عالم المجاهدين، ورجل المواقف.. نبذة عن// السيد العلامة سهل بن عقيل
عالم المجاهدين، ورجل المواقف
السيد العلامة سهل بن عقيل
أعده : رضوان المحيا
هو العلامة الحبيب سهل بن ابراهيم بن عقيل باعلوي الحسيني الذي يرجع نسبه إلى إلامام أحمد بن عيسى المهاجر من بلاد حضرموت، وهو من مواليد مدينة الحديدة حوالي عام ١٩٤٠ م، وتوفيت أمه التهامية التي تنتمي لقبيلة الزرانيق وهو صغير، فتربى وتعلم منذ صغره على يد والده العلامة ابراهيم بن عقيل مسؤول دائرة المعارف في عهد الإمام أحمد رحمه الله، وانتقل معه إلى محافظة تعز بعد وفاة عمهم السيد العلامة محمد بن عقيل صاحب كتاب العتب الجميل، ثم تلقى تعليمه الإبتدائي في المدرسة الأحمدية بتعز، ثم واصل تعليمه الإعدادي والثانوي في جمهورية مصر العربية، ودرس التعليم الجامعي في مجال العلوم السياسية في لبنان.
كما أخذ العلوم عن عالم تهامة السيد محمد بن سليمان الأهدل وأخذ عن عالم الحجاز السيد علوي المالكي، وعن السيد اسماعيل الغرباني صاحب كتاب نفس الرحمن، وظل في كنف والده مفتي تعز يدرس ويتعلم، وبعد وفاة والده، عمل خطيباً لجامع المظفر الرسولي، واصبح مفتياً للواء تعز بعد والده، وبقيت بيته، مركزاً علمياً يتردد عليه الطلاب والذاكرون والمحبون بجوار باب موسى في المدينة القديمة، وقد شارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية، لعلماء محور المقاومة، وعلماء الوحدة الإسلامية، في كل من الجمهورية الإسلامية وسوريا ولبنان.
موقفه من الاستعمار البريطاني
كان السيد سهل بن عقيل يتلقى التعليم في مدرسة بازرعة أيام الإستعمار البريطاني، وكان يحرض المجتمع ضد الإستعمار البريطاني وله تواصل بعدد من الثوار في عدن من بيت باحميش وغيرهم، وكان اذا سمع الخطيب يمتدح السلاطين ويمجد الإنجليز يقوم بعد الخطبة، ويحتج على هؤلاء الخطباء، فتم استدعائه وسجنه من قبل الإنجليز، الذين عذبوه في السجن، وقرروا ترحيله من عدن فأخرجوه إلى أقرب منطقة من الشمال.
موقفه من الوجود المصري
تواصل مع السيد سهل بن عقيل كثير من الأحرار الذين لاحظوا انحرافاً في التواجد المصري في البلاد، فكانوا يأتون إليه ليكتب لهم بيانات باسم أحزاب يسارية وقومية فكان يكتب للجميع، حتى وصلت البيانات للإستخبارات المصرية في تعز وتم استدعاؤه ومقارنة خط البيانات جميعاً، وتبين لهم أنه خط السيد سهل فعندما رآه الضابط المصري شابا صغير السن نحيل الجسم رماه بطفاية السيجارة في رأسه، وتوعده إن عاد إلى مثل ذلك.
موقفه من فساد النظام السابق
لقد كان السيد سهل بن عقيل من أشد المنتقدين للفساد والأثرة التي اعتمدها النظام السابق، وكان يقول دائماً انه لم يتقاض منه أي مرتب وليس له وظيفة رسمية تعود عليه بمقابل مادي، وقد تم استدعاؤه إلى مركز المحافظة يوماً للقاء السلطة المحلية، فقال لهم: لو سألنا الشجر لقال: إنكم فاسدون، ولو سألنا الحجر لقال: إنكم فاسدون، ولو سألنا الحيوان لقال: إنكم فاسدون، ولو سألنا الإنسان لقال: إنكم فاسدون، فتغيرت وجوههم لما واجههم به، ثم انصرف.
موقفه من آل سعود
ظل السيد سهل بن عقيل يحذر المجتمع من أسرة آل سعود، وكان في السبعينات يتنقل في مجالس المدينة بتعز، ويقرأ عليهم كتاب مملكة العبيد للمعارض السعودي ناصر السعيد، وكان يقول بأن آل سعود حمير اليهود، وأن من يوالي آل سعود هم حمير الحمير، ويصف آل سعود بأنهم أحذية الطواغيت، وقد ذهب مرة إلى الحج وقاد مظاهرة إلى أحد قصور آل سعود، احتجاجاً على زيادة الرسوم في الحج، مما اضطر آل سعود إلى إلغاء الزيادة في الرسوم على الحجاج اليمنيين.
