رابطة علماء اليمن تقيم ندوة حول الأقاليم وتقسيم اليمن
الرابطة: حمدي الرازحي
في قاعة المؤتمرات الدولية التابعة لفندق إيجل أقامت رابطة علماء اليمن ندوتها الدورية بتاريخ 23 شعبان سنة 1435هـ الموافق 21/6/2014م تحت عنوان: (تقسيم اليمن إلى أقاليم.. مشكلة أم حل - قضية للنقاش).
استهلها الأستاذ عبد الرحمن المروني بمقدمة رحب فيها بجميع الحاضرين وأصحاب أوراق العمل وافتتح الندوة بآيات من الذكر الحكيم ذات ارتباط تاريخي بسيرورة الأحداث في تاريخ دولة سبأ اليمنية وتداعياتها الخطيرة التي ترتبت عليها.
وفيما يتعلق بأوراق العمل المقدمة في الندوة تكلم السيد العلامة عبدالسلام بن عباس الوجيه في ورقته المعنونة (تقسيم اليمن إلى أقاليم.. مخاطر ومخاوف) عن أهم الأسباب والدوافع التي مهدت لظهور مفهوم الأقاليم على الواقع السياسي اليمني وذلك على النحو التالي:
1- الانحرافات والتجاوزات التي هددت الوحدة اليمنية.
2- دعوات بعض الجنوبين لفك الارتباط ونقض عرى الوحدة.
3- ضعف الحكومات المتعاقبة وغياب الاستقرار في كافة المستويات.
4- تنامي حالة الإقصاء والاستحواذ وانتشار الظلم بشكل كبير.
5- التفرد بالسلطة والثروة والقرار في مؤسسات الدولة الفاعلة وانعدام وجود الشراكة الوطنية الحقيقية.
وكل ما سبق يمثل من وجهة نظر الوجيه عللاً ومبررات لفرض نظام الأقلمة كحل لإشكالات الوضع الراهن والتي تساءل الباحث عن مدى جدوائيتها في إصلاح الخلل وتقديم الحلول والمعالجات.
وفيما يتعلق بلجنة اختيار الأقاليم فقد تناولها الباحث الوجيه من زاويتي (الارتجال والانفراد بالقرار) مؤكداً بأن مخرجات الحوار الوطني وتحديداً القرارات التي توصلت إليها لجنة اختيار الأقاليم قد جاءت مخيبة لآمال وتطلعات اليمنيين الذين كانوا يرون في الحوار الوطني ومخرجاته حلاً لمشاكلهم ومعاناتهم مستشهداً بمقولة البروفسور الشهيد أحمد شرف الدين في تعليل الوضع الخطير الذي تمر به اليمن والتي قال فيها (إن السبب الرئيس الذي أوصل اليمن إلى ما وصلت إليه في رأي هو –مثلث- له ثلاثة أضلاع، ضلع القوى الدينية، وضلع القوى القبلية، وضلع القوى العسكرية... فكان هذا الثلاثي هو المتحكم في اليمن وبقي الدستور بعد ذلك والقوانين عبارة عن حبر على ورق).
كما استحضر الوجيه في ورقته مقولات بعض الكتاب السياسيين وعلى رأسهم المناضل محمد المقالح والذي أشار إلى أن الفدرالية وتقسيم اليمن إلى أقاليم لم تطرح حل لمشكلة الدولة كما يسوق لها مسؤولي السلطة، كما أن الفدرالية قد تم طرحها وفقاً لوثيقة بن عمر لتحقق أغراض سياسية تخدم الطبقة الحاكمة دون سواها.
كما أن هذا التقسيم العشوائي يحمل فشله في داخله كونه لم يصدر عن قناعة المتحاورين وإنما تم ترحيله من قاعة مؤتمر الحوار ليكون تحت إشراف القرار الرئاسي وحده.
واختتم الوجيه ورقته المقدمة بالتأكيد على أن نظام الأقاليم يفقد جوهره لعدم مراعاته لأبرز بعدين في عملية التسوية السياسية والشراكة الوطنية هما (البعد الاقتصادي وفوارقه، والبعد البشري وشراكته)، والإصرار على هذا التقسيم المرتجل يهدف إلى زيادة الاختلالات في المجتمع اليمني أكثر من أي وقت مضى.
الأستاذ فؤاد ناجي تكلم في ورقته المعنونة بـ(دور العلماء ومؤامرة الأقاليم) عن مسؤولية العلماء متسائلاً: هل انتهى دورهم؟ ليؤكد على أن علماء البلاد قد انتهت فاعليتهم بانتهاء المصلحة منهم حيث أحرقتهم المنعطفات الخطيرة في تاريخ اليمن وهتكت الأستار التي كانوا يستترون بها، أما العلماء الربائيون فلم يزل دورهم بارزاً لتحررهم من قيود التبعية والارتهان لنظام السطلة.
