذي بفعلهم". (كتاب القياس).
طبع مجموع رسائل الإمام الهادي من قبل مؤسسة الإمام زيد بتحقيق شيخنا الأستاذ العلامة عبد الله بن محمد الشاذلي، وهو هذ الذي بين يديك. وطبع أيضا باسم المجموعة الفاخرة من قبل دار الحكمة اليمِانية بتحقيق الأستاذ العلامة علي أحمد الرازحي.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 14410 مرات