نص كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في ذكرى عيد الغدير يوم ولاية الإمام علي عليه السلام 1439هـ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، شعبنا اليمني المسلم العزيز..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اليوم احتفل شعبنا العزيز بمناسبة إسلامية عظيمة ومهمة، ويحتفل كثير من المسلمين بها في أقطار كثيرة من العالم سواء من كانوا سيحتفلون اليوم أو من سيحتفلون الغد بحسب اختلاف التواريخ، وهذه المناسبة العزيزة والمهمة هي مناسبة يوم الغدير، ذكرى يوم الولاية، يوم الغدير تلك المناسبة عظيمة الشأن وبالغة الأهمية والتي عندما نتأمل فيما يتعلق بها ويتصل بها من نصوص قرآنية ونتأمل في ذلك البلاغ الذي أعلنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك اليوم العظيم ندرك جيدا أهمية هذه المناسبة وعلاقتنا بهذه المناسبة من واقع انتمائنا الديني وهويتنا الإسلامية والإيمانية، وشعبنا العزيز اعتاد على مر التأريخ وعبر الأجيال أن يحتفل بهذه المناسبة وليست مناسبة طارئة في واقعه، لا، هي مناسبة كان يحتفل بها أسلافنا وأجدادنا على مر التاريخ كشعب يمني بحكم هويته الإيمانية وأصالته في تمسكه بقيم الإسلام ومبادئ الإسلام واستيعابه لمفاهيم عظيمة في هذا الإسلام العظيم.
ونتحدث الآن عن هذه المناسبة أولا في طبيعة البلاغ، والنصوص القرآنية المتصلة بها، وندخل ضمن ذلك على كثير من المفاهيم الرئيسية ذات الأهمية القصوى في الإسلام والتي لا بد لنا كمسلمين من التركيز عليها والسعي لاستيعابها، والسعي للالتزام بها كمبادئ ومفاهيم قرآنية وإسلامية، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم وهو عائد من حجة الوداع والتي سميت بهذا الاسم لأن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله عندما تحدث فيها أشعر أمته الإسلامية ومن خلال تحدثه إلى المجاميع الكبيرة، عشرات الآلاف من الحجاج أنه على وشك الرحيل من هذه الحياة، وبالتالي كان هناك أهمية قصوى لكل ما يركز على تقدميه إلى أمته وعلى تبليغه للناس، لأنه وهو في المرحلة الأخيرة من حياته وقبل رحيله من هذه الحياة يركز على أهم المسائل ويركز على استكمال ما تبقى مما ينبغي التأكيد عليه أو تقديمه إلى الأمة بما له صلة أساسية بدينها.
الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وأثناء عودته من حجة الوداع وعندما بلغ إلى وادي يسمى خم، وهو ما بين مكة والمدينة، وهو إلى مكة كما يقال أقرب منه إلى المدينة، نزل عليه قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)، كان ذلك في يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة.
هذه الآية العجيبة المضمون والمهمة المضمون والساخنة المضمون تأكيد على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بأن يبلغ ما أنزل إليه من ربه، موضوع معين له أهمية قصوى بلغت أهميته لدرجة أن الله قال له في ذات الآية (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)، بأدنى تأمل مع التجرد من الأهواء والعصبيات ومع التوجه الصادق نحو الله سبحانه وتعالى وطلب الهداية يتجلى لنا كم هي أهمية موضوع يخاطب الله نبيه بشأنه بهذا الخطاب ويقول له بهذا النص، وإن لم تفعل، يعني لم تبلغ هذا الموضوع فما بلغت رسالته، غياب هذا المبدأ الذي مطلوب منك وأنت مأمور من الله أن تبلغه، غيابه أو كذلك تجاهله يمثل مشكلة كبيرة تمتد آثارها السلبية والسيئة على واقع الدين بكله، حتى يبقى ما بقي من الدين بكله في كل تشريعاته في كل توجيهاته، في كل قيمه، في بقية محتواه وكأنه لم يُبلَغ، يكون عديم الجدوى، يكون عديم التأثير، تتعطل آثاره وفوائده وثماره التي هي مفترضة من دين الله سبحانه وتعالى حتى كأنه لا شيء منه في واقع الحياة.
هذا النص القرآني يدلل على أهمية هذا المبدأ، هذا الموضوع الذي له أهمية قصوى في فاعلية الدين بكله، في حيوية الدين بكله، في أن تتحقق آثار هذا الدين في مجمل وتفاصيل تشريعاته وتوجيهاته وتعليماته، فما هو هذا الموضوع؟ هذا النص الإلهي وهذا الأمر الإلهي وهذا التوجيه الإلهي أتى إلى النبي صلوات الله عليه وعلى آله وأنزل عليه في آخر أيام حياته ما قبل وفاته بأقل من ثلاثة أشهر، إذا جئنا للنظرة إلى الدين وإلى تعليمات هذا الدين وإلى مبادئ هذا الدين وإلى أسس هذا الدين وإلى شرائع هذا الدين وإلى أحكام هذا الدين نجد أنها في هذا الزمن كانت قد نزلت، أكثرها كان قد نزل، كل ما يتصل بمسألة التوحيد قد نزل، ومن أول ما نزل مسألة التوحيد ومحاربة الشرك وما يتصل بمعرفة الله سبحانه وتعالى والجوانب الإيمانية ذات الصلة بهذا الموضوع، أبرز الأحكام الشرعية والإسلامية كانت قد نزلت، مثلا أركان الإسلام الخمسة كلها قد قدمت إلى الأمة، مبدأ التوحيد، مسألة الصلاة، مسألة الزكاة، مسألة الصيام، مسالة الحج، كلها كانت قد نزلت، المواقف ذات الأهمية الكبرى من كل كيانات الطاغوت وقوى الشر والباطل، الموقف المتعلق بالكافرين من اليهود والنصارى وكل الفئات الحاضرة في الساحة المحلية والعالمية آنذاك كانت قد نزلت وبشكل حاسم بما في ذلك المواقف ذات الصلة باليهود أو بالنصارى، كلها كانت قد نزلت والنبي صلوات الله عليه وعلى آله قد قطع شوطا عظيما ومهما في هذا الجانب حتى على المستوى العملي، مثلا فيما يتعلق بالصراع مع اليهود تحدد الموقف منهم واتخذ عمليا الموقف اللازم منهم وهزموا وطرد أكثرهم من الجزيرة العربية، البعض منهم قتلوا في ظل الحروب معهم والبعض منهم أرغموا على دفع الجزية واستسلموا للدولة الإسلامية، خلاص تجاوز المشكلة معهم يعني، لم يبق هناك شيء إضافي يمكن أن يمثل حساسية كبيرة في تبليغه للناس أو في تقديمه للناس مما يتصل بالمواقف من كل تلك الفئات التي هي خارج إطار الإسلام والأمة الإسلامية والتي لها مواقف أو هناك صراعات معها في الساحة العالمية، لا، الروم غيرهم، المسألة هذه خلاص استكملت من الأساس.