واستطرد الأستاذ ناجي قائلاً إن تشريع وتسويغ علماء البلاط لتصرفات الطبقة الحاكمة كان وراء ازدياد المظالم واستشراء الفساد، إلى أن ظهرت الثورة الشبابية السلمية والتي أسهمت في يقظة المجتمع وتوفير مناخات الحرية ليجد العلماء أنفسهم أمام مسؤولية عظيمة أمام الله وأمام هذه الأمة فتأسست رابطة علماء اليمن من الزيدية والشافعية لتكون المنبر الإعلامي الحر الذي يواجه المستجدات ويقدم الحلول والمعالجات.
مستحضراً في ورقته الأدوار التاريخية التي نهض بها الأنبياء عليهم السلام في ثورتهم ضد الفساد وعلى كافة الأصعدة لتشكل توجهاتهم مصدراً للإلهام وقدوة يحتذى بها.
كما أكد الأستاذ فؤاد ناجي على أن إقصاء العلماء من المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني لم يمنعهم من متابعة الأحداث ومستجداتها وإبداء الرأي كلاً في وقته براءة للذمة وأداء للواجب.
وفيما يتعلق بالأقلمة ذكر الأستاذ ناجي أن من دوافعها ما يلي:
1- مصالح الدول الاستعمارية والإقليمية.
2- إضعاف اليمن وتمزيقه.
3- تضييع مطالب أبناء الجنوب وتمييع قضيتهم.
4- مد الطريق بالعقبات والعوائق أمام أي حكومة وطنية قادمة لا ترتهن للخارج.
واختتم ورقته المقدمة بمجموعة من الحلول والمعالجات..
وعلى خلاف الأوراق السابقة ورؤيتها؛ قدم الأستاذ عبدالسلام يحيى المحطوري ورقته البحثية تحت عنوان (الأقاليم نظام إدارة وحكم لترشيد السلطة وتوزيع الثروة)، تطرق فيها إلى وضع اليمن في فترة ما قبل الأقاليم وما كانت تعانيه من ظلم واستبداد وصراع الشركاء فيما بعد الوحدة وما ترتب عليه من انقسام مرير وحرب عشوائية كان لها تداعياتها السلبية.
وفيما يتعلق بخيار الأقاليم أشار الباحث المحطوري إلى أنها تشكلت انطلاقاً من القضية الجنوبية نفسها حيث أوحت فكرة الفيدرالية وعلى ضوئها تشكلت لجنة تحديد الأقاليم كما ذكر أسماء أعضاء اللجنة ومكوناتهم السياسية.
كما تطرق إلى معايير تحديد الأقاليم والتي انطلقت من مجموعة من العوامل منها (الواقع الحالي – التجاور الجغرافي- عوامل التاريخ والثقافة) وعلى ضوء ذلك انطلق إلى موقف المكونات السياسية المعارضة والموافقة من فكرة الأقاليم موضحاً رأيه في كل ذلك.
واختتمت الندوة بورقة الأستاذ طه هادي أحمد الحاضري، بعنوان (الأقاليم خلقية القرار وكارثية النتيجة)، تناول فيها فكرة الأقاليم من حيث الدلالة وبلد المنشأ وشدد في ورقته على ضرورة التأمل لمفردات الظروف والوقائع التي رافقت ظهور المصطلح وواكبت تطبيقه على أرض الواقع، وعن النتائج المحتومة والمترتبة على تقسيم اليمن إلى أقاليم أكد الباحث طه الحاضري على أن المشكلة ليست في الوحدة والدولة الواحدة والحكومة الواحدة بل في عقلية من يحكم وطريقته في الحكم.
وتساءل الحاضري قائلاً هل يوجد في الإسلام حلول لمشاكلنا أم أننا مضطرون للاستيراد من الخارج؟
مؤكداً على أن كل مشاكلنا قد تكفل الإسلام بحلها وتقديم المعالجات الناجعة لها، وأن ابتعادنا عنه هو سبب كل مشاكلنا ووقوعنا فريسة للأفكار الغربية.
رئيس رابطة علماء اليمن العلامة شمس الدين شرف الدين كانت له كلمة الختام، حيث تطرق إلى أهم المخاوف والهواجس التي تحيط بفكرة تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، متمنياً أن تخلص الندوة إلى تعزيز قناعة اليمنيين للأخذ بما فيه مصلحتهم والحفاظ على وحدتهم أرضاً وإنساناً.
هذا وقد ألقيت العديد من المداخلات القيمة من قبل بعض الحضور -من علماء وأساتذة وأكاديميين وباحثين وإعلاميين- جاءت ما بين رافض لفكرة الأقلمة باعتبارها وسيلة لتقسيم اليمن وتمزيق وحدته ونسيجه الوطني، وما بين مؤيد للفكرة باعتبارها حلاً لمشكلة المركزية غير أن المؤيدين للفكرة تحفظوا على طريقة التقسيم واعتبروا المعايير التي تم التقسيم بناء عليها سياسية بامتياز.
المصدر:
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 9680 مرة