العلامة حمود عباس المؤيد وحكاية عن تواضعه وزهده...........بقلم/عبدالعزيز البغدادي
العلامة حمود عباس المؤيد وحكاية عن تواضعه وزهده
بقلم/عبدالعزيز البغدادي
أحد الأصدقاء ما إن يذكر الوالد العلامة الجليل السيد / حمود عباس المؤيد إلا ونجده يعيد على مسامع الحضور حكاية ظريفة فيها عبرة وعظه وتعطي صورة معبرة عن بساطة وتواضع وحكمة هذا العالم تقول الحكاية : أن صديقنا هذا حكى له صديق آخر أنه رأى في المنام أنه عثر على كنز من الذهب في مكان ما وحين استيقظ ذهب إلى مكان الكنز ثم أخذ يحفر وحينما وصل الى صندوق موجود بالفعل وبدأ بمحاولة إخراجه فوجأ بأن هناك من يسحبه من قدميه ويرميه بعيداً عن الكنز، طلب من أحد إخوته الذهاب معه لمساعدته لكن الأخوان لقيا معاً نفس ما لقيه الأول منفرداً أي تم سحبهما ورميهما بعيداً عن الكنز ، قرر صاحب الرؤيا أن يذهب إلى عالم دين يستنجد برأيه ليرشده حول ما يمكنه عمله، فجاء إلى صديقنا راوي الحكاية ليدله على عالم ويذهب معه إليه لأنه من النوع الخجول يتهيب مخاطبة العلماء ! فاتجها إلى عالم مشهور بدوره في نشر الوهابية وتجنيد العلم والدين للسياسة وحينما دخلا عليه في جامع الجامعة التي تبين فيما بعد أنها أنشأت بدعم مؤسسات إرهابية لتغذية الإرهاب في اليمن بل وفي نطاق واسع في المنطقة ، وجداه محاطاً بحراسات مشددة اقتربا منه بحذر والحراس يصوبون بنادقهم نحوهما وينظروا اليهما بتوجس وأيديهم على الزناد استأذن صاحبنا من هذا الشيخ كي يطرح عليه حكاية الحلم وابداء رأيه ورأي الدين فرد عليه بعبوس وهو ينظر إلى الأرض: (تكلم) وحينما سرد له الحلم نظر إليه بقسوة ثم خاطبه بلهجة خشنة جداً معتقداً أن السائل يسخر: لا أعلم لا أعلم وكأنه بذلك يأمر الحراس بطرده وكاد الحراس أن يمسكوا بهما ويرموهما خارجاً في أحسن الأحوال، خرجا من حضرة هذا الشيخ الوهابي تختلط عندهما مشاعر الخوف مع الفرح بالنجاة هذا النموذج كان له في النظام صولة وجولة وموقع الشريك الأساس في الحكم وقدلعب دوراً في نشر ثقافة التكفير وتشويه الوحدة التي حلم اليمنيين بتحقيقها والوقوف ضد دستورها بحجة الدفاع عن الدين ونشر الإرهاب في اليمن، بعد خروجهما قال صاحب الحلم لصديقه ماذا نفعل الآن فأجابه نحمد لله على السلامة أولاً وليعد كل منا إلى أهله ! .
بعد يومين تقريباً ألح صاحب الحلم على صديقه (راوي الحكاية) أن يبحث له عن عالم حقيقي فاهتدى إلى الوالد المرحوم حمود عباس المؤيد وأخذه إليه في جامع الشوكاني ليجد عالماً يحرسه الوقار ويحيطه جلال التواضع وكيمياء المحبة يجلس جوار القبلة لا يتوقف عن الذكر حكوا له الحكاية وأن الجن يقومون بسحب كل من يقترب من الكنز فابتسم المرحوم كعادته وبتواضع وطرافة قال : بيسحبوكم الجن أول ما تلمسوا الكنز قال نعم فقال: دونه أي أتركوه ولا تهتموا وهو بذلك يشير إلى أن العالم الحق لا يفتي في الأمور الغيبية إلا بما يساعد على إجلاء غموضها إن وجد إلى ذلك سبيل ليس فيه تظليل ولا إرهاب ولا تحريض على منكر أو التجرؤ على الفتوى بغير علم !
