"السهم الذهبي" يرتد على السعوديين...بقلم/مهدي حسن الخفاجي
"السهم الذهبي" يرتد على السعوديين
بقلم/مهدي حسن الخفاجي
بعد نجاحهم في ايجاد موطئ قدم لهم في عدن، بعد استجلابهم آلاف الجنود المصريين والسودانيين والاماراتيين بالاضافة الى مرتزقتهم من اتباع هادي وحزب الاصلاح، ومن الباكستانيين.. ظن آل سعود ان الأمور باتت تمضي لصالحهم، وانهم بامكانهم تحقيق أهدافهم، بعد هذا (النصر) الذي نفخوا فيه أعلامياً، وأسبغوا عليه أهمية اكثر مما يستحق، وطبلوا له بصورة مكثفة.
وعلى خلفية هذا التطبيل شن آل سعود ومرتزقتهم ومن يقف معهم في هذا العدوان الهمجي على اليمن، حرباً نفسية ضخمة ضد الشعب اليمني ومقاتليه من انصار الله والجيش اليمني، فطيلة تلك الفترة اي من دخولهم عدن وحتى اليوم، نسمع يومياً انهم يجلبون قوات ضاربة لما يسمونه تحرير صنعاء من انصار الله والجيش اليمني، ونسمع يومياً انتصارات لمرتزقتهم في المحافظات الجنوبية، وتسليم العشرات أو المئات من افراد الجيش وانصار الله.. وهكذا.. يتبن فيما بعد ان أغلب هذه الأخبار مفبركة وكاذبة الهدف منها محاولة زرع اليأس والاحباط في نفوس أبناء الشعب اليمني، والحاق الهزيمة النفسية بمقاتليه وحماته من القوات المسلحة وانصار الله.
كانت وما تزال هذه الحرب النفسية من الشدة والخبث، بحيث تخيّل للمتابع ان الجيش اليمني وانصار الله تلاشوا امام القوات السعودية وان الزحف السعودي الأماراتي يراكم انجازاته الميدانية!! بينما واقع الأمر ليس كذلك، فحتى هذا الانتصار الذي تتحدث عنه السعودية وحلفاؤها ومرتزقتها اليمنيون، لا يعتبر انتصاراً بالحسابات العسكرية، لأن النظام السعودي استعان بآلاف الجنود المصريين والسودانيين بالاضافة الى القاعدة ومرتزقته من اليمنيين، وبدعم جوي مكثف لدرجة ان المقاتلات السعودية قصفت مواقع انصار الله والجيش اليمني مئة مرة خلال ساعتين فقط، وذلك فضلاً عن الاسلحة المتطورة من الدبابات والمدفعية والأنظمة الصاروخية وأسلحة القنص التي زودت السعودية والامارات بها القوات المهاجمة والتي نقلت عبر البحر ونزلت في منطقة الوديعة قرب عدن، وبدأت الهجوم على المدينة، يضاف الى ذلك ان هذا الخرق لم يحصل الا بعد خمسة أشهر دفع خلالها مرتزقة السعوديين من انصار هادي وحزب الأصلاح خسائر باهضة. هذا اولاً.
وثانيا: ان انصار الله والجيش اليمني، هم خرجوا وانسحبوا من داخل المدينة تجنبا للقصف الذي بات يطال الأبرياء في المناطق السكنية وتمركزوا في المرتفعات والتلال وحتى في بعض الضواحي المحيطة بالمدينة، بانتظار الفرصة المناسبة للانقضاض على مرتزقة السعودية، فالمدينة غير مستقرة وتشهد معارك مستمرة، وهذا يفسر عدم عودة هادي رغم الضجيج الأعلامي السعودي بقرب عودة هادي الى عدن وممارسته السلطة من هناك.
وما يقال عن عدن يقال عن بقية المواقع اليمنية في أبين وحجة والضالع التي تمدد اليها مرتزقة السعودية.