في الساحة العربية محاربة الشرك، محاربة الظواهر السيئة جدا على المستوى الأخلاقي على المستوى الحياتي على مستوى العادات والتقاليد، في الحلال والحرام والشرائع والأحكام قد نزلت وقد قدمت وقد سادت في الواقع العربي وقد فرضت نفسها في واقع الحياة بسعي حثيث من رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وجهد عظيم في التبليغ والسعي في التطبيق وبتأييد من الله سبحانه وتعالى، فما هي هذه المسألة بالغة الأهمية، ما هو هذا الموضوع؟ الرسول صلوات الله عليه وعلى آله هو الذي يعلمنا ومنه نعرف ما هو هذا الموضوع المهم وما الذي فعله بعد نزول هذه الآية المباركة في ذات اليوم نفسه، بل في بعض الآثار في تلك الساعة نفسها، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله جمع الحجيج، أبلغ من قد تقدم منهم أن يعود، قلة أو البعض منهم كانوا قد تجاوزوا قليلا أو يسيرا ممن كانوا قبله في القافلة، والمنطقة نفسها هي لا زالت منطقة يتواجد فيها كل الحجاج قبل أن يتفرقوا إلى الآفاق ويتجهوا إلى بلدانهم، وانتظر للمتأخرين حتى اجتمعوا الكل جمعوا في صعيد واحد، في مكان واحد في ساحة واحدة، وفي منتصف النهار، كل الإجراءات التي عملها الرسول صلوات الله عليه وعلى آله تتناسب تماما مع طبيعة النص القرآني، مع سخونة هذا النص القرآني، مع قوة هذا النص وهذا التعبير القرآني، (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)، اهتمام كبير وتصرف يعطي أهمية كبرى لما سيقدم، ذلك الاستدعاء وعملية التجميع في تلك الساحة في تلك اللحظة بالتحديد، في وسط النهار في منتصف النهار في أشد وقت من الحرارة والقيظ، الجميع جمع في نداء عاجل وتجميع بطريقة تعطي أهمية لموضوع في بالغ الأهمية سيقدم، جمعوا بكلهم، وجلسوا، واتجهت أنظارهم إلى الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، وقد أعد له مكان مرتفع ليكون قائما مقام المنبر، وجمع من أقتاب الإبل ولكثرة الناس وكثرة الحجاج أصبح ذلك المكان الذي أصلا بني أو رصت فيه أقتاب الإبل أصبح مكانا مرتفعا، صعد عليه ومعه شخص ذلك الشخص هو علي بن أبي طالب، وعلي شخصية معروفة لدى المجتمع الإسلامي آنذاك، ليس شخصا غريبا عليهم، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله صعد ووجه خطابه الهام جدا في ذلك الجو الذي كله يقدم صورة عن أهمية الموضوع إلى أقصى حد، إلى أقصى حد، اتجهت أنظار عشرات الآلاف من المسلمين إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بانتظار ما سيقدمه وما سيعلنه، فهناك بلاغ تاريخي هام وفي مرحلة مهمة.
خطب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله خطابا تاريخيا وعظيما ومهما وهيأ في مقدمة حديثه الذهنية العامة لذلك الموضوع الرئيسي حتى وصل إلى صلب الموضوع ثم قال لهم: "يا أيها الناس، إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه" وكان قد مسك بيد عليه، ثم رفع يده ويد علي عليه السلام إلى الأعلى، يقول الرواة حتى رُؤي بياض أبطيهما، ارتفاع يديهما، "فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله"، هذا البلاغ الذي قدمه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى في قوله: (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ والله يعصمك من الناس)، يدل أو يحمل مضمونا مهما ومبدأ عظيما، وليس من المنطق نهائيا أن تأتي الآية المباركة بهذه اللغة القوية، بهذا المنطق القوي بهذا التعبير الذي له مضمون يدل على أهمية كبيرة لما سيُؤمر أو لما أُمر بتبليغه، ويتخذ الرسول صلوات الله عليه وعلى آله تلك الإجراءات التي هي إجراءات استنفار وإجراءات فعالة تقدم بذاتها عن موضوع في غاية الأهمية، ثم يقول هذا الكلام ويقدمه بهذا التسلسل، ثم تكون المسألة لا موضوع طبيعي جدا وليس له أي مضمون أو مدلول مهم، هذا ليس منطقيا أبدا، كما قلنا هذا المبدأ العظيم وهذا الموضوع المهم يحتاج إلى أن يتعامل معه الإنسان بإيمان وتقوى وتجرد من الأهواء والعصبيات، تجرد تام، أن تقوموا لله ثم تتفكروا، أن يتجرد الإنسان من كل الأهواء والعصبيات لأن المسألة مهمة ومحسوب أهميتها بالنص القرآني نفسه، بالبلاغ النبوي ذاته، بالطريقة التي قدم فيها الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ذلك البلاغ، ثم نأتي أيضا إلى نص قرآني آخر له علاقة مهمة أيضا، ندخل إلى ذلك النص ثم نأتي أيضا لحديث أوسع ثم نعود من جديد إن شاء الله في آخر الحديث إلى نفس البلاغ النبوي، هناك نص قرآني آخر من المأثور عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، أنه أيضا نزل في نفس اليوم وله علاقة مباشرة وصلة تامة بذلك البلاغ، هو قول الله سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، هذه الفقرة القرآنية هذا النص القرآني العظيم أيضا له دلالة مهمة جدا، اليوم، هي تحكي عن مرحلة معينة، عن مناسبة واضحة، (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، هذا النص القرآني يدل بكل وضوح على أن الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم وبماذا؟ بمجرد يوم هكذا دخل كان الإسلام عبارة عن مرحلة زمنية معينة يحتاج إلى يوم إضافي واكتمل، لا، اكتمال هذا الدين بشمولية ما تناوله من شؤون حياتنا كبشر، حياة الإنسان كإنسان حياة المجتمع كمجتمع، كمال هذا الدين أن يكتمل فيما يشمله ويتناوله من كل ما له صلة بحياة هذا الإنسان مما تتعلق به مسؤوليات هذا الإنسان، مما يترتب عليه فلاح هذا الإنسان أو خسرانه، هذا هو كمال الدين، كمال يتصل بواقع حياته بشؤون حياته، بمسؤولياته، بمستقبله، وعندما نأتي إلى هذا يعني أن الدين لم يترك شيئا ذا أهمية من شؤون هذا الإنسان إلا تناوله من كبير الأمور وصغيرها، كل شيء مهم من واقع هذا الإنسان يحتاج فيه هذا الإنسان إلى هداية يحتاج إلى توجيهات إلى تعليمات من الله سبحانه وتعالى إلا وتناوله، وأتممت عليكم نعمتي، وما أعظم نعمة الإسلام، ما أعظم نعمة الإسلام، لأنه دين الله، توجيهات الله وتشريعاته وتعليماته التي أتت من منطلق رحمته وهو أرحم الراحمين، من منطلق حكمته وهو أحكم الحاكمين، من منطلق علمه وهو المحيط بكل شيء علما، والعليم الخبير بمصلحة هذا الإنسان وما يسعد هذا الإنسان وما يصلح حياة هذا الإنسان، وهو الذي يريد السعادة والخير والفلاح لهذا الإنسان، هو ربنا الرحيم بنا الكريم العظيم العلي الحكيم، هو جل شأنه من لا يمكن لأي طرف ولا لأي جهة أن يقدم لنا في واقع حياتنا لا تعليمات ولا تشريعات ولا توجيهات أهدى أو أرحم أو أحكم أو أنسب أو أفضل أو أرقى مما يأتينا من الله سبحانه وتعالى، وهو ربنا الذي له حق الربوبية علينا وعلينا حق العبودية له، نحن عبيده، يجب أن نكون في حياتنا هذه متجهين على أساس توجيهاته وتعليماته وإرشاداته وشرعه وأمره وحكمه، هذا هو أساس الدين أصلا، فالدين يمثل نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى وهو ينقذ هذا الإنسان من الارتباط بالمصادر الأخرى التي هي الطاغوت الذي يستعبد هذا الإنسان ويستغل هذا الإنسان، والإنسان في واقع هذه الحياة إما أن يكون له علاقة وارتباط تام وتوجه على أساس دين الله وتعليماته وتوجيهاته فيكون عبدا لله متجها على أساس هديه ونوره ومرتبطا بمصادر الهداية من الله سبحانه وتعالى وإما أن يكون في حالة أخرى هي ارتباط بمصادر أخرى تؤثر عليه، توجهه تتحكم به تستغله تستعبده، لا فكاك للإنسان بين أن يكون في اتجاه من هذين الاتجاهين أبدا أبدا، وعندما نأتي إلى هذا الإسلام العظيم بنبيه وقرآنه فإن النعمة هي هذه النعمة، ارتباطنا بمصادر الهداية الإلهية القرآن كتاب الله، وحيه كلماته نوره، تعليماته توجيهاته، كلماته التامة بالعدل والحق والخير والرحمة والحقائق، ونبيه رسوله خاتم أنبيائه، محمد صلوات الله عليه وعلى آله الذي هو أيضا صلة بيننا وبين الله، تلقى هذا النور وأتى بهذا الوحي، أتى بهذا الهدى، بلغ هذه الرسالة، ثم كان هو أول المسلمين وأول المصدقين بهذا الحق وأول وأعظم المتمسكين بهذا الهدى، وأعظم الخلق عبودية لله والتزاما بنهج الله سبحانه وتعالى، والقدوة والقائد الذي يتحرك بنا بناءً على أساس هذا الهدى، يربي على أساسه يهدي على أساسه، يقيم واقع الحياة بناءً على أساس هذا النور وهذا الهدى.
