صنعاء وعدن .. بين دواعش السعودية وفواحش الإمارات .. بقلم/ حمود عبدالله الأهنومي
صنعاء وعدن .. بين دواعش السعودية وفواحش الإمارات
بقلم/ حمود عبدالله الأهنومي
"لم يكن الاحتلال الأجنبي لبلدٍ من البلدان، ولا التدخل في شؤونه حلا لمشاكله في يوم من الأيام، وجميعُ التجارب التي كانت على هذا النحو كانت تجارب قاتلة للشعوب، ومهلِكة للبلدان، ومورِّطة للمجتمعات، ولم تُفضِ أبدا إلى استقرار، بل جميع التجارب تخبر أنها خلقت مزيدا من الفوضى والدمار والاقتتال والاستعباد، وفي هذا ما يكفي للحذر وعدم الوثوق بمشاريع الاستعباد والاستكبار".
تلك الفقرة كانت خاتمة مقالة بعنوان (الجنوب والتيه في السراب) نشرتُها على النت في 6 أكتوبر 2015م، بعد أن ادعى المحتلون الجدد أنهم حرروا مدينة عدن من الجيش واللجان الشعبية، وها هو اليوم يخبرنا أن الوضع لم يتغير، فهؤلاء (المحرِّرون) الذين لا يمتلكون مثقالا من حرية، إلا بقدر ما تسمح لهم سادتهم، الذين هم في الأصل والفصل خدام أمريكا في المنطقة، ها هم يحولون مدينة عدن الجميلة إلى كانتوناتٍ ممزّقة، تتطاير أشلاء أبنائها الأبرياء بقذائف الدبابات، وجحيم الهاونات، بل ويتباهون بنشر مقاطعَ مقزِّزة تظهر صور قتلى يتمُّ رميهم من شاحنة كأوعية القمائم، بلا رحمة ولا حرمة.
إنه بقدر وجعنا على الجنوب وعدن يجب أن نتذكر أية نعمة حبانا الله بها في المناطق الشمالية التي انحازت إلى الحرية والكرامة والاستقلال في القرار، في الوقت الذي نتذكر فيه أية نقمة وقع في شراكها أهلُنا في الجنوب، حينما أسلسوا قيادهم للعدوان، وباتوا يأتمرون بأوامر الغزاة الجدد، وجميعهم منضوٍ تحت مظلة ما يسمى بالتحالف العربي لدعم الشرعية.
ليس هناك كذبة أقذر وأكذب من هذه العبارة التي ملأت جناب التاريخ الفسيح زيفا وعارا، وهي هذه العبارة الممجوجة بجميع أجزائها (التحالف العربي لدعم الشرعية).
لن يغسل ذلك العار ويصحح ذلك الزيف إلا نار الحرية والاستقلال التي يجب أن تشتعل في كل من بقي في دمائه دفْق حرية ووخز ضمير ليوجه بندقيته إلى العدو الحقيقي لهذا الشعب، وهو العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، لا أن يتم توجيهها إلى صدور بعضهم بعضا كما يحدث في عدن هذه الأيام.
الذي لا يجب أن يخطئه عقل عاقل؛ هو ماذا لو لم تنفض صنعاء غبار تلك التبعية لأدوات أمريكا في المنطقة؟ ماذا لو استمر الحال بوجود عملاء قطر والسعودية والإمارات فيها؟ ماذا لو ظل دواعش السعودية وقطر وفواحش الإمارات يتحكمون في مشهد صنعاء؟
إنه بالمقارنة مع ما يحدث في بلدان عربية أخرى، وبالتحديد في ليبيا مثلا – التي بالطبع لا يوجد فيها حوثيون يمكِّن أن يوفروا لخرقاء الارتزاق علة – بل وبالمقارنة مع ما يحدث في عدن اليوم، فإن ما يترجَّح بشكلٍ غالب أن صنعاء منذ سنوات كانت ستمر بهذه المشاهد والحالات التي تتلبسُ عدنَ اليوم، وكان لا بد أن تأخذ قسطها من هذا المشروع التدميري الخبيث.
بالتأكيد كنا سنرى صنعاء القطرية، وصنعاء الإماراتية، وصنعاء السعودية، وصنعاء القاعدية، وصنعاء الداعشية، .. إلى آخر تلك النسخ المتكررة في كل بلد وطأته قدم المستعمرين الجدد وعملائهم، وكنا سنشهد معارك طاحنة في شوارعها، وأزقتها وحاراتها، والاغتيالات اليومية، والتفجيرات الانتحارية، وسنرى الموت العابر والجاثم فنونا وأشكالا في الشوارع والبيوت والساحات العامة والمساجد والمدارس والجامعات وعلى أرصفة الطريق.
لكنه الله الذي حرس هذه المدينة المحروسة بثورة 21 سبتمبر التي اجتثت عملاء أدوات أمريكا، وطردت (خدام خدام الجرافي) جميعا، لما تحرك الشعب الحر والحي هنا بهدف استقلال قراره السيادي والسياسي، وضحى من أجل ذلك بعشرات الألاف من الشهداء والجرحى، ولا زال عدَّاد الحرية والكرامة والاستقلال يتقاضى من التضحيات ما شاء الله، حتى الانتصار الأكبر والأجمل في التاريخ المعاصر بإذن الله تعالى.
وإذا كان ما يجب علينا هو الأمل في الله عز وجل بالنصر وبتحرير اليمن كل اليمن من دنس هؤلاء المجرمين، فإنه لا يجوز أن يظل ذلك مجرد أمنيات وأحلام نتوق إليها، بل إن الانخراط في مشاريع عملية جهادية هو الواجب على كل حر في هذا البلد.
أخيرا لا أدري هل عليَّ التذكير بفكرة رئيسةٍ طالما ردَّدها السيد القائد عبدالملك الحوثي على مسامعنا وهي: أن المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة هو تمزيق هذه الشعوب والدول والكيانات وبعثرتها؟ أم أن ما يجري في الخليج بين قطر ودول الحصار؟ بل وفي عدن والجنوب بين حراكيش الإمارات ودواعش السعودية أقرب دليل عليها؟
والسعيد من وعظ بغيره.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 6141 مرة