وهناك مثل يقول: من يقارب الجن يركضوه! ومن يقارب الكير يحرق والا أمتلى من غباره والباب الذي تأتي منه الريح سده واستريح! حكاية الحلم مهما كان مستوى صحتها الا أن الذهاب للفتوى إلى العالم الرباني الجليل المرحوم حمود عباس المؤيد ومن قبله إلى ذلك المحسوب عالماً، وهو نموذج لكثير من المشايخ الذين انتشروا كمحصلة لحقبة البترودولار الذهاب إلى العالمين النقيضين واقعتان حقيقيتان وحينما تناقشت مع راوي الحكاية أدرك أنه رغم ما عاناه فقد تعرف على مدرستان نقيضتان هما مدرسة الوسطية والرحمة والهدى والاعتدال التي يمثلها الوالد المرحوم السيد الجليل حمود عباس المؤيد والوالد المرحوم السيد محمد محمد المنصور رضوان الله عليهما، ومدرسة التشدد والتكفير والإرهاب التي وجدت لتكون النموذج الأسوأ عن الإسلام تمهيداً لشن الحرب عليه بناءً على هذا التشويه والتضليل المتعمَّد الذي يستهدف الإسلام الحق والمسلمين الحقيقيين، من خلال نشر هذه الجماعات التكفيرية في أنحاء متفرِقة من بقاع العالم على هذا النحو المقصود به نشر الرعب والكراهية، من المهم جدا التفريق بين المدرستين ، لأن مدرسة الإرهاب والتكفير وإعطاء أبشع الصور عن الإسلام التي يمثلها ذلك المحسوب على العلم والعلماء صارت عملية ممنهجة كما أشرنا مدعومة بمليارات الدولارات التي تمول التضليل وشراء الذمم والأقلام المأجورة أما مدرسة هذا العالم الرباني الذي كان مثالا للتواضع والبساطة والتقوى والوسطية الحقة التي يمثلها الوالد المرحوم السيد حمود عباس فإنها إنما تعتمد على سلاح الإخلاص والحب والإيمان الذي يملأ القلب ورغم أن هذا السلاح بلا أدنى شك هو الأمضى والأقوى فإن المطلوب أن نتعلم كيف نتمسك به وكيف نجيد استخدامه، المرحوم كان يناديه أهالي صنعاء وما جاورها من القبائل بسيدي حمود أو الوالد حمود بنبرة يظهر فيها الحب الصادق وكان يشكل هو والمرحوم العلامة محمد المنصور ثنائي رباني كان الجلوس إليهما ووجودهما في مجلس يجلب السكينة والشعور بالأمان وسلوكهما وعلمهما يعطي أجمل الصور عن الإسلام الوسطي المستنير وغير المتحجر القائم على العدل والرحمة وإعطاء كل الأمور قدرها. يومنا هذا تم تشييعه بحضور شعبي ورسمي يعكس مستوى حب الناس له – ذكرني بالقول المأثور: من أحبه الله أحبه الناس فرغم أنه في الفترة الأخيرة صار اتصاله بالناس محدوداً ولكن حضوره في الذاكرة الشعبية حضور راسخ وملحوظ عبر عنه حجم المشاركين في التشييع واندفاعهم وهذا يعطي صورة أن اليمنيين بالفعل أهل حكمة لأنهم يجلون العلماء الحقيقيين ويقدرونهم، قال الشافعي رحمه الله: (من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن تعلّم الفقه نبلَ مقداره، ومن كتب الحديث قويت حجته ومن تعلم الحساب جزُل رأيه ومن تعلّم اللغة رقّ طبعه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه) ويذكرني تواضع هذا العالم الجليل بما قاله أحد الحكماء عن أهمية التواضع لدى العلماء الذين يرون أنفسهم دائماً في مقام طالب العلم: (المتواضع من طلاب العلم أكثرهم علماً، كما أن المكان المنخفض أكثر البقاع ماءً).
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1827 مرة