مصادر الهداية الرسل والأنبياء صلة تصلنا بالله سبحانه وتعالى صلة موثوقة صلة سليمة صلة صادقة يصل من خلالها إلينا نور الله هديه تعليماته نوره فنزكوا بهذا الهدى ونعتز بهذا الهدى ونتخلص بهذا الهدى من كل أشكال الاستعباد والاستغلال من كل قوى الطاغوت وأدواتها المضلة، ولذلك نحن نلحظ وضعية ما قبل الإسلام كيف هي ما قبل مجيء رسول الله ومجيء القرآن كيف هو الوضع كيف هي الحالة السائدة في واقع البشر، الحالة الخطيرة جدا الحالة الجاهلية هي حالة انفصال عن مصادر الهداية هذه حالة الجاهلية حالة الجاهلية حالة انفصال عن مصادر الهداية ثم يخضع الإنسان في ضل هذه الحالة من الانفصال عن مصادر الهداية يخضع في توجهاته في الحياة وانطلاقته في واقع الحياة لما يأتيه من قبل آخرين غير مصادر الهداية قوى الطاغوت القرآن يسمي الجهات الأخرى التي يرتبط بها الإنسان كبدائل عن مصادر الهداية يسميها القرآن بالطاغوت، الطاغوت كل تلك الكيانات أو الأشخاص إما كيان وإما شخص وإما منهج يرتبط به الإنسان كبديل عن مصادر الهداية ثم يتأثر به يسير في هذه الحياة على ضوء ما يقدم إليه منه على أساس ما يقدم إليه منه، تلك البدائل التي هي الطاغوت ارتبط بها البشر وارتبطت بها المجتمعات البشرية تأثرت بها تلقت منها المفاهيم التصورات الأفكار وبنت على ذلك حياتها بنت على أساس ذلك الحياة المواقف السلوكيات التصرفات التوجهات ومن خلال ذلك يستغل هذا الإنسان ويستعبد هذا الإنسان مع أن قوى الطاغوت وهي تسعى للتأثير على هذا الإنسان التأثير عليه في تفكيره في أفكاره في تصوراته في عقائده في المفاهيم التي ينطلق على أساسها في هذه الحياة فيما يعمل فيما يترك وفي مواقفه وفي ولاءاته وفي عداواته وفي مختلف تصرفاته في هذه الحياة أحيانا حتى قد تتخاطب مع هذا الإنسان حتى باسم الدين وقد تنطق عن الله افتراءً على الله وزورا على الله لكي تقنع هذا الإنسان لأن قوى الطاغوت هي تدرك أن هذا الإنسان هو مفطور من الأساس على التدين على التدين على معرفة أو استشعار أن عليه أن يعبد الله أن يطيع الله أن يلتزم بأمر الله على أن يعيش عبدا لله فتأتي قوى الطاغوت حتى في كثير بل في أكثر الأحوال وفي أكثر المجتمعات وفي أكثر مراحل التاريخ لتخدع هذا الإنسان وتضل هذا الإنسان وتستغل هذا الإنسان وتقنع هذا الإنسان بعقائد وأفكار وتصورات معينة ومفاهيم معينة يبني عليها أعماله واتجاهاته في الحياة وتحسبها على الله سبحانه وتعالى وتعترف بالله.
المجتمع الجاهلي يتصور البعض أنه كان مجتمعا ينكر وجود الله هذه صورة منتشرة في ذهنية الكثير من الناس ويتوقع عندما يسمع بالكافرين عندما يتحدث القرآن الكريم عن الكافرين في المجتمع الجاهلي عن المشركين في المجتمع الجاهلي أنه كان مجتمعا منكرا لله من الأساس مجتمعا لا يعترف بوجود شيء اسمه الله، لا المسألة ليست كذلك إذا جئنا لما يحدثنا به القرآن عن المجتمع الجاهلي الكافر والمشرك والمرتبط بالطاغوت والجاحد للرسالة الإلهية والمنكر للنبوة والرافض تماما للرسول والقرآن هذا المجتمع يقول الله عنه في القرآن الكريم [وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] فهم معترفون بالله ومعترفون بأنه الخالق أكثر من ذلك [وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ هذا العالم بسماواته وأرضه من هو الخالق له[لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] أكثر من ذلك [قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ] (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) فهم كانوا يعترفون بالله أنه موجود أنه الخالق أنه الرازق أنه مدبر شؤون السماوات والأرض أنه من يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي أنه من يملك السمع والأبصار هم يقرون بهذا كله ويعترفون بهذا كله وفي نفس الوقت يحاولون أن يحسبوا بقية العقائد التي هي خروج عن هذا الإقرار وتنكر لهذا الإقرار يحاولون أن يحسبوها على الله سبحانه وتعالى يقول الله عنهم [سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ] يحاولون أن يحسبوا حتى عقيدة الشرك وهي أسوء عقيدة وأفظع عقيدة يتنكر الإنسان فيها لأعظم مبدأ وهو مبدأ التوحيد حتى في هذه الحالة يحاولون أن يحسبوا هذه العقيدة على دين الله وأن يشرعنوها ويحسبوها كعقيدة مقرة ومعتبرة في الدين الإلهي يحاولون أن يخدعوا الناس بهذا، وإلا لو جئنا مثلا إلى حكاية من أعجب الحكايات من أغرب الحكايات في الواقع البشري وهي حكاية عبادة الأصنام الحجرية والخشبية وأي أصنام مصنوعة من أي مواد أخرى تلك الأصنام التي كانت تصنع من مادة معينة من الحجار نحتت من الصخور أو من الأخشاب أو من مواد أخرى، ثم إما تشترى وإما تقدم هدية بعد إكمال عملية الصناعة لها ثم تقدم على أنها آلهة ويطلب من الناس أن يعبدوها وأن يعتبروها آلة مع الله وأن يجعلوها شريكا لله في الملك وشريكا لله في الأمر ويطلبون منها النصر والرزق والخير ووو إلى آخره، ويتقربون إليها بالعبادة بشكل صريح وليس إلزاميا هل كانت تلك الأصنام الحجرية في نفسها وفي ذاتها ذات جاذبية ذات تأثير؟ تستطيع أن تصنع قناعة في الذهنية البشرية في فكر الناس في قلوبهم وأن تجعلهم يعتقدون عقيدة أنها آلهة مع الله لا، كان هناك من يأتي من واقع البشر من يصنع عقيدة كهذا هو الصنم الحقيقي الذي يصنع عقيدة كتلك العقيدة من يتمكن من خداع البشر وتضليلهم من يصل به الحد في سعيه لإقناعهم أن يقدم عقيدة كهذا على أنها عقيدة أتت بمشيئة الله وبإذنه وأنها من الله وأن الله يريد منكم هكذا وينطق عن الله بالزور والافتراء على الله والكذب على الله ثم تأتي تبريرات كهذه [لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ] ليس على المستوى العقائدي فحسب تأتي المسألة أيضا إلى بقية التفاصيل إلى الحلال والحرام فتصنف أشياء معينة على أنها حلال وتصنف أشياء محرمة أو أشياء معينة على أنها حرام هذا في المجتمع الجاهلي في المجتمع الجاهلي نفسه و أشياء مهمة هي من الحلال تحرم وأشياء محرمة في واقع الحال في دين الله يقدمونها في قائمة الحلال كل هذا يحسب على من وكيف يقدم للناس وكيف تتمكن قوى الطاغوت التي تضل الناس وتؤثر عليهم وتحول ما تقدمه لهم كالتزامات دينية كالتزامات دينية يلتزمون بها تدينا وتصبح جزءا أساسيا في التزامات الناس وممارساتهم الحياتية وقناعاتهم التي يتشبثون بها ويتعصبون لها ويغضبون لأجلها بل ويقاتلون في كثير من الأحيان من أجلها ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى [وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ] لتفتروا على الله الكذب يكذبون على الله فيحرمون شيءً ما وعلى أساس أن يحسب هذا التحريم باسم أنه تحريم من الله وفي شرع الله وفي دين الله وأشياء تقدم على أنها حلال ويحسب هذا على ماذا على دين الله وبسم دين الله وبسم شرع الله يقال ذاك حلال وذاك حرام، يقول الله سبحانه وتعالى [أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ] فقوى الطاغوت كانت تتخاطب مع الناس حتى باسم الدين وكانت تأتي إلى كثير من العقائد والأفكار والتصورات فترسخها في أذهان الناس وتتحول إلى عقائد يعتقد بها الناس ويتعصب لها الناس وبناء على أنها دين يمثل دين الله محسوبة على الله سبحانه وتعالى وهي افتراء على الله سبحانه وتعالى، ثم في الحلال والحرام كذلك أشياء معينة يستحلها الناس بناء على أنها من حلال الله وأشياء معينة يحرمها للناس بناء على أن الله حرمها والمسألة هناك وهناك في العقائد وفيما قدم بصفة الحلال وبصفة الحرام افتراءات على الله وادعاء كذب وبهتان على الله سبحانه وتعالى يقدم من جهات محترمة في أوساط الناس زعامات شخصيات تقدم على أنها أحبار رهبان كهنة صفات معينة وشخصيات وازنة في المجتمع يتأثر بها الناس ويتقبلون منها ويتأثرون بها وبما تقدمه إليهم محسوبا على الله سبحانه وتعالى فالمسألة مسألة خطيرة جدا حتى مثلا في قصة المسجد الحرام وشعائر الحج شعائر الحج كانت قائمة حتى في زمن المجتمع الجاهلي في المجتمع الجاهلي شعائر الحج كانت قائمة منذ العهد الإبراهيمي توارثت الأجيال الحج من بعد نبي الله إبراهيم عليه السلام ولكن اختلط في مشاعر الحج الكثير من الخرافات والمخالفات والعقائد حتى أنهم أتوا إلى مكة وحتى على سطح الكعبة بأصنام نصبت هناك وشابت حتى عملية الأعمال وشعائر الحج شوائب كثيرة جدا فيما يقولون وفيما يعبرون وفيما يتصرفون مخالفة لدين الله وحسبت على دين الله حسبت على دين الله.