انطلاقته في ثورة ٢١ سبتمبر
منذ بداية الإحتجاجات الشعبية ضد نظام التبعية للخارج في عام ٢٠١١م كان السيد ابن عقيل من الذين شجعوا هذه الإنتفاضة الثورية، وحضر ساحة الحرية بتعز، وإجبر حزب الإصلاح على السماح له بخطبة إحدى الجمعات، فخطب الجمعة وتناول في نهاية الخطبة لصوص الثورة وقال للجماهير إحذروا لصوص الثورة احذروا لصوص الثورة، مما أثار غضب عناصر حزب الإصلاح الذين منعوه من ان يخطب بعدها في الساحة.
وعندما جاءت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر كان أحد أقطابها الفاعلين، فكانت خطبته في ساحة المطار تقض مضاجع العملاء وأسيادهم، ثم واصل مسيرته الثورية، وكان له دور بارز في المؤتمر الموسع لعلماء وحكماء اليمن الذي أعلنت اللجنة الثورية وفقاً لمخرجاته، وقد وجد فقيدنا الراحل في هذه الثورة أمله الذي كان يحلم به منذ شبابه وهو زوال أسرة آل سعود، وقيام دولة قوية مستقلة في جنوب الجزيرة العربية، وظل يحشد ويدعوا الناس إلى الإلتفاف حول قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله، حيث التقاه في صعدة الصمود إبان تشييع الشهيد القائد، وزاد حبه للقائد، كما أحبه القائد كثيراً وكان يوصي به ، ويشيد بموقفه الجهادي والإيماني، كعالم صدع بكلمة الحق ووقف في وجوه الطغاة والظالمين والمستكبرين، وختم مشواره بالجهاد في سبيل الله، ليلقى الله وهو عنه راض.
وعندما سيطرت القاعدة وداعش المتمثله بعناصر الوهابية والإخوان على مدينة تعز القديمة تم اقتحام بيت عالمنا المجاهد، فاضطر بعدها إلى الهجرة إلى صنعاء بعد أن عاث التكفيريون الفساد في المدينةعامة، وفي منزل السيد سهل خاصة حيث سرقوا مقتنياته، وكتبه ومخطوطات اجداده، لكن كل ذلك لم يثنه عن مواصلة مشواره الثوري والجهادي، فكان يكتب بقلمه مقالات ثورية، ويحث الشعب على مواصلة الصمود، ويحضر الفعاليات الثورية، كما له عدد من اللقاءات الصحفية والإذاعية والمقابلات التلفزيونية.
وبعد حياة حافلة بالجهاد والعطاء ومقارعة الظالمين والمستكبرين، ترجل فارسنا العالم المجاهد، ليرحل إلى مولاه بعد أن أقام الحجة على قومه من العلماء والمتعلمين، وكتب تأريخاً مشرفاً للعلماء المجاهدين، وأسقط كل دعاوى الطائفية كونه مفتي الشافعية في تعز، وعضو هيئة الإفتاء في الجمهورية، ومازالت وصاياه تتردد في مسامع شعبنا اليمني وهو يوصي أولاده وأولاد أولاده، ويوصي كل الشعوب العربية والإسلامية أن يوحدوا صفوفهم ويضربوا هذه الأسرة الخبيثة المتمثلة بآل سعود والتي اساءت للتأريخ العربي والإسلامي، وأوصى كل أبناء هذا الشعب قائلاً: لا تنسوا جرائم التحالف السعودي الأمريكي، واعلموا أن تربة هذا الوطن في أعناقكم، ودموع الثكالى واليتامى في أعناقكم.
وكانت وفاته بعد صلاة المغرب من يوم السبت ١ رجب ١٤٤٢هجرية الموافق ١٣ فبراير ٢٠٢١ ميلادية رحمه الله وطيب ثراه، ووفقنا للسير على خطاه، وخطى الشهداء العظماء، لنكون مع المصطفى وآله صلى الله عليه وآله والحمد لله رب العالمين.
جمعت اجزاء هذه الترجمة نقلاً عن سيدي الحبيب سهل في حياته، أثناء أسفاري معه، وعن ولده علوي، وعن رفيق دربه سيدي كامل عوهج.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 987 مرة