صحيفة فرنسية: المدنيون في اليمن يدفعون ثمن الحرب والحصار

صحيفة فرنسية: المدنيون في اليمن يدفعون ثمن الحرب والحصار

ترجمة/شامية الحيدري-*المراسل نت

إليز بوتيمي|صحيفة “لورين لوجور” الناطقة باللغة الفرنسية:

 

سيدخل الصراع في اليمن عامه الثالث أواخر مارس من العام الجاري، فبعد أن كان اليمن يعتبر ضمن أفقر البلدان في شبة الجزيرة العربية ها هو اليوم يعاني من حرب دامية تسببت في تدهور الوضع الإنساني، حيث دقت منظمة الأمم المتحدة ناقوس الخطر من خلال التقرير الذي تم تقديمه من قبل خبراء الأمم المتحدة والذي تم الإعلان عنه أواخر فبراير، فقد أشار هذا التقرير إلى أن اليمن على حافة المجاعة في حين اعتبرت منظمة الأمم المتحدة أنها بحاجة 1,7 مليار دولار من أجل القضاء على هذه الكارثة، مؤكدةً أن “الاستجابة الإنسانية لن تكون كافية”.

وتزداد صعوبة إيصال الإمدادات أكثر فأكثر جراء أتساع ساحات القتال في المناطق الساحلية والموانئ، وعلى سبيل المثال ميناء الحديدة الذي من خلاله يتم نقل 70% من المواد الغذائية، فعلى طول ساحل البحر الأحمر تدور معارك طاحنة بين جماعة الحوثي المصطفة إلى جانب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وبين القوى الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والمدعومة من قبل قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. وقد أشارت منظمة الأمم المتحدة أن حوالي  50000 شخص اضطروا للنزوح على إثر هذه المعارك.

كما نددت منظمة الأمم المتحدة بأعداد القتلى الكبير بين المدنيين البالغ  10.000 منذ مارس 2015، في حين حذر مسئول العمليات الإنسانية في منظمة الأمم المتحدة ستيفن أوبراين من خطورة تدهور الوضع الإنساني في اليمن، إذ أشار إلى أن ” النزاع في اليمن هو الآن المحرك الرئيسي لأكبر حالات الطوارئ في مجال الأمن الغذائي في العالم. و في حال لم يكن هناك أي إجراء فوري، فإن المجاعة باتت سيناريو محتمل خلال العام 2017″، وهذا ما تنبأ به البريطانيون من قبل، فالأرقام تتحدث عن نفسها، ذلك أن نحو 14 مليون شخص أي ما يقارب 80% من سكان اليمن يعانون من سوء التغذية.

أعدت وزارة الصحة في اليمن الشهر الماضي، إحصائية مفادها أن 14000 شخص تضرروا من الإسهال الحاد وتفشي وباء الكوليرا، الوباء الذي اجتاح البلد منذ أكتوبر 2016، فهذا الوضع المزري سيكون له أثره البالغ لاسيما بالنسبة للأطفال، إذ أن 2,2 مليون منهم يعانون من سوء التغذية بزيادة قدرها 53% عن عام2015، مما يجعل هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للأمراض البيئية المحيطة بهم.

أوضح إبراهيم، أب لسبعة أطفال يعيش في مدينة الحديدة في ظل ظروف معيشية صعبة، للقائمين بأعمال التطوع لمكافحة الجوع أن ” أطفالنا ضعفاء جداً، فهم لا يتناولون إلا وجبة واحدة في اليوم وفي معظم الأوقات لا يأكلون سوى الخبز الذي يقدمه الخباز في الصباح، وآخر مرة تناولنا فيها اللحم كانت في سبتمبر من العام المنصرم”.

وتزداد قائمة المتطلبات والاحتياجات يوماً بعد يوم، إذ بات الحصول على المياه النقية الصالحة للشرب، والغذاء والكهرباء أيضاً محدوداً للغاية، وقد أكدت ميرتشل ريلانو، القائمة بأعمال ممثل منظمة الطفولة “اليونسف” في اليمن، لوكالة رويترز أن” النظام الصحي في اليمن على وشك الانهيار جراء الصراع الدائر والأزمة الاقتصادية، فالبلد يعود عشر سنوات إلى الوراء”.