كان المشركون بأنفسهم هم المسيطرون على مكة بماهم عليه من شرك وكفر بكل ما لديهم من خرافات وعقائد وتصورات واختلالات وتجاوزات وشوائب دخلت في عملية الحج بكلها يسيطرون وقدموا ذلك كواحدة من الوسائل التي يخادعون بها الناس بل يقدمون أنفسهم بأنهم هم من يعبرون هم عن الدين الإلهي فتتجه إليهم أنظار القبائل العربية على أنهم هم يمثلون الرمزية الحقيقية لهذا الدين ويتأثرون بهم فيصدرون الكثير من العقائد الباطلة والتصورات الخاطئة المحسوبة على دين الله سبحانه وتعالى.
في ظل ذلك الوضع السيئ جدا والمستمر إلى مرحلة متأخرة مثلا منذ بعث رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة الإلهية وحتى وفاته على مدى عشرين عاما من مبعثه بالرسالة وحركته بالرسالة على مدى عشرين عاما كانت لا تزال مكة تحت سيطرة المشركين وكانوا هم الذين يديرون شعائر الحج وكانوا هم من يسعون لتوظيف هذه السيطرة توظيفا لعملية التضليل وصنع قناعات باطلة وتصدير عقائد محسوبة على الله وعلى دينه وكذلك أحكام شرعية في الحلال والحرام وغير ذلك لخداع المجتمع وإذا نأتي إلى أن أكبر مشكلة كانت هي انفصال الناس عن مصادر الهداية الحقيقية مصادر الهداية الحقيقية ثم عندما نأتي لتأمل تلك الوضعية السائدة وضعية يسيطر فيها الطاغوت ويتحكم فيها الطاغوت ويوظف كل العناوين الدينية لمصلحته ما كان منها باسم عقائد وما كان منها باسم تفاصيل عملية وحرام وحلال وما كان منها باسم شعائر ومقدسات تتحول هي كلها تحت التوظيف والاستغلال كل هذا سنعود منه لنعرف أهمية قول الله تعالى [وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ] سندرك من هنا يمكن لكل العناوين أن تكون حاضرة ما كان باسم عقائد دينية وما كان باسم تفاصيل دينية ويمكن لها كلها أن تدخل ضمنها الكثير من الشوائب وتدخل فيها عملية الاستغلال والتزييف والتحريف والخداع والتضليل إن لم تبقى مرتبطة بمصادر الهداية.
إن المجتمع الجاهلي لم تغب عنه مسميات الدين ولم تغب عنه مسألة ما يوصف بعقائد أو تدين وما يوصف بحلال وما يوصف بحرام عناوين حاضرة في حياة الناس وقائمة في واقع الناس ولكن بتضليل كبير وبخداع كثير وباستغلال وأصبحت كلها وسائل للسيطرة على هذا الإنسان والاستغلال لهذا الإنسان، ولذلك وصلت حالة المجتمعات البشرية إلى حالة مأساوية وفظيعة جدا ظلمات رهيبة أصبح يعيشها المجتمع البشري لا يرى الحق يقدم له الباطل حقا يقدم له الحرام حلالا تقدم له عقائد في غاية الانحراف لتكون دينا يتدين بها ويتقرب بها وينتظر من ورائها كل الخير ينتظر من ورائها كل الخير وتحسب في كثير منها على من. تحسب زورا وافتراءً على الله سبحانه وتعالى، وامتلأ الواقع البشري في ظل تلك الوضعية بالظلم والظلام والاستعباد والاستغلال، وهذا ما تحدث عنه القرآن الكريم كثيرا وكثيرا، ولذلك الله سبحانه وتعالى ومسؤولية الهداية للعباد وتقديم الدين الحق إليهم وتقديم الطريقة الصحيحة لعبادة الله سبحانه وتعالى والبرنامج الفعلي الذي يعبر عن الله في هديه وفي تعليماته وتوجيهاته هي مسألة ترتبط بالله سبحانه وتعالى ووفق الطريقة الإلهية هي التي تشكل إنقاذا حقيقيا للناس ونورا حقيقيا للناس، الله سبحانه وتعالى يقول [إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ] مسؤولية الهداية للبشر وتقديم التعليمات الإلهية للبشر وتقديم دين الله الحق الذي هو دينه الفعلي وتعليماته الحقيقية وإيصالها بشكل صحيح ونقي إلى البشر وطريقة إقامتها في واقع البشر هذه مسألة تعود إلى من؟ إلى الله سبحانه وتعالى إلى الله سبحانه وتعالى وهو جل شأنه من يمتلك الحق في أن يحدد للعباد الطريقة التي يوصل بها هذا الحق إليهم حتى لا يكونوا ضحية لقوى الطاغوت التي تفتري الكذب على الله التي تخدع الناس بهدف السيطرة عليهم، تفتري على الله وتقدم زورا عقائد أفكار حلال حرام إلزامات عملية تستغل بها الناس لمآربها لأهوائها لما تريده هي لتتمكن من السيطرة والنفوذ والاستغلال والتحكم بالبشر وبثروات البشر ولتستبعد هؤلاء البشر الله يقول [إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ] يقول جل شأنه [وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ] على الله هو مسؤوليته هو عندما يقول إن علينا للهدى وعندما يقول وعلى الله قصد السبيل يعني أنها من مسؤولياته سبحانه وتعالى باعتباره هو ربنا رب السماوات والأرض وملكنا ملك السماوات والأرض وملك الناس إليه هو أن يحدد للبشرية طريق الخير طريق الفلاح طريق العبادة له الطريق الصحيح والمنهج الحقيقي الذي يرسمه للناس ليسيروا عليه أن يحدد هو الصراط المستقيم ومعالم هذا الصراط الذي تقودنا إليه والتي تسير بنا فيه هذا إلى الله سبحانه وتعالى ليس متروكا إلى الناس في أهوائهم في اقتراحاتهم في مزاجهم لذلك هو من يحدد لنا سبحانه وتعالى قناة الوصل به من يوصلنا بالله ويصلنا عبره هدى الله ونور الله وليست مسألة متروكة للناس في أمزجتهم وأهوائهم وشهواتهم ورغباتهم ومتروكة للاستغلال للاستغلال من قبل المجرمين وكيانات الطاغوت والمضلين وأصحاب الأهواء [وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ۚ] يعني هناك سبل كثيرة جائرة ولكن الله سيتولى هو أن يرسم لعباده الطريق الصحيح والصراط المستقيم [قل الله يهدي للحق فكيف يفعل الله سبحانه وتعالى هل الله مثلا يتخاطب بشكل مباشر مع عباده كلهم ويسمعون ندائه بشكل مباشر وتعليماته بشكل مباشر أم هناك طريقة معينة؟ الطريقة التي سنها الله سبحانه وتعالى مع عباده وهي سنة تتناسب مع ما فطرهم عليه في واقع الحياة وفطر وصمم عليه حياتهم في ما اعتادوا عليه وألفوه كمجتمع بشري حياته ذات طابع اجتماعي وليست ذات طابع فردي مجتمع نظمت حياته بنيت حياته حتى في طبيعة الخلق وتنظيم شؤون الحياة كمجتمع مترابط بعضه ببعض حياة اجتماعية مجتمع يحتاج إلى قيادة واحدة إلى منهج واحد في واقعه الفطري يتجه على هذا الأساس إن اتجه على أساس دين الله وإلا اتجه بعيدا عن دين لله لما يضله ولكن على هذا الأساس منهج وقيادة، الله سبحانه وتعالى قال [اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ] الله سبحانه وتعالى الذي له حق الهداية لعباده حق التشريع لعباده حق أن يرسم لعباده منهجا لحياتهم يسيرون عليه في هذه الحياة ليصلوا إلى الغاية التي يريدها لهم وتتحقق لهم كل النتائج المرجوة من استخلافهم في هذه الحياة أو تقوم عليهم الحجة إن لم يلتزموا الله هو من يمتلك هذا الحق (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ (إن الحكم إلا لله) سنته مع عباده أن يصطفى من الملائكة وهم الملائكة رسلا يختار لهذا الدور لإيصال هداه يختار خصيصا من بين أوساط الملائكة من يختاره لهذا الدور مع أن الملائكة بكلهم مخلوقات، صالحة ومستقيمة يعني مابه ملائكة سيئين وملائكة صالحين لا، ولكن لم تكن المسألة إلى أن يقول أي واحد من الملائكة يمكن أن يقوم بهذا الدور لا، يختار اختيارا من داخل الملائكة من يوكل إليه هذه المهمة وهذه الوظيفة أن يوصل هديه عن طريق الوحي إلى من يصطفيه للناس رسولا ليرسله إلى الناس الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس ومن أوساط المجتمع البشري. في الواقع البشري كذلك المسألة هي مسالة من يوكل الله إليه هذه المهمة ومن يحمله هذه المسئولية ومن يختاره هذا الدور، ليست مسألة انتخابات مثلا أن يطلب من عباده أن ينتخبوا لهم نبيا أو رسولا فلو تركت المسألة إلى الاختيار البشري لكانت خاطئة جدا يعني لو نأتي مثلا إلى مجتمع مكة، في بداية حركة النبي صلوات الله عليه وعلى آله كم لقي من التكذيب الأغلبية في مكة كفروا به وكذبوه بل قال الله عنهم (لقد حق القول على أكثرهم) الأغلبية خلاص خذلوا الأغلبية جحدوا بالحق تنكروا للرسالة كفروا بالرسول يعني الأغلبية كانت إلى جانب أبو جهل وأبو سفيان ومكذبين بالرسول ولو قيل لهم انتخبوا لاتجهوا إلى انتخاب أبو جهل أو أبو سفيان وكفروا برسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله فكانوا يقولون هم فيما بعد (لَوْلَا نُزْلَ هَذَا القُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ القَرْيَتَيِنِ عَظِيم) غير هذا الشخص تأثرات الناس أحيانا في بعض المجتمعات تفكيرهم ارتباطاتهم نظرتهم خاضعة لتأثيرات معينة لتقييمات معينة لاعتبارات معينة ينشدون لمن يرونه صاحب سلطة وجاه وثروة ومال وقوة وليس إلى من هو الأجدر بحساب القيم والأخلاق والمبادئ والصلاحية الفعلية لحمل الرسالة الإلهية حمل الرسالة الإلهية مستوى ما تملكه من ثروة كتاجر كبير أو مستوى النفوذ والسلطة كصاحب سلطة معينة وسيطرة معينة على مجتمعك أو وجاهة معينة بين المجتمع لا، لها اعتبارات أخرى اعتبارات أخرى تلحظ حتى في الخلق عندما يخلق الله إنسانا يخلقه ويعده إعدادا ويهيئه تهيئة لهذه المهمة ولهذا الدور العظيم وليكون لائقا بهذه المسئولية وبمستوى هذه المسئولية العظيمة والمقدسة يقول عن نبيه موسى عليه السلام (واصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) هكذا يقول الله له (واصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) وهنا يقول (اللهُ يَصْطَفِى مِنْ المَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنْ النَاس) يصطفي يصنع خصيصا ويخلق خصيصا لهذه المسئولية (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) لماذا لأن هذه مسئولية تعود إلى الله (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) (إن عَلَينَا لَلَهُدَى) هذه هي مسئوليته سبحانه وتعالى وهو إنفاذا لهذه المسئولية ورعاية لهذه المسئولية يفعل ماهو إليه ماهو مسئوليته ماهو حق إليه وليس من اختصاص الناس هي مسئوليته كيف يوصل هديه إلى عباده ثم هل في هذه المسألة ما يوجب حساسية من الرسل والأنبياء لا، كل ما يمنحه الله الرسل والأنبياء من مؤهلات عالية لحمل تلك المسئولية العظيمة هو يتجه إلى من؟ ولمصلحة من؟ للناس ذلك الرسول وذلك النبي فيما يمتلكه من مؤهلات عالية فيما هو عليه من رحمة وحكمة وإرادة الخير وسعة الصدر وحرص عظيم على هداية الناس ومحبة عظيمة لصلاحهم وحكمة وذكاء ووو ومؤهلات كثيرة جدا وطهارة وأمانة وصدق وكل تلك المؤهلات عائدها لمن مصلحتها لمن خيرها لمن فائدتها لمن ثمرتها لمن؟ كلها للناس للناس. ولهذا نجد مثلا أن الله سبحانه وتعالى يخلق صفوة عباده ويعد خير عباده لتحمل مسئولية الرسالة والنبوة ويوصل من خلالهم هديه ونوره إلى عباده ليكونوا هم من يبلغون ومن تنزل إليهم كتبه ويوصلونها إلى العباد ويكونون هم من واقعهم البشري مؤمنين ملتزمين معبدين أنفسهم لله مطيعين لله ويمثلون هم القدوة في الالتزام والتطبيق والعمل وتعبيد أنفسهم لله والقيادة للبشرية بالسير بها على أساس ذلك الهدى وتربيتها على أساس ذلك النور وتبصيرها بتلك البصائر والعناية بها على ذلك الأساس لما فيه خيرها وفلاحها.
على مر التأريخ منذ حقب تاريخية مبكرة الإنسان بشكل عام منذ بداية وجوده لم يتركه الله هملا بقيت مسيرة الهداية عبر الرسل والأنبياء وورثتهم الحقيقيون مستمرة وقائمة وعلى مر التاريخ كان هناك من يتصدى للرسل والأنبياء من؟ قوى الطاغوت التي تسعى إلى فصل الناس عن حلقة الوصل بهدى الله عن مصادر الهداية.
قوى الطاغون كان أهم ما تركز عليه دائما أن تفصل الناس عن مصادر الهداية لماذا؟ لكي يبقى الناس مرتبطين بها وخاضعين لها ومتبعين لها لكي تتمكن هي أن تكون الموجهة والآمرة والمؤثرة والمستغلة والمتحكمة في الناس ثم تصيغ لهم من الأفكار والتصورات والعقائد وتوجههم بما يتناسب مع مصالحها بما يعزز نفوذها بما سيطرتها بما يمكنها أكثر والمسالة كلها هي مسألة استغلال واستعباد توظف لها عناوين، عقائد، تصورات، أفكار وسنشرح حول هذه النقطة المزيد والمزيد إن شاء الله.
