ما هو سر الصمود اليمني بوجه العدوان حتى الآن؟ قراءة في كلمة السيد عبد الملك الحوثي الأخيرة....بقلم/ شارل أبي نادر
صحيح أن " السيد " يتابع دائما بخطاباته وبتوجيهاته معركة الدفاع عن اليمن بكافة تفاصيلها، عسكريا وسياسيا وديبلوماسيا ووجدانيا ومعنويا، وهو يواكب المعركة بكافة تطوراتها ومعطياتها على مدار الساعة ولكن ...
قد تكون الكلمة الأخيرة لقائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد مساء الخميس، هي الأكثر تعبيرا واختصارا لمعنى وسر الصمود اليمني حتى الآن، بمواجهة عدوان تحالف واسع من دول إقليمية وغربية، وبتواطؤ من المجتمع الدولي ومن مؤسساته المعروفة، ويمكن تلخيص مقاربة السيد لهذا السر الغريب الذي طبع معركة صمود وثبات غير طبيعية، في ظل هذا الفارق الكبير من عدم التوازن، في القدرات وفي الإمكانيات العسكرية والمالية والبشرية، وذلك من خلال التالي:
لناحية دور الشهداء
خصص السيد في كلمته وكما دائما، الحيِّز المهم للشهداء ولدورهم الأساس في تثبيت النصر والصمود، وقد أشاد السيد الحوثي بدور جميع فئات الشعب اليمني في التصدي للعدوان قائلا: " إن الكثير من أحرار القبائل تحركوا في مواجهة العدوان وقدموا فلذات أكبادهم شهداء وكان لهم دور أساسي في التحشيد، وشهداؤنا الأبرار وفي طليعتهم الشهيد الرئيس الصماد يعبرون عن تنوع المناطق والقبائل والمكونات في خيار الصمود في مواجهة العدوان ".
وقد توجه لأسر الشهداء في كلمة وجدانية تمنى فيها عليهم الثبات على طريق شهدائهم وراء الحق والاستقامة والتضحية والإباء في مواجهة العدوان.
لناحية القدرات العسكرية
- لقد أشار السيد إلى مسار النمو والتطور العسكري الذي فرض نفسه على كافة المستويات في البر والبحر والجو، وهذا التطور أكدته الوقائع الميدانية في مختلف الجبهات، وعلى كافة أشكال الاشتباك والعمليات القتالية، فكانت بداية مناورة القوة الصاروخية مفتاحا رئيسا للصمود، بعد أن خلقت معادلة ردع لا يمكن تجاوزها، من خلال تطوير صواريخ باليستية استراتيجية، واكبت المعركة داخل وخارج الحدود، وقد تميزت هذه الصواريخ بقدرة واضحة في تجاوز احدث منظومات الصواريخ المضادة، وفي التوجيه الدقيق والثبات على المسرى لمسافات تجاوزت أحيانا مئات الكيلومترات، ووصلت إلى عواصم دول إقليمية، كانت تعتبر نفسها محصنة عنها .
- تابعت دائرة التصنيع الحربي إنجازاتها اللافتة، فكانت مناورة الطيران المسير، والتي كما يبدو نقلت المعركة إلى موقع آخر من التوازن بمواجهة تفوق العدوان الجوي، وبعد أن أدخلت القوة الجوية إلى ارض المعركة سلسلة مختلفة من الطائرات بدون طيار المتعددة الاختصاصات والأهداف، جاءت مؤخرا الطائرة المتميزة قاصف ( 2 كي )، والتي هي قمة في الفعالية والمناورة، لتؤكد بما لا يحمل الشك معادلة التوازن والردع .
- هذا لناحية الأسلحة والقدرات، لكن لم يقتصر مسار النمو والتطور على التصنيع فقط، بل تعداه إلى مسار متميز في مناورة المعركة والعمليات التكتيكية، فخلقت عمليات الجيش واللجان الشعبية مفهوم العمليات المشتركة بين أسلحة الدعم والمساندة، وربما قد تكون هذه العمليات من بين القليل القليل عالميا ممن اتبع هذا الأسلوب التكتيكي الفريد، فكانت المناورات المشتركة بين القوة الصاروخية وسلاح المدفعية، والمناورة الأخرى المشتركة بين الطيران المسير والقوة الصاروخية، وبين المدفعية والطيران المسير، وقد حققت هذه المناورات نتائج مهمة في الميدان، من المفاجأة إلى الفعالية على الأهداف البعيدة، إلى المتابعة بعد الاستهداف، إلى المبادرة وتنفيذ العملية الاستباقية، وخاصة عند استهداف تجمعات العدوان البعيدة التي كانت تتحضر لتنفيذ عمليات زحوف ومهاجمات .
لناحية صمود المجتمع بشكل عام
- ركَّز السيد في كلمته على جوانب مهمة من الجوانب التي تؤثر في المجتمعات، وخاصة في المجتمعات التي تخوض حروبا طويلة مثل اليمن، لناحية الاقتصاد وضرورة الصمود في وجه الحرب الاقتصادية التي تشن على أبناء اليمن بالتواكب مع الحرب العسكرية، وحيث أن الضغط الاقتصادي عادة، طالما كان سببا رئيسا في استسلام جيوش ودول بعد أن كانت تصمد عسكريا، وقد تكون هذه الإشارة التي تطرق إليها السيد في كلمته هي الأكثر حساسية والتي تتطلب اهتماما ومتابعة، لان هذه المناورة التي يتبعها العدوان على اليمن اليوم في الحصار والتجويع والضغط الاقتصادي، ربما يراها هذا العدوان بديلا عن الضغط العسكري الذي فشل به حتى الآن.
- لم يغفل السيد في كلمته أيضا عن جانب مهم وحساس، وربما أيضا يمكن وضعه في خانة الأسلحة الهدامة للمجتمعات التي تخوض حروبا دفاعية طويلة، وهو جانب الحرب النفسية التي تخاض عبر وسائل الإعلام المعروفة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أهمية الثبات والوعي بمواجهة محاولات زرع الشك والرضوخ والاستسلام المعنوي والإحباط، مع تركيزه أيضا على ضرورة تحصين الذات والمجتمع ضد محاولات العدوان للإفساد الأخلاقي والنفسي، والتي تهدف الى إشغال الناس بقضايا هامشية تبعدهم عن المعركة المقدسة الأساسية في الدفاع والمواجهة .
وأخيرا، وبعد أن أعطى في كلمته الحق والتقدير للموقف التاريخي الذي وقفه عناصر وضباط الجيش اليمني في معركة الثبات والصمود والمواجهة، هذا الموقف الذي سيخلده التاريخ وتتناقله الأجيال، وبعد أن أكد وكما في كل المرات والخطابات، الاستعداد الدائم للسلام المشرف الذي يؤمن حقوق الجميع، خاطب الشعب اليمني بضرورة التحلي بالمزيد من الوعي، وختم قائلاً: "أننا معنيون اليوم بعد كل هذه التضحيات أن نزداد عزمًا وثباتًا حتى يتوقف العدوان وأن نحافظ على تضحيات شعبنا بحماية مبادئنا وأخلاقنا التي مضى الشهداء من أجلها ".
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1340 مرة