مملكة الإمام يحيى "رحلة في بلاد العربية السعيدة" .. تأليف : سلفاتور أبونتي .
مملكة الإمام يحيى "رحلة في بلاد العربية السعيدة" .. تأليف : سلفاتور أبونتي .
ترجمة : طه فوزي .
كتاب (مملكة الإمام يحي) الذي وضعه من أعوام الكاتب الإيطالي الذائع الصيت والصحفي القدير (سلفاتور أبونتي) وأسماه (خفايا الحياة في العربية السعيدة) واستطيع القول بأن هذا الكتاب الأخير كان أكملها وأتمها وأوفاها جميعاً وكان أدقها تعبيراً وأصدقها تصويراً وأبرعها أسلوباً فقد تحدث مؤلفه الفاضل حديث الرجل الخبير الدقيق الملاحظة والمحدث الحلو الحديث الذى امتاز بفضيلة الإنصاف والبعد عن الهوى التي أنصف فيها أهل اليمن و اشاد بلطفهم ودماثة أخلاقهم وحلو معشرهم، ووصف فيها المدن اليمنية الجميلة والهضاب العالية ذات المناظر الفتانة أجمل وصف.
عام 1934 ، دخل الإيطالي سلفادور أبونيتي إلى أرض اليمن.. وسجل مشاهداته في هذا الكتاب الرائع "مملكة الإمام يحيى رحلة في بلاد العربية السعيدة"، تعريب أ.طه فوزي. والصادر عام 2009، عن مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة.
هذا الكتاب مليء بالمتعة والعبرة، وبما هو أهم : أسرار #اليمن!
أنظروا ماذا يقول ضمن انطباعاته عن يمن الإمام يحيى، ذلك اليمن المعقد والعميق، اليمن الذي يعد دخول عاصمته أعظم نجاح قد يحققه الغرباء طوال حياتهم!
يقول المؤلف حول مقاربته وضع الإمام وظاهرة الدولة السعودية بقيادة الملك عبدالعزيز أيام تأسيس هذه الدولة الثالثة:
وليس الإمام يحيى في حاجة إلى تقليد زميله ابن سعود، الذي ينشئ مستعمرات الإخوان -يقصد إخوان من طاع الله الوهابيون- لتحقيق مشروعه العتيد الذي يرمي إلى تثبيت الرعاة من البدو في الأرض، لأن اليمنيين قد بنوا مساكنهم وزرعوا حقولهم منذ آلاف السنين، ولا أثر للبداوة في اليمن!.
ويقول في موضع آخر: كان الإمام يحيى يقول "إن عسير كانت في الماضي جزءا من العربية السعيدة، ولذلك يجب أن تعود إلى أحضان أمها اليمن!". ويضيف: أما السعوديون فقد نشروا من جانبهم (كتابا أخضر) زعموا فيه أنه لا توجد حدود طبيعية تفصل بين أجزاء بلاد العرب فضلا عن وحدة الدين واللغة، وقالوا: إن شبه الجزيرة العربية، إنما هو كل لا يتجزأ!..
وفي استشرافه مستقبل اليمن، يرمي الإيطالي ابونيتي برأي خطير للغاية: وليس من شك في أنه سوف يأتي يوم عاجلا أم آجلا، يقوم فيه صراع قوي جدا بين عوامل التقدم الحية والقوات الدينية القديمة، وعندئذ لا يعلم إلا الله وحده إن كان هذا الجزء من بلاد العرب سيطلق عليه اسم "العربية السعيدة"، أو أي اسم آخر.
وفي حديثه عن شخصية اليمن. وهو كثير، وفي مواضع شتى، يقول: الحاضر هنا، إنما هو صورة للماضي، فلا شيء يسيئ اليمني ويجرح عزته وكرامته أكثر من أن تتمنى له مستقبلا يخالف حاضره.
وعن العرب قال: العرب هنا يشبهون الأنهار التي تجري في بلادهم، والتي تبقى أجوافها جافة عدة سنين ثم تمتلئ غفلة بالمياه القوية الجارفة التي تأخذ مجراها بعنف وشدة، مكتسحة كل ما في طريقها!.
وعن صنعاء، يقول بدهشة وتحسر واضح: صنعاء تعتبر في حالتها الراهنة، مدينة تعيش على هامش الزمن. شيدها شعب ذكي متفنن قدير. ترى كم من السنين التي انقضت على تشييد تلك المباني الشامخة المدهشة؟.. لا أحد يعلم. ولا يعرف إنسان شيئا عن مدارس المعمار التي ازدهرت يوما ما في العربية السعيدة. والتي ابتدعت هذه الأشكال المعمارية الأنيقة البارعة الجمال! والزخارف التي تحير العقول!.. وهذا الخليط العجيب من النوافذ والشرفات والمشربيات من مختلف الأشكال والمقاسات، والتي تمت بصلة للذوق الفارسي الأنيق!! فهل من الممكن أن يكون سكان هذه العاصمة من البدو؟؟!
الكتاب كما قلت آنفا، ضروري، لكل مهتم بالشأن اليمني، وتاريخه وتعقيداته، وشخصيته التي حيرت الألباب، وجعلت الكثير من الخصوم والطامعين ينسحبون بهدوء وبصخب أحيانا! من تلك البلاد التي لم تعد سعيدة أبدا..
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 6414 مرة