لاحظوا تسعى قوى الطاغوت إلى التصدي للرسل والأنبياء وإثارة كل الحساسيات في سعيها لفصل الناس عن مصادر الهداية، يسعون في الصدارة للتكذيب بالرسل والأنبياء وفصل الناس عنهم وإبعاد الناس عنهم ويأتون لإثارة حساسيات يفترض أن تثار تجاههم هم وليس تجاه الرسل والأنبياء من أول ما أثاروه من الحساسيات والعقد لتكذيب الأنبياء وفصل الناس عنهم هي بشرية الأنبياء كانوا يقولون هؤلاء ليسوا إلا بشرا مثلنا كيف يمكن أن يكون هذا البشر نبيا كيف يمكن أن نطيعه أن نتبعه وهو ليس إلا بشر مثلنا ويجعلون من هذه المسالة مبررا للتكذيب والجحود ثم يريدون من الناس في المقابل أن يطيعوهم هم وهم ليست المسألة عندهم متوقفة في أنهم بشر فحسب، إنما هم بشر قد فقدوا بشريتهم وإنسانيتهم، يأتي طغاة مجرمون ضالون ظالمون مفسدون لا يمتلكون أي مؤهلات حتى إنسانية يتحكمون بالمجتمع يقدمون كل ما يمكن أن يعزز نفوذهم وسيطرتهم عليه، ثم يعملون على فصل هذا المجتمع عن مصادر الهداية الإلهية كيف تتبعون أولئك ليسوا إلا بشراً اتركوهم وهذا ما كانوا يركزون عليه ( وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ) كيف تطيعون بشراً مثلكم؟! هذا لا يمكن أن يكون نبياً لا يمكن أن يكون متَبَعاً وأن يُطاع، لا، هذا مجرد بشر اتركوه، لا تسمعوا له لا تستجيبوا لا تصدقوه، كانوا يتحركون على هذا الأساس كانوا يقولون ( لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً) لو شاء لأنزل ملائكة يكون النبي من الملائكة ويأتي إلى واقعنا البشري فيتخاطب معنا باعتباره من الملائكة ( فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) يقولون ( لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا) استكبار كبير جداً، ( مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ) ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا) وكما قلت هم يثيروا هذه الحساسية تجاه الأنبياء مع أنها يفترض أن تثار ضدهم هم، هم ليسوا إلا بشر ولكن بشر ضالون مجرمون تائهون، أما بشرية الأنبياء وكونهم من البشر هذا أمر مطلوب، أن يكون في واقعه كبشر لأنه معني في تبليغ هذا الدين أن يكون هو من واقعه البشري يقدم النموذج ويقدم القدوة ويقدم القيادة في تطبيق هذا البرنامج الديني، يعني لو أتى مثلاً مَلَكْ من الملائكة ليخاطب الناس اعملوا كذا وافعلوا كذا ولا تفعلوا كذا والله أمركم بكذا ونهاكم عن كذا سيقولون له أنت من الملائكة أنت ماتعرف واقعنا كبشر نفسياتنا كبشر الواقع الذي نعيشه في مشاعرنا ورغباتنا وشهواتنا كبشر أنت استطعت أن تلتزم بهذا الدين لأنك من الملائكة ماعندك ماعندنا كبشر، لكن عندما أتى النبي وهو بشر ثم كان هو أول من يلتزم بدين الله بتعليمات الله بتوجيهات الله ومن يمثل القدوة والأسوة في التطبيق والالتزام والعمل، كان ذلك اقرب أثراً وأعظم حجةً في الواقع البشري وحتى أكثر أنساً في الواقع البشري بل هذه نعمة على البشر أن يجعل منهم في ماهي سنة من سنن الله سبحانه وتعالى مع عباده أيضاً نعمة من واقع البشر أن يبعث فيهم رسولاً من أنفسهم حتى في الانسجام في الاطمئنان في العلاقة في أشياء كثيرة واحدة منهم أولئك يثيرونها كحساسية ( قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) يثيرون هذه الحساسية، عندما يفشلون في إثارة هذه الحساسية يقولون لا بأس بشر جيد يكون بشر مابه مشكلة في الأخير لكن لماذا لا يكون شخصاً آخر، لماذا يكون هو ذلك بذاته بنفسه لماذا ما يأتي الهدى هذا إلى الجميع مثلاً ( أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا) ليش ما يجي للزعيم الفلاني وهو كذلك والشخصية الفلانية وفلان الفلاني حسد يثيرون مسألة الحسد والعُقد غير المبررة ولماذا يختص الله ذلك أن يجعله رسولاً لماذا أبو سفيان أبو جهل أبو فلان أبو علان والزعيم الفلاني والتاجر الفلاني لماذا مايكونون الكل رسل وأنبياء، ويقدمون الكثير من المقترحات ( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفًا مُّنَشَّرَةً ) كل واحد يشتي يصير عنده وحي وكتاب وتنزل عليه الملائكة وهذه العُقَد ( لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ( لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) اقتراحات وأطروحات كثيرة يقدمونها.
كل مافي الأمر أنهم يسعون لفصل الناس عن مصادر الهداية ليقدموا أنفسهم كبديل يتمكن دائماً من التحكم بالناس التحكم بهم في أفكارهم في ثقافتهم في عقائدهم في تصرفاتهم في سير حياتهم للاستغلال والاستعباد، هذا كل مافي الأمر هذا كل مايريده الطاغوت الذي يقدم نفسه بديلاً عن منهج الله سبحانه وتعالى.
وإذا قدم نفسه بديلاً هو يستخدم العناوين الدينية، يمكنه أن يستخدم كل العناوين الدينية، عقائد باسم الدين أعمال باسم الدين شعائر للدين، حتى المساجد ( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) ولذلك نلحظ أن المسألة الرئيسية في سنة الله وهداية الله أنه جلّ شأنه هو من إليه أن يحدد مصادر الهداية التي نرتبط بها باعتبارها مصادر للهداية عبرها يصل إلينا الهدى بكل ثقة بكل أمانة بكل مصداقية، إذا فُصلنا عنها ضعنا ولو بقيت لنا عناوين الدين باسم الدين، بل تهنا بل نستغل بشكل كبير جداً.
وهنا نعود إلى واقعنا الإسلامي نعمة هذا الدين ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الدين الإسلامي اكتمل، في كل ما يتعلق به من تشريعات وتوجيهات وعقائد وتعليمات وفي كل ما نحتاج فيه إلى بصيرة ووعي وفهم ومعارف ذات صلة مهمة لمسؤولياتنا في الحياة، دين متكامل لم يبقى علينا إلا أن نتبع هذا الدين ونتمسك بهذا الدين لنحصد ثمار هذا الإتباع في كل ما ارتبط به من وعود إلهية ( البركات الخيرات رضا الله رحمته فضله كرمه النصر العزة التمكين الخير والسعادة في الدنيا وفي الآخرة) مسألة تبقى مرتبطة بماذا؟ بالتمسك بالإتباع للتعليمات بالالتزام بهذا الدين وبالاستيعاب لهذا الدين.
كمال هذا الدين في ذلك اليوم كان من خلال إعلان مبدأ عظيم يحفظ لنا ماذا؟ يحفظ لنا استمرارية الاتصال بمصادر الهداية، هذه النقطة المهمة جداً فلا نعود إلى الوضعية التي كان عليها المجتمع العربي وغيره في زمن الجاهلية.
مبدأ الولاية، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كان يتحدث في تلك الفترة الأخيرة من حياته عن قرب رحيله من هذه الحياة، والرسول كان هو بنفسه مصدر هذه الهداية التي نرتبط بالله من خلالها التي يصلنا من خلالها وحي الله وهديه ونوره، وكان هو القائم على تطبيق هذا الدين والقائد الذي يسير بالبشرية في هذا الاتجاه، يتحدث عن قرب رحيله من هذه الحياة وأنه سيغادر هذه الحياة، ويقول ( إني أوشك أن أدعى فأجيب) يقول لهم في حجة الوداع ( ولعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا) وفعلاً أقل من ثلاثة أشهر بقي رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وتوفي ورحل عن هذه الحياة.