بين حسابات آل سعود وحسابات الميدان
=========
رغم ان الأوضاع في عدن والمناطق الاخرى التي وصل اليها مرتزقة السعودية المدججين بالأسلحة الثقيلة والمتطورة، لم تحسم بشكل نهائي لصالح آل سعود وحلفائهم كما اشرنا، الّا ان الأبواق السعودية ما زالت تروج لانتصارات وهمية وما زالت ترفع سقوف آل سعود لانهاء العدوان، وكان آخر هذه السقوف وليس اخيرها، هو التسليم الكامل لانصار الله والجيش اليمني، كما تجسد ذلك في النقاط الثمانية التي حملها المندوب الاممي اسماعيل بن أحمد ولد الشيخ من النظام السعودي الى ممثلي انصار الله وحزب المؤتمر الشعبي الذي يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والمتواجدين حالياً في العاصمة العمانية مسقط، التي تبذل جهداً لانهاء الازمة اليمنية.
وفيما تواصل السلطات السعودية الترويج لانتصاراتها المزعومة، فأن وقائع الميدان وتطوراته، منذ أسبوع تؤشر الى تطورات ليست في صالح النظام السعودي، بل لها أو تترتب عليها عواقب استراتيجية في غاية الخطورة على النظام السعودي نفسه ومستقبله أيضاً، نحاول الأشارة الى بعض من هذه التطورات بما يلي:
اولا: الجبهات الداخلية
====
1- نجاح أنصار الله والجيش اليمني في امتصاص زخم اخترافات مرتزقة آل سعود في عدن وفي بعض المحافظات الأخرى، ومن ثم ايقافه وحصره في المناطق التي تمكن هؤلاء المرتزقة من الوصول اليها وتحويلهم الى أهداف بضربات وغارات الجيش وانصار الله، ملحقين بهم أفدح الخسائر في المعدات والافراد وبشكل يومي، وعلى سبيل المثال نجح انصار الله بتدمير عشرات الدبابات والآليات العسكرية الاماراتية في مداخل مدينة أبين، وايضاً في عدن، ذلك ما أجبر السعودية على الدفع باعداد جديدة من المرتزقة بسبب ضربات الجيش وانصار الله وقتل المزيد من هؤلاء المرتزقة.
2- انقلاب بعض القبائل اليمنية التي كانت تقف مع العدوان السعودي ضد انصار الله والجيش اليمني، او التي كانت تشكل حاضنة لمرتزقة السعودية، بسبب الجرائم التي اقترفها هؤلاء المرتزقة في المناطق التي سيطروا عليها بعد انسحاب انصار الله والجيش اليمني، فعمليات نهب ممتلكات المواطنين اليمنيين ثم التنكيل بهم والتعامل معهم باسلوب فض وامتهان للكرامة، اصاب هذه العشائر بالصدمة وردة الفعل، حيث ان البعض من هذه العشائر لم يكتف بالوقوف على الحياد، بل إنحاز الى انصار الله والجيش اليمني، ولعل جريمة قتل الاسرى في تعز على ايدي مرتزقة السعودية من انصار هادي والقاعدة وحزب الاصلاح، وبصورة بشعة ومروعة وامام الملأ العام، شكل صدمة لكل ابناء اليمن ولهذه العشائر الموالية للعدوان مما أثار فيها ردة فعل عارمة ضد العدوان والابتعاد عنه، ويمكن لأي متابع أن يتصفح المواقع الالكترونية اليمنية حتى تلك القريبة من العدوان، ويتأكد من هذه التحولات الشعبية في حاضنة العدوان، فهناك عشرات بل مئات الشهادات من نساء ورجال على فظاظة مرتزقة السعودية وجرائمهم وتقييدهم لحريات وحركة المواطنين في المناطق التي نجحوا في ايجاد موطيء قدم لهم فيها.
