ظاهرة هروب قوات النخبة السعودية والمستنقع اليمني....بقلم/جمال كامل
ظاهرة هروب قوات النخبة السعودية والمستنقع اليمني
بقلم/جمال كامل ـ شفقنا
كل شيء في السعودية لا يمت باي صلة للحالة الطبيعية التي تعيشها البلدان الاخرى، على الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية، فالحالة السعودية شاذة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فلا سياستها ولااقتصادها ولا قواتها المسلحة، يمكن ان تجد لها حالات مماثلة في اي مكان في العالم.
سياسيا، عائلة غيرت اسم جزيرة العرب الى اسم جدها، وجعلت شعبا كاملا يحمل اسم رجل واحد، جاء من صحاري نجد متحالفا مع مشايخ يحملون اسوء واشنع وابشع قراءة للاسلام، مدعوما من المستعمر البريطاني، فأسس نظاما سياسيا، لم ولن يشهد العالم له مثيلا، في التبعية المطلقة للغرب، وفي التخلف والرجعية، حتى من الصعب جدا وصفه بالاستبداد، فالاستبداد صفة تلطف كثيرا من قبح هذا النظام، الذي يتعامل مع الشعب كعبيد اذلاء.
اقتصاديا، فيمكن وصف ال سعود، بانهم ليسوا سوى عمال لدى الشركات الامريكية، مهمتهم تتلخص في استنزاف الثروات النفطية، لصالح السيد الامريكي، دون ان يكون للسعودية وشعبها، اي قيمة او مصلحة في رؤية ال سعود الاقتصادية، ويمكن تلمس ذلك من المليارات السعودية الموجودة في البنوك الامريكية، ودور ال سعود في انعاش الاقتصاد الامريكي، عبر اعادة عائدات النفط الامريكي الى الخزينة الامريكية من خلال شراء صفقات اسلحة بمئات المليارات من الدولارات، ومن خلال شراء اسهم الشركات الامريكية التي تعلن افلاسها، واخر هذه الادوار كان اغراق اسواق النفط العالمية بالنفط دون اخذ مصلحة الشعب السعودي، فاذا باسعار النفط تهبط من اكثر من 100 دولار الى 40 دولارا، بل ان امريكا تستخدم النفط والثروة السعودية في تمرير مخططاتها في المنطقة والعالم خدمة ل”اسرائيل” عدوة العرب والمسلمين.
عسكريا، حدث ولا حرج، ففي الوقت الذي تعتبر السعودية من اكثر دول العالم انفاق على التسليح، حتى وصل انفاقها الى اكثر من 150 مليار دولار، وهذا الانفاق، لا يمت باي صلة لحاجة السعودية للسلاح، فال سعود يشترون السلاح من اجل الضغط على الحكومات الامريكية والاوروبية لتمرير سياستها في المنطقة، فعلى سبيل المثال انفقت عشرات المليارات من الدولارات في شراء اسلحة من امريكا والغرب بهدف افشال الاتفاق النووي!!، لذلك لم ينعكس هذا التسليح على المعنويات القتالية للجندي السعودي، وهو ما تأكد خلال العدوان السعودي على اليمن.
من اجل اخذ عينة من شذوذ الحالة السعودية، سنعرج سريعا على الوضع العسكري للجيش الذي يعتبر من اكثر الجيوش انفاقا على سلاحه، فهذا الجيش، ورغم انه لم يصطدم وجها لوجه مع الجيش اليمني ومقاتلي حركة انصارالله، رغم مرور ستة اشهر على عدوانه الظالم والغاشم على الشعب اليمني، حتى اخذت ظاهرة الهروب الجماعي للجنود بين صفوفه، تقلق القيادة السعودية، كما كشفت عنها وثائق سعودية تم تسريبها للاعلام، واخرها تلك التي تحدثت عن تهديد الهاربين من مواقعهم بالمحاكم العسكرية القريبة من الحدود اليمنية، حيث اصدرت وزارة الحرس الوطني السعودي، التي من المفترض ان تكون من قوات النخبة، تعميما عاجلا حذرت فيه منتسبيها من “التخلف والهروب عن المشاركة في الواجب الوطني المقدس في الحدود الجنوبية”، مهددة اياهم بإحالتهم الى ديوان المحاكمات العسكرية.
وجاء في التعميم الذي اصدرته الوزارة،: “لاحظنا ظاهرة غياب الأفراد بأعداد كبيرة عن مهمة الدفاع عن الحدود الجنوبية وحيث أن التخلف والهروب من المشاركة في هذا الواجب الوطني المقدس يعتبر توليا يوم الزحف وجريمة يعاقب عليها الشرع، ولما لذلك من سلبيات ينعكس ضررها على جاهزية الوحدة لإنجاز المهمة المكلفة بها مع العلم بأن القيادة حريصة على منح اوقات للراحة والاجازات بقدر ما تسمح به المهمة، وحيث قد تم استنفاد جميع الفرص والأخذ بالأعذارالمقنعة وغير المقنعة لإحتواء ظاهرة الغياب ولكن دون جدوى”.