فإذاً رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله عندما بلّغ هذا البلاغ الذي يقول الله عنه ( وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) أتى ليقول للجميع ولما الأمة معنية به عبر الأجيال إلى قيام الساعة ولما أكده تأكيدات متكررة من خلال قوله ( ألا هل بلغت اللهم فاشهد) من خلال قوله ( فليبلغ الشاهد منكم الغائب) الشاهد منكم فليبلغ الغائب، ليبقى هذا البلاغ للأمة جيلاً بعد جيل، لأنه يحفظ للأمة أهم مسألة تعتبر مصداقاً لقوله ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) أهم مسالة يعبر عنها هذا المضمون القرآني الارتباط بمصادر الهداية.
الرسول قال في بلاغه ( إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين) كيف كانت ولاية رسول الله في امتدادها لولاية الله، ولاية هداية وقيادة يقود البشرية ويهديها على أساس ذلك الهدى صلوات الله عليه وعلى آله ثم يقول: ( فمن كنتُ مولاه) هكذا بهذا التعبير الواضح ويقصد تلك الولاية التي قال فيها عن نفسه وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا عليٌ وهو إلى جانبه يمسك بيده موجود بشخصه واسمه ويقدمه أمام الجميع ( فهذا عليٌ مولاه).
هنا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وهو يتحدث حتى في ذلك الخطاب عن قرب رحيله من هذه الحياة لنعرف ماهي المناسبة بعد مغادرة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم لهذه الحياة، من هو الذي يمثل امتدادا يوصلنا به من هو الذي يعتبر فعلاً امتدادا لمصدر الهداية ذلك، والأمة حتماً ستختلف والأمة حتماً سيدخل فيها الكثير من أشكال الاستغلال والتلعّب حتى بالعناوين الدينية، هنا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله بأمر من الله وبلاغاً عن الله سبحانه وتعالى بلاغاً عن الله حسم المسألة ووضح وبيّن وقدّم هذا البلاغ الذي له تلك الأهمية بلاغ بمبدأ إذا غاب أو عُطّل فكأن هذا الدين لا وجود له، إذا غاب هذا المبدأ أو عُطِّل تعطلت ثمرة هذا الإسلام في مشروعه التربوي والحضاري وفي ثمرة تعليماته وتوجيهاته في الحياة وتحولت تلك التعليمات وتلك العناوين إلى عناوين معطلة تستغل وتوظف توظيفاً آخر من قبل جهات أخرى كما كانت توظف العناوين الدينية في الزمن الجاهلي لاستعباد الناس واستغلال الناس ويُفترى على الله الكذب، ولذلك نجد مثلاً فيما يتعلق بالإمام علي عليه السلام نصوصاً أخرى كثيرة ماقبل هذا البلاغ يعتبر هذا البلاغ تتويجاً لها، نص يتحدث عن علي عليه السلام يقول ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) لا نبي أنت ستؤدي هذا الدور ليس من موقع النبوة ولكن من موقع الولاية، يقول ( عليٌ من القرآن والقرآن مع علي ) يقول ( عليٌ مع الحق والحق مع علي) أنت عندما تأتي لتبتعد عن علي لا تبتعد عنه إلا وأنت تبتعد عن القرآن والمسافة التي فصلت بينك وبين علي علي الذي يمثل نهجاً يمثل هذا الدين في روحيته وأخلاقه وأعماله وسلوكياته ومواقفه وحركته بهذا الدين في هذه الحياة، هو دعوته بهذا الدين للبشرية للناس فيما يقدمه إليهم، المسافة التي تفصلك عن علي هي مسافة كانت فاصلة بينك وبين القرآن وبينك وبين الحق.
الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كان يتحدث كثيراً عن الإمام علي عليه السلام حتى عن كماله ومؤهلاته الإيمانية التي جعلته جديراً بهذا الدور وضمن الاختيار والإعداد الإلهي، حديث واسع وكثير ونصوص كثيرة ( يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) يتحدث عنه فيقول ( وهو وليّ كل مؤمنٍ بعدي) وكل هذه النصوص توارثتها الأمة في اتجاهاتها الثقافية واختلافاتها الفكرية في مصادرها المعتبرة والمهمة التي ترجع إليها وتعترف بها وتعتمد عليها لتبقى حجة لماذا؟ لأن الأمة إذا فارقت هذا المبدأ ستكون ضحية، ضحية للتضليل ستفتح على نفسها كل النوافذ التي يطل منها كل ضال وكل متجبر وكل طاغية، في موقع ليقدم نفسه في موقع القيادة وليقدم نفسه في موقع الهداية.
خلاص عندما تنفصل الأمة عن مصادر الهداية فتحت المجال لكل أولئك من الطواغيت والجائرين والمتسلقين والظالمين والمستكبرين والمضلين ليقدم كلٌ منهم نفسه في موقع القيادة وليقدم الآخر نفسه في موقع الهداية فذاك ينطق عن الله زوراً ويفتري عليه كذباً أو يخلط الحق بالباطل على مثل ماكان عليه بنو إسرائيل لينفّق باطله بما يرفقه معه من قليل من الحق، والآخر ليخضع الناس له، والكل لاستغلال الناس.
والذي حصل في واقع الأمة عندما الكثير من الناس لم يرق لهم هذا المبدأ بكل ما له من جاذبيه وبكل مافيه من وضوح وبكل ما يحققه من ضبط لمسار الأمة ومسيرتها في دينها وحفاظ عليها وعلى دينها وحفاظ على الامتداد لهذا الحق ليبقى في أجيال الأمة يصلها جيلاً بعد جيل بشكلٍ مضمون وموثوق ونقيٍ وسليم، فتحت المجال فإذا بها تصيح من كثرة من هناك من دخل بكل ما هناك من كثير كثيرٍ كثير من الدخَلْ الثقافي والفكري وليقول الجميع صحيح أصبح لنا موروث إسلامي نختلف عليه نختلف على كثير مما فيه من العقائد أيها صحيح والشرائع أيها صحيح والأحكام أيها صحيح، هذا يقول هذا حلال الآخر يقول ذاك حلال ذاك حرام ذاك قال لا هو حلال ذاك واجب الآخر قال لا هو لا يجوز، وهكذا اختلاف كبير جداً لم تعد مسيرة الأمة عندما تنفصل عن هذا المبدأ المهم الضابط لمسيرتها والحافظ لاستقامة هذه المسيرة في علي بكل ما يمثله علي وبكل ما سبق أن تحدث عنه الرسول به وهي عبارات مهمة وذات مضمون واضح لم تكن مجرد عبارات تشجيعية، رسول الله يشتي يشجع الإمام علي يقل له ما شاء الله رجال ضخم ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) ليشجعه أو ليقول (علي مع الحق والحق مع علي ) ماشاء الله والضخامة فيك حتى يرتاح نفسياً، لا، ذات مضمون هادف مضمون هادف يحدد طبيعة الدور للإمام علي عليه السلام بأنه سيمثل بعد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله حلقة الوصل والامتداد الأصيل في موقع القيادة والهداية ليس من موقع النبوة ولكن من موقع الولاية.
ثم لنأتي أيضاً إلى نص آخر مهم جداً وأتى في خطاب الغدير وهو حديث الثقلين ( إني تاركُ فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض) ولتكون هذه النصوص وهذه الواقعة التي هي مناسبة الغدير واقعة الغدير، واقعة ثابتة وقطعية ومعترف بها بين الأمة وليكون نص الثقلين أيضاً بلفظه ومضمونه العظيم المهم نصاً معترفاً به ومتواتراً بين الأمة.
فإذا بالمسيرة واضحة المعالم، المسيرة الإسلامية امتدادها الصحيح في مضمونها وحلقة وصلها الممتدة إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله والمضمونة والموثوقة والمأمونة، واضحة، ومعالمها واضحة والطريق واضح.
الانصراف عنه انصراف إلى ماذا؟ انصراف إلى واقع كبير من حالة الفوضى، يأتي إليه الكثير من الأدعياء من يقدمون أنفسهم باسم الدين وباسم الإسلام وباسم القرآن، وأتى الكثير والكثير من أولئك الطغاة والجائرين والظالمين والمضلين وإذا بهم يوظفون العناوين الدينية ويستغلونها لصالحهم استغلالاً عجيباً جداً.