3- بروز الخلافات بين مرتزقة هادي والحراك الجنوبي، فاتباع الحراك الجنوبي أيقنوا ان هادي ومرتزقته لا يسعون الى الاهداف التي يسعون اليها هم، ووصل هذا الخلاف في عدن ومناطق اخرى الى المواجهات العسكرية وسقوط قتلى وجرحى من الطرفين، بل اكثر من ذلك ان هادي أوعز للسعودية بقصف مقاتلي الحراك الجنوبي اكثر من مرة، وفي كل مرة حيث يسقط العشرات منهم قتلى، يدعون ان القصف حصل نتيجة خطأ عسكري، ويعدون بالتحقيق ولم يتم هذا التحقيق لحد الآن. خلاف آخر طفى الى السطح، وهو الخلاف بين جماعة هادي من جهة وحزب الاصلاح والقاعدة من جهة اخرى، لان جماعة هادي يعتقدون ان حزب الاصلاح والقاعدة يريدون فرض سيطرتهم بواسطة العدوان على اليمن، وتهميش هادي وانصاره، واضافة الى ذلك هناك خلاف آخر، بين السعودية والامارات ايضاً طفى على السطح وانعكس بشكل واضح في بعض وسائل الاعلام السعودية والاماراتية، لدرجة ان الامارات ارسلت طائرة الى عدن لاعادة مجموعة من جنودها نتيجة الخسائر الفادحة التي يتعرضون لها يومياً ونتيجة لهذا الخلاف السعودي الأماراتي، وهو خلال يتمحور حول الموقف من الاخوان المسلمين (حزب الاصلاح)، فالسعودية تدعمهم بقوة، والأمارات لا تريد لحزب الاصلاح دور مهيمن في الاحداث، كل هذه الخلافات أضعفت مرتزقة العدوان وساعدت الشعب اليمني وجيشه وانصاره من توجيه الضربات القاتلة لهؤلاء القتلة.
4- استغلال القاعدة للتطورات الجديدة، والاستئثار بالسيطرة على المناطق التي شغلها مرتزقة آل سعود بعد انسحاب انصار الله منها، كما حصل ذلك في عدن، حيث ابلغ تنظيم القاعدة كل الجماعات الاخرى من انصار هادي، ومن اماراتيين ومصريين ومن حراك جنوبي الى الخروج من حي التواهي الذي هو بمثابة قلب المدينة، يضم ميناء التواهي ويضم أهم المراكز الأدارية والتجارية في المدينة، وذلك ما فسره جماعة هادي بأنه خطة لحزب الاصلاح والقاعدة من أجل فرض الأمر الواقع على بقية الشركاء، اي تهميشهم والسيطرة على المفاصل الاساسية للمناطق التي ينجحون في الوصول اليها. هذا التطور في مواقف القاعدة وحزب الأصلاح، في الوقت الذي عمق شرخ الخلافات بين جماعات مرتزقة السعودية، فأنه عقد الوضع بالنسبة للسعودية، لأن الأخيرة لا تريد من وراء دفع كل هذه الخسائر العسكرية والمالية والأخلاقية في عدوانها على اليمن، ان يكون تنظيم القاعدة هو المسيطر على الأوضاع، والذي يمكن أن يشكل لها وحزب الاصلاح تهديداً في المستقبل، اذا ما تمكنوا من السيطرة على الأوضاع في اليمن من خلال هذا العدوان وهو أمر مستبعد جداً.
5- اتساع ظاهرة التفاف الجماهير اليمنية حول الجيش وأنصار الله، في التصدي لهذا العدوان، ومنح قيادة انصار الله التفويض باستخدام كل الخيارات المتاحة لتأديب النظام السعودي، كما واتساع مظاهر التماسك والوحدة والصمود والثبات في وجه العدوان، فحتى الأوساط التي كانت تقف في المساحة الرمادية، او المحايدة في الصراع نتيجة التباس الامور وعدم وضوحها لها، انحازات الآن الى جهة المواجهة للعدوان، بسبب انكشاف اهداف العدوانيين من آل سعود ومن مرتزقتهم.. حزب الاصلاح وجماعة هادي، وبسبب الجرائم والمجازر البشعة التي اقترفها هؤلاء العدوانيين ويقترفونها بشكل مستمر بحق الابرياء من ابناء الشعب اليمني، ثم تدميرهم لكل مرافق حياة هذا الشعب وبناه التحتية.. وهذه الظواهر في الوقت الذي عززت فيه ثبات وصمود المقاتلين من انصار الله والجيش اليمني، فأنها اقنعت المئات بل الآلاف من الشباب اليمني بالالتحاق بانصار الله والجيش للثأر من العدوان، ومن مرتزقته.
ثانيا: الجبهات في مناطق الحدود
======
لعل ما بات يقض مضاجع النظام السعودي، اكثر مما هو حاصل في الجبهات الداخلية هو الوضع الحربي في منطقة الحدود، وبالتحديد جبهات نجران وجيزان وعسير، وهي محافظات يمنية تضم عشائر يمنية اكثرهم من الزيدية والاسماعيلية، كان النظام السعودي سيطر عليها وقضمها من اليمن في عقد الثلاثينات، ثم نجح النظام السعودي في الابقاء عليها بعد معاهدات وصفقات مع انظمة الحكم التي تعاقبت على اليمن واكثرها موالية للنظام السعودي.