العوائق الأساسية:

أصبح الوضع مقلقاً للغاية خاصة وأنه تجاوز كل التوقعات بسبب الصراع المحتدم، حيث لم تتمكن المؤسسات الحكومية من توفير الخدمات الأساسية للسكان، وقد صنفت اليمن رسمياً منذ يوليو 2015 ضمن البلدان التي تعاني أزمات من المستوى الثالث ضمن البلدان الأكثر إلحاحاً وخطورة.

وتبذل المنظمات الغير الحكومية قصار جهدها لسد الاحتياجات وذلك من خلال تعزيزها للقوى العاملة لديها في المواقع، وبحسب الدكتور نارسيس ويجا، نائب رئيس وحدة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود فأن “حوالي 1600 شخص يتبعوا المنظمات الغير حكومية يعملون حالياً في اليمن، مما يجعل اليمن من أهم المهام بالنسبة لمنظمة أطباء بلا حدود من ناحية عدد الموظفين”، رغم أن طرقهم الوعرة غالباً ما تكون محاطة بالعوائق، وأضاف أنه ” توجب علينا مغادرة المناطق الواقعة شمال البلد بسبب عدم تقديم أي ضمانات أمنية لطاقم العمل هناك”.

ويعد الوصول إلى اليمن تحدياً بحد ذاته إذ أوضحت لوسيل جروجان، القائمة بالأعمال الإنسانية لمكافحة الجوع، أن الصعوبات تكمن في “تعليق الخطوط التجارية وتعقيدات الحصول على التأشيرات”، ناهيك عن صعوبات التنقل داخل اليمن حيث أضافت لوسيل جروجان أن “المتطوعون يتعرضون باستمرار للاحتجاز الذي قد يدوم ساعات بسبب نقاط التفتيش والرقابة التي لا حصر لها”.

من جانب آخر، فإن الحصار الذي قامت بفرضه قوات التحالف العربي بقيادة السعودية وذلك من أجل منع تزويد الحوثيين بأي إمدادات أسلحة قد تسبب في شل حركة دخول المواد الغذائية لأسابيع وربما لأشهر، وبالتالي تم تقليص الواردات التي تعد شيئاً جوهرياً بالنسبة لليمن إلى النصف ناهيك عن النقص الهائل في الإنتاج الغذائي مما ترتب علية رفع الأسعار.

وعلى المستوى الصحي فإن العقبات هي أيضاً كبيرة للغاية ذلك أن ما لا يقل عن 55% من المرافق الطبية متوقفة عن العمل في الوقت الحالي، في حين أن نحو مليون شخص من موظفي الخدمة المدنية لم يتم دفع أجورهم مما اضطرهم إلى ترك أماكن عملهم، ونتيجةً لذلك فإن ربع الشعب يعاني العواقب الوخيمة لهذه الأزمة.

فالجدير بالذكر أيضاُ أن النقص الحاد في توفر الوقود يشكل خطراً جسيماً بالنسبة للأجهزة الطبية، فضلا عن إنها باتت أهداف للقصف مما يجعل المدنيين الواصلين لتلقي العلاج مجبرون على قطع علاجهم والهروب من هذه المرافق الطبية.

ويضيف الدكتور نارسيس ويجا أن المواقع والمباني التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود لم تسلم هي أيضاً من القصف، إذ أوضح أن ” 4 مباني تابعة للمنظمة أو تتلقى الدعم منها تضررت إثر القصف خلال الإحدى عشر شهراً الماضية”، كما أوجز حديثة بأنه “تقوم جميع أطراف النزاع في اليمن بشن هجمات عشوائية على المدنيين والبنية التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات، الأسواق والمدارس، بينما يدفع المدنيون ثمن هذا الصراع غالياً”.

دخول المستخدم
القائمة البريدية
استطلاع رأي
ما رأيك في موقع المجلس الزيدي
مجموع الأصوات : 0
صفحتنا على الفيسبوك
جميع الحقوق محفوظة 2024