وأضاف البيان: “لذا عليكم ابلاغ منسوبيكم في الطابور الصباحي وافهامهم انه سيتم التحقيق مع اي فرد ينقطع عن عمله لمدة (سبعة) ايام متصلة او (ثلاثين) يوما متفرقة، وعند عدم وجود عذر شرعي لغيابه سيتم اصدار قرار(انهاء خدمته لغيابه وهروبه من المهمة) عملا بالمادة (56) من نظام خدمة الافراد واحالته الى ديوان المحاكمات العسكرية لمحاكمته وفق نظام العقوبات العسكرية وحرمانه من كافة المستحقات المالية المترتبة على انهاء خدماته والتأشير في هويته بعدم قبول إعادته للخدمة مستقبلا”.
كما قلنا، ان هذا التعميم يستهدف الحرس الوطني، الذي يعتبر من قوات النخبة السعودية، كما ان هذه القوات لم تشارك قط في اي معركة لحد الان مع الجانب اليمني، ولكن رغم ذلك، هناك ظاهرة هروب جماعي بين صفوفه، كما تبين من الوثيقة المسربة، والملفت ان ظاهرة الهروب تحدث و قوات النخبة السعودية مازالت داخل الاراضي السعودية!!، الامر الذي يكشف مدى هشاشة وترهل وخمول المؤسسة العسكرية السعودية.
في الوقت الذي حولت الطائرات السعودية والاماراتية عدن وباقي المحافظات الجنوبية الى خرائب، وتقتل الاطفال والنساء والشيوخ، وتفرض حصارا ظالما على الشعب اليمني، لافساح المجال امام مسلحي القاعدة وحلفائهم من ميليشيا حزب الاصلاح التكفيري، لبسط هيمنتهم عليها، تحت غطاء “المقاومة الشعبية” و “المدافعين عن الشرعية”، نرى الجيش اليمني ومقاتلي حركة انصارالله يشنون هجمات بصواريخ سكود على قاعديتن استراتيجيتين في العمق السعودي، هما قاعدة خميس مشيط و قاعدة السليل، وأهم قاعدة بحرية في جيزان، ومحطة كهرباء حامية جيزان.
كما توغل الجيش اليمني ومقاتلو انصارالله داخل الاراضي السعودية وفرضوا سيطرتهم على أكثر من 13 موقعاً في محيط مدينة الخوبة في جيزان، كما اعلن عضو المكتب السياسي في «أنصار الله»، ضيف الله الشامي، مؤكدا ان الجيش السعودي بات عاجزاً حتى عن استعادة معسكر أو موقع سيطر عليه الجيش و«اللجان» داخل عمق أراضيه.
الى جانب ذلك اعترفت السعودية بمقتل قائد اللواء 18 و مجموعة من ضباط اللواء بعد اقتحام الجيش ومقاتلو انصارالله مقر اللواء وسيطروا عليه ودمروا الكثير من معداته وقتلوا قائده ومجموعات من الضباط والجنود. كما اعترفت السلطات السعودية بمقتل ثلاثة جنود سعوديين في جيزان في تبادل لاطلاق النار مع الجانب اليمني.
وقبل ان تتسرب الوثائق السعودية الى الاعلام عن الهروب الجماعي لقوات النخب السعودية، كان الشامي، قد اعلن أن الانهيارات في صفوف الجيش السعودي وتساقط مواقعه بشكل متسارع في أيدي الجيش وانصارالله، لهما خلفيات كثيرة، ف”هناك عدد كبير من أبناء الجيش السعودي رفضوا الخدمة، وبعضهم طلبوا إجازات غير مقتنعين بهذه المواجهة، لأنهم يؤمنون بأنها ظالمة، ولذلك تركوا مواقعهم العسكرية، وعدد كبير من الجيش الذي لا يزال يقاتل لاحظنا أنه يفر من المواجهة للسبب نفسه، لعدم وجود الاقتناع والقضية التي يمكن أن يقاتلوا لأجلها”.
هذه الحقائق وغيرها، تكشف وببساطة النتيجة التي سيؤول اليها العدوان السعودي، وجانب كبير من هذه النتيجة بان واتضح من خلال ما تقدم، فمن المؤكد ان نظام بهذه الخصائص التي اشرنا اليها، وبهذه التركيبة السياسية والعسكرية العجيبة والغريبة، وبهذه الرؤية الضيقة والمتخلفة للقضايا الاقليمية والدولية، وبهذه السياسة اللامسؤولة والثأرية القبلية، لن تحصد سوى الهزيمة التي سترد وبالا على الداخل السعودي، خاصة عندما تتظافر مع الوضع الاقتصادي المتردي وانسداد الافق السياسي، والكبت الاجتماعي والديني.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1342 مرة