ما يجري على جبهات الحدود، يمكن رصده بالنقاط التالية:
1- تصدر اخبار المعارك في جيزان وعسير ونجران، مشهد العدوان السعودي على اليمن، اذ باتت التطورات المتسارعة في هذه الجبهات تغطي على تطورات الجبهات الداخلية رغم أهميتها، بسبب سرعة تقدم أنصار الله والجيش اليمني في عمق هذه المناطق، فيومياً تعلن المصادر اليمنية الموالية والمعارضة لانصارالله سقوط مواقع سعودية جديدة في جيزان او نجران او عسير بيد انصار الله والجيش اليمني وفرار الجنود السعوديين منها أو قتلهم وأسرهم وتدمير دباباتهم وآلياتهم العسكرية أو غنمها منهم.
2- الضربات القاتلة التي بات انصار الله والجيش اليمني يكيلونها للقوات السعودية في تلك المحافظات، فقد اعترف النظام السعودي بمقتل قائد اللواء 18 مشاة حرس وطني، اللواء عبدالخالق بن سعد الشهراني وعشرة ضباط كانوا برفقته، وحسب المفهوم العسكري ان قائد اللواء عادة ما يكون متأخراً من حيث الموقع القتالي عن افواجه المتقدمة والملتحمة بخط المعركة، بحوالي عشرة كيلومترات، ما يعني ذلك ان انصار الله والجيش اليمني دمروا تلك الافواج كلها ثم وصلوا موقع القيادة المتأخر، كما اعترف السعوديون قبل ايام بمقتل طياريين اثر سقوط طائرة الأباتشي المقاتلة التي كانا يقلانها، كما اعترف آل سعود بسقوط اخرى ذلك فضلا عن سقوط طائرة قرب محافظة البيضاء في جبهات الداخل اليمني.
3- تصاعد وتيرة الخسائر السعودية في جيزان ونجران وعسير، ليس بالافراد وحسب، وانما بالمعدات، فتلفزيون المسيرة يعرض يومياً خسائر السعودية في منطقة الحدود، وكان من هذه المشاهد، تدمير رتل عسكري سعودي مكون من 43 دبابة وآلية عسكرية كلها مدمرة، فضلا عن تلك التي غنمها انصار الله والجيش اليمني، والتي قالت مصادر انصار الله والجيش اليمني، ان دبابات الابرامز التي غنموها استخدموها ضد السعوديين، كما قصف الجيش اليمني اكبر قاعدة عسكرية سعودية في جيزان بصواريخ ارض – ارض طويلة المدة، حيث تشير المصادر الى ان الخسائر كانت فادحة في هذه القاعدة.
4- تطور الحرب في الحدود من غارات محدودة يقوم بها الجيش اليمني وانصار الله على المناطق الحدودية السعودية وتوجيه ضربات مدمرة لها ومن ثم العودة الى مواقعهم في اليمن، الى هجمات منظمة يتم فيها تحرير المناطق التي هاجمونها ومن ثم الاستقرار فيها، وما يدل على تمركزهم في جيزان ونجران هي قصف الطيران السعودي لاحياء عدة في مدينة نجران، فيما تشير التقارير الى ان المعارك بين انصار الله والجيش اليمني باتت تجري بعمق 10 كم داخل المدينة.
5- كل هذه التطورات تؤشر الى ان انصار الله والجيش اليمني غيروا استراتيجية المواجهة من الدفاع لامتصاص زخم الغزو السعودي الاماراتي، الى الهجوم على كل الجبهات سيما مناطق الحدود، كما تؤشر هذه التطورات الى ان انصار الله والجيش اليمني يمتلكون أسلحة متطورة اثرت بشكل واضح على تطورات الميدان وهذا نذير صادم للنظام السعودي الذي ظن انه نجح في تدمير مستودعات أسلحة الجيش وانصار الله، وبحسب الخبراء العسكريين وعلى اثر التطورات الجارية في مناطق الحدود ليس ببعيد ان يُصبح آل سعود ويجدوا ان نجران وعسير وجيزان قد عادت الى احضان الوطن الأم، وحينها يكون ضربة قاتلة لهم، ستترك استحقاقاتها وتداعياتها على كل مفاصل الدولة السعودية.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1894 مرة