في اليمن.. الأرض مع أصحابها....بقلم/علاء الرضائي
في اليمن.. الأرض مع أصحابها
بقلم/علاء الرضائي
صديقي اليماني الذي يسرب لي أحياناً ـ وبصعوبة عفوية! ـ بعض المعلومات عن واقع ما يدور في بلده والذي جعلني لطيبته ودماثة خلقه أحب كل اليمانيين وهذا البلد الذي لم أزوره في حياتي.. نقل لي قبل ايام معلومة وحددها بأنها "ليست للنشر".. معلومة تحقق بعضها في جبل اليأس وباب المندب وبقي البعض الآخر...
صديقي هذا وآخرون من ابناء اليمن الذين التقيهم خلال حياتي المهنية كونوا لي انطباعا عن الشخصية اليمانية، مفادها انها تعمل اكثر مما تتحدث وتفعل أكثر مما تقول، وانها تمضي في مسيرتها بعناد واصرار دون الالتفات الى ضجيج الاعلام وفقاعات البطولات المزيفة (بطولات 30 الف قدم في الجو كما وصفها وزير الدفاع الاميركي أشتون كارتر مؤخرا).. واضحة في اهدافها وتعرف حقيقة عدوها وكيف يفكر، بينما لا يستطيع هو قراءتها بسهولة، لأنها لا تثرثر كما هم مشايخ القبائل البدوية الذين يكتبون معلقات ودواوين من الشعر لكل نزوة جاهلية او"غزوة" قبلية، حتى لو كانت غزوة جراد!
وقد حرم هؤلاء اليمانيون من ابسط حقوق التعبير عن وجهات نظرهم على يد المهرجين الذين تصم العالم ابواقهم وطبولهم المنتشرة من طنجة الى دبي.
هذه البساطة وعدم التكلف هذا، ظهر عليهم في كل شيء، فمنحهم (اليمانيون) قوة كبيرة وجعلهم يتحركون وفق امكانياتهم لا يستنظرون يد العون من الآخرين في نيل ما يصبون اليه، وان ساعدوهم فهو من باب النافلة.
قارنوا بين مقاتلي انصارالله والجيش اليمني وقوات القبائل اليمانية من جهة وبين جنود المملكة الوهابية المدججين بالسلاح والذين يقاتلون بأحدث المعدات الحربية الغربية ومن ابراج مكيفة من جهة أخرى.. وانظروا الى نتائج كل من الجانبين..لقد أذلّ جنود اليماني عناصر "جيش الكبسة" السعودي في عقر جحورهم، جعلوهم بعد ثمانية شهور من "انجازات" العدوان يحتمون بالمرتزقة الكولومبيين! فيما هم عاجزون عن تحقيق اي هدف..
ثمانية شهور من الفشل في انهاء "التمرد" الحوثي كما يقول السعوديون، جعلهم يعودون الى مؤامرة الاقاليم الستة التي بدأوها بالمبادرة الخليجية وحكومة هادي والحوار، لكن هذه المرة عسكرياً وبالمرتزقة الكولومبيين والسودانيين و"داعش" و"القاعدة"...
ليس مهماً لهؤلاء كيف سيتقسم اليمن ومن سيحكمه، خاصة في الجنوب، "القاعدة" او "داعش" أم الحراك الجنوبي... المهم يتقسم اليمن ويبقى ضعيفا متناحراً، ليتحولوا بعدها الى تحريض الاقاليم ضد بعضها، ومحاصرة الحراك الشعبي والثوري بميليشيات المرتزقة الذين وان تعددت اصنافهم وألوانهم واختلفت مسمياتهم، لكنهم جميعاً يطعمون من "معلف" اللجنة الخاصة باليمن والتي تحمل بدورها خمسة عقود من الخبرة في شراء الذمم واهدار اموال النفط على المرتزقة.
ان معركة اليمن والتي عادت الكرّة فيها الى أهل الارض واصحابها، هي بداية الانهيار السعودي الحقيقي والضربة التي تقصم ظهر البعير النجدي.. فمن اراد ان يتخلص من الارهاب التكفيري والتطرف "الاسلاموي" و"الخلافة الداعشية" و"الامارة القاعدية" واتباع ابن تيمية وابن عبدالوهاب وابن باز والعثيمين وسفر الحوالي ومقبل الوادعي وغيرهم من شذاذ الافكار والمزاجات ويرمي بهم جميعا في مزابل التاريخ والحاضر.. من يريد ان يعيش في وطنه ولا يصبح مهاجرا تتهدده امواج بحر مرمرة والمتوسط وترمي بجثث ابناءه على ساحل السلطنة العثمانية الجديدة.. ومن اراد السفر على متن طائرة او حافلة او قطار (سيأتي لربما لاحقاً تفجير العبارات والسفن السياحية!) بأمان ويذهب او يعود سالما، عليه ان يمد يد العون الى هؤلاء المستضعفين في الأرض الذين وعد الله بالنصر لهم آخر المطاف.
مقولة "الأرض مع اصحابها" ليست بدعة يمانية، بل هي الحقيقة التي أغمض عنها كثير من الطغاة والمستكبرين فكانت وبالا عليهم..أميركا في فيتنام والسوفيت والناتو في افغانستان، والنازيون في اوروبا الشرقية، والطليان في ليبيا، والفرنسيون في الجزائر وسوريا، والبريطانيون والاميركان في العراق، والصهاينة في فلسطين التي تنزف منذ سبعة عقود والتي تنتفض اليوم ثأراً لقدس اقداسها والتي اربكت العدو وقطعان مستوطنيه بطعنات ابنائها و... اخيراً السعوديون في اليمن، فلم تعد صعدة وحجة وعمران والحديدة وصنعاء عصيات عليهم فقط، بل مأرب وتعز وأبين وباب المندب وحتى عدن..
ان الفشل السعودي هو الذي جعل المتحدث باسم العدوان البدوي احمد عسيري يقارن بين فشل نظامه العدواني وبين الفشل الاميركي في افغانستان.. ونحن نضيف عليه بأن اليمن تحول الى مستنقع للعدوان السعودي ـ الاميركي كما افغانستان اصبحت مستنقعا للناتو منذ 14 عاما.. والامور بعواقبها او كما قلنا من قبل "عدّ الفراخ يكون آخر الخريف"!.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 1153 مرة