ألم يقدم بنو أمية أنفسهم باسم الإسلام؟! ألم يجعلوا طاعتهم والانقياد لهم والخضوع لظلمهم عملاً دينياً وقربة دينية ومسألة إيمانية؟! ولم يكونوا يجهدون أنفسهم بأن يقولوا: لا مثلاً، نحن لسنا ظلمة نحن نقيم العدل لا.. يقول لك ظالم صح، لكن أطع الظالم وإن قصم ظهرك وأخذ مالك أطعه.
فتُقدَّم الطاعة للظلم والظالمين والمستكبرين والمضلين والمفسدين في الأرض، الذين لهم برنامج آخر يقيمون الحياة على أساسه، تُقدّم على أنها ضمن أمر الله سبحانه وتعالى، إن الذي يلزم بها هو الدين نفسه، أليست هذه هي حالة استغلال للدين؟ أليست حالة استغلال للدين؟
أليس النظام السعودي الظالم المفسد المنافق الذي يرتكب أبشع الجرائم والمظالم والمفاسد والذي هو بؤرة للضلال والباطل والفساد في الأرض؟ أليس يقدم اليوم نفسه بثوب الإسلام؟! وعناوين الإسلام؟! وباسم الإسلام؟! أوليس يستغل حتى شعائر الحج؟! وحتى سيطرته على مكة وعلى المسجد الحرام ومثل ما كان يفعل المشركون الذين سيطروا على مكة وعلى المسجد الحرام وعلى شعائر الحج وأداروها حتى على مدى عشرين عاما من مبعث رسول الله بالرسالة إلى ما قبل وفاته بثلاث سنوات.
أو ليست العناوين الدينية اليوم تستغل هنا وهنا وهنا وهنا فئات كثيرة كما التكفيريين تماماً، يستغلونها للإضلال للناس للخداع للناس للدفع للناس إلى مواقف لتحريك الناس حيث يشاء ذاك الطاغية أو يريد، في الأخير توظَف لمصلحة منافقين يعملون لصالح أمريكا وإسرائيل.
هنا ندرك معنى (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) إن هذا المبدأ العظيم يشكل ضمانة لاستقامة وانضباط مسيرة الإسلام الحق، فيطبق في واقع الحياة بشكل صحيح ويقدم في واقع الحياة بشكل صحيح، وليس للاستغلال ولا للاستعباد وليس لتمكين ذلك الطاغية أو تلك الجهة الظالمة أو المفسدة لتتحول إلى عناوين للاستغلال والاستعباد وليس ليكون بيد من هب ودب ليجعل من مقام معين أو عنوان معين أو اسم معين مقاماً للتضليل والافتراء على الله بالكذب، بمثل ما كان يحصل في العصر الجاهلي يوم فصلت البشرية عن مصادر الهداية فأتى الآخرون ليقولوا: قال الله وأمر الله وهذا دين الله ومن يفعل كذلك أطاع الله! وهم يستغلون الناس تحت تلك العناوين ويخادعونهم ويؤثرون عليهم بذلك هذا جانب.
الجانب الآخر لننظر إلى مسألة الإمام علي عليه السلام وولاية الإمام علي عليه السلام من حيث ما كان عليه الإمام علي عليه السلام من تمثل لهذا الدين بشكل تام، استيعاب التزام عمل وعي استقامة روحية خُلق موقف عمل، الإمام علي عليه السلام كان أرقى الأمة الإسلامية بكلها وأعظم أصحاب رسول الله وأعظم المسلمين وأعظم تلاميذ رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم حملاً واستيعاباً ووعياً والتزاماً لهذا الدين لهذا الإسلام وتأثراً بهذا الإسلام حمله علماً على نحو لم يحمله غيره فكان باب مدينة العلم، والرسول حينما قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وكان هو (الأذن الواعية) وكان هو الذي لم يغمض جفنه حتى يعلم ما نزل على رسول الله في ذلك اليوم -صلوات الله عليه وعلى آله- ثم حمله التزاماً عملياً بروحيته وأخلاقه ما حاد عنه، ما فارقه فلذلك قال رسول الله: (علي مع القرآن والقرآن مع علي)، (علي مع الحق والحق مع علي)، كان هو الذي سيتحرك بالأمة حينما يتحرك بها بناءً على أساس ذلك الحق لا يحيد عنه ولا يزيغ عنه لا هناك ولا هناك ولا بذاك الاتجاه ولا بذاك الاتجاه، الأمة معنية لتفهم من هو علي ماذا تعني (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، ماذا يعني (فعليٌ مولاه)، (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) ماذا تعني كل تلك النصوص، ماذا تعنيه تلك الآيات؟!! ماذا يعني (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)، بأن هذا هو الكفيل بأن يحرر الأمة من جديد من كل قوى الطاغوت والضلال التي تسعى دائماً لفصل الناس عن مصادر الهداية لتستغل الناس هي وتتحكم بالناس هي وتسيطر على الناس هي بالباطل وتفتري على الله الكذب ثم يوظف لها كل شيء في الدين لخدمتها، الزكاة مال لهم يأكلونه، الحج وسيلة للاستغلال، منابر المساجد والمساجد في كثير من الأقطار تتحول إلى بؤر لإضلال الناس والسعي للتأثير على الناس في ما يعبدهم لهم وهكذا أشياء كثيرة جداً، مواقف ولاءات قتال، حتى عنوان الجهاد يحركه التكفيريون ويحرفونه عن غير مواضعه ويتجهون بالناس إلى ما فيه خدمة لذلك الطاغية أو تلك الجهة أو تلك الجهة، كل شيء يحرف لكن بالارتباط بمصادر الهداية تغلق تلك النوافذ الكثيرة التي فتحت من كل اتجاه، فأطل منها الجائرون والطغاة من موقع القيادة وأطل منها علماء السوء والمضلون باسم الهداية، فذاك وذاك يغلبه هذا المبدأ العظيم..
ثم من يأتي ويقول أنا من شيعة علي بن أبي طالب وأنا في هذا النهج الإسلامي الذي يوصلني علي فيه برسول الله يوصلني فيه بالقرآن يوصلني فيه بالحق، ثم لا يكون متبعاً بمصداقية لا يكونوا على بصيرة، على وعي، على التزام في مسيرة حياته، في مواقفه، في تحمله للمسؤولية في الالتزامات العملية هو بعيد، أنت لو قلت أنا مع علي وأنت تبتعد عن الحق فأنت ابتعدت عن علي بقدر ما ابتعدت عن الحق، عندما تقول أنا من شيعة علي ثم تبتعد عن القرآن فالمسافة بينك وبين علي هي بقدر المسافة التي ابتعدت بها عن القرآن، حين تبتعد عن تحمل المسؤولية أنت ابتعدت عن علي بتلك المسافة نفسها، فعلي والحق اقترنا وعلي والقرآن اقترنا وعلي يمثل نهجاً وليس يمثل مجرد عنوان مذهبي أو عناوين يدعيها الإنسان ويتباهى بها ويدخل من خلالها في جدل مع هذا أو ذاك.
في النهاية تكون المسألة التزاماً عملياً، استقامة على منهج الله، اتباعاً للقرآن، تمسكاً بالحق، منهجاً متكاملاً في مبادئه وأخلاقه وقيمه وسلوكه وروحيته، وهنا ترى نفسك تدخل في التولي الواعي للإمام علي عليه السلام ولرسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليمتد بك ذلك إلى الدخول والانضواء تحت ولاية الله في الاتباع لهديه والتمسك بمنهجه، نكتفي بهذا المقدار من التوضيح.
إن شاء الله يكون لنا كلمة قريبة في ما يتعلق بالتطورات السياسية والأوضاع العامة ولكن خصصنا هذه الكلمة فيما يتعلق بالمناسبة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدنا وعياً وفهماً بهذه المناسبة وبمبدأ الولاية العظيم حتى نكون من المتولين له ولرسوله وللإمام علي عليه السلام ولأعلام الهداية حتى لا نزيغ عن نهج الحق ولا عن نهج الله سبحانه وتعالى وعن منهجه العظيم، نسأل الله سبحانه وتعالى النصر لشعبنا المظلوم والرحمة لشهدائنا والشفاء لجرحانا والفرج لأسرانا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 786 مرة