نفحة من نفحات كلمة السيد القائد بمناسبة جمعة رجب 1441هـ/د.يوسف الحاضري
كما هي العادة كانت كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي سلام الله عليه في جمعة رجب ممتلئة بالفكر والتوجيه والتصحيح والتبيين في جميع الجوانب والتي تهدف بشكل رئيسي إلى إعادة البناء النفسي السوي السليم لأبناء المجتمع اليمني عامة وللعالم العربي والإسلامي خاصة فالحديث القرآني هو رحمة للعالمين ، لذا جاءت هذه الكلمة شاملة لجوانب عديدة تتطلبها المرحلة ويتطلبه المستقبل في احتدام الصراع مع أعداء الله وأعدائنا في جميع المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والفكرية والإعلامية والتاريخية ، لذا كانت الكلمة مرتقيه إلى مستوى البناء النفسي للإنسان بما يحتاجه ليتزود به في هذا الوضع بما يتناسب مع أسلحة العدو وإعداده ، وهذا ما يميز القائد - سلام الله عليه- أنه مستمر في الإعداد ما استطاع من قوة ليواصل مسيرة التحرر من طواغيت الأرض فيرتقي اعداده بما تتناسب مع طبيعة الصراع الحالي ، ولعل من أهم الجوانب التي سلط الضوء عليها في كلمته هو موقع اليمن الإسلامي والإنساني والعسكري في توجيهات النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم والذي سوف نقتبس بعضا منها .
تطرق السيد في كلمته عن أهم وأقوى سلاح يمتلكه اليمانيون في هذه الفترة استطاعوا به أن يصمدوا ويصبروا وينتصروا على قوى 5 سنوات من التحشيد والإنفاق والتزوير والتكالب من قبل تحالف العدوان التي تقوده أمريكا مستخدمة أموال وأراضي ورجال العرب والمسلمين وعلى رأسهم السعودية والإمارات وهذا السلاح هو (سلاح الإيمان والهوية المنبثقة منه) وأن تمسكنا بهذه الهوية بكل ما فيها هو النصر بذاته ، فعندما وصف الرسول الإيمان باليمانيين (ولم يصف اليمانيين بأنهم مؤمنين) وذلك عندما قال (الإيمان يماني) فهذه هي الهوية الحقيقية والسلاح الأقوى والأشد فتكا بما يمتلكه العدو لذا شدد السيد على التمسك به من منطلق أن ترك السلاح في ساحة المواجهة يعني الهلاك والخسران ، وهذا ما رأيناه ونراه يوميا في تحرك العدو لاستهداف هويتنا الإيمانية اليمانية عبر سلاحهم الشيطان المتمثل بالحرب الناعمة ، وهنا يأتي دور الجميع في تأصيل الهوية وتجذيرها في قلوبنا ونفوسنا ونفوس أبنائنا ومجتمعنا وترتفع حدة التأصيل بارتفاع مطرد لشدة وحدة استهداف العدوان لنا .
إن رؤية النبي صلوات الله عليه وآله وسلم في أهل اليمن لم تكن مجردة من النورانية الربانية التي يمتلكها ، ولم تكن لأجل المديح والثناء السطحي الذي لا يخلو من المجاملة أو من أجل كسب قلوب وتأييد اليمانيين ، بل إن ذلك جاء نتيجة لنظرة نبوية لا تقل عن بشارة الأنبياء السابقين في كتبهم بمحمد فقد كان إيحاء رباني لأن الإيمان لله وليس لمحمد كي يوزعه حسب ما يشاء دون أن يكون مرجعيته إلهية كما قال تعالى (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذناه منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما من احد منكم عنه حاجزين) لذا فتوصيف النبي لليمن أرضا وإنسانا لم يكن تقولا على الله بل ضمن الرسالة التي جاء بها صلوات الله عليه وآله وسلم وأي سلاح سيكون أشد بأسا من هذا السلاح.
سلاح آخر تطرق إليه السيد في كلمته مستندا على كلام خير البشر في أهل اليمن وهي أن اليمن أرضا وإنسانا ومنهجية هي ملجأ العالم عند اشتداد الفتن وتموجها هنا وهناك وأن اليمانيين سيكونون هداة للضالين والتائهين بين أعاصير وأمواج تلك الفتن والتي سنراها اليوم تموج بالعالم تموجا مستندا في ذلك على قوله صلوات الله عليه وعلى آله (إذا هاجت بكم الفتن فعليكم باليمن) ، نعم عليكم باليمن منهجية وعليكم باليمن طريقة وعليكم باليمن أسلوبا وتحركا ، عليكم أن تقوموا بما يقوم به أبناء اليمن فهو السلاح الأشد بأسا والأضمن نجاحا والأقوى نجاعة في مواجهة الأعداء والخروج من الفتن التي تحدق بكم ، فهذا هو المعنى الأصح وليس معنى الحديث أن عليكم أن تهاجروا إلى اليمن إذا حلت بكم الفتن ، فالتأويل هذا يعني أن يترك الناس أراضيهم للأشرار ويتزاحموا في أرض اليمن وهذه لا ترتقي لتكون منهجية الله في الأرض ، وهناك أمثلة عديدة لهذا الأمر لعل أهمها (الحشد الشعبي العراقي) والذي جاء استنساخا للجان الشعبية اليمنية (منهجية واحدة) والذي لولا الحشد الشعبي لكانت أمريكا عبر أدواتها الشيطانية المسماة (داعش) قد سيطرت على العراق عرضا وطولا وانتقلت لما جاورها من دول تعيث فيها فسادا ودمارا ، فجاء الحشد الشعبي ليقوم بما قام ويقوم به اللجان الشعبية اليمنية في تحرير الأرض والإنسان من السيطرة الأمريكية ، حيث تشكل هذا الحشد من أبناء الأرض ترجمة للرؤية القرآنية التوجيهية التي تلزم كل إنسان بأن يكون عسكريا مجاهدا في سبيل الله ولا يقتصر الأمر على ما يسمى ب(الجيش النظامي) والتي تعطل مفهوم الجهاد عند بقية الناس وتعزز مفهوم المسؤولية المحدودة عند الجيش هذا ، فخرج العراقيون من الفتن بعد أن انتهجوا منهجية أبناء اليمن .
إن العالم لن يسلم ويعود للأمن والاستقرار الا بالتخاص من الوصاية الأمريكية والكل يؤكد على ذلك في شرق الأرض وغربه وشماله وجنوبه بسودهم وبيضهم وحمرهم وسمرهم وبعربهم وعجمهم ، ولم ينتهج هذه المنهجية في هذه الفترة إلا أبناء اليمن وذلك بتأصيل هذا التحرك بشعار ثابت ويرفع دائما بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل وهذا هو الصراط المستقيم في مسيرة الاستخلاف في الأرض الذي جاء به كل الأنبياء والمرسلين والأولياء وتحرك وفقه الشهداء والصالحين وهو نبذ الطاغوت ومعاداته والتصدي له .
لو نستمر في الإبحار في كلمة السيد سلام الله عليه فسنحتاج لكتب وكتب عديدة حتى يمكننا أن نقطع شوطا بسيطا جدا في جزئية بسيطة فيما تطرق عليه حفيد رسول الله نسبا وفكرا وعلما ورحمة وجهادا وصراطا ، فلله الحمد والمنة أن جعله يمنيا وجعله في عصرنا وهدانا لنكون من أتباعه فهي نعمة أعظم النعم على الاطلاق ما تسمى (نعمة الهداية) ، ولنا كتابات قادمة إن شاء الله في بقية الأمور.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 671 مرة