«التحالف» يعرض هدنة في صرواح... وقبائل مأرب تشترط وقف الغارات والاعتذار
عبدالله الشريف-الأخبار اللبنانية
كشفت مصادر قبلية مطلعة في محافظة مأرب عن إرسال «التحالف» وساطة إلى قبائل «جهم»، كبرى قبائل مأرب في صرواح، الموالية للجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، لبحث هدنة دائمة في المنطقة بعدما شهدت معارك شرسة خلال الأشهر الماضية.
وتفيد المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» عن لقاء جمع اللواء عبد الرب الشدادي، قائد المنطقة العسكرية الثالثة، الموالي للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، بعدد من القيادات العسكرية من مشايخ «جهم»، وفي مقدمتهم محمد بن أحمد الزايدي شيخ مشايخ القبيلة، في معسكر «كوفل» الواقع بين مديرية صرواح ومدينة مأرب، الذي يفرض عليه الجيش و«اللجان» حصاراً منذ أسابيع.
ولفتت المصادر إلى أن اللواء الشدادي قدم عرضاً من قبل «التحالف» وقواته يقضي بوقف الغارات الجوية المكثفة على مديرية صرواح والقصف المستمر منذ أشهر ووقف إطلاق النار من قبل كل الأطراف، وكذلك سحب كافة المسلحين التابعين لـ«التحالف» من أطراف مديرية صرواح مقابل وقف الجيش و«اللجان الشعبية» التقدم باتجاه مدينة مأرب ورفع الحصار عن معسكر «كوفل» ووقف استهداف المدينة بالصواريخ، وقيام قبائل «جهم» بتأمين مديريتهم.
وأكدت المصادر المشاركة في الاجتماع أن مشايخ «جهم» اشترطوا وقف الغارات الجوية التي تستهدف الأحياء السكنية والمدنيين، والاعتذار عن كل الجرائم التي ارتكبتها الطائرات السعودية بحق أهالي وأسر قبيلة «جهم»، على أن يتم التفاوض على بنود الاتفاق والهدنة بعد وقف الغارات.
ويأتي عرض الهدنة من قبل «التحالف» بعد التقدم الكبير للجيش اليمني و«اللجان الشعبية» مدعومين بقبائل «جهم» باتجاه مدينة مأرب وسقوط عدد من المواقع الاستراتيجية، بعد طرد قوات الغزو والمقاتلين المؤيدين لها، والذين كانوا يطمحون إلى احتلال المديرية والتقدم باتجاه العاصمة صنعاء.
ويرى مراقبون أن الفشل الكبير للقوات الغازية والمقاتلين المؤيدين لها والخلافات الكبيرة التي تصاعدت حدتها بينهم، وصولاً إلى الاشتباكات المباشرة بين الفصائل المسلحة، التي خلّفت عشرات القتلى والجرحى على خلفية توزيع الأموال السعودية ومناطق النفوذ والسيطرة، دفعت «التحالف» إلى طلب الهدنة بهدف ترتيب أوراقه وإعادة تموضع قواته للحفاظ على مناطق سيطرته في محافظة مأرب ولتدارك أي ضربات موجعة من قبل الجيش اليمني و«اللجان الشعبية».
كذلك فإن وقوف قبائل «جهم» إلى جانب الجيش اليمني و«اللجان» وإعلانها دعمها المطلق للعمليات العسكرية التي يخوضونها ضد قوات الغزو والتضحيات الكبيرة التي قدموها للدفاع عن بلادهم، أسهم في قلب المعادلة العسكرية على الأرض وتكبيد الغزاة ومؤيدي العدوان خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ودحرهم من معظم مناطق مديرية صرواح وصولاً إلى مشارف مدينة مأرب.
وتعدّ جبهة صرواح من أشد الجبهات ضراوة، حيث شهدت خلال الثلاثة أشهر الماضية اشتباكات شبه يومية بين الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» وقبائل «جهم» من جهة، وقوات «التحالف» والمقاتلين المؤيدين له من جهة أخرى، راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى، وفشلت القوات الغازية في تحقيق أي تقدم يذكر، رغم الإسناد الجوي المتواصل والغارات المكثفة على مناطق متفرقة في صرواح.
وتتركز المواجهات العسكرية حالياً في مناطق كوفل والحقيل الواقعة بين صرواح ومدينة مأرب، حيث تمكن الجيش اليمني خلال الأسبوع الماضي من تحقيق تقدم كبير في منطقة كوفل وفرض حصار محكم على معسكر «اللواء 312» (كوفل)، الذي تتمركز فيه مجموعات من قوات «التحالف» والمقاتلين.
ومثلت مديرية صرواح مثالاً للصمود في وجه قوات الغزو، حيث دفع «التحالف» بتعزيزات عسكرية مستمرة بهدف تحقيق أي تقدم عسكري في المديرية ذات الأهمية الاستراتيجية لطرفي الصراع، لكونها تحدّ العاصمة صنعاء من الجهة الغربية ومدينة مأرب من الجهة الشرقية، وتعدّ حلقة الوصل بينهما. ويترتّب على تحقيق أي تقدم في هذه المنطقة الاستراتيجية انتقال المعارك، إما لمصلحة الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، باتجاه مدينة مأرب معقل القوات الموالية للعدوان وميليشيات حزب «الإصلاح» (فرع الإخوان المسلمين في اليمن)، أو انتقالها إلى حدود صنعاء في حال حققت قوات الغزو أيّ تقدم ميداني، مع ما تمثله العاصمة من أهمية سياسية وقيمة معنوية مهمة في حسم الصراع الدائر منذ ثمانية أشهر.
صمود مديرية صرواح في وجه القوات الغازية وما حققه الجيش و«اللجان» من تقدم ميداني خلال الأيام القليلة الماضية والتحول العسكري من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، انعكست ارتداداتها سلبياً على قوات «التحالف»، مخيّبة آمالها في الوصول إلى صنعاء، ودفعها جدّياً إلى التفكير في حماية معقلها الاستراتيجي والمتمثل في مدينة مأرب، خصوصاً في ظلّ تزايد السخط لدى أبناء محافظة مأرب من ممارسات القوات الأجنبية وميليشيات «الإصلاح»، وكذلك الفوضى الأمنية التي تعصف بالمدينة، حيث تصاعدت حدة الاغتيالات والمواجهات بين الفصائل المسلّحة لأسباب مالية.
وكانت طائرات العدوان السعودي قد كثّفت غاراتها الجوية على مديرية صرواح خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث تشير إحصائيات محلية إلى أن الطائرات المعادية شنّت أكثر من 2756 غارة جوية خلال 95 يوماً من إعلان «التحالف» بدء عملياته البرية والجوية في محافظة مأرب.
وخلّفت الغارات دماراً كبيراً في المنازل، حيث تجاوز عدد المنازل المدمرة تدميراً كلياً في المديرية 76 منزلاً، إضافة إلى خمس مدارس وثلاثة مراكز صحية، إضافة إلى تسبّبها بدمار كبير في الطرقات العامة والجسور ومزارع المواطنين.
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